‏إظهار الرسائل ذات التسميات باكستان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات باكستان. إظهار كافة الرسائل

13/04/2022

من عقلية القطيع الى تصلب الشخصية

 

تخبرنا أبحاث "الثقافة السياسية" عن مجتمعات تمتاز بقابلية عالية للمساومة والتوصل الى مطالبها ‏من خلال التفاوض. وثمة في المقابل ، مجتمعات ترفض - من حيث المبدأ - المساومة والحلول الوسط. بل ربما تعتبر الداعين للمساومة مفرطين أو حتى خونة.‏

لتوضيح الفكرة ، افترض اني طرحت السؤال التالي على 10 أشخاص في بلد عربي: لدينا خلاف على حقوق ندعيها ، ‏ويمكننا تحصيل نصفها من خلال التفاوض ومن دون خسائر كبيرة. فهل نقبل بالنصف ام نتمسك بمطالبنا كلها ‏مهما طال الزمن؟. ‏

اعتقد ان سبعة من هؤلاء الاشخاص سيقبلون النصف ، لانه مضمون وغير مكلف. ‏سيقول بعضهم: دعنا نستثمر ما حصلنا عليه ونعيد بناء النصف الآخر من جديد. لكن الثلاثة الباقين سيرون ‏التخلي عن حقوقنا جبنا وانهزامية. وسيقولون مثلا: ليس مهما ان تكسب الماديات ، المهم ان تكسب نفسك وتقاتل دون حقك مهما طال الزمن. ‏

لعل بعض القراء الأعزاء يوافقني في ان عصفورا في اليد خير من عشرة على الشجرة. ولعل غالبية الناس سيذهبون نفس المذهب.‏

لكن الذي لاحظناه ان طريقة المجتمع العربي في اتخاذ المواقف السياسية ، تتناقض تماما مع هذا ‏المنهج. في القضايا القومية (فلسطين مثلا) وكذا القضايا القطرية ، يطالب الناس بالعصافير العشرة جميعا ، ويرفضون اي ‏مساومة عليها. وأرى ان هذا من الأسباب التي عطلت حل المشكلات الكبرى التي تواجه البلدان ‏العربية.

وقد اخبرني الصديق الدكتور منقذ داغر ، انه يجري بحثا على المجتمع العراقي ، يتناول مفهوم "تصلب ‏الشخصية" الذي يعني بشكل محدد  عدم القدرة على المساومة والتفاوض ، حيث تشير ‏البحوث الميدانية الى ان ما نتحدث عنه بشكل انطباعي ، يعكس صورة حقيقية قابلة للاثبات العلمي: ‏ان المجتمع العراقي يتصف فعلا بتصلب الشخصية.‏

من المفهوم طبعا ان البحوث ‏العلمية تعتمد القياس النسبي ، الذي يعطي فكرة اجمالية عن سمة غالبة او ميل عام لمجتمع بعينه ، لا أن كل شخص يحمل هذه الصفة. ‏

لم اوفق لأجراء دراسة من النوع الذي يجريه الدكتور داغر. لكن تأملاتي في كلام الناس وتعاملاتهم  ‏العادية ، اوصلتني الى كشف ازدواجية في الموقف ، شائعة جدا في المجتمع العربي.

بيان ذلك: لو عدنا الى السؤال السابق ، فوجهناه الى عشرة اشخاص ، كلا بمفرده ، فسوف يوافق 7 منهم على المساومة والحل الوسط. لكن لو وجهنا نفس السؤال الى جمع غفير ، فسينهض الثلاثة الآخرون ، ويلقون خطابا مجلجلا حول الإهانة العظمى التي تلحق بالأمة التي ترضى بالحلول الوسط. وعندئذ سوف ترى الكفة مائلة بشدة الى جانب هذا الموقف.

وتسأل نفسك: هل تخلى السبعة السابقون عن رأيهم لمجرد استماعهم الى خطاب الثلاثة؟.

الواقع انهم لم يتخلوا ، لكنهم بدأوا ينظرون الى زاوية أخرى ، هي زاوية القيم والمباديء (التي - لسوء الحظ - تم فصلها عن قواعد المنطق ومتطلبات الواقع). ربما بدأ بعضهم يقول لنفسه: هل يمكن ان يكون سبعة اشخاص على صواب بينما كافة الناس الاخرين على خطأ؟. او ربما قال: هل يصح ان اتخلى عن القيم والمباديء من أجل حطام الدنيا الفانية؟.

