16/03/2022

هل "تغوغلون" من المهد الى اللحد؟

 

غرضي من هذه الكتابة هو دعوة وزارة التعليم ومدراء المدارس ، لاعتماد التدوين في برنامجهم التعليمي لكافة المراحل. مبرر الفكرة هو اعتقادي بأن التدوين عامل أساسي في انتشار العلم وتطوره في المجتمعات المتقدمة.

وقد لاحظت بكل أسف ان عامتنا وعامة أبنائنا لا يمارسون الكتابة ، لا في مجال الأدب ولا العلم والتقنية ولا حتى في المراسلة وتبادل الأفكار ، بل حتى في حاجاتهم الحياتية اليومية ، مثل تسجيل مواعيدهم وتدوين مداخيلهم ومصروفاتهم ، فضلا عن شوارد الأفكار التي تراود كلا منا ، ثم تتبخر لقلة الاكتراث ، وفضلا عن التجارب التي تمر بنا والاسئلة التي تدور في أذهاننا ، وهذه كلها تشكل المادة الخام للمعرفة والعلم.

الذين درسوا في مجتمع غربي او عاشوا فيه ، لاحظوا بالتأكيد ان الكتابة نشاط شبه يومي لدى غالبية الناس ، حتى المراهقين والشباب. ولا أعني الكتابة الرصينة ، بل التدوين بشكل عام. هذا ليس مبالغة. ان أردت ان تتحقق من صحة هذا الكلام ، فاسأل نفسك ومن حولك: ماذا تفعلون اذا احتجتم لمعلومة عن بلد أو مسألة تاريخية ، أو واجهتم مشكلة في الكمبيوتر او السيارة او كهرباء البيت او  الحديقة.. الخ؟.  أليس مقصدكم الأول هو محركات البحث على الانترنت مثل غوغل وأخوته؟.

-         ما الذي يبحث عنه غوغل والى اين يأخذكم ، وما الذي يدور في بالكم وانتم تبحثون؟. اليس الاعتقاد بأن شخصا ما ، واجه نفس السؤال من قبل ، فبحث عن اجابته ، فدونها ونشرها على الانترنت. وهكذا ساهم في نشر العلم الذي استفيد منه أنا ، وتستفيد منه أنت ، ويستفيد منه ملايين الناس الآخرين؟.

تخيل الآن لو ان الذي واجه ذلك السؤال ، اكتفى بما حصل عليه من معرفة ولم ينشره ، فهل كانت هذه المعرفة ستصل اليك أو الي او الى الالاف غيرنا؟.

أردت بهذا الكلام الذي يعرفه جميعكم ، التمهيد لمعاتبة الزملاء المؤهلين تماما للكتابة ، أي خريجي الدراسات العليا ، من العاملين والمتقاعدين ، والذين يعلمون أهمية الكتابة ، لكنهم لا يساهمون الا بالقليل جدا في نشر المعرفة ، من خلال الكتابة اليومية او الكتابة العلمية المركزة. في سنة 2019 مثلا كان عدد أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الحكومية في المملكة 79.6 ألفا ، بينهم 33 ألفا يحملون شهادة الدكتوراه. فهل لدينا 79 ألف مقالة علمية سنويا ، او حتى 33 ألفا ، أي ما يعادل مقالة علمية واحدة سنويا  لكل أستاذ؟.

حسنا. لا يقع اللوم على الأساتذة وحدهم. اظن ان المشكلة ابعد من هذا. دعنا نعود الى تجربة المجتمعات الغربية ، التي تهتم بتعويد الأطفال منذ السنوات الأولى للتعليم على القراءة والتدوين ، ثم تسجيل اليوميات ، حتى تحولت القراءة والكتابة الى عادة يومية مثل الأكل واللهو. اعلم أيضا ان كافة طلاب المدارس الثانوية يكلفون بالبحث وتدوين النتائج. نعلم ويعلم الأساتذة ان هذه لن تكون بحوثا متقنة ، لكن المراد هو تدريب الطلبة على البحث وتنظيم الأفكار وتدوينها. اما البحوث المتقنة والكتابات المؤثرة فسوف يأتي وقتها ، في الجامعة أو بعدها.

اريد الانتهاء بملاحظة شخصية على السلوك الوظيفي لخريجي الجامعات المحلية والأجنبية. تتلخص هذه الملاحظة في استعداد الثاني للبحث والقراءة ، حتى يتوصل الى حلول لما يواجه من مشكلات. اما خريج الجامعة المحلية فهو يفضل السؤال من هذا وذاك حتى يطمئن الى أحد الأجوبة. هل ترون هذا دليلا على الميل للثقافة الشفهية .. وهل له علاقة بالميل للقراءة والكتابة؟.

