‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثورة الاتصالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثورة الاتصالات. إظهار كافة الرسائل

03/05/2023

هل يمثل الذكاء الصناعي تهديدا للهوية؟

 

واجهت هذا السؤال في سياق النقاش المتعلق بكتاباتي الأخيرة. واكتشفت لاحقا انه مطروح على نطاق واسع في الولايات المتحدة وأوروبا ، وثمة مهنيون يجاهرون بالقلق على مكانتهم ووظائفهم ، مع تزايد الاعتماد على الأنظمة الذكية (انظر على سبيل المثال البحث الذي نشرته مجلة البحوث الطبية JMIR حول الميل لمقاومة الذكاء الصناعي بين الأطباء وطلبة كليات الطب).

بالمثل فان النقاش حول الموضوع قد بدأ بالفعل في مثل مجتمعنا. لكن يبدو لي انه يلامس جوانب أكثر حساسية ، تتعلق خصوصا بالهوية الموروثة ، الدينية والاثنية. ولعله سيزداد سخونة في الأشهر القادمة ، بعد تبلور التأثيرات الفعلية للوافد الجديد في السوق والمجتمع.

لابد من القول ابتداء ان هناك من لا يرى في الذكاء الصناعي خطرا داهما ، فهوية المجتمع لم تتأثر جديا بتوسع الانترنت ومن قبلها البث التلفزيوني الفضائي. وفقا لهذه الرؤية فان الهوية الموروثة قوية بما يكفي لاحتواء التحدي التقني أيا كان ، كما أن الذكاء الصناعي ليس من نوع التحولات العميقة ، التي تلامس جوهر تفكير الانسان او رؤيته لذاته والعالم ، أي ما نسميه هويته. هذا بالطبع جواب سهل ولا يثير القلق. غير ان مبرراته لا تبدو قوية او مقنعة.

لكن لو أردنا النظر للتهديد المذكور كاحتمال قائم ، بغض  النظر عن مستوى تأثيره النهائي ، فلعلنا نذهب الى سؤال آخر تحليلي ، يتناول المسارات المحتملة لتأثير الذكاء الصناعي على الهوية ، أي  كيف يؤثر وأين يظهر تأثيره؟.

استطيع الإشارة بايجاز الى ثلاث دوائر يتجلى فيها ذلك التأثير ، واترك التفصيل لمناسبات أخرى في المستقبل. في كل من هذه الدوائر سنرى انكماشا لقنوات التواصل بين الأجيال. وهي – كما نعرف – الأداة الرئيسية التي يستعملها المجتمع لتمرير هويته وثقافته الى الأجيال الجديدة.

الأولى: الذكاء الصناعي مرحلة ثقافية/تاريخية لها متطلبات تقنية ، تتجاوز المتطلبات الخاصة بتصفح الانترنت او الاتصالات الشبكية التي اعتدناها حتى الآن. ولهذا فان المستفيد الأول من أدوات الذكاء الصناعي ، هو جيل الشباب وعدد قليل من المحترفين الأكبر سنا. اما الغالبية العظمى ممن تجاوز سن الشباب ، فلن تستفيد منه ، لأنها لا تطيق تعلم فن جديد ، خاصة ان لم تكن في حاجة ماسة اليه. لقد رأينا حالة شبيهة في مطلع القرن الجاري ، حينما دخل العالم عصر الانترنت ، وبات معظم المعاملات الرسمية والاقتصادية رقميا. يومذاك وقف آلاف من كبار السن موقف الحائر ، ثم قرر غالبيتهم الانسحاب الى الهامش تاركا للشباب هذا العالم الجديد. ان شباب ذلك اليوم هم كهول اليوم ، ومن المرجح ان ينقسموا بين راغب في عالم الذكاء الصناعي وبين زاهد فيه.

الثانية: سوف تزداد قدرة الجيل الجديد على الوصول الى مصادر المعلومات. وبالتالي سوف ينكمش دور العوامل الداخلية في تشكيل الهوية. كما ان أهمية المكان سوف تنكمش جديا ، فلا يعود له تأثير حاسم على الوظيفة والمكانة ، ولا على الالتزامات ذات الطبيعة الثقافية.

