‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح الاداري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح الاداري. إظهار كافة الرسائل

27/01/2016

حول برنامج التحول الوطني

بحوث التنمية الحديثة ، تجمع على استحالة تحقيق نمو متوازن ومستدام ، دون الانخراط الفعال للمجتمع في سياسات التنمية وبرامجها.

كان برنامج التحول الاقتصادي الوطني موضوعا لمناقشات عديدة ، في الصحافة السعودية خلال الأيام الماضية ، رغم انه لم يعلن رسميا.  تناقش هذه المقالة فكرة التحول في عمومها. وتؤكد على أهمية المشاركة الأهلية في استراتيجيات العمل التي يتضمنها اي برنامج من هذا النوع.


ينبغي الاشارة اولا الى انطباع عام ، فحواه ان البرنامج العتيد يمثل نوعا من الاستدراك او التعديل ، على خطط التنمية الخمسية التي تبنتها المملكة منذ العام 1971. واذا صح هذا التقدير فانه من الضروري ايضاح الاسباب التي أوجبت ذلك الاستدراك او التعديل. تنطوي الاسباب بطبيعة الحال على قراءة نقدية للنتائج التي أثمرت عنها خطط التنمية طوال الاربعين عاما الماضية. ليس من أجل جلد الذات ولا توجيه الاتهام الى احد بعينه ، بل من أجل فهم المسار والاهداف على نحو أوضح.

أشير أيضا الى عامل التوقيت. فالفهم العام يميل الى اعتبار البرنامج واحدا من المعالجات التي أملتها ظروف الانكماش الاقتصادي الراهن. ينصرف هذا الفهم – اذا صح – الى الظن بأن البرنامج يستهدف توفير مصادر دخل بديلة عن تصدير البترول الخام ، او تقليص النفقات الحكومية الحالية. ان توضيح هذا الجانب ضروري لتقييم السياسات التي يفترض ان يحتويها البرنامج المذكور ، اي اختبار ما اذا كانت تؤدي حقيقة الى هذه الغاية ام لا.

نحن بحاجة الى توضيح هاتين المسألتين ، من أجل اقناع المجتمع بالمشاركة الفاعلة في عملية التحول. ويحسن القول في هذا المقام ان خطط التنمية الخمسية التسع السابقة  لم تلحظ هذا الجانب. فكأن واضعي تلك الخطط افترضوا تحميل الدولة أعباء التنمية بكاملها. ونعلم ان بحوث التنمية الحديثة ، سيما في العقدين الماضيين ، تتفق جميعا على استحالة تحقيق نمو متوازن ومستدام ، من دون الانخراط الفعال للمجتمع في سياسات التنمية وبرامجها.

التنمية في مفهومها الحديث تتجاوز تمويل المشروعات وانشاء البنى التحتية ، الى خلق مصادر جديدة ، مادية وتقنية ، تتعدد وتتنوع على نحو يستحيل على جهة واحدة تحديدها سلفا واستيعاب ابعادها. المجتمع ككل ، هو البيئة الطبيعية لظهور وتبلور هذه المصادر. الامر الذي يوجب على مؤسسات التخطيط استنهاض هذه الطاقة الكامنة وتفعيلها ورعاية تطورها وربطها بدائرة الاقتصاد الكلي.

المثال الذي يضرب في هذا السياق هو اقتصاد المعرفة ، الذي ظهر في السنوات الاخيرة ، وتحول سريعا الى مولد رئيس للصادرات وفرص العمل ، ومحركا للنمو التقني. مشروعات مثل الهواتف الذكية من شركة ابل  ، والمتاجر الالكترونية مثل امازون ، والبوابات الالكترونية مثل غوغل الامريكي وعلي بابا الصيني ، أضافت عشرات المليارات من الدولارات الى الدخل القومي لبلدانها ، لكنها – فوق ذلك - ساهمت في تسريع التطور التقني الذي خلق ملايين من الوظائف الجديدة. لم يكن اي من هذه المشروعات حكوميا ، ولا بدأ بدعم حكومي ، بل كان ثمرة لابداع الناس وتوفر الحاضن الاجتماعي المناسب لهذا الابداع ، مع الدعم والاحتضان الرسمي في وقت لاحق. مثل هذه المشروعات وفرت للدولة ما لم تستطع توفيره اجهزتها ، رغم انها لم تنفق عليه اي شيء تقريبا.