هل نطمع ان تهتم وزارة التعليم بهذا الأمر ، الذي له علاقة جوهرية بمستوى العلم في نظامنا التعليمي خاصة ، وفي مجتمعنا بشكل عام.. هل يتقبل الزملاء الاكاديميون ذلك العتاب ويتجهون للمساهمة المطلوبة؟.

الشرق الاوسط لأربعاء - 13 شعبان 1443 هـ - 16 مارس 2022 مـ رقم العدد [15814]

https://aawsat.com/node/3533961/

 مقالات ذات علاقة

 اول العلم قصة خرافية

بين النهوض العلمي والتخصص العلمي

تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟

تطوير التعليم من الشعار إلى المشروع

تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا

التعليم كما لم نعرفه في الماضي

التمكين من خلال التعليم

الحق أولا

حقوق الانسان في المدرسة

حول البيئة المحفزة للابتكار

دعـــــوة الى التعــــليم الخــــــيري

سلطة المدير

شكوك في العلاقة بين الثقافة والتقدم

صناعة الشخصية الملتبسة

كتب الطبخ هي الاكثر رواجا في معارض الكتب

المدرسة وصناعة العقل

المدرسة ومكارم الاخلاق

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق


09/03/2022

في العلاقة الاشكالية بين الدين بالدولة

 

الحوار المطول الذي اجرته مجلة "اتلانتيك" الامريكية مع صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله ، طرق العديد من القضايا التي طالما أثارت الجدل في الصحافة الدولية وفي المجتمع. وتضمن مسائل من قبيل العلاقة بين الدين والدولة ، الحريات الفردية ، النموذج التنموي ، العلاقة مع الولايات المتحدة .. الخ. تعدد الموضوعات يتيح الفرصة لأشخاص من مشارب مختلفة ، كي يجدوا ما يجذب اهتمامهم.

بالنسبة لي فان الحوار في مجمله مهم ومفيد. لكن الموضوع الذي يثير اهتمامي أكثر من غيره ، هو ذلك المتصل بالتعددية الدينية والخطاب الديني الرسمي.

دعني أوضح أولا اني ادعو الى فصل تام بين الدولة والمؤسسة الدينية. هناك بطبيعة الحال هيئات حكومية ذات صلة بالدين ، ضمنية او صريحة ، نظير القضاء والاوقاف ورعاية الحرمين الشريفين والمساجد. دور الدولة في هذا المجال ، ينبغي ان يقتصر على الدعم والتنظيم فحسب. اما بالنسبة للقضاء ، فاني ارى ان يتحول تدريجيا الى قضاء مدني. وهذا يشمل حتى المجالات التي تتعلق بها مسائل وأحكام فقهية ، نظير الاحوال الشخصية والأوقاف ، فان الاحكام الشرعية المتصلة بها ، ينبغي ان توضع في قانون مكتوب ، كما هو الحال في غالب الدول الاسلامية ، بما فيها تلك التي تضم مذاهب متعددة كالعراق وايران والبحرين وغيرها.

فيما يخص التعددية الدينية ، فان تجربة العالم المعاصر ، توضح بجلاء ان الاحادية الثقافية والدينية قد باتت جزء من الماضي. الدول المتقدمة جميعا ، تتبنى النظام التعددي ، الذي يسمح لكافة الاديان والمذاهب والثقافات بالوجود والازدهار ، ويسمح لأتباعها بالتعبير عن قناعاتهم الخاصة في العلن ، في اطار القانون وتحت حمايته. وقد انعكس هذا على المؤسسات الدينية في تلك البلاد ، فأمست اكثر قناعة بالحوار والتفاهم ونبذ الميول الصدامية.

ان تيار الاصلاح الديني لا يملك فرصة النجاح ، الا اذا تبنى القيم الأساسية للحداثة ، وأبرزها احترام الحريات الفردية لاسيما حرية الاعتقاد والعبادة ، واحترام العلم الحديث ، وتقبل النقد الذاتي والنقد العلمي ، بل واعتباره منهجا لازما لتطوير المقومات النظرية والمواقف. وفي اعتقادي ان هذه الاعمدة الثلاثة (احترام الحريات الفردية ، احترام العلم ، وتقبل النقد) لا يمكن ان تنهض طالما واصلت المؤسسة الدينية استخدام سلطة الدولة.

لا تحتاج الدولة الى "خطاب ديني رسمي" ولا تحتاج الى "مؤسسة دينية رسمية". ان الخطاب الديني الرسمي يستدعي – بالضرورة - تبني اجتهاد محدد واقصاء الاجتهادات الموازية. اقصاء الاجتهادات الاخرى يجعل الدولة في الجانب المقابل لبعض مواطنيها. وهذا خلاف لمبدأ حاكمية القانون.

