‏إظهار الرسائل ذات التسميات ارامكو. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ارامكو. إظهار كافة الرسائل

28/10/2014

التقصير

الأستاذ فهد الدغيثر مندهش لأننا جميعا نعرف سبب نجاح مشروعات "أرامكو" وأمثالها لكننا لم نحاول التعلم من هذه التجربة التي تعيش بيننا منذ نصف قرن (هات بوست 5 مايو 2014). أما أنا فلم أندهش، لأن الأمر ببساطة يتعلق بإرادة التعلم. من لا يريد أن يتعلم فلن يتغير حاله ولو أمضى ألف سنة يتابع تجارب الآخرين.

شاهدنا مئات التجارب الشبيهة، في المملكة وفي العالم. لكننا اكتفينا بالتسلية. نستأنس برواية نجاحات الآخرين، ثم نوبخ أنفسنا قليلا، ثم نقول لبعضنا: "من لا يعمل لا يفشل"، ثم نمتدح بعض أوهامنا وربما يبالغ بعضنا فيكتب مثلا أن ألمانيا تدعو للاستفادة من تجربتنا التعليمية، ثم نضحك على هذه الكتابات، ثم تأتي قضايا أخرى تنسينا سابقتها ونعيد الكرة: مشاهدة، تسلية، جلد للذات، تبرير للتقصير، امتداح للذات، وهكذا.

زبدة القول إننا لن نستفيد من تجارب الغير ما لم نقبل بدفع ثمن التعلم منهم. نحن بحاجة إلى شجاعة الإقرار بالقصور وعدم تبريره، والجاهزية لدفع الثمن المطلوب، لأن المعرفة لا تأتيك مجانا.

رأى الأستاذ الدغيثر أن المعيار الرسمي في المناقصات الذي يرجح الأرخص ثمنا على الأجود هو سبب تعثر المشروعات العامة أو تدني كفاءتها، وذكر أيضا ضعف التأهيل الهندسي للدوائر المعنية بالمشاريع. وأعلم أن كلا السببين صحيح. ثمة جسر صغير في القطيف، مضى على البدء في بنائه أربع سنوات وما زال ينتظر فرج الله. يدعي أهل البلدية أنهم اكتشفوا عيوبا فيه وأن المقاول اكتشف اختلافا في الوصف الجيولوجي للأرض التي أقيم عليها، واكتشف الجميع لاحقا أخطاء في تقدير الكلف .. إلخ. وكل هذه تساق كتبريرات للتقصير.

لكن السؤال المسكوت عنه دائما هو: ما الإجراءات التي اتخذت بحق المسؤول الذي وقع على تلك المواصفات، والذي فاوض المقاول، ثم وقع على أهليته؟ هل جرت مناقشة إدارية أو فنية صريحة ووضع تقرير كامل عن القضية، هل اكتشفت الإدارة المعنية تقصيرا متعمدا أو جهلا بالعمل أو غفلة عن المتابعة؟ وهل تم تحديد المسؤول أو المسؤولين عن كل تلك الأمور، وهل تمت محاسبتهم؟

اعتقادي الشخصي أن الحال لن يتغير إلا إذا وضع نظام يجبر مديري الإدارات الرسمية على تقديم بيان علني موثق عن أعمالهم في نهاية كل عام، يذكر فيه بوضوح بنود خطة العمل المقررة سلفا وما أنجز منها وما تعطل وأسباب ذلك.

العلنية والشفافية والمحاسبة علاج عظيم لأمراض الإدارة العامة، وقد جربها غيرنا وثبت نجاحها. هذه أعظم تجربة ينبغي لنا تعلمها، لكن التعلم - كما أسلفت - رهن بالشجاعة والجاهزية لدفع الثمن. بعد معرفة تجربة العالم، أجزم أنه لا يوجد علاج دون شفافية ودون محاسبة علنية.


