‏إظهار الرسائل ذات التسميات التطرف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التطرف. إظهار كافة الرسائل

29/07/2014

"داعش" قد تكون مفيدة في غزة


لا أظن ان معركة غزة ستفضي الى تحولات استراتيجية في المشهد الفلسطيني. سيكون المسار على الارجح شبيها بما جرى في 2012 وقبلها. ويبدو ان المطلب الرئيس لحماس وحلفائها هو احياء اتفاق 2012 الذي رعته القاهرة ، والذي كان اهم مكاسبه هو فتح معبر رفح.
اسرائيل – على الجانب الاخر - تريد تجريد غزة من صواريخها وتدمير الانفاق التي استخدمت لكسر الحصار. لكن ليس مرجحا ان تحصل اسرائيل على هذا المطلب ، فلا حماس ولا غيرها قادرة على ضمانه.
فتح معبر رفح لن يفيد الفلسطينين كثيرا ، سيما في ظل تردي العلاقة بين حماس والقاهرة ، وفتور الاهتمام المصري بالقضية الفلسطينية عموما ، كما كان واضحا خلال الاسابيع الثلاثة الماضية.
اظن ان على الفلسطينيين والعرب المطالبة بفتح ميناء غزة ، ليكون البوابة الرئيسية للقطاع المحاصر. نعلم ان اسرائيل كانت ترفض اي بحث في هذا الموضوع. لكني اظن ان الظروف الراهنة في المنطقة تسمح بالاصرار على هذا المطلب. واظن ان العالم العربي وحلفاءه قادرون اليوم على فرض خيار كهذا.
عنصر القوة الرئيس في الموقف الفلسطيني هو صمود المقاومة وسلاحها الذي اربك الحياة في اسرائيل طيلة ايام الحرب ، ومنع جيشها من اجتياح غزة كما تمنى قادتها. وفي جانب الحلفاء نشير الى استعداد بعض الدول الاسلامية – تركيا مثلا – لارسال سفن اغاثة عبر الميناء المحاصر. وعلى المستوى الدولي شهدنا تعاطفا مع الغزاوايين لم يسبق له مثيل في الاعوام السالفة. بالتامل في حادثة الاعتداء الاسرائيلي على سفينة مرمرة التي كانت تحاول خرق الحصار في مايو 2010 ، نستطيع القول ان اسرائيل ليست في وضع يمكنها من المغامرة بتأزيم علاقاتها مع تركيا.
ثمة ايضا عنصر جديد لا علاقة له مباشرة بالموقف الفلسطيني ، لكنه يؤثر في التصور الدولي العام ، اعني به ظهور "داعش" كرمز لتصاعد التطرف الديني- السياسي القادر على تعبئة الجمهور المسلم. رأينا حتى الان كيف أثر هذا التطور على موقف اوربا والولايات المتحدة من الازمة السورية. ونعلم ان فكرة "التعبئة الاممية" تمثل احتمالا مرعبا لهذه الدول التي اختبرت تاثيرها خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق وخلال الحرب في افغانستان. تمدد "داعش" او نظائرها الى الساحة الفلسطينية بات اليوم احتمالا وشيكا اذا ما دفع الفلسطينيون الى حافة اليأس. ولعل بعض المراقبين قد التقطوا اشارات قوية الى مثل هذه المشاعر في نداءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
زبدة القول ان الظرف الفلسطيني والظرف الاقليمي لا يسمح بتحولات سياسية جوهرية. لكنه يسمح بدفع المطالب الفلسطينية خطوة الى الامام. واظن ان الاصرار على فتح ميناء غزة تحت اشراف الامم المتحدة هو المطلب الذي ينبغي الاصرار عليه الان. واذا تحقق ، فانه سيمثل لبنة قوية في مسار "حل الدولتين" الذي تتبناه الولايات المتحدة.
الاقتصادية 29 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/29/article_871648.html
مقالات ذات علاقة
·         خيار الصفر
·         فلان المتشدد