الأصل ان يكون القانون عاما ، ينطبق على الجميع بنفس القدر وبنفس المعايير. فهل تطبق احكام دينك على من لا يؤمن به ولا يقبله؟ وهل يصح له ان يفرض عليك ما لا تقبله ولا تؤمن به؟. انت ترى دينك صحيحا ، وهو يرى دينه أصح.. فهل نسمح له بالزامك ، ام نسمح لك بالزامه؟

ان جوهر مبدأ المواطنة هو المساواة امام القانون. وهذا يقتضي ان تكون الدولة للجميع ، مع الجميع وبهم ، باعتبارها الجهة التي تطبق القانون. وهذا يستدعي تحييد الدين ، والحيلولة دون تحوله الى حاجز بين الدولة والمجتمع او جزء منه.

كان مجتمعنا على الدوام متعددا متنوعا. وكان على الدوام ثريا بهذا التنوع ، في تجربته الحياتية وفي تاريخه وثقافته. لقد انزلقنا – فترة من الزمن – الى الاحادية ، وقد حان الوقت للتحرر من اعبائها ، كي نعيش حياة تعكس قناعاتنا ، وليس – بالضرورة – قناعات الاجداد.

الشرق الاوسط الأربعاء - 6 شعبان 1443 هـ - 09 مارس 2022 مـ رقم العدد [15807]

https://aawsat.com/node/3519636/

مقالات ذات صلة

الإخوان .. خطاب بديل

أن تزداد إيماناً وتزداد تخلفاً

جدل الدولة المدنية ، ام جدل الحرية

حول الفصل بين الدين والعلم

حول تطوير الفهم الديني للعالم

خاتمي وفكرة توطين الديمقراطية

الديمقراطية في بلد مسلم- الفصل الاول

 الـدين والمعـرفة الدينـية

العلم في قبضة الايديولوجيا: نقد فكرة التاصيل

العلمانية بين فريقين

العلمانية على الطريق

في تعريف الإسلامية

مثال على طبيعة التداخل بين الدين والعلم

نقد التجربة الدينية

هل تتلاءم الثقافة الإسلامية مع الديموقراطية؟

02/03/2022

عرب اوكرانيا وعرب روسيا


قليل من الناس كانوا واثقين من ان القوات الروسية سوف تطرق أبواب العاصمة الأوكرانية هذا الأسبوع. انا واحد من كثيرين اعتقدوا ان موسكو تطبق الاستراتيجية المسماة "حافة الهاوية" التي تنسب الى جون فوستر دالس ، وزير الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور. تقترح هذه الاستراتيجية التلويح الشديد بالحرب وحشد القوات وتأزيم الموقف ، الى حد يقنع جميع الأطراف بان الحرب باتت قاب قوسين أو أدنى. عندئذ سوف يتنادى الجميع ، لاقناع المتصارعين بتقديم التنازلات الضرورية لدرء الكارثة. لأن خسائر السلم ، مهما تعاظمت ، فلن تساوي كوارث الحرب.

يبدو الآن ان توقعاتنا لم تكن دقيقة ، وأن الرئيس الروسي لم يذهب الى أوكرانيا للتهديد ، بل لانجاز مهمة رفض الاوكرانيون تنفيذها. اخفاق توقعاتنا ليست بالأمر المهم على أي حال ، فهو يحدث تكرارا. لكني اردت استثمار المناسبة للحديث حول جانب أثار اهتمامي فيها ، وهو يتعلق بالثقافة السياسية العربية.

دعني أبدأ بتوضيح الفارق بين السياسة والثقافة السياسية. يستحيل – في ظني – تعريف السياسة بكلام مختصر جامع مانع. ولذا سأقترح وصفا لماهيتها ، فهي عندي "علاقة تنطوي على استخدام صريح او ضمني لمصادر القوة العامة ، بغرض الجبر المباشر او غير المباشر ، في المجال العام/غير الشخصي". اما الثقافة السياسية فهي تصور الانسان لنفسه كفاعل في "الحياة العامة" او متأثر بتحولاتها. وتشمل افعاله وردود فعله وفهمه للأشخاص والاشياء في عالم السياسة بشكل خاص.

تأثير الثقافة السياسية يتجسد في موقف الفرد تجاه الدولة والقوى الاهلية التي تمارس نوعا من السلطة او تسعى اليها. كما يظهر في موقفه من القوى والدول الاجنبية ، التي تثير اهتمامه لسبب او لآخر.

بالعودة الى الحرب الروسية-الاوكرانية ، فقد اختلف الجمهور العربي حولها ايما اختلاف. وهو اختلاف يكشف عن تباين الثقافة السياسية بين مجتمعات ، لديها مصادر متماثلة للجانب الرئيس من ثقافتها ، اعني الجانب الذي يغذي الهوية القومية والدينية ، لكن تجربتها الحديثة مختلفة الى حد كبير.