استنهاض الطاقات الكامنة في المجتمع سيريح الدولة من نفقات كثيرة ، لكنه ايضا سيحول المجتمع من عبء على نفسه وعلى الدولة ، الى شريك في حل مشكلاته. وهذا من أبرز أغراض التنمية البشرية التي يتحدث عنها عالم اليوم.

الشرق الاوسط 27 يناير 2016

http://aawsat.com/node/553681/

  مقالات ذات علاقة

ظرف الرفاهية واختصار الكلفة السياسية للاصلاح

العدالة الاجتماعية كهدف للتنمية

 العدالة الاجتماعية وتساوي الفرص

العلاقة الاشكالية بين السوق والسياسة

قرش الخليج الابيض

كي نتحول الى دولة صناعية

كي نتخلص من البطالة

متى تملك بيتك؟

المجتمع السري

معالجة الفقر على الطريقة الصينية

من دولة الغلبة الىمجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد الاجتماعي

نحو نماذج محلية للتنمية

النموذج الصيني في التنمية

هل نحتاج حقا إلى طريق ثالث ؟

30/12/2015

انا المسؤول

 "القدر الأكبر من المساءلة حول حريق مستشفى جازان ، يقع  على المسؤول الأول عن قطاع الصحة. ولذا فالمساءلة تقع علي شخصيا قبل أي احد".

هذا تصريح لوزير الصحة السعودي المهندس خالد الفالح ، وأظنه أهم تصريح لوزير عربي خلال سنة 2015. هناك طبعا تصريحات كثيرة مهمة لسياسيين ووزراء حول مختلف قضايا الشأن العام. لكنا نادرا ما سمعنا قياديا في قطاعات الخدمة العامة يخرج الى العلن بعد حدث كارثي كالذي جرى في جازان ويعلن انه يتحمل المسؤولية عن التقصير الذي قاد الى الكارثة.

مثل هذا السلوك كان قصرا على المجتمعات المتقدمة. سمعنا مثلا رئيس فنزويلا يقول قبل ثلاثة اشهر انه سيحلق شاربه ، ان لم تنته الحكومة من بناء ربع مليون وحدة سكنية ، وعدت بها خلال هذا العام. وسمعنا عن وزير بريطاني استقال بعدما كشفت الصحافة انه قبل ضيافة على حساب احد السماسرة. وعن وزير ياباني انتحر بعدما انكشفت علاقاته العاطفية خارج اطار الزواج .. الخ.

اما في العالم العربي فيقضي العرف بان يعلق الوزير مسؤولية الكوارث على مشجب القضاء والقدر ، او تقصير المقاولين أو كسل الموظفين أو حتى جهل الشعب. هذا اذا لم يكن مؤدلجا فيحولها على احدى المؤامرات الدولية الكثيرة.

تحمل الوزير المسؤولية عن أخطاء وزارته تقليد راسخ في المجتمعات المتقدمة. وهو يكافأ عادة على انجازاتها ، فعليه بالمقابل تحمل المسؤولية عن عيوبها. والغرض من هذا التقليد هو مقاومة الفساد والتسيب في رأس الهرم الأداري. ان معرفة قادة الجهاز بانهم سيكونون الملومين على أي تقصير ، هو الذي يجعلهم حريصين على مقاومة الفساد والتسيب في المستويات الأدنى.