الثالثة: الذكاء الصناعي يؤذن بظهور اقتصاد جديد ، لم يسبق ان جرى تعريفه ضمن الثقافة ومنظومات القيم الخاصة بالمجتمع. وبالتالي فهو لا ينضوي تحت المنظومة الأخلاقية والعرفية القائمة. في هذه الحالة ستكون اخلاقيات وتقاليد الاقتصاد الجديد متأثرة بالمجتمع الجديد ، مجتمع الشبكة حسب التصوير الذي اقترحه مانويل كاستلز ، والذي يتألف من كافة الأشخاص الذين نتواصل معه على نحو شخصي او ثقافي او اقتصادي ، بواسطة الشبكة وباستعمال منطقها وادواتها. نحن اذن بصدد مفاهيم جديدة لتعريف الذات واخلاقيات التعامل ومعنى الاختلاف بينك وبين الاخرين ، أي معنى الاخرية.

يشير كل من هذه المواقع الثلاثة الى نقطة اشتباك بين مكونات الهوية الموروثة ومؤثرات/تحديات العالم الجديد ، في مرحلة تواصل مكثف يقودها الذكاء الصناعي. لازلنا بحاجة الى دراسة اعمق لهذه المسالة. ولعلنا نعود لمراجعتها مرة أخرى في المستقبل القريب.

الشرق الاوسط الاربعاء - 11 شوّال 1444 هـ - 3 مايو 2023 م

    https://aawsat.com/node/4307296/

مقالات ذات صلة

عالم افتراضي يصنع العالم الواقعي

على اعتاب الثورة الصناعية الرابعة

العولمة فرصة ام فخ ؟

ما الذي يجعل الانترنت مخيفا للزعماء التقليديين ومحبوبا للشباب ؟

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق

النقلة الحتمية : يوما ما ستنظر الى نفسك فتراها غير ما عرفت

الذكاء الصناعي وعالمه المجهول

استمعوا لصوت التغيير

تجربة تستحق التكرار

غدا نتحرر من الخوف

النقلة الحتمية : يوما ما ستنظر الى نفسك فتراها غير ما عرفت

 

26/04/2023

الذكاء الصناعي وعالمه المجهول



في حديث لبرنامج 60 دقيقة على قناة CBS قال ساندر بيشاي، رئيس شركة غوغل الشهيرة ، ان انتشار الذكاء الصناعي ينذر بتحديات جديدة ، تستدعي حلولا أخلاقية واجتماعية ، ولهذا السبب فهو يدعو الفلاسفة لأخذ دورهم في هذا المجال ، وعدم القاء المسؤولية على رجال الأعمال او  المهندسين وحدهم.

يثير اهتمامي ان عددا متزايدا من العلماء والباحثين ، يوجه اهتمامه الى الانعكاسات الثقافية للذكاء الصناعي. كنت قد قرأت في أول الأمر عن اهتمام وزير الخارجية الامريكي السابق هنري كيسنجر بالموضوع. وكيسنجر مفكر قبل ان يكون سياسيا وقد بلغ الآن 99 عاما (مواليد 1923م) ، وقد اصدر في أواخر 2021 كتاب "عصر الذكاء الصناعي ومستقبل البشرية The Age of AI and Our Human Future  " بالتعاون مع إريك شميت ، الرئيس السابق لشركة غوغل ، والبروفسور دانييل هتنلوكر ، الاستاذ بمعهد ماساشوستس للتقنية MIT ، والكتاب مكرس للموضوع المذكور أعلاه ، وعنوانه يكفي للدلالة على محتواه.

نعوم شومسكي

وفي الشهر الماضي كتب المفكر المعروف نعوم شومسكي مقالا خصصه للحديث عن إطلاق منصة "تشات جي بي تي" وهي  محرك بحث يعتمد أدوات الذكاء الصناعي. وكان اطلاقها قد اثار ضجة كبيرة في شرق العالم وغربه ، حيث قدمت نموذجا أوليا عما يمكن ان يؤول اليه الذكاء الصناعي ، ومدى ما يمكن ان يحدثه من انعكاسات.