من الواضح لكل متابع ان الناس منقسمون فعلا ، بين متعاطف مع اوكرانيا ومتفهم للموقف الروسي. الفريق الاول يسمي الاجتياح الروسي غزوا ، بينما الثاني يسميه "عملية عسكرية" فحسب. هذا الوصف بذاته ينطوي على حكم هو الاساس فيما يليه. الفريق الذي يصفه بالغزو ، يتقبل – من حيث المبدأ على الاقل – الاخبار والمواقف الصادرة من جانب اوكرانيا.

الطرف الثاني لا يجرؤ على امتداح الموقف الروسي ، او اعتباره – على سبيل المثال – انقاذا للشعب او قمعا للفتنة او عودة الفرع للاصل.. الخ. لكنه يراه مبررا فحسب. ولو طالعت السبب لوجدته في موقف الحكومة الاوكرانية من اسرائيل ، أو تحالفها مع واشنطن. وبعضهم يختصر المسافة ، ليخبرك بأنه حيثما وقفت الولايات المتحدة ، فهو يقف على الجانب المضاد. وكفى الله المؤمنين القتال.

هناك ايضا المواقف المتفرعة عن ازمات محلية. نعلم مثلا ان غالبية السودانيين يقفون مع اوكرانيا ، لأن حكومتهم تميل الى الجانب الروسي ، أو هكذا يظنون. كذلك الحال في سوريا ، وربما غيرها.

أوضحت لي هذه الأزمة ان غالبية العرب اتخذوا موقفا يعكس انشغالات سياسية راهنة. لكن اقلية صغيرة فحسب ، اتخذت مواقف مبدئية نظير رفض الحرب ، بالنظر لنتائجها الكارثية على البشر والعمران. لقد رأينا مثل هذا الموقف في روسيا نفسها وفي دول غربية عديدة ، فلماذا لم نر تعبيرات مماثلة في العالم العربي ، ام انها قد جرت فعلا ، لكنها لم تنل تغطية اعلامية ، على نحو ما حصل في الدول الاخرى؟.

 الأربعاء - 29 رجب 1443 هـ - 02 مارس 2022 مـ رقم العدد [15800]

https://aawsat.com/node/3505666/

مقالات ذات صلة

تفارق الافهام بين المجتمع والدولة العربية

حاكم ملتح وحاكم يستحي

سوريا قد تكون بوابة الحرب الباردة

مجتمعات متحولة

نادي الكبار ليس قيادة للعالم

الهوية السياسية للشيعة: من الانكفاء الى البراغماتية

 

 

23/02/2022

التعصب كمنتج اجتماعي


حين تقع نزاعات ، فان الناس يبادرون الى اتهام من يسمونهم "متعصبين". هذا يعني ضمنيا ان الاتجاه العام هو عدم التعصب ، أو ان التعصب يعتبر استثناء من القاعدة الاخلاقية ، او شذوذا عن العرف السائد. لهذا السبب ، فليس هناك من يعتبر نفسه متعصبا ، او يتقبل اتهام الناس له بالتعصب. اما الجماعات السياسية والدينية ، فهي ترى وصمها بالتعصب نوعا من العدوان والافتراء. وهذا ينطبق تماما على مرادفات التعصب ، نظير الغلو والتطرف والتشدد والاصولية ، وأشباهها.


هذا يثير سؤالا بديهيا: اذا كان الأمر على هذا النحو ، فكيف نبت التعصب.. هل يمكن لمجتمع متسامح ان ينبت اعدادا كبيرة من المتعصبين ، نظير ما شهده العالم الاسلامي في العقود الأربعة الماضية؟.

يبدو لي ان التعصب سمة مستقرة في بنية المجتمع. ولولا وجوده لما أمكن اطلاق وصف التسامح او الاعتدال على أحد. التسامح والتعصب ، كلاهما وصف مقارن ، يعرف ويتميز في وجود نقيضه. لكن أستطيع القول ان هناك مجتمعات اكثر تسامحا من غيرها ، اي – بعبارة اخرى – ان هناك مجتمعات اكثر تعصبا من غيرها.

المجتمعات المتسامحة هي التي تتقبل – بشكل عام – المختلفين عنها في الدين او الثقافة او نمط العيش ، اي التي تتسامح تجاه الافكار الجديدة والقيم المختلفة عما اعتادت عليه. هذا وصف عام ، ويمكننا ان نتخيل مجتمعات ينطبق عليها الوصف السابق بدرجات اعلى ، اي انها متسامحة جدا ، ومجتمعات في الاتجاه الآخر ، فهي متسامحة قليلا.

التعصب لا ينبت فجأة. بل هو ثمرة لعوامل توجد في البنية الاجتماعية او في المحيط الطبيعي ، وتؤثر بدرجات متفاوتة على تفكير الأفراد او مصادر عيشهم ، فتحولهم الى متعصبين او متسامحين.