نعرف أيضا ان المسؤولية المقصودة هنا هي مسؤولية أخلاقية وسياسية وليست جنائية. وهي تعني قبول الوزير بمبدأ التحقيق المحايد (اي غير الخاضع لتاثيره أو تأثير العاملين تحت إدارته) في اسباب الخطأ ثم الاستعداد للاستقالة وتحمل اللوم ، اذا تبين انه كان قادرا على منع الخطأ لكنه تهاون او قصر في أداء الواجب. ومن ذلك مثلا وضع لائحة عمل خاصة بالسلامة المدنية في المباني والمشروعات التي تديرها وزارته ، ووضع برنامج للتفتيش الدوري للتأكد من التزام الادارات الفرعية بالمعايير واللوائح ، وتوفير الأموال اللازمة لضمان تطبيق هذه المعايير.

لقد اعتدنا على سماع "كليشيه" ان المنصب تكليف لا تشريف ، من معظم الذين تقلدوا مناصب رفيعة. لكنا وجدناهم لاحقا ، احرص على التمسك بالكرسي ، من حرص الطفل على حليب أمه. معنى التكليف ان تتخلى عنه اذا تبين فشلك فيه او عجزك عن القيام به.

لو تقبل كافة القياديين في الاجهزة الرسمية مبدأ المسؤولية السياسية والاخلاقية ، واعلنوا استعدادهم لترك مناصبهم في حال الاخفاق ، لتحولت الادارة الحكومية الى مصنع للقادة وخبراء الادارة ، ولأصبحت الخدمات العامة مضرب المثل في الكفاءة والانجاز.

بالعودة الى تصريح الوزير الفالح ، فاني ادعو جميع وزرائنا ومديري قطاعات الخدمة العامة في بلدنا ، الى الاعتبار بما فعله هذا الوزير الشجاع ، وتكرار مبادرته حتى تتحول الى تقليد ثابت في اجهزة الدولة وقطاع الأعمال. يجب ان يؤمنوا جميعا بان رأس الجهاز يتحمل كامل المسؤولية ، عن كل عيب في الادارات التابعة له ، مثلما يتقبل المديح حين يحقق انجازات ونجاحات. هذا طريق مجرب لترسيخ الانضباط وتعزيز قيمة الكفاءة.

الشرق الاوسط 30 ديسمبر 2015

http://aawsat.com/node/531686/

27/08/2015

شبكة الحماية الاجتماعية


في مثل هذه الأيام يتوقع الناس جميعا ، ان يخرج احد الوزراء المكلفين بالشؤون الاقتصادية ، ليخبرهم عن تقييم الحكومة للظرف الاقتصادي الراهن. نعلم ان اي وزير سيقول ان الوضع لا يبعث على التشاؤم ، وسوف نصدقه كالعادة. لكننا بحاجة للاطلاع على مبررات هذا التطمين او التبرير. لأن الأوصاف المجردة والتصريحات الموجزة ما عادت تقنع احدا.

منذ عقد تقريبا اصبح سوق المال مؤشرا على الوضع الاقتصادي عند عامة الناس. وهم يقولون ان كبار المستثمرين والمضاربين اكثر معرفة ومتابعة لما يجري ، وان لبعضهم اتصالات تمكنه من معرفة ما يحجب عن غيره. ولعل هذا الشعور غير بعيد عن الحقيقة ، بحسب الاعراف السائدة في العالم على الاقل. في الايام الماضية كان اللون الاحمر هو المسيطر على مؤشرات السوق المالية. بعض المحللين قالوا انه انعكاس للانخفاض المماثل في الاسواق الدولية. وقال آخرون انه متأثر بتقديرات صندوق النقد الدولي ، كما نسبه غيرهم الى الانخفاض المستمر في اسعار البترول ، خلافا لتوقعات بتحسنها في الربع الاخير من العام الجاري.