لقد كانت هذه الأسئلة مطروحة فعليا على اليابانيين في يوليو 1945 ، والثقافة اليابانية شبيهة بنظيرتها العربية في التصلب. لكنهم – مع ذلك – اختاروا القبول بما دون النصف. اما مسلمي الهند ، فقد واجهوا نفس السؤال في نفس الوقت تقريبا ، فاتخذوا الاتجاه المعاكس الذي انتهى الى إقامة دولة الباكستان. ولهذا وذاك قصة أخرى ربما نعود اليها قريبا.

الشرق الأوسط الأربعاء - 12 شهر رمضان 1443 هـ - 13 أبريل 2022 مـ رقم العدد [15842]

https://aawsat.com/node/3588631

03/11/2021

في معنى "الدروشة" وتطبيقاتها


قرأت قبل مدة دعوة لامام مسجد في قرية من قرى السودان ، فحواها ان هذه القرية التي يسكنها بضع مئات ، تشكو من العطش ، لافتقارها الى مضخة لاستخراج الماء من البئر. وان الرجل يدعو كل من وصله الخبر ، لمساعدة اهالي القرية في شراء المضخة العتيدة.

في وقت مقارب قرأت قصة ويليام كامكوامبا ، وهو فتى من قرية صغيرة غرب جمهورية مالاوي الافريقية. يقال ان هذا الفتى قلب المشهد في قريته رأسا على عقب ، حين صنع مولدا للكهرباء من طاقة الرياح ، فوفر لهم الاضاءة ومضخة الماء التي مكنت الأهالي من العودة للزراعة ، بعدما كاد الجفاف الشديد ان يودي بمصدر عيشهم الوحيد.

لم يكن الأمر سهلا. فحين اخبرهم ويليام عن فكرة مولد الكهرباء ، ضحكوا عليه ، وحين بدأ في جمع الاخشاب ولحاء الشجر وقطع السكراب والعجلات المكسورة ، غضبوا منه. لكنهم في نهاية المطاف رأوا المصابيح تضيء والماء يتدفق من فم المضخة.

هذا الحادث جعل كل شخص في تلك القرية ، يعيد النظر في طريقة حياته ونظرته الى نفسه ومن حوله. وعندئذ تحولت القرية الى محج للباحثين عن فكرة مبدعة أو إلهام.

كيف نفهم الفرق بين المثالين ، وأي معيار نعتمد في المقارنة بينهما؟.

دعني أذكر القاريء بقصة "الدروشة" التي نقلتها عن المرحوم مالك بن نبي في مقال سابق. وكان الاستاذ مالك يحذر من الانزلاق الاعمى الى ما اسماه الدروشة ، التي احد تمثيلاتها هو ربط التحولات المادية في العالم ، بالممارسات التي تحمل طابعا روحيا. من ذلك مثلا الاعتقاد السائد بأن التزام الناس بالشعائر الدينية ، أو حتى اعلان تطبيق الشريعة في بلد ما ، أو وصول أشخاص معروفين بالتدين الى سدة الحكم ، سوف يؤدي بصورة شبه اوتوماتيكية ، الى تحول في الحياة والاقتصاد ، بحيث تتنزل النعم والبركات على الناس من دون سعي ولا حساب. وذكرت يومذاك الآية المباركة "ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض" التي راج الاستشهاد بها بعد اعلان الجنرال ضياء الحق تطبيق الشريعة الاسلامية في باكستان سنة 1979 ، ومثله انقلاب السودان سنة 1989 وانتصار الثورة الايرانية في 1979 وانتصار حركة طالبان في 1996. ونظير هذا ما قرأناه قبل حوالي شهر ، من ان معدلات الجريمة في كابل ، عاصمة افغانستان ، وصلت الى الصفر منذ ان سيطرت عليها حركة "طالبان".

والذي نعلم طبقا لما يتوفر من احصاءات وأرقام ، فضلا عما نراه عيانا ، ان جميع البلدان المذكورة ، لم يتحسن حالها بعد اعلان الشريعة او صعود الاسلاميين الى السلطة ، بل الذي حدث هو العكس تماما ، فقد تدهورت معايش الناس وتعثر الاقتصاد الوطني ، فبات أشد ارتباطا بالخارج ، كما بات الناس اقل رضى بحالهم ، وأشد رغبة في تغيير سياسي واجتماعي واسع النطاق.