بسبب تعدد العوامل المؤثرة وانبساطها زمنيا ، فليس هناك مجتمع كل افراده متعصبون بالحد الاقصى ، وليس هناك مجتمع كل افراده متسامحون بالحد الاقصى. هناك دائما من يقع في طرف المسطرة ومن يقع في وسطها ، وثمة بين هذا وذاك آخرون ، يتحركون باتجاه الوسط حينا وباتجاه الطرف حينا آخر.

لا شك ان الثقافة العامة السائدة ، وتلك التي يتلقاها الاطفال في البيت والمدرسة ، هي أقوى المؤثرات التي تشكل ذهنية الفرد. لكن لا ينبغي اغفال العوامل الأخرى غير المنتظمة ، لاسيما الأزمات الكبرى التي تعصف بالمجتمع ، نظير الكوارث الطبيعية والحروب والتحولات الاقتصادية الكبرى ، والأزمات السياسية طويلة الأمد. كل من هذه يترك أثرا عميقا في تفكير الفرد ورؤيته للعالم. وهي تحدد الى حد بعيد المنظار الذي يرى من خلاله الأشياء ، منظار صاف (واقعي) ام معتم (متشائم).

حين تقع أزمة ، فان ذهن الفرد ينفتح على مصراعيه لما تقوله المنابر العامة. المنابر التي تلقي بالمسؤولية على الاخرين ، أعداء او أصدقاء ، وتلك التي تقدم وعودا بان جهات أخرى ستتولى معالجة المشكلة ، تلعب دورا سلبيا ، حيث تعزز الميل التشاؤمي ، ومن ثم التوتر النفسي ، الذي يترجم على شكل تعصب في فهم الأشياء والتعامل مع الناس. وفي المقابل فان القنوات والمنابر التي تحاول تشريح المشكلة إلى أدق التفاصيل ، وتؤكد على قدرة الانسان بصورة عامة على حل مشكلاته ، او قابليته لتجاوزها بمرور الزمن ، هذه القنوات تحيي الامل في النفوس وتعزز المنظور الإيجابي للحياة ، أي الميل التفاؤلي /التسامح. غني عن القول ان التوتر النفسي يعزز الميل للتعصب ، بينما السكينة والاطمئنان يعزز الميل للتسامح.


الشرق الاوسط الأربعاء - 22 رجب 1443 هـ - 23 فبراير 2022 مـ رقم العدد [15793]

 https://aawsat.com/node/3490696

مقالات ذات صلة

ان تكون مساويا لغيرك: معنى التسامح

التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف

 تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية

ثقافة الكراهية تجريم الكراهية

الحق الواحد والحق المتعدد: هل تراه معقولا؟

سؤال التسامح الساذج: معنى التسامح

الفلسفة في المدرسة

في التسامح الحر والتسامح المشروط

 في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء

في بغض الكافر

في معنى التعصب

من الاجوبة الى النهايات المفتوحة

من القطيعة الى العيش المشترك

الهوية المتأزمة

 

16/02/2022

في معنى التعصب


عمر هذه القصة يزيد عن ثلاثين عاما. وقد جرت في فندق بسيط قرب محطة سكة حديد الحجاز بمدينة دمشق. جئت الفندق زائرا شاعر العرب عبد الله البردوني. فوجدت عنده زائرا آخر من أهل العلم والأدب ، لا أذكر اسمه الآن. وقد رأيت على طاولة الغرفة كتابا للشيخ محمد سعيد البوطي ، ويبدو انه التقى البردوني من قبل. فهمت هذا من خلال حديث الرجلين عن آرائه. ومن بين ما بقي في ذاكرتي قول الضيف بان البوطي شديد التعصب ، وضرب مثلا برأيه في حجاب النساء وتقليد الأئمة. وبالغ الرجل في نقد البوطي ، حتى وصفه بالتخلف وقلة العلم. فقاطعه البردوني متسائلا: ما هو التعصب الذي نتحدث عنه .. متى يكون الانسان متعصبا؟.

المرحوم عبد الله البردوني

لقد نسيت بقية الحديث. لكني التقيت البوطي بعد بضع سنين ، فوجهت له نفس هذا السؤال ، فأجابني بان التحول من نقد الرأي الى ذم اصحاب الرأي ، وجه من وجوه التعصب. ثم قارن بين حالتين من البيئة الدمشقية: حالة المتعصب الذي لا يقبل رأيا غير الذي اعتاد عليه. لكنه لا يجادل الناس ولا يلزمهم برأيه. وحالة المتعصب الذي يشن معارك على الآخرين ويحاربهم ، لمجرد الاختلاف في صغريات المسائل. وذكر أمثلة عن نقاشات خاضها مع هؤلاء وأولئك ، وقال انها لم ترجع بفائدة ، بل ربما أججت عداوات لم يكن لها أي داع.