على اي حال هناك شعور عام بأن الوضع الاقتصادي ليس طيبا. وهناك مبررات قوية (مادية) تدعم هذا الشعور. تقديرات الاقتصاديين تؤكد وجود مشكلة ، لكنها في الوقت نفسه تحذر من المبالغة في القلق. لازلنا بعيدين – بحسب تقديرات الاستاذ عبد الحميد العمري - عن ازمة شبيهة بما حصل في  2009 ، فضلا عن اختها الاشد وطأة في منتصف ثمانينات القرن المنصرم.

هذا أمر طيب وربما يوفر علينا بعض القلق غير الضروري. لكن سواء بقي الوضع على حاله حتى الربع الاخير من العام القادم ، كما يقدر بعض المحللين ، او ازداد تأزما ، فاننا بحاجة للتخطيط المبكر لاستيعاب الانعكاسات السلبية للأزمة ، كي لا نؤخذ على حين غرة.

لقد دعوت سابقا الى دراسة معمقة لانعكاسات الازمة الاقتصادية التي مرت بها المملكة بين 1983 حتى 1990. وهي في رأيي واحدة من اكثر الحقب حرجا في تاريخنا المعاصر. بل اظن انها اسهمت بالنصيب الأوفر في تكوين ارضية الازمات التي واجهناها في العقد المنصرم ، وبعضها لا يزال قائما حتى اليوم ، ومنها – على سبيل المثال لا الحصر- تبلور تيار العنف السياسي وتفاقم التعصب في المجتمع.

لست خبيرا في الاقتصاد ولا استطيع سوى التعويل على اراء الاقتصاديين وأهل الاختصاص. لكني اعرف من بحوثي ومراقبتي للحراك الاجتماعي ، ان الاقتصاد هو المحرك الاقوى للتحولات الاجتماعية ، في الاتجاه الايجابي أو في الاتجاه السلبي. ومن هذا المنطلق فاني اشعر بقلق يتجاوز الاشكالات الخاصة بالمعيشة ، والتي عبر عنها عدد من الاقتصاديين في الصحافة السعودية خلال هذا الاسبوع. محور هذا القلق هو تكرار تجربة الثمانينات التي اشرت اليها ، سيما في ظل ظروف اقليمية سيئة جدا ، ستلعب بالتأكيد دورا موجها للتأزم الاجتماعي لو حصل لا سمح الله.

من هنا فاني ادعو الى وضع ما يمكن وصفه بشبكة أمان اجتماعي ، محورها هو حماية الشرائح الاجتماعية الاكثر عرضة لانعكاسات الازمة الاقتصادية ، سواء بقيت على حالها الراهن او تفاقمت.  ثمة شرائح تعيش ضمن هامش مناورة ضيق ، ولا تستطيع تحمل ادنى انخفاض في الدخل او ارتفاع في كلفة المعيشة. قد يكون هؤلاء من أطيب الناس وأكثرهم كدا. لكن الازمات الاقتصادية لا ترحم أحدا ، وغالب ضحاياها ينتمون الى هذه الشرائح. وقد قيل قديما "كاد الفقر ان يكون كفرا" وللحق فان التفاوت الشديد في الدخل ، وما يؤدي اليه من عجز عن مواجهة ضرورات المعيشة قد يكون المولد الاكبر للكفر بالمجتمع وأعرافه ونظامه القيمي.

دعونا نفكر في مشروع موسع لاحتواء الازمة ، يستهدف خصوصا الحد من انعكاساتها السلبية على مستوى المعيشة ، والحيلولة دون تحولها الى محرك للتمرد والتعصب. الكلفة الاقتصادية والسياسية والقيمية لمشروع كهذا ، اقل كثيرا من الكلفة  الباهضة لتفاقم التأزم الاجتماعي ، ويجدر بنا ان نبادر اليوم قبل ان نواجه الاسوأ.