قبل هذا وذاك ، كان المفكر الامريكي-الاسباني مانويل كاستلز قد كتب بالتفصيل عن التحول المنتظر في القيم والعلاقات الاجتماعية والثقافة ، بعد قيام ما اسماه مجتمع الشبكة ، اي نظم العلاقات والتواصل المعتمدة تماما على الانترنت ، ونبه يومها الى عالم جديد يوشك على النهوض.

نحن ندرك الآن التحول الهائل الذي أثمر عنه توسع الانترنت ، في الثقافة والاعمال وانماط المعيشة والتعليم والهوية ، وفي كل جانب آخر من جوانب الحياة ، وصولا الى الحرب. ان عالم ما بعد الانترنت لا يشبه ما عرفناه في القرن الماضي الا قليلا.

لا يعتقد شومسكي ان الذكاء الصناعي سيحتل مكانة الانسان او يستعبده ، كما يقول الخائفون. لن يمكن للآلة ان تسبق الانسان في صناعة الفكرة ، حتى لو سبقته في معالجة المعطيات. التفكير ليس فقط تقديم إجابات معروفة سلفا ، او قابلة للاكتشاف بناء على المعطيات المتوفرة ، وهذا ما تفعله الآلة. التفكير يبدأ من إعادة تركيب السؤال وإعادة تحديد المشكلة التي يطرحها ، وقد يتضمن خلق احتمالات لم تكن موجودة قبل ذلك. وهذا ما يتجاوز قدرات الآلة. وبالتالي فان الخوف من الغاء العقل الإنساني لا مبرر له.

لكن كيسنجر وزملاءه يلفتون انظارنا الى مشكلة مختلفة نوعا ما ، هي ذاتها التي يشير اليها مدير شركة غوغل ، وهي التي تحدث عنها أيضا كاستلز: الذكاء الصناعي سيأتي بعالم مختلف في أسواقه ، في مدارسه ومناهج تعليمه ، وعلاقات الافراد الذي يعيشون فيه. إذا اردت مقارنة شبيهة ، فارجع خمسين عاما الى الوراء ، أي 1973 ، قارن وضع العالم والحياة يومئذ بنظيره في 2023. هكذا ستكون المقارنة بين يومنا واليوم التالي لهيمنة الذكاء الصناعي.

هذا التحول سيخرج ملايين من البشر من دائرة النشاط الاقتصادي ، كما سيغير بعمق في العلاقات الاجتماعية وفي منظومات القيم الحاكمة. نتحدث اذن عن تحول في المفاهيم والثقافة وسبل العيش ، وليس فقط في التطبيقات. وهذا ما دعا ساندر بيشاي ، مدير شركة غوغل لالقاء الكرة في ملعب الفلاسفة وعلماء الانسانيات: ان صياغة العهد الجديد ليس مهمة المهندسين ورجال الاعمال وحدهم ، وليست - بالطبع - مهمة السياسيين وحدهم.  