دعنا ننظر في مثال القرية السودانية التي طلب امامها العون من الآخرين ، مقارنة بالقرية الملاوية التي شهدت تجربة في استنباط حلول محلية للمشكلات ، اعتمادا على المعرفة وعمل الذهن ، و – بطبيعة الحال – الارادة القوية. اي المثالين أقرب الى حقيقة الايمان ، ايهما أقرب من مراد الخالق في الخلق ، الامام الذي طلب العون من الناس ، ام الفتى الذي ابتكر الحل معتمدا على عقله أولا وعلى ما يتوفر من مواد في البيئة المحلية؟. اي المثالين اقرب الى معنى الدروشة وايهما اقرب الى معنى بركات السماء؟.

الشرق الاوسط الأربعاء - 28 شهر ربيع الأول 1443 هـ - 03 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [15681]

https://aawsat.com/node/3281901/

مقالات ذات صلة 

 اختيار التقدم

الأمل الآن وليس في آخر الطريق

بقية من ظلال الماضين

 تأملات في حدود الديني والعرفي

تفكيك التداخلات

التقدم اختيار.. ولكن

 تلميذ يتعلم وزبون يشتري

 التمكين من خلال التعليم

الحداثة تجديد الحياة

خطباء وعلماء وحدادون

دعوة التجديد بغيضة.... ولكن

رأي الفقيه ليس حكم الله

 شكوك في العلاقة بين الثقافة والتقدم

فكرة التقدم باختصار

الفكرة القائدة ، مثال الواتس اب

كيف نتقدم.. سؤال المليون

المكنسة وما بعدها

نسبية المعرفة الدينية

نقد التجربة الدينية

هيروهيتو ام عصا موسى؟

09/11/2016

بين الهند والموصل: اسرار الوحدة والخصام

للوهلة الأولى تبدو فكرة تقسيم محافظة نينوى (الموصل) حلا سحريا للتنازعات السياسية بين سكانها ، الذين ينتمون الى جماعات مذهبية واثنية مختلفة. كنت قد أشرت في الاسبوع الماضي الى هذا الاقتراح ، الذي تتبناه شريحة من الموصليين. ومبرر هؤلاء ان تمكين كل مجموعة عرقية او دينية من ادارة مدينتها ، سوف ينهي حالة الارتياب التي سممت العلاقة بين السكان. ولفت نظري ان قراء كثيرين وجدوا هذا الاقتراح حلا معقولا. تمثل "نينوى" نموذجا مصغرا للعراق المتنوع دينيا ومذهبيا واثنيا. هذا التنوع جعلها بؤرة للتجاذب السياسي بين قوى الداخل والخارج.