الشرق الاوسط 27-8-2015
http://aawsat.com/node/437901

17/06/2014

"عجلة التنمية" المتعثرة


السؤال الذي يشغل الدكتور ابراهيم العواجي هو: لماذا فشلنا في بلوغ الاهداف التي حددتها خطط التنمية؟. هذا ينصرف  الى سؤال اخر: لماذا نعجز حتى اليوم عن وضع معايير دقيقة لقياس انتاجية الادارة الرسمية ، رغم الاموال العظيمة التي انفقت على تطويرها؟.
د. ابراهيم العواجي
في كتابه الجديد "التنمية وعربة الكرو" يلخص العواجي تأملاته في تجربة امتدت ربع قرن ، عمل خلالها وكيلا لوزارة الداخلية. وهو يقول انه حاول كما حاول كثيرون غيره ، تجاوز العلل المزمنة في النظام الاداري ، لكنه يقر في نهاية المطاف بان "عوامل ثقافية" هي التي اعاقت تطور الادارة وعطلت – تبعا لذلك – عجلة التنمية.
يشير الكتاب مثلا الى نظام المشتريات الحكومية الذي استهدف – فرضيا - مضاعفة الدورة المحلية لراس المال وتنويع مصادر الانتاج. لكنه تحول في واقع الامر الى قناة لتصدير الرساميل للخارج. السبب الذي يشير اليه دون ذكره صراحة ، هو ان صاحب القرار المالي والاداري يريد منتجا نهائيا ، ولا يهتم كثيرا بتفاصيل المسار المنتهي بالانجاز. جرى العرف مثلا على ايكال المشاريع الكبرى لشركات اجنبية تتغطى بواجهة وطنية ، لان الشركات المحلية غير مؤهلة ، وصاحب القرار لا يعتبر نفسه مسؤولا عن تأهيل الشركات المحلية. حصاد هذا العرف العليل ، هو اننا لا نزال بعد 45 عاما من انطلاق خطط التنمية ، متكلين على المقاولين الاجانب في كل شيء ، من بناء جسر الى بناء مدرسة الى انشاء مصنع الخ..
قد يبدو الامر بسيطا طالما كنا نحصل على ما نريد. لكن الامر ليس كذلك كما يرى العواجي. التنمية ليست انشاء مبنى او فتح شارع ، بل عملية متواصلة ومتنامية. تخبرنا تجارب العالم ان استمرارية التنمية تعتمد كليا على  توسع مواز في دور "الطبقة الوسطى". كل مرحلة في اي عمل تنموي يجب ان تستهدف ضمنيا تمكين هذه الطبقة وتأهيلها كي تتولى المرحلة التالية. هذا هو الطريق الوحيد لجعل التنمية مستدامة ولجعل ناتجها الاقتصادي رافدا جديدا لدورة راس المال المحلي.
هذا مثال عن الفارق بين الادارة الشخصية والادارة المؤسسية. في الاولى يصدر القرار عن شخص واحد ، ليس لديه الوقت لدراسة تفاصيل المشروع. بينما في الحالة الثانية يصدر القرار ضمن حزمة كاملة ، تدرس وتتقرر وفقا لتصور متكامل ، يلحظ جميع الابعاد المؤثرة والمتأثرة بالعملية التنموية وانعكاساتها ، وما يستلزمه التعامل مع نواتجها الفورية واللاحقة.
خلاصة تأملات العواجي ، هي ان نجاح التنمية في المملكة ، مشروط بالتحرر من الاعراف القديمة والثقافة القديمة ونظام الادارة الشخصية القديم. مالم يتحقق هذا ، فسوف نضطر دائما الى التعامل مع اوضاع غريبة ، مثل ان ان نستقدم مئات الالاف من العاملين الاجانب سنويا ، بينما نعجز عن توفير وظائف كافية للمواطنين ، ومثل ان نملك جميع الموارد المالية الكافية لكن نصف مشاريعنا يتأخر او يتعثر.
الاقتصادية 17 يونيو 2014
http://www.aleqt.com/2014/06/17/article_858209.html

