‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاقتصاد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاقتصاد. إظهار كافة الرسائل

02/09/2015

"مؤشر كورونا"

لعل الزميل عبد اللطيف الضويحي هو أول من استعمل تعبير "مؤشر كورونا" في مقال نشرته الاسبوع الماضي جريدة "عكاظ". وهو واحد من بضع مئات من المقالات نشرتها الصحافة المحلية حول الموضوع. لكن الضويحي خصص مقالته لمساءلة الجامعات السعودية عن جهودها في مجال البحث العلمي ، بعدما وجدها – كما قال – مشغولة برفع موقعها في التصنيفات العالمية للجامعات ، بدل انشغالها في انتاج العلم الذي يستحق العناء.

جامعة الاميرة نورة - الرياض

عبر الضويحي بوضوح عن جوهر المشكلة التي تؤرق المهتمين بتطور العلم في المملكة. ولهذا اضم صوتي الى صوته ، واتساءل معه "هل كنا بحاجة لأربع سنوات من عمر فيروس كورونا ، دون أن تتقدم جامعة سعودية واحدة لدراسة هذا الفيروس أو إجراء تجارب عليه؟" ... "هل كنا بحاجة لثلاثين سنة منذ اكتشاف سوسة النخل لأول مرة ، حتى انتشرت إلى معظم مناطق المملكة ومزارع النخيل ، دون أن تتقدم جامعة سعودية واحدة -حسب علمي- بدراسة أو علاج لهذه السوسة؟".

هذه المقالة الساخرة في جانب ، والمؤلمة في جانب آخر ، نموذج عن شعور عام بالارتياب في التكافؤ المتوقع بين الميزانيات الضخمة المخصصة للتعليم الجامعي ، وبين مخرجاته ، على الصعيد العلمي خصوصا. في منتصف 2010 اطلقت جامعة الملك سعود موجة عظيمة من التفاؤل ، يوم اعلنت عن نجاح النموذج الاول من سيارة "غزال" التي دشنت في احتفال باهظ الكلفة. لكنها ما لبثت ان تنصلت من الموضوع ، حين وصفته بانه "مشروع بحثي" ، رغم انها يوم الاعلان الاول استضافت عددا من رجال الاعمال ، وحدد مسؤولوها قيمة الاستثمار المتوفر ، وكلفة المنتج النهائي وتاريخ البدء في التصنيع ، وما اشبه ذلك من معلومات تنفي كونه مجرد "مشروع بحثي".

نعلم طبعا ان "غزال" تحولت لاحقا الى نكتة في أفواه الناس ، ومثالا على سلسلة طويلة من الاخفاقات في القطاع الاكاديمي. لكننا لم نعلم ما اذا كانت هذه وأمثالها قد خضعت للمراجعة والمحاسبة من جانب أي جهة ، سيما مجلس الشورى ، الذي يفترض أنه مسؤول عن التفريط في المال العام وآمال العامة.

المسألة على اي حال ليست "كورونا" ولا "غزال". المسألة اننا نملك – على الورق على الاقل – عددا غير قليل من المنظومات الادارية ، التي تستهلك قدرا غير قليل من المال العام ، ازاء ما يفترض انه بحث علمي او اشراف على الابحاث العلمية او توطين التقنية. المفترض ايضا ان جامعاتنا لم تعد "فتية" او "حديثة التأسيس" كما يقال عادة في سياق الاعتذار. جامعة الملك سعود ، جامعة المؤسس ، وجامعة البترول تجاوزت الاربعين من العمر الان. وتخرج منها مئات الالاف من الطلبة في شتى التخصصات. لكننا مازلنا نستنجد بشركات اجنبية حين نحتاج الى تصميم مصنع او جسر على طريق ، او بناية كبيرة او مدينة جديدة. وسمعت قريبا ان المؤسسة العامة للتعليم المهني منحت شركة بريطانية مليار ريال مقابل تصميم برنامج لتطوير المعاهد المهنية والكليات التقنية. وأعلم ان شركات اجنبية هي التي تبني المصانع ومصافي البترول.

·       ترى اين الخلل؟.