فكرة الفصل الاداري مطبقة في بلدان كثيرة. وقد تحولت في السنوات الخمس الماضية ، الى مطلب شعبي في العديد من المجتمعات العربية. لكن الاعتقاد بانها حلال المشكلات ، فيه تبسيط شديد لا يخفى على اللبيب.
من نافل القول انه لا يوجد مجتمع سياسي في العالم كله ، يتألف من نسيج احادي. بمعنى ان جميع سكانه ينتمون الى قومية واحدة ودين/مذهب واحد. وحتى لو حصل هذا يوما ما ، فان ابناء عائلة واحدة – فضلا عن بلد بأكمله - قد تختلف مصالحهم وتوجهاتهم الفكرية او السياسية ، فيذهب كل منهم في طريق. وفي حال كهذه فان وحدة الدم والانتماء ستكون مجرد رابطة ثانوية ، ضئيلة التأثير على الخيارات الحياتية للافراد. وهذا أمر مشهود في عالم اليوم.
من هنا فانه من غير المنطقي ، الاعتقاد بان مشكل الاختلاف والتنازع سينتهي ، اذا اعدنا تشكيل الجغرافيا السياسية على اساس وحدات عرقية او دينية متمايزة. ان وحدة الدين او المذهب او القبيلة او العرق او الجنس ، ليست اساسا كافيا لتوحيد المصالح السياسية والحياتية ، فضلا عن صيانتها على مدى زمني طويل.
لعل المقارنة بين البلدين الجارين ، الهند وباكستان ، تكشف هذه المفارقة في أجلى صورها. يعترف الدستور الهندي ب 21 لغة ، اضافة الى الانكليزية. وهناك عشرات اخرى من اللغات واللهجات المحلية. ويرجع الشعب الهندي الى اعراق عديدة. وثمة خمسة اديان رئيسية ، الا ان عدد الديانات والطوائف القائمة فعلا ، يزيد عن 300 دين ومذهب. لكن الوحدة الوطنية لجمهورية الهند لم تتعرض لتحد خطير منذ تاسيسها في 1947.
اما الباكستان التي تاسست في العام نفسه ، فهي تواجه منذئذ نزاعات داخلية متلاحقة. وقد انفصل نصفها الشرقي في 1971. يشكل المسلمون اغلبية ساحقة في باكستان ، والنظام فيها فيدرالي مقسم الى اربع ولايات ، تضم كل منها اغلبية من قومية واحدة.
قارن الان بين البلدين من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي والحراك العلمي والتقني. واسأل نفسك: ما الذي يجعل الهند ، المتعددة الاديان والاعراق واللغات ، مستقرة وناهضة ، بينما تغوص جارتها الاحادية الدين واللغة ، في مشاكل ونزاعات داخلية لا تنتهي؟.
الاختلاف الديني او المذهبي او العرقي ، يمكن ان يتسبب في تنازع داخلي. لكنا نعلم ان هذا ليس سبب انعدام الاستقرار في باكستان ، ولا هو سبب الحرب الاهلية في ليبيا. فضلا عن انه لم يتسبب في انهيار وحدة الهند ولا ماليزيا ولا سنغافورة ، ولا الولايات المتحدة الامريكية.
 سر الوحدة الوطنية لا يكمن في التماثل ، بل في طبيعة النظام السياسي: هل هو قائم على استفراد جماعة قومية او دينية بمقدرات البلد ، ام هو قائم على شراكة الجميع في جميع المكاسب والكلف. طبيعة النظام السياسي وفلسفته هو جوهر المسألة.
الشرق الاوسط 9 نوفمبر 2016  http://aawsat.com/node/780471


18/07/2007

العامل السعودي


اظن ان سفيرنا في اسلام اباد كان اشد الناس قلقا وهو يتابع بيانات الجيش الباكستاني عن عملياته حول المسجد الاحمر.  في العاصمة اسلام اباد. ربما لم نصرف قرشا على هذا المسجد او المدرسة الملحقة به، وربما لم نعرف احدا من القائمين عليه او الدارسين فيه. لكن ايدينا كانت على قلوبنا حين سمعنا بانفجار الصراع. وكذلك الحال كلما حدث تمرد في شرق الارض او غربها، خوفا من ظهور «العامل السعودي». 
المسجد الاحمر-لال مسجد
اظن ان كثيرين منا تابعوا الصراع على المسجد الاحمر، ليس اشفاقا على من فيه، بل خشية ان يظهر بينهم احد منا. بل ان بعض القنوات الاعلامية قد تبرع ابتداء بالقول ان «العامل السعودي» موجود، ظاهرا او خفيا في هذه المسألة، مثل كل مسألة اخرى مماثلة، من الفلبين الى افغانستان وكينيا والعراق الى اوروبا وامريكا مرورا بلبنان والاردن وغيرها.