مقالات ذات علاقة


16/07/2013

نقاط الاحتكاك بين المجتمع والدولة


لازلت اذكر خط الهاتف الذي دفعت للحصول عليه مبلغ 14,000 ريال في مطلع التسعينات. ولازلت اذكر هواتف سيناو اللاسلكية التي اضطررت لاستعمالها ، لان الهاتف كان يومئذ ادارة حكومية ، لا تسمع ردا من موظفيها سوى "لا توجد بدالة ، البدالة ممتلئة وليس فيها امكانية لارقام جديدة" الخ. لم نعد نسمع اليوم هذه الاسطوانة ، لان الحكومة قررت ان تريح نفسها من تجارة الاتصالات. وحسنا فعلت.
في هذا اليوم لم يعد الناس يلومون الحكومة اذا تعطلت هواتفهم ، لان الهاتف لم يعد دائرة حكومية. لو اردنا صياغة هذا المعنى بلغة سياسية ، فسنقول ان خدمة الاتصالات لم تعد نقطة احتكاك بين الحكومة والجمهور ، كما كان الامر قبل عشرين عاما.
جوهر المسألة اذن هو عدد "نقاط الاحتكاك" بين المجتمع والدولة. نفهم ان رضا الناس ليس غاية يسهل ضمانها. لكن الفرق شاسع بين فلسفة في العمل الاداري هدفها تقليل نقاط الاحتكاك ،  اي تقليل مساحة التغاضب بين الدولة والمجتمع ، وفلسفة معاكسة تستهدف ، او تؤدي – موضوعيا – الى زيادة نقاط الاحتكاك ، اي تقليل مساحة التراضي بين الطرفين.
دعنا نضرب مثلا اخر من حوادث هذه الايام. فقد ذكرت الصحف ان هيئة الاتصالات ، وهي جهة حكومية ، تريد ايقاف خدمة الواتس اب. وشهدنا الحملة الواسعة في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي ، التي تندد بهذه الفكرة. حظر الواتس اب ، سيخلق نقطة احتكاك جديدة بين الحكومة من جهة ، وبين ثلاثة ملايين من مستعملي هذا التطبيق في المملكة. فهل تحتاج الحكومة الى هذا؟.
هذا المقال لا يخاطب هيئة الاتصالات ، وليس غرضه المطالبة بابقاء الواتس اب او غيره. بل يستهدف على وجه التحديد تنبيه مسؤولي  البلد ، الى التبعات السياسية لقراراتهم. اعلم ان بعض  القرارات يتخذ على اعلى المستويات ، وبعضها يتخذ في مستويات متوسطة او دنيا ، ويوقعه احد الكبار دون تمحيص لمضمونه ، او لانعكاساته على مسار العلاقة بين الدولة والمجتمع ، اي "عدد نقاط الاحتكاك" التي يضيفها او يقللها.
ولهذا فاني اتمنى ان يبادر كل وزير الى مراجعة القرارات والاجراءات المتخذة في وزارته ، تلك المتعلقة خصوصا بتعاملات الوزارة مع الجمهور ، وان يضع امامه دائما السؤال التالي: كيف ينعكس كل منها على علاقة المجتمع بالدولة ، هل يزيد نقاط الاحتكاك ام يزيد مساحة الرضا والتراضي.
لا شك ان رضا الجمهور عن الخدمات العامة التي تقدمها اجهزة الدولة هو اهم معايير النجاح السياسي ، وبالعكس فان غضب الجمهور دليل واضح على الفشل.
ترى ما الذي يريده الوزير او المسؤول الكبير: ان يوصف  بالنجاح ام يوصم بالفشل؟. هل يريد تلطيف العلاقة بين المجتمع والدولة ، ام يريد زيادة نقاط الاحتكاك بينهما؟. هذا هو لب الموضوع.
الاقتصادية 16 يوليو 2013

