‏إظهار الرسائل ذات التسميات اينشتاين. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اينشتاين. إظهار كافة الرسائل

15/07/2020

بماذا ننصح اينشتاين



ما وصل الينا من علوم المسلمين الاوائل ، كان في الاصل ميراثا وصلهم من أمم أخرى سبقتهم. ثم تعلم الاوروبيون من علوم العرب وطوروها. حتى وصل الدور الينا ، فتعلمنا بعض ما انتج الاوروبيون من معارف.
هذه طبيعة المعرفة. يتفاعل البشر من خلال الترجمة والسفر والعمل المشترك والنقاش والتعاون في تطوير الافكار والمشروعات ، بل كل عمل ينطوي على تفاعل بين فكرتين ، فينتج فكرة ثالثة جديدة.
البرت اينشتاين الضاحك غالبا (1879-1955)
سمعت الافكار السابقة في نقاش حول الدور المحتمل للطلبة المبتعثين ، في نقل "روح الحضارة" من المجتمعات التي درسوا فيها ، الى مجتمعنا. بعض المتحاورين أبدى تفاؤلا ، ومال آخرون الى التشاؤم. لكني وجدت النقاش بذاته مثيرا للاهتمام ، لأن المشاركين فيه كانوا جميعا من الطلبة المبتعثين ، ويتضح من نقاشهم ادراك تام للفارق بين دراسة علم ما واكتشاف روح العلم او روح الحضارة.
نعلم ان مئات الالاف من الطلبة العرب قد درسوا في الجامعات الغربية خلال العقد الحالي ، او شاركوا في برامج علمية او تدريبية في اطارات مماثلة.
ترى ما هي احتمالات ان يساهم هؤلاء في اطلاق نهوض حضاري ، او نقل روح الحضارة التي مكنتهم من تعلم شيء كان مفقودا في بلدانهم؟
لقد وجدت معظم المتحاورين متشككا في هذا. وهم يقولون ببساطة ان الذين عادوا سينفقون وقتا غير قليل في البحث عن وظائف ، ثم تستهلكهم دوامة الحياة الجارية ، فينسون ما فكروا فيه في سنوات الدراسة ، ويكتفون بما يفعلون اليوم.
وشعرت بالأسف وانا اسمع هذا التصوير. فقد كان مخيبا للأمل بقدر ما كان واقعيا . نعلم انه واقعي لأننا رأيناه عند آلاف الطلبة ، الذين تخرجوا من الجامعات المحلية والاجنبية في سنوات سابقة. هؤلاء لم يكونوا اقل طموحا ، ولا أقل رغبة في بناء وطنهم. ثم ان عددا منهم قد حصل على الفرصة التي يسعى اليها ، فاقترب من مركز القرار او بات جزء منه. لكن التغيير الذي احدثه كان ضئيلا. فهل كانت العلة فيه ام في المجتمع ، ام في عوامل اخرى غير هذا وذاك؟.
راود ذهني تفسير الاستاذ ابراهيم البليهي ، الذي يدعي اننا عاجزون عن تقليد الامم المتحضرة ، فضلا عن منافستها ، لسبب واحد هو شعورنا بالاستغناء عن الآخرين. يتخذ هذا الشعور صورا متعددة ، من بينها المبالغة في تصوير قيمة موروثنا العلمي او تاريخنا السياسي والديني ، او حتى واقعنا الراهن.
واقع الحال أننا مثل بقية الأمم ، لدينا نقاط قوة ونقاط ضعف. ونعلم لو صارحنا انفسنا ، بان نقاط ضعفنا أكثر ، لأن المعيار اليوم ليس عندنا بل في الغرب. معايير القوة والتقدم والعظمة هي المتعارفة في الغرب وليس غيره.
يقول البليهي ان الواحد منا لو التقى  البرت اينشتاين ، ابرز علماء العصر ، لبادر في التنظير عليه وتعليمه. اني اجد هذا متجسدا في عجزنا عن الاستفادة من بعضنا البعض ، واصرار كل واحد فينا على ان يكون معلم الآخرين ، من الأهل والاغراب ، بل رأيت من يعلم الامريكان كيف ينتخبون زعماءهم.
أحاول ان لا اقتنع بهذا الرأي. لكني اجد كل يوم من يبالغ في تصوير الواقع ، كما يبالغ في انكار نقاط الضعف ، بينما ينشغل في تفاصيل عيوب الآخرين ونواقصهم. قد لا يكون هذا المثال معبرا عن الواقع بأكمله. لكن لا شك ان تكراره سوف يؤكد شعور "الاستغناء" ، ولو التقينا اينشتاين لربما حدثناه عما ابدعه اسلافنا في الفيزياء.
الشرق الاوسط الأربعاء - 24 ذو القعدة 1441 هـ - 15 يوليو 2020 مـ رقم العدد [15205]