الاقتصادية 28-10-2014
http://www.aleqt.com/2014/10/28/article_899882.html

22/04/2014

رهائن ارامكو



موضوع هذه المقالة هو قرار مجلس الوزراء الذي منح لشركة ارامكو حقا مطلقا في التحكم باستعمالات الاراضي في المنطقة الشرقية.
ان احتجت الى استخراج صك من المحكمة لارض تملكها ، فلابد من موافقة ارامكو. وان اردت تحويل ارض زراعية الى سكنية فلا بد من موافقة ارامكو. هذا لا يقتصر على الاراضي المحاذية لحقول البترول ، بل حتى تلك التي تبعد عنها عشرة كيلومترات او اكثر.
هذه امور يمكن تحملها لو اتبعت ارامكو معيارا واحدا في الموافقة والرفض. واقع الامر انها تتساهل اذا جاء الطلب من جهة حكومية ، او من شخص "مدعوم" ، وترفض دون تردد اي طلب يقدمه الناس العاديون.
خلال الاشهر الماضية تعرفت على عشرات من القضايا تتضمن اراضي مساحاتها تصل الى خمسين الف متر مربع ، كما رأيت قضايا لقطع صغيرة مساحاتها في حدود مئتي متر مربع ، وبعضها بيوت في احياء قديمة كانت مسكونة قبل ظهور البترول. وكلها معطلة ، لسبب بسيط هو رفض ارامكو.
سألت من ظننتهم خبراء جيولوجيا في ارامكو عن سر تشددها ، فقيل لي ان تغيير استعمالات الارض في القطيف مثلا ، يؤدي الى تغيير اتجاهات الضغط على مكامن الزيت ، ويؤثر بالتالي على عمليات الانتاج.
فلنفترض ان هذا التبرير صحيح. فما ذنب الناس الذين شاءت الاقدار ان تكون املاكهم في هذا المكان؟. ثم هل الشوارع والمباني التي تقيمها الجهات الحكومية و"المدعومون" اخف وزنا واقل اثرا من تلك التي يبنيها سائر الناس؟. وهل يصح حرمان احد من التصرف في املاكه من اجل منفعة عامة ، دون منحه تعويضا مناسبا؟. ما هو التعويض الذي يستحقه هؤلاء الناس مقابل كف ايديهم ومنعهم من التصرف في املاكهم؟.
مقتضى العدالة ان يكون القانون واحدا ، في التعامل مع الجميع. مقتضى العدالة ان لا يحرم احد على وجه الخصوص من حقه او ملكه ، دون تعويض معقول.
اعلم ان ارامكو لا ترد على الصحافة ولا تهتم بها اصلا. لكني اعلم ان المسؤول عنا هو حكومتنا وليس ارامكو. واعلم ان المسؤول الاول عن هذا الموضوع ، هو وزير الشؤون البلدية والقروية ومن خلفه مجلس الوزراء. ارجو ان يعلم سمو الوزير والمجلس ان ظلما كبيرا يقع على الناس ، سيما صغار الملاك ، بسبب هذا النظام المجحف. ارجو ان يعلم سموه ان مساحات تقدر بعشرات الملايين من الامتار من الاراضي ، التي كانت في الماضي البعيد زراعية ، متروكة ومهملة ، لان ارامكو  تعيق تسجيلها كاراض سكنية او تجارية ، وبعضها يقع وسط النطاق العمراني للمدن.
هل يريد سمو الوزير ان يحمي ظلما صريحا كهذا؟. هل يريد مجلس الوزراء الموقر ابقاء صغار الملاك هؤلاء رهائن لمشاريع ارامكو وارادات مديريها؟.
الاقتصادية 22 ابريل 2014

مقالات ذات علاقة



30/03/2009

ارامكو واخواتها : الشفافية الضرورية في قطاع الاعمال


؛؛ الازمة المالية العالمية 2007-2009 ضربتنا في العمق لكن الحكومة والشركات الكبرى بقيت صامتة. نحن لانعرف كيف تؤثر هذه المشروعات على حياتنا ومستقبلنا؛؛

ثمة مسلمة في الاقتصاد الحديث فحواها ان الشركات المطروحة في سوق الاسهم ، وكذلك الشركات المملوكة للدولة مطالبة بالاعلان بصورة منتظمة عن استراتيجياتها ، مشروعاتها ، ميزانياتها ، ووضعها الفعلي في السوق ، بما فيه الصعوبات التي تواجهها ، وتوقعات الادارة عن المدى الزمني المتوقع لتجاوز تلك الصعوبات. شركات الكهرباء والمواصلات والاتصالات والشركات الكبرى مثل شركة سابك وامثالها تدير مشروعاتها بغرض الربح ، الخاسر والمستفيد هو بالدرجة الرئيسية حامل الاسهم . لكن تاثير عملها يتجاوز ملاك الاسهم الى مستعملي منتجاتها. خاصة المنتجات الضرورية للمعيشة والعمل. تخيل ماذا سيحصل لو نقلت شركات الطيران خدماتها الى دولة اخرى بناء على معايير تجارية بحتة . او قررت شركة الكهرباء – لنفس السبب – بيع منتجها ، اي الطاقة الكهربائية لمدينة محددة لانها تجني ارباحا اكثر ، او استغنت شركة سابك عن موظفيها المحليين واستبدلتهم جميعا بموظفين اجانب لتوفير نفقات التشغيل . كل هذه الاحتمالات مقبولة اذا نظرنا الى الجانب التجاري البحت ، اي الربح والخسارة بالمعنى السوقي البحت .