الشرق الاوسط 26 ابريل 2023   https://aawsat.com/node/4294296/

مقالات ذات صلة

استمعوا لصوت التغيير

بين النهوض العلمي والتخصص العلمي

تجربة تستحق التكرار

تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟

تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا

التعليم كما لم نعرفه في الماضي

التمكين من خلال التعليم

حول البيئة المحفزة للابتكار

عالم افتراضي يصنع العالم الواقعي

على اعتاب الثورة الصناعية الرابعة

العولمة فرصة ام فخ ؟

ما الذي يجعل الانترنت مخيفا للزعماء التقليديين ومحبوبا للشباب ؟

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق

النقلة الحتمية : يوما ما ستنظر الى نفسك فتراها غير ما عرفت

هل تعرف "تصفير العداد"؟

19/08/2020

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق



ركز مقال الاسبوع الماضي على حاجتنا لتطوير النظام التعليمي ، على ضوء التحولات التي سيشهدها العالم مع نضج "الثورة الصناعية الرابعة". مع هذه الثورة سنرى عالما جديدا واقتصادا غير ما عهدناه. وأذكر هنا بما شهد العالم من تحول في الثقافة والاقتصاد بعد الثورة الاولى ، يوم صنع المحرك البخاري في اواخر القرن الثامن عشر ، وما حصل عقب الثورة الصناعية الثانية ، التي تنسب الى ظهور الكهرباء ومكائن الاحتراق الداخلي ، والثورة الثالثة التي ترتبط بظهور الكمبيوتر والانترنت والادوات الرقمية عموما. نحن الان نفهم التحولات الهائلة في حياة البشرية التي أثمرت عنها هذه الثورات ، ونعلم ان الثورة القادمة ستحمل تحولات اعمق واوسع ، ليس فقط في الاقتصاد ، بل في الاخلاق والثقافة أيضا.

ان السمة الابرز في التحولات الجارية اليوم ، هي اتساع الأفق. التكامل الفائق بين الآلات في احجامها الصغيرة ، مع انظمة الذكاء الصناعي والاتصالات العالية السرعة ، ادى فعليا الى توسيع المساحات التي يراها الانسان ويستوعبها ، على نحو غير مسبوق. الواقع ان انتشار الانترنت خلال العقدين الماضيين ، قد مهد هذا الطريق ، فبات كل انسان قادرا على رؤية أجزاء من العالم ، لم يتخيل وجودها سابقا.
لكن ما نعرفه حتى الآن هو نموذج مصغر ، عما سيعرفه العالم في السنوات القادمة. مع توفر انظمة الاتصال الفوري بكلف منخفضة ، فان كافة شرائح المجتمع ستكون متصلة بالعالم الافتراضي ، ولن تعود مصادر المعلومات قصرا على المثقفين او المهندسين او من يتقن اللغات الاجنبية.
كل شخص على هذا الكوكب ، سيكون قادرا على التفاعل المباشر مع أسواق ومجتمعات ، ومصادر عيش ووسائل عمل وترفيه ومصادر معلومات ، لم يتواصل معها سابقا بسبب حواجز اللغة او المال او القيود السياسية. هذه كلها ستزول تدريجيا ، ان كثافة المعلومات وسرعة الاتصال ، سوف تجعل المراقبة والحجب المادي مكلفة وغير فعالة ، اما حاجز اللغة فهو زائل بالتأكيد مع تطور برامج الترجمة الفورية الذكية.
ان غالبية الناس يهتمون بالتعليم ، لأنه الطريق الوحيد تقريبا لضمان حياة مستقرة لابنائهم. التقديرات المتوفرة فعلا ، تشير الى ان الثورة الصناعية الرابعة ستلغي 700 نوع من الوظائف ، او تحولها الى الآلات. هذا يعني ان على الآباء ان يفكروا في وظائف لابنائهم ، من نوع مختلف عما اعتادوا عليه.
في ظني ان الموضوع الذي ينبغي ان يشغل القائمين على التعليم هو  "سعة الافق" اي السمة الرئيسية للثورة الصناعية الرابعة. سعة الافق تعني مثلا الاستعداد التام للتكيف ، مع اقتصاد جديد واشخاص جدد وثقافات مختلفة ، وانماط عيش غير مألوفة. ومنها أيضا اعداد الشباب كي "يخلقوا" مصادر عيشهم ، ولا ينتظروا وظيفة في دائرة حكومية او شركة. هذا يعني ان يركز التعليم على تعزيز كفاءات التفكير والابداع عند كافة الشباب ، كي لا تكون الوظيفة بالمعنى التقليدي غاية ما يطمحون اليه.  
تطور التقنية سيلغي مئات الوظائف التي نعرفها. لكنه سيأتي أيضا بفرص جديدة كثيرة جدا. المهم في كل الاحوال هو تجهيز ابنائنا بوسائل احتواء التحدي ، ومن أهمها التفكير العلمي ، حيوية الذهن ، الابداع  ، الاعتماد المطلق على الذات والرغبة في التعلم.
ان الخطوة الاولى في تطوير التعليم ، هو تحريكه بهذا الاتجاه ، اي مساعدة الشبان كي يكونوا مستقلين ، راغبين في التعلم ، ومستعدين للمغامرة.
الشرق الاوسط الأربعاء - 29 ذو الحجة 1441 هـ - 19 أغسطس 2020 مـ رقم العدد [15240]