فيما مضى من السنين كنا نأمل ان تكون المشكلة فردية : عشرة او عشرين رجلا سئموا الحياة هنا فبحثوا عن مغامرة يعيدون من خلالها اكتشاف ذواتهم وقدراتهم. لكن الحدث تكرر مرات ورأينا دماء شبابنا تسيل في بلاد لم نعرفها، لقضايا لم نسمع بها من قبل. في اواخر القرن الثامن عشر شهدت مجتمعات اوروبية شيئا قريبا من هذا: شعر مئات من الشباب بضيق الحياة في بلادهم وقرروا الهجرة لاكتشاف العالم. وقد اثمرت تلك الهجرات الفردية عن معظم ما يعرفه العالم اليوم عن البلاد البعيدة، من غابات الامازون الى مجاهل اسيا الشرقية، فضلا عن الصحارى العربية وغيرها.
وفي الربع الاخير من القرن العشرين ذهب عشرات من الشباب العرب، ومنهم سعوديون وخليجيون الى دول افريقيا الفقيرة يحفرون آبار المياه ويقيمون المدارس ويقدمون المساعدة، معتقدين أنهم –بهذا الاسلوب– ينشرون الدين الحنيف او يحققون اغراضه النبيلة. 
نعرف من هذه التجارب وغيرها ان الضيق بالاهل والوطن ليس شيئا غريبا. وان البحث عن الذات والبحث عن المكانة ليس معيبا. فكثير من الناس لا يحتمل مسارات المجتمع ونظام علاقاته ونظام القيم السائد فيه. وبعضهم لا يشعر بالقدرة على ان يكون شيئا ذا بال في ظل هذه المسارات والمعادلات، والشجاع منهم هو الذي يقرر التخفف من كل هذه القيود والسدود.
لكن ما الذي حدث حتى تركزت هجرات شبابنا على الحرب ولم يعد احدهم يرضى بغير ان يثير حربا او يكون وقودا في حروب الآخرين؟. معظم الذين كتبوا خلال الايام الماضية عن «العامل السعودي» في معركة نهر البارد بشمال لبنان، والذين علقوا على ما قاله عسكري امريكي عن «عدة آلاف» من السعوديين في العراق، اشاروا باصبع الاتهام الى مناهج التعليم في المملكة كسبب اول للمشكلة. واظن ان معظم الكتاب لديهم اسباب اخرى لكنهم ربما ترددوا في التصريح عنها. السنوات الطويلة التي مضت منذ اتضاح هذه الظاهرة، كشفت عن مكونات جديدة في البيئة التي تفرخ التشدد والارهاب، وكل منها جدير بالنقاش.
خلال الاسابيع الماضية سمعت تحليلات مثيرة للانتباه، لكنها للاسف لا تظهر في الصحافة. ضيق النظام الاجتماعي الذي يدفع بالافراد خارجه، ليس بذاته سببا بل هو خلاصة مكثفة لاسباب اخرى، لعل من ابرزها عدم اتضاح الهوية الفردية للمواطن السعودي كمقابل لهويته الاجتماعية. وربما يكون من اسبابها الخلط السائد في مفهوم العدالة الاجتماعية وتطبيقاته. ويجب ان لا ننسى بطبيعة الحال ضآلة اطارات النشاط العام التي تسمح للفرد بالتعبير عن همومه وتطلعاته بشكل فعال لكن ضمن اطار القانون.
 استطيع القول من دون تردد ان المشكلة اكبر من الحلول الامنية، واكبر من التنظيرات الفردية والاحكام المسبقة. صحيح اننا نراها على فترات متباعدة، وقد ننساها او نتغافل عنها فور ان ينشغل الاعلام بغيرها، وهو ما حدث حتى الان للاسف. لكن المشكلة موجودة في بيئتنا، وهي ربما تتفاقم من دون ان نشعر. ولهذا فاننا بحاجة الى رفع القيود الواقعية او الافتراضية على النقاش في مشكلة العنف وتفريخ العنف. ونحن بحاجة الى تشجيع هؤلاء الشباب على الكلام بصراحة وفي العلن، لعلنا نستطيع استنباط بدائل او حلول. ربما نستطيع تحويل «العامل السعودي» الى مسار اكثر ايجابية، مسار بناء في بلادنا وفي العالم، بدل ان يبقى مقترنا بتصدير العنف او تحريك العنف او المشاركة في العنف كما هو الحال اليوم.
عكاظ 18  يوليو 2007  العدد : 2222 
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070718/Con20070718125906.htm

لمعلومات عن احداث المسجد الاحمر في يوليو 2007، انظر الجزيرة.نت 
http://www.aljazeera.net/home/Getpage/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/f1b9bf1c-a2a1-4459-8ac9-2c869f2b4ef2


مقالات ذات علاقة

إشارات على انهيار النفوذ الاجتماعي للقاعدة

اعلام القاعدة في تظاهرات عربية

تحولات التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم

عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع

فلان المتشدد

خديعة الثقافة وحفلات الموت

ما الذي نريد: دين يستوعبنا جميعاً أم دين يبرر الفتنة

اتجاهات في تحليل التطرف

ابعد من تماثيل بوذا

ثقافة الكراهية

تجريم الكراهية

تجارة الخوف

في انتظار الفتنة

كي لا نصبح لقمة في فم الغول

تفكيك التطرف لتفكيك الإرهاب-1

تفكيك التطرف لتفكيك الارهاب-2

الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب

العامل السعودي

رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...