22/07/2014

احتواء التحدي وتحييده


اعلان داعش عن دولتها وخليفتها كان الشغل الشاغل للمجتمع السعودي خلال الاسبوع المنصرم. كان هذا واضحا في احاديث المجالس والصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير منا لا يرى في داعش تهديدا وشيكا. لكن كثرة النقاش حولها تشير الى قلق عميق في نفوس الناس من تحد لا يبدو اننا متفقون على "كيفية" تحييده. والمؤكد ان هذا القلق ازداد بعد العدوان الآثم على مركز الوديعة الحدودي الذي كلف البلد خمسة شهداء من رجال الامن. هذا الحادث ذكرنا جميعا بأن داعش ليست في شمال العراق ، بل هي ، بعض منها على الاقل ، على حدودنا.
لا ينبغي تهويل الامر. فهذا العدوان الغادر ليس دليلا على تهديد وشيك من النوع الذي تمثله داعش العراقية. لكن المسألة ككل تمثل خطرا ثقافيا وسياسيا لا ينبغي التقليل من اهميته. اعلان داعش عما تسميه "خلافة اسلامية" يستهدف مباشرة التشكيك في الشرعية السياسية والقانون الجاري في دول المنطقة كلها. وقد يكون مجتمعنا ابرز المستهدفين بهذا المخطط ، نظرا لأن النموذج الثقافي- الديني السائد يحمل سمات مقاربة ويعبر عنه بلغة مماثلة. وهو قادر على التاثير خصوصا في الشرائح الاجتماعية التي تشعر بالاحباط او تتطلع الى حلول سحرية للمشكلات التي تعانيها او تتخيلها.
يتجه تهديد الخطاب الداعشي في المقام الاول الى "الاجماع الوطني" ، أي ذلك التوافق الضمني على نظام العلاقة بين ابناء الوطن والسبل المتعارفة لادارة تعارضات المصالح.
حكومتنا هي اللاعب الوحيد في الميدان السياسي والقانوني. فهي تحتكر بشكل كامل العمل السياسي ، كما تراقب بشدة  العمل المدني (الذي يفترض ان يكون اهليا). ولذا فهي تتحمل الجانب الاعظم من الاعباء الخاصة بصيانة الاجماع الوطني وتعزيزه.
هذا يعني ان على الحكومة الكثير مما ينبغي القيام به لتحصين البلد من اخطار الخطاب الداعشي. واشير هنا الى عنصر واحد اراه ضروريا وعاجلا ، الا وهو التخلي عن السياسات الخشنة التي اتبعت خلال العامين الاخيرين ، واستبدالها بسياسات ملاينة للمجتمع والقوى الاجتماعية. نستذكر هنا الخطاب الرباني للرسول عليه الصلاة والسلام "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر".
في 1993 سمعت المرحوم الملك فهد يقول ان "الحكومة اقوى من كل احد في البلد وانها قادرة على سجن من تشاء وقهر من تشاء لو ارادت ، لكن هذا لا يقيم مجتمعا متعاطفا مترابطا. التفاهم والحلول اللينة هي التي تبني الاوطان". واني اجد بلادنا بحاجة الى هذه الرؤية اليوم ، اكثر من أي وقت مضى. اني ادعو حكومتنا الى تبني استراتيجية الملاينة والتفاهم واعادة استيعاب المختلفين والمخالفين ، أيا كان رأيها فيهم ، فهذا هو السبيل اليوم لسد الثغرات التي يتسلل منها اعداؤنا لضرب السلم الاهلي وخلخلة الاجماع الوطني.
الاقتصادية 22 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/22/article_869551.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي
·         قبل ان نفقد الامل
·         تعـزيــز الامــل


25/10/1996

جدل السياسة من الشعارات الى البرامج


لاسباب شتى انضم تطبيق الشريعة الى قائمة المواد التي يتصارع حولها السياسيون في العالم العربي ، شأنها في ذلك شأن قضايا كثيرة ، بعضها مصنف كضرورة يومية ، مثل توفير الخبز والكرامة ، وبعضها اقرب الى الاحلام منه الى  الاهداف العملية ، مثل الوحدة الشاملة والنهوض الحضاري .

ويبدو لي ان الاطراف التي تتصارع حول تطبيق الشريعة ، مستفيدة كلها بصورة او باخرى من اعلان مواقفها ، بغض النظر عن مقدار ما يبذله هذا الطرف في العمل لتطبيق الشريعة ، او ما يبذله ذاك لاعاقتها ، ولذلك فلا ينبغي لنا ان نتوقع انتهاء هذا الجدل بحوار بين الطرفين ، او بجولة مساع حميدة يبذلها اهل الخير من المصلحين ، كما لا ينبغي ان نتوقع هزيمة احد الطرفين بالضربة القاضية ، فلا انتصار الذين يسعون الى تطبيق الشريعة ، سيوقف الطرف الاخر عن المعارضة ، ولا معارضة هذا الطرف سيثني الاسلاميين عن هدفهم .