http://www.aleqt.com/2013/07/16/article_770690.html

مقالات ذات علاقة


09/07/2013

يسروا القانون كي تكسبوا طاعة الناس

تقول وزارة العمل إنها استطاعت تصحيح 40 في المائة من المخالفات الخاصة بالعمالة الأجنبية. ويحق للوزارة أن تفخر بهذا الإنجاز الذي تحقق خلال 90 يوما. لكن ما يهمنا فعلا هو قراءة هذه التجربة ودروسها. وأهم تلك الدروس في ظني هو ''أثر اللين والملاينة في التزام المجتمع بالقانون''.
يعرف الذين أقاموا في الدول الصناعية أن الناس لا يضطرون إلى مراجعة الدوائر الحكومية والمصارف، وحتى الشركات الخاصة، إلا في أضيق الحدود، لأن جميع المعاملات تتم بالبريد والهاتف.
أما في بلدنا فيستحيل إنجاز معاملة دون مراجعة عديد من الدوائر. الأسبوع الماضي أمضيت أربعة أيام لاستخراج شهادة زكاة. قلت لأحد الإداريين هناك إننا نضيع هذا الوقت الطويل كي ''ندفع'' المال للحكومة، فكم من الوقت سنصرفه لو احتجنا لقبض مال منها؟

الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة يكمن في الأساس الفلسفي للقانون. تبنت تلك الدول فلسفة متفائلة إزاء الطبيعة الإنسانية، فحواها أن أكثرية الناس خيرون يريدون العيش في إطار القانون، ولذا يوضع القانون بهدف مساعدتهم وتسهيل أمورهم.
أما في المجتمعات التقليدية مثل مجتمعنا فتسود فلسفة متشائمة إزاء الطبيعة الإنسانية، فحواها أن الناس لو تركوا من دون ضابط أو رقيب، فسيعبثون ويفسدون. ولهذا يميل واضع القانون إلى التشدد في نصوصه، كي يجبر الجميع على الانضباط ويضيق الخناق على العابثين.
بعبارة أخرى فإن القانون في الحالة الأولى يوضع لمساعدة الأكثرية الطيبة، ولو أدى إلى تمكين الأقلية العابثة من الإساءة. أما في حالتنا فيوضع لردع الأقلية العابثة، ولو أدى إلى تعسير الحياة على الأكثرية المطيعة للقانون.
تجربة التسعين يوما التي أمر بها الملك لتصحيح أوضاع الوافدين أثبتت أن الأكثرية الساحقة من الناس تريد العيش في ظل القانون، وإنها ستسعى لذلك حين تجد القانون يسيرا ومساعدا.
ينبغي للحكومة أن تسأل نفسها: لماذا عجزنا عن حل هذا المشكل طيلة ثلاثة عقود، بينما نجحنا في حل 40 في المائة منه خلال ثلاثة أشهر؟
الفارق الوحيد هو أن الحكومة يسرت الإجراءات، وخففت من القيود القانونية الثقيلة التي كانت مفروضة في الماضي. ألا يكفي هذا للتدليل على أن عسر القانون هو أبرز أسباب التهرب منه، وأن يسر القانون هو الطريق الوحيد لتشجيع الناس على طاعته وتكييف حياتهم ضمن إطاره؟
زبدة القول أن القانون الضيق الشديد يدفع الناس قسرا للقفز فوقه، بينما القانون اليسير السهل يدفع الناس تطوعا لطاعته والانسجام معه. نحن في حاجة إلى تغيير الفلسفة التي يوضع النظام على أرضيتها. دعونا نثق بالإنسان، بطبيعته الخيرة، وأن نضع القانون على هذا الأساس، حتى لو أدى إلى منح 100 مخالف فرصة للعبث. لا ينبغي أن نعسر حياة ملايين الناس من أجل عشرة أو 100 أو حتى ألف عابث.