قفزت هذه القصة القديمة الى ذهني ، قبل بضعة أيام ، حين سألني أحد الاصدقاء ذات السؤال: من هو المتعصب ، وما هو نقيض التعصب؟.

 في كل الاوقات هناك من يوصف بأنه متعصب للدين او المذهب. ولابد ان كلا منا قد عرف أو سمع عن شخص متعصب لدينه او مذهبه او قومه ، أو لعله فكر في شخص ما باعتباره نموذجا للتعصب. لا يخلو مجتمع من اشخاص متمسكين بمعتقدات وآراء يرفضون مساءلتها كليا. ولا يخلو من اشخاص يتبنون قضايا ومذاهب يدعون الناس اليها ويهاجمون من يخالفها.

لكن... ما الذي نعنيه حين نطلق صفة التعصب على واحد من الناس.. ما هو معنى التعصب على وجه التحديد؟. هل هو مجرد التمسك بفكرة ، ام الدعوة اليها ، أم محاربة أفكار الآخرين؟.

 لقد نظرت في الشروحات التي كتبها من يصفون غيرهم بالتعصب ، فلم أجد وصفا جامعا مانعا. بل لقد رأيت بينهم من ينتقد هذا ، ثم – في مكان آخر - يمتدح سلوكيات تدل على تعصب. لكنها منسوبة لمن يسمون في القانون "شخصيات محمية" اي يمنع نقدها. من ذلك مثلا ان احد اهل العلم من اصدقائي ، انتقد بشدة جماعة سياسية قتلت بعض اعدائها او نكلت بهم. ثم انتقد بشدة تدوينة لي دعوت فيها لالغاء عقوبة الاعدام ، واحتج بان الله اوجب القتل لتطهير الارض من الفاسدين. ثم امتدح صحابيا جلد احد العصاة ، وقتل آخر من دون حكم قضائي ، وقال انه شجاع ولا تأخذه في الله لومة لائم. وقد لفت نظره الى هذه المفارقات ، فأجابني باسما: لكل مقام مقال.

لا استطيع وضع تعريف جامع للتعصب. لكني وجدت أن جميع السلوكيات التي توصف بالتعصب ، تبدأ من منطلقات متماثلة ، ابرزها عدم التسامح ، وقد سبق ان عرفت التسامح بانه الاقرار بحق كل انسان في اتباع املاءات عقله او ارثه المعرفي. ويظهر لي الآن ان التسامح هو النقيض السلوكي للتعصب.

الشرق الاوسط الأربعاء - 15 رجب 1443 هـ - 16 فبراير 2022 مـ رقم العدد [15786]

https://aawsat.com/node/3477671

09/02/2022

النقد الأخلاقي للتراث: مجادلة أولى

 

ذكرت في مقال الاسبوع الماضي ان الأفعال قد تكون حسنة في زمن وقبيحة في زمن آخر. وضربت مثلا بفتوحات المسلمين القديمة. وقلت ان الفكرة نفسها قابلة للتطبيق على الروايات التي تحكي حياة تلك الحقبة ، بما فيها روايات عن النبي والصحابة.

ولم تجد هذي الفكرة هوى عند بعض القراء الأعزاء. فجادلوا بأن الحسن أو القبح لا يمكن ان يختلف. فهل يمكن وصف الظلم يوما بأنه حسن ، أو وصف العدل بأنه قبيح.. وهل يختلف حسن العدل وقبح الظلم بين الحاضر والماضي؟.

رسم تخيلي عن سوق الرقيق القديمة

جوابي على هذا ان للفعل حالتان: حالة ذهنية تصورية مجردة ، وحالة فعلية تطبيقية. فالعدل النظري المجرد لا خلاف فيه ، بل في تطبيقه على حدث بعينه. دعنا نأخذ مثالا بالعبودية التي تداولها اسلافنا كفعل عادي لا كظلم قبيح ، مع انها تعد الآن من اقبح التصرفات. فلو سألت شخصا ، من أي دين او بلد ، عن رأيه في استعباد الناس ، فهل سيجيبك بأنه فعل حسن وعادل ، وانه يتقبل ان يكون عبدا لشخص آخر ، وأن تكون زوجته أمة لذلك الشخص؟. اعلم ان احدا لن يرضى بهذا.