المسألة ليست فقط في قدرة الجامعات على تقديم حلول لحاجات البلد ومشكلاته. بل في موقع القطاع الاكاديمي ككل ضمن النظام الاقتصادي والثقافي للبلد. ترى هل دور الجامعات منحصر في توفير موظفين للدوائر الحكومية ام الارتقاء بالمستوى العلمي للبلد ام بحث مشكلاته وحلولها؟. اذا كنا نؤمن حقا بالطريق العلمي لفهم وحل مشكلاتنا ، فأين هو المكان الطبيعي لهذا العلم ... اليس الاكاديميا الوطنية.

بعبارة اخرى: الم يحن الوقت لوضع جردة حساب ، توضح اسباب فشل الاكاديميا الوطنية في تحقيق اغراضها. الم يحن الوقت كي نضع النقاط على الحروف فنعيد هيكلة التعليم الجامعي ، على نحو يجعله قناة واقعية لانتقال العلم وتوطين التقنية في بلدنا؟.

مقالات ذات صلة

 

الشرق الاوسط 2-9-2015

http://aawsat.com/node/443326

11/02/2014

حول الحاجة الى منظور اقتصادي جديد

 يدعو الاستاذ فهد الدغيثر إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني ("الحياة" 9 فبراير) باتجاه تطوير الموارد المتاحة واستنباط موارد جديدة وتقليل الهدر. كانت هذه الدعوة موضوعا لعشرات من البحوث والندوات خلال العقود الثلاثة الماضية. تجربة الصناعة في الجبيل وينبع دليل ملموس على صحة تلك النداءات. في 2012 بلغت إيرادات شركة سابك 189 مليار ريال. هذا نجاح زرعت بذرته في قرار اتخذ قبل ثلاثة عقود. نجاحات اليوم برهان مادي على صحة مسار التصنيع. وكان ينبغي الاستمرار فيه خلال السنوات الماضية، سواء في مجال البتروكيميا أو الصناعات الهندسية، أو الاستهلاكية.

ضرب الدغيثر مثلا بالسياحة الدينية. في 2012 بلغ عدد الحجاج والمعتمرين 12 مليونا، وقدرت عائدات الموسمين بنحو 62 مليار ريال. هذه الأرقام يمكن أن تتضاعف لو تغير المنظور الرسمي للحج والعمرة. يبدو لي أن الإدارة الرسمية تتعامل مع الحج والعمرة كعبء تتمنى لو تقلص. بينما ينبغي التفكير فيه كفرصة نسعى لزيادتها وتوسيعها. هذا يتم من خلال تمكين القطاع الخاص من تنظيم مواسم عمرة طوال العام، حيث يتضاعف عدد المعتمرين إلى 20 مليونا، وزيادة المدى الزمني المسموح لإقامتهم، فضلا عن تحويل العمرة إلى نقطة انطلاق لمناشط موازية سياحية وتجارية واستهلاكية، خارج حدود المدينتين المقدستين.

أجد أن مبالغة الحكومة في الانشغال بتنظيم موسم العمرة خصوصا، قد ضيق الفرصة أمام القطاع الخاص، وأضاف أعباء مالية لا ضرورة لها. تجربة الدول التي يقصدها السياح بالملايين مثل إسبانيا وفرنسا وبريطانيا ومصر وماليزيا، توضح أن القطاع الخاص قادر على إدارة مواسم كهذه، وأن السياحة يمكن أن توفر مداخيل جديدة وفرصا وظيفية ثابتة، بمعدلات مضاعفة لما يتوافر الآن. هذا قليل من كثير مما نستطيع فعله للارتقاء بمستوى المعيشة وتعزيز بنية اقتصادنا.

لكن ينبغي عدم الإفراط في التفاؤل. إن البنية القانونية والتقاليد السياسية في بلادنا ، لا تساعد على تحول من هذا النوع. لعل "وهم" الثراء يحجب عن أعيننا الحاجة إلى زيادة الدخل القومي، الأمر الذي يثبط عزمنا على دفع الثمن اللازم لتحسين كفاءة الاقتصاد. نتخيل بلدنا غنيا جدا. لكن ما نظنه ثراء في بلادنا لا يقارن بالدول الغنية. خذ مثلا من بريطانيا التي يصل إنفاقها على الرعاية الصحية نحو 11.4 ألف ريال للفرد، مقابل أربعة آلاف في المملكة. وخذ مثلا شركة إكسون موبيل الأمريكية التي بلغت إيراداتها في 2012 نحو 449.9 مليار دولار  (=1,689مليار ريال)، وهو ما يتجاوز إيرادات الميزانية العامة للمملكة.