04/12/2012

طريق الشوك


تحديث الخطاب الديني لا يعني تحديث شكله او وسيلة عرضه، اي اعادة انتاج الخطاب القديم في قوالب جديدة. هذا ليس تجديدا ، بل مهمة "علاقات عامة". هذا عمل يطيل حياة الثقافة العتيقة، فيجعلها قابلة للعرض سنوات اضافية ،  لكن من دون ان تكون مفيدة للناس او مؤثرة في حياتهم ، تماما مثل المخطوطات والاواني الاثرية التي يرممها اصحاب المتاحف بين حين واخر.
علي شريعتي(1933-1977)
تحديث الخطاب الديني يستدعي مراجعة عميقة ، تتضمن بالتاكيد استبعاد تلك المفاهيم التي لم تعد معقولة او متناسبة مع تطور الفكر الانساني وتجربة الانسان المعاصر.
اشكالية التخلف تكمن في اضفاء القداسة على الموروث، ورفعه فوق الجديد والمبتكر. ثم اعتبار الماضي مرجعا للحاضر ومعيارا للحكم بسلامته او عواره. هذا يقود بطبيعة الحال الى اغتراب عن الحاضر والفة للماضي ، وانكار للبشر والاشياء التي يعايشها الانسان ، ومبالغة في تقدير قيمة ما مات وانتهى زمنه.
تجديد الفكر الديني لا يتحقق بتغيير وسائل توصيله وعرضه. يستهدف التجديد – اولا وقبل كل شيء- الانعتاق من قيود الحقب التاريخية التي توقف عندها الفكر الاسلامي ، وتقديم خطاب عصري يجيب على الاسئلة والتحديات التي تواجه المجتمع المسلم في عصره الحاضر. خطاب منبعث من حاجات العصر متفاعل مع هموم انسانه.
تجاوز قيود التراث القديم مهمة عسيرة دون شك. لكنها ليست الوحيدة التي تجابه الاصلاحيين. ثمة معضلات اخرى تزيد في عسر الطريق ، من بينها قهر العامة وقيود العرف والتقاليد السائدة. لو كانت الامر سهلا، لاخذ به جميع الناس. اختيار هذا الطريق العسير ، والصبر على اذاه هو الذي يميز الفاتحين عن افواج الناس.
 لا يحتفظ التاريخ باسماء الملايين الذين شاركوا في التحولات او استفادوا منها. بل يذكر القلة التي ابدعت تلك التحولات او تقدمت الناس اليها. عاصر ابن خلدون مئات من اهل العلم ، لكننا نذكر ابن خلدون دون غيره، لانه تصدى لحقل من حقول العلم متمايز عما انشغل به انداده. وعاصر اينشتاين مئات من الفيزيائيين والفلاسفة. ترى كم اسما من اسماء اولئك الناس يذكر اليوم حين نتحدث عن علم الفيزياء والفلسفة؟. ارسطو وابن خلدون وابن رشد وماكس فيبر واينشتاين وعلي شريعتي وامثالهم، اصبحوا علامات مضيئة في تاريخ البشرية، لانهم سلكوا درب الرواد ، فخرجوا على السائد والمعتاد ، وتحملوا في درب الريادة اشكالا من العسر والعنت من جانب حراس القبور وحراس المتاحف.
التغيير والتجديد هو طريق الغرباء ، الذي يسلكه قلة من الناس يحتملون الدروب الصعبة. اكثر الناس تجدهم في الطرق المألوفة المأهولة المعبدة التي لا غريب فيها ولا مختلف. رواد الطريق الاول هم صناع مستقبل العالم ، اما الطريق الثاني فرواده مجرد مستهلكين لما يجدونه في المخازن من بضاعة السابقين.

الاقتصادية 4 ديسمبر 2012

مقالات ذات علاقة





اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...