لكن تجارة العبيد واقتناءهم كانت متاحة ومباحة في الماضي ، في بلاد المسلمين وغيرها. وكانت قوافل السبايا جزءا ثابتا في غنائم الحروب. ويندر ان تجد بين السلف رجلا ذا مال ، وليس عنده عبيد وإماء ، بمن فيهم الخلفاء والائمة والعلماء ، فضلا عن سائر الناس. ولذا حوت اغلب كتب الفقه القديمة بابا خاصا بأحكام الرقيق ، احكام بيعهم وشرائهم واقتنائهم ، والاحكام الخاصة بهم والتي تختلف عن الاحكام الخاصة بالأحرار ، نظير حجاب الاناث وزواجهن ، ونظير دية القتيل وإرث الميت.. الخ.

فهل سنشجب فعل أسلافنا وصناع تراثنا ، أم نتهمهم بالجهل او ضعف المشاعر الإنسانية؟. واذا قررنا ان فعلهم خاطيء وذميم ، فهل سنقبل اجتهاداتهم ومروياتهم ، أي مساهمتهم في التراث وعلوم الشريعة التي نعتمدها حتى اليوم؟.

اعلم ان بعض القراء سيقول مثلا ان التشريعات الخاصة بالعبودية صيغت على نحو يقلصها حتى ينهيها. ويقال هذا عادة في سياق التبرير  لفعل الاسلاف. لكن الذي حدث في الواقع هو  ان الرق في بلاد المسلمين تلاشى نتيجة لتطور مفاهيم حقوق الانسان ، لاسيما عقيب الحرب العالمية الأولى. واذكر  "اتفاقية تحريم الرق" التي تبنتها "عصبة الأمم" سنة 1926. ومن ثمارها انك لا ترى رجلا او امرأة يباعون في السوق ، كما كان الحال قبل ذلك التاريخ.

لم تعد العبودية اذن فعلا عادلا او مقبولا عند الناس والقانون. وتبعا لهذا فلو صرح فقيه او زعيم سياسي بأنه يريد احياءها ، لان الشرع (كان) يقبلها في الماضي ، لهاج المسلمون وماجوا منكرين ، ولأفتى فقهاء آخرون ضد هذه الدعوة التي ، فوق قبحها ، مسيئة للمسلمين ودينهم.

لا نحتاج في الحقيقة الى ادانة فعل الاسلاف ، ولا القول بان الرق امر طيب. الرق كان منذ البدء فعلا قبيحا ، بل هو ناقض لحرية الاختيار الضرورية لتوحيد الخالق سبحانه. لكن هذا القول بذاته ، أي اعتبارنا ان الرق قبيح ، هو فكرة جديدة ، تبناها البشر بعدما تطورت معارفهم وشعورهم بذاتهم الفردية. وهذا كله ثمرة لهيمنة العلم على مجالات الحياة.

وقد تأثرنا بهذا الاتجاه بعد اندماجنا في اقتصاد العالم وثقافته. ولو كنا منعزلين مثل كوريا الشمالية ، فلربما تقبلنا ممارسات شبيهة بالرق. اندماجنا في اقتصاد العالم لا يغير معيشتنا فقط ، بل أيضا يطور فهمنا لذاتنا وتكويننا الثقافي وهويتنا الفردية. هذا التطوير ينعكس على شكل إعادة تقييم للافعال والاشياء ، وإعادة صياغة لمنظومات القيم والمعايير ، التي نستعملها في التعامل مع الأفكار والعناصر المادية ، في محيطنا الطبيعي والاجتماعي.

 الأربعاء - 8 رجب 1443 هـ - 09 فبراير 2022 مـ رقم العدد  [15779] https://aawsat.com/node/3463796       /

مقالات ذات صلة

 الاستدلال العقلي كاساس للفتوى

تأملات في حدود الديني والعرفي

جدل الدين والتراث ، بعد آخر

حول الفصل بين الدين والعلم

حول المسافة بين الدين والمؤمنين

حول تطوير الفهم الديني للعالم

في معنى "الدروشة" وتطبيقاتها

كيف نتقدم.. سؤال المليون

المكنسة وما بعدها

هيروهيتو ام عصا موسى؟

حول النقد الأخلاقي للتراث ‏

02/02/2022

حول النقد الأخلاقي للتراث ‏

 لا أذكر حقبة من الزمن شهدت نقدا للتراث والمعارف الدينية ، نظير ما نشهد ‏اليوم. لعله حصل في ستينات القرن العشرين ، ايام ما كان يعرف بالمد الشيوعي. لكني ‏لم اعاصره كي أحكم عن خبرة ، ولا اطلعت على تسجيل تاريخي لما جرى  ، كي اسند اليه. ‏وغرضي هنا هو تنبيه الناقدين الى الاطار التاريخي للفكرة او الممارسة موضع النقد. ‏وأذكر هنا عنصرين على وجه التحديد: ‏

الاول: قيمة الفكرة او الفعل في زمنه الخاص ، رجوعا لمعيار الحسن والقبح ‏العقليين. ‏