نحمد الله أننا لسنا فقراء، لكن غيرنا أغنى منا كثيرا، ومنافسة هؤلاء وبلوغ ما بلغوه من ثراء وقوة، ممكن لو سرنا في الطريق الذي سلكه العقلاء قبلنا. طريق العقلاء يتضمن إصلاحات في السياسة والقانون، فضلا عن إعادة الاعتبار للمجتمع المدني. هذا ثمن لا بد من دفعه إن أردنا تحولا جذريا.

الاقتصادية 11 فبراير 2014  http://www.aleqt.com/2014/02/11/article_824575.html

13/08/2013

متى تملك بيتك؟


في مايو 2012 شهد مجلس الشورى جدلا حاميا حول مشكلة السكن في المملكة ، اثر معلومات قدمها وزير الاقتصاد، فحواها ان 61 بالمائة من السعوديين يملكون مساكنهم. استند الرقم الى تقدير لمصلحة الاحصاءات العامة. لكنه يتعارض مع ابحاث عديدة اجرتها هيئات مستقلة وتجارية، اظهرت ان النسبة الحقيقية لا تتجاوز 40 بالمائة.
والحقيقة انه لا يمكن الجزم باي من التقديرين ، فليس لدينا قاعدة معلومات موثوقة عن عدد المساكن ونسب التملك. لكن الواضح ان المسألة امست هما شاغلا لشريحة عريضة من المواطنين. وحين انظر حولي ارى ان الاغلبية الساحقة ممن اعرفهم تملكوا منازلهم بعدما جاوزوا 45 سنة من العمر. في المقابل،  كشفت دراسات حديثة في بريطانيا ان معظم الناس يملكون منزلهم الاول في سن 35.
واظهر مسح ميداني في مدينة الرياض ان تملك منزل متوسط الكلفة (850 الف ريال) يعادل سبع سنوات من الدخل السنوي لاسرة متوسطة. هذا يعني ان اقلية صغيرة سيملكون بيتهم الاول قبل تجاوز الاربعين عاما من العمر. وتظهر تقديرات متقاربة ان المملكة بحاجة الى 2,5 مليون وحدة سكنية جديدة في السنوات السبع القادمة.
السؤال الملح هو: لماذا لا نستطيع تطبيق المعالجات التي جربتها مجتمعات كثيرة قبلنا؟
قيمة المنزل في الولايات المتحدة مثلا تعادل دخل الاسرة لثلاث سنوات ونصف ، وفي دول الاتحاد الاوربي تعادل اربع سنوات ونصف ، فلماذا تزيد في المملكة عن سبع سنوات؟
احتمل ان السبب الرئيس هو مركب من انخفاض الاجور + افتقار البلاد الى قنوات تمويل بشروط تناسب الطبقة الوسطى+ تمحور جزء كبير من الاستثمارات الخاصة حول العقار.
لا اظننا قادرين على حل المسألة طالما بقي المتوسط العام للرواتب دون 200 الف ريال في السنة. ولن نستطيع حلها ما لم تفرض الحكومة على البنوك نظاما للتمويل السكني، يختلف جوهريا عن انظمة الاقراض القائمة ، ويتجه خصوصا نحو دعم الاقل دخلا وليس العكس ، او السماح – بدل ذلك - بانشاء مؤسسات متخصصة في التمويل السكني خارج النظام المصرفي الحالي.
اتفهم قلق الاقتصاديين من شبح التضخم الذي سيرافق مضاعفة الاجور. وقد شهدت ظرفا مثيلا لهذا في بريطانيا في اواخر الثمانينات. ولهذا فاني ادعو للتفكير في اعادة هيكلة شاملة للاقتصاد الوطني ، على نحو يمكن من حصر التضخم ضمن امد زمني محدد ، وانشاء شبكة حماية رسمية لتلك الشريحة العاجزة عن مجاراة التحول. وثمة تجارب رائدة في هذا المجال من بينها التجربة الصينية بعد اصلاحات 1980 الاقتصادية.
زبدة القول ان مشكلة السكن التي كانت بسيطة نوعا ما قبل 15 عاما ، اصبحت الان عسيرة. وما لم نتداركها فانها ستمسي في 2020 معضلة مستحيلة. اعلم ايضا ان المشكلات العسيرة لا يمكن حلها دون قرارات شجاعة، مهما كانت مؤلمة.
الاقتصادية 13 اغسطس 2013

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...