مقالات ذات علاقة

03/04/2012

اللامركزية الادارية ضرورة اليوم وليس غدا


شعر الكثير منا بالاسى حين تابع العام الماضي افتتاح مترو دبي بعد اقل من خمس سنين على اقرار مشروعه ، بينما كنا ننتظر افتتاح مترو الرياض الذي وعدنا به في 2009 ، وتخصيص الخطوط السعودية وفتح سوق النقل الجوي امام ناقلين جدد ، وغير ذلك من المشروعات الضرورية لتيسير المواصلات في المملكة.

خلفية الاهتمام بهذه المشروعات هو ضيق الناس بازدحام العاصمة ومشكلات النقل الجوي والبري وغيرها. معظم المتحدثين في هذا الشأن ينادون بالتوسع في النقل العام بمختلف وسائله. وهو حل لجأت اليه معظم دول العالم في العقود الماضية.
لكن هذه الحلول لن تكون فعالة في المستقبل. لندن التي تتمتع بشبكة قطارات ضخمة وثلاث مطارات دولية لم تنج من الزحام. ومثلها نيويورك وغيرها من المدن الكبرى.
الحل الفعال ، والاقل كلفة ، هو اللامركزية الادارية. التي تعني :
 أ) توزيع الادارات التابعة لوزارة واحدة بين المدن المختلفة.
 ب) نقل شريحة واسعة من اعمال وصلاحيات الادارات المركزية في العاصمة  الى فروعها في المناطق.
ج) الغاء جميع المراجعات الشخصية  التي يمكن استبدالها بالمتابعة عن طريق التلفون والمراسلة.

في الماضي كان البيروقراطيون يبررون تجميع الادارات والموظفين في مكان واحد بالحاجة الى تسريع العمل. وهذه فائدة معقولة مادام عدد الموظفين صغيرا. لكن مع مرور الوقت وتزايد العدد تتلاشى هذه الفائدة. تضم وزارات الدولة اليوم مئات الالاف من الموظفين الذين لا ضرورة لبقائهم في المباني المركزية. اضف الى هذا عشرات الالاف من الناس الذين يراجعون هذه المباني من اجل معاملات صغيرة وكبيرة. ومثلهم من موظفي القطاع الخاص الذي ينفذ اعمالا للوزارات .
هذا يعني ربما ربع مليون سيارة او اكثر تستعمل شوارع العاصمة كل يوم. ويعني ملايين ساعات العمل التي تضيع في زحام الطرق.

اتساءل مثل غيري: ما الذي يستوجب احتفاظ وزارة التربية والاعلام والكهرباء والشؤون الاجتماعية والمالية والتجارة ومؤسسة النقد وعشرات من الادارات الاخرى بمعظم موظفيها في العاصمة. ما هو الضرر الذي سيحدث لو وزعت بعض الادارات ، بين مدن المملكة المختلفة؟

فوائد التوزيع واضحة ، فهو سيقلل كلفة العمل وزحام العاصمة ، وسيرسي ارضية للتخلص من المراجعات الشخصية الكثيرة والمرهقة ، ويستبدلها بالتواصل عبر التلفون او الرسائل. والاهم من هذا وذاك فانه سيدفع عجلة النمو في المدن التي تحتضن المقرات الجديدة ، من خلال زيادة الطلب على السكن  والسوق ، وبالتالي تسريع دورة راس المال المحلي وتحسين مستوى المعيشة.

لقد حان الوقت للتخلص من الثقافة التي تعتبر البلد ملخصا في العاصمة. وقد حان الوقت لتفويض امارات المناطق وفروع الوزارات فيها بجميع صلاحيات المركز ، حتى لا يضطر احد لارسال معاملة الى الرياض فضلا عن السفر اليها للمتابعة الشخصية.

زحام المدن ليس مشكلة مواصلات فقط ، بل هو اهلاك سريع للبنية التحتية ، وتعقيد للحياة الاجتماعية ، وزيادة في التوتر النفسي للافراد ، فضلا عن الامراض الناتجة عن التلوث.
الاقتصادية 3 ابريل 2012

ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه

  ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...