14/08/2012

ما الذي يجعل الانترنت مخيفا للزعماء التقليديين ومحبوبا للشباب ؟



- اي فتنة هذي التي تجعل الناس يقضون ساعات امام شاشات الكمبيوتر يسبحون في فضاء افتراضي؟
- أهو سحر المعرفة ، ام جاذبية الاكتشاف ، ام مجرد الاستمتاع بقتل الوقت من دون جهد؟
انفق المفكر الاسباني مانويل كاستلز نحو عقدين من الزمن في دراسة "المجتمع الشبكي" و"السلوك الشبكي" ودور الشبكات الالكترونية في اعادة صوغ هوية الافراد على امتداد العالم. طبقا لراي كاستلز فان جاذبية العالم الافتراضي تكمن في قدرته على تلبية الحاجة الى اكتشاف الذات وتحقيق الذات. كل انسان يواجه في شبابه المبكر سؤال "من انا؟" و "ماهو موقعي ضمن شبكة العلاقات الاجتماعية؟".
كل مجتمع يضع امام ابنائه جوابا عن هذين السؤالين وعن غيرهما من الاسئلة في سياق التربية الابوية والاجتماعية الهادفة لادماج الشاب في النظام الاجتماعي القائم. في المجتمعات المغلقة والمحافظة ، تتم هذه العملية بشكل شبه قسري. لان شبكة العلاقات الاجتماعية التقليدية هي وسيلة التواصل الوحيدة بين الفرد والعالم. اكتشاف الفرد للعالم هو الخطوة الضرورية لتكوين منظومة المعاني التي يبني الفرد على ارضيتها تصوره لذاته وللاخرين ، اي جوابه على سؤال "من انا" و"ماهو موقعي".
مع انتشار الانترنت ، لم تعد التربية العائلية والاجتماعية قناة وحيدة للتعرف على العالم. اكتشاف العالم لم يعد مشروطا بالمعاني التي يقدمها الابوان او المجتمع. يمكن للفرد الان ان يختار بين المعاني التي يتوارثها المجتمع او تلك التي يجدها في العالم الافتراضي. وتبعا لذلك فقد اصبح الفرد مساهما في توليف هويته الشخصية ، التي قد تتوافق مع منظومات المعنى السائدة او تخالفها.

- حسنا ... ماذا يجعل الانترنت مختلفا واكثر جاذبية من ادوات التواصل الاخرى؟
يتحدث كاستلز عن "قوة التدفق=the power of flows". حين يصل عامة الناس الى مصادر المعلومات من خلال الانترنت ، ثم يعيدون انتاجها ونشرها عبر العالم ، فانهم يطلقون سلسلة هائلة من قوى صغيرة كامنة في داخلهم ، تترابط وتتكثف في شكل شبكي ، مولدة قوة ضخمة لكنها منتشرة. يقود هذا بالضرورة الى تبعثر عناصر القوة التي كانت مركزة ومحتكرة في جهات محددة. تمرد احد الضعفاء على القوة الكبيرة هو الخطوة الاولى ، او النموذج. الاستجابات والتفاعلات التي يلاقيها هذا النموذج تولد شبكة من التمردات المماثلة، تتسع وتتعمق بسرعة ، تتجاوز – عادة – قدرة القوى المركزية او التقليدية على الرد.
القوة – كما نعرف – مفهوم مقارن. ازدياد قوة احد اطراف المعادلة السياسية – الاجتماعية يعني انكماش قوة الاطراف الاخرى ، والعكس بالعكس. مصادر القوة الجديدة المتأتية من التطورات المذكورة اعلاه ، تقود بالضرورة الى تقليص القوى السائدة او تقييدها. هذا ما يسميه كاستلز "تدفق القوة = flow of power".
الانترنت ليس مجرد وسيلة تسلية يستمتع بها شباب اليوم ، انها وسيلة لاستنباط القوة ، تؤدي بالضرورة الى تفكيك او بعثرة القوى السائدة.
الاقتصادية 14 اغسطس 2012

ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه

  ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...