لكننا نعلم ان قرارات من هذا النوع لا تتخذ ابدا خشية التاثير السلبي على حياة الناس الذين قد لا يكونون ملاكا لاسهم الشركة لكن حياتهم ترتبط بصورة او باخرى بوجودها . ولهذا السبب تتدخل الحكومة فيما يتجاوز ادارة التعارض بين المصالح او حماية المبادرة الحرة . تتدخل الحكومات انطلاقا من كونها وكيلا عن المجتمع وممثلا للمصلحة العامة .

يقودنا هذا الى زبدة الكلام . حيث يمر العالم بازمة مالية هائلة . وهي تؤثر في كل بقعة وفي كل قطاع . ونحن نتاثر بها بصورة مباشرة شئنا ام ابينا. الازمة الاقتصادية العالمية هبطت باسعار البترول من 145 دولارا الى ما دون 40 دولارا ، وهبطت معها مداخيلنا الى ثلث ما كانت عليه قبل عام. قلة الدخل ستوقف او تؤجل مشروعات حكومية . كما ان شركة مثل ارامكو ستلغي او تؤجل المئات من مشروعاتها التي يعمل فيها او يستفيد منها مئات الالوف من الناس . الازمة نفسها ستهبط بالطلب على منتجات شركة سابك وشركات البتروكيمياء والمصافي ومنتجي مواد البناء ... وو..الخ . تاثير الازمة العالمية سيطال الملايين من الناس اذا لم نقل جميع الناس . وقد بدأت هذه التاثيرات في الظهور منذ اواخر العام الماضي ولا تزال.

لكن الملاحظ في الجملة ان جميع هذه  الشركات لا تخبر الناس عن تقديراتها الخاصة . المواطنون السعوديون لا يعرفون العمق الحقيقي لتداعيات الازمة على الاقتصاد السعودي ، ولا يعرفون كيفية تاثيرها على معيشتهم ومشروعاتهم المستقبلية . الطلبة الذين يفكرون في اختيار تخصصات جامعية لا يعرفون اي تخصص سيكون مطلوبا بعد اربع سنوات . وصغار المستثمرين الذين يفكرون في مشروعات جديدة لا يعرفون اي القطاعات سيستفيد من الازمة الراهنة ، او ايها سيكون مؤمنا نسبيا ضد انعكاستها . والذين يملكون اسهم في شركات مثل سابك وامثالها لا يدرون التاثير الفعلي للازمة على شركتهم وكيف سيجري الامر خلال السنوات الثلاث القادمة .

زبدة القول اذن ان هذه الشركات ، المملوكة للدولة او المملوكة للقطاع الخاص ، ليست مجرد وحدات تجارية محدودة التاثير ، بل تنعكس اعمالها على حياة الالاف من الناس ممن يملكون اسهمها وغيرهم. واذا كان هذا الامر صحيحا فهي مطالبة بمكاشفة الراي العام بحقيقة الوضع الذي تمر فيه ، وعمق التاثير الذي خلفته الازمة المالية العالمية على اعمالها ، وانعكاس هذا على الاقتصاد المحلي ومعيشة الناس. ليس من حق مديري هذه الشركات التسلح بمقولة ان الشركة تقدم تقاريرها السنوية للمساهمين ، فثمة الاف من الناس خارج هذه الدائرة تتاثر معيشتهم سلبيا وايجابيا بوجودها وعملها . وهو تاثير لا ينتظر التقرير السنوي ، بل يحصل اليوم وغدا وبعد غد وفي كل يوم .

لكي تستقر معيشة الناس فاننا بحاجة الى تمكينهم من المساهمة في تحمل اعباء حياتهم ، وهذا يتطلب بصورة قطعية معرفتهم لما يجري اليوم وما سيجري غدا كي يدبروا انفسهم قبل ان يجدوا انفسهم محاصرين بلا حول ولا قوة ولا قدرة على مبادرة او تصحيح.





عكاظ 30-3-2009 

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...