الثاني: موقع الفكرة او الفعل في سياق التطور العام للأفكار والممارسات ‏الاجتماعية. ‏

دعنا نأخذ مثالا نعرفه جميعا ، هو الفتوحات الاسلامية. فالمتفق عليه ان غزو البلاد ‏الاجنبية ليس أمرا طيبا. ولو دعا أحد اليوم الى غزو اي دولة ، صغيرة او كبيرة ، لنشر ‏دعوة الاسلام ، لقابله غالب المسلمين بالانكار والاستهجان. ‏

-       لماذا؟ ‏

‏-  لأن نشر الدين بالقوة لم يعد "فعلا حسنا" في منظومات القيم السائدة اليوم. ‏ولأن غالب سكان العالم متفقون على احترام القانون الدولي وسيادة الدول ، أيا كان ‏دينها. واحترام السيادة يقتضي عدم غزوها او إلزامها بعقيدة لا ترضاها. 

وخلال الثلاثين عاما الماضية ، جرب بعض المسلمين استعمال القوة والقهر في ‏فرض عقيدتهم. لكنا نعلم ان عدد الذين التحقوا بهذه  المشاريع ، لم يتجاوز بضع مئات ‏، وان كثيرا ممن ساندهم أول الأمر ، ما لبث ان تراجع وأنكر  حين انكشف ما تحمله هذه ‏المشروعات من كوارث. 

هذا يثير بذاته سؤالا حرجا: اذا كان الفتح ونشر الدين بالقوة امرا طيبا ، فلماذا لا ‏يسعى له المسلمون اليوم؟. واذا كان سيئا ، فلماذا لا يتبرأون من فتوحات اسلافهم؟. ‏

الجواب ببساطة: ان الفعل ذاته قد يكون حسنا في زمن وقبيحا في زمن آخر. ‏مرجع التحسين والتقبيح ليس كتب التراث. الاخلاق اعتبارات عرفية ، وعرف العقلاء ‏يتطور ويتغير بتأثير عوامل عديدة. بعبارة أخرى فان الغزو لأغراض ‏جيوبوليتيكية ، او لنشر الدين او تعزيز الاقتصاد ، كان "فعلا حسنا" عند عقلاء الأزمنة ‏القديمة. ‏لكن دول العالم قررت تقبيح هذا الفعل في منتصف القرن السابع عشر ، حين ‏اتفقت دول اوربا على معاهدة وستفاليا سنة 1648 ، واعتبرت الحدود ‏القائمة لكل منها ، نهائية ، وان التجاوز عليها عدوان يستحق الادانة. 

منذ ذلك الوقت اتجه العالم لاستحداث بدائل للحرب ، حتى وصلنا الى وقت بات ‏فيه الغزو وتجاوز الحدود "فعلا قبيحا" عند الجميع. ‏

ما اردت الوصول اليه هو ان نقد اي قول او فعل في الماضي ، انطلاقا من ‏دوافع اخلاقية بحتة ، يجب ان يراعي أيضا موقعه الزمني ، لا أن يطلقه إطلاق المسلمات العابرة للزمان والمكان. فلو استنكر أحدنا الحروب القديمة ، انطلاقا من اخلاقيات اليوم ، ‏فلن يكون منصفا. ولو دعانا للحرب مستدلا بسيرة الأسلاف ، فلن يكون مصيبا ، لأن ‏قيمة الأفعال لها إطار زمني وليست مطلقة. 

مثال الفتوحات قابل للتطبيق على نظائر كثيرة ، بما فيها أحاديث نبوية وروايات ‏عن الصحابة ، وكذلك افعالهم ومسارات حياتهم. فقيمتها متصلة بزمنها ، سواء صنفت ‏يومئذ كأفعال حسنة او  قبيحة  ، وسواء كانت يومها مقبولة او مرفوضة. 

زبدة القول: ما نستنكره اليوم ربما كان حسنا في وقته ، اي قبل ألف عام أو أكثر ، ‏وما نقبله اليوم ، ربما كان مستنكرا وقبيحا في ذلك الزمان ، فلا ينبغي لوم الناس او ‏اعتبارهم خاطئين ، لمجرد الاختلاف في تقييم قول او فعل.

الأربعاء - 1 رجب 1443 هـ - 02 فبراير 2022 مـ رقم العدد [15772]

https://aawsat.com/node/3450701

مقالات ذات صلة

 الاستدلال العقلي كاساس للفتوى

تأملات في حدود الديني والعرفي

جدل الدين والتراث ، بعد آخر

حول الفصل بين الدين والعلم

حول المسافة بين الدين والمؤمنين

حول تطوير الفهم الديني للعالم

في معنى "الدروشة" وتطبيقاتها

كيف نتقدم.. سؤال المليون

المكنسة وما بعدها

هيروهيتو ام عصا موسى؟

 

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...