 في ايران مثلا التي اقامت نظامها السياسي على هذه القاعدة ، لا يزال الجدل محتدما حول معاني التطبيق المستهدف ، وثمة بين الايرانيين ـ ومنهم علماء بارزون ـ من يشكك في اسلامية بعض التطبيقات ، ومثل ذلك ماوجدناه في السودان التي تتبنى حكومتها رسميا تطبيق الشريعة  ، والتي نالت بعض سياساتها نقدا من جانب قادة حركات اسلامية وعلماء في الشريعة  .

 وعلى الجانب الثاني وجدنا  الاقطار التي شنت حكوماتها حربا على الاسلاميين ، قد ابتليت اكثر من غيرها بالفتن ، وتحول الجدل اللفظي الى حوار بالرصاص ، فلا انتصار الاسلاميين هناك اخرج منافسيهم من الحلبة ، ولا قمعهم هنا عاد على هؤلاء بالاستقرار  والسلامة ، واستحضر هنا اشارة الامام علي بن ابي طالب الى هذا المعنى ، حين اقترح بعض اصحابه تصفية الخوارج الذين تمردوا عليه في معركة صفين ، فوبخه الامام قائلا (انهم ـ الخوارج ـ  لا يفنون ، انهم لفي اصلاب الرجال وارحام الامهات الى يوم القيامة) (ابن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة 3/128) وقد اظهرت تجارب البشرية على امتداد تاريخها الطويل ، ان الصراع ـ ولاسيما صراع الافكار ـ لا يتوقف ، بل يستبدل العناوين بحسب اختلاف المراحل ، واختلاف توجهات الناس في ميدانه .

الهروب من التفصيل

يتضح من مجريات الجدل حول تطبيق الشريعة ان اطرافه يدورون ـ غالبا ـ حول العناوين العامة والكليات ، ومن المهم ـ لتصحيح مسار الجدل ـ  نقل الجدل حول الموضوع المطروح للنقاش الى تفاصيله ،  فالذين يدعون الى تطبيق الشريعة مطالبون ببيان مواقفهم التفصيلية ، كاطراف سياسية ، من كل قضية راهنة ، وعرض البدائل التي يقترحونها ، كما ينبغي للذين يعارضون هذا الطرح عرض الادلة على اضراره وفائدة الطروحات التي يقترحونها .

وتظهر اهمية الخروج من مقام الكليات الى مقام التفصيل ، في علاقة الجمهور بكل من طرفي الصراع ، فالاقتصار على العناوين العامة يستثير حماسة الشارع مع هذا الطرف او ذاك ، لكنه ـ الى جانب الحماسة ـ يغتال الوعي او يحجّمه على الاقل ، ويحول الاستقطاب من محور الافكار والبرامج الى محور الشخص والجماعة ، وفي احيان قليلة الى الشعار الغامض المعاني والانعكاسات ، وهو بهذه الممارسة يعزز اسلوبا من الاحتيال السياسي ، اشتهر في العالم العربي وادى الى سرقة طموحات الناس ، او تزييف اهتماماتهم ، بابعادها عن حقوقهم العاجلة الى امانيهم القابلة للتاجيل ، ولازلنا نتذكر ان شعارات مثل (كل شيء من اجل المعركة) و ( ... من المحيط الهادر الى الخليج الثائر) قد ساعدت في تطبيع ـ ومن ثم تشريع ـ سيطرة العساكر على الحياة السياسية في العالم العربي كله ، كما ان شعار (حماية البوابة الشرقية للوطن العربي ) كان تمهيدا لقرار تدمير العراق والكويت معا ، قرار التدمير الذي جرف في طريقه ايضا الكثير من الثوابت والمفاهيم والمشاعر ، التي طالما كانت رهانا للعرب ورأسمال يعتدون به ، وقد جرى في كل الاحوال الغاء الشعب وحقوقه ودوره ، تحت مبررات مماثلة ، او تحت شعار اولوية الامن والاستقرار  .

ولهذه الاسباب وغيرها فان يصعب بناء علاقة تفاعل ايجابي بين الجمهور والنخبة السياسية ، احزابا او شخصيات ، اذا كانت دعوة هذه النخبة ستقتصر على الشعارات العامة في عملها السياسي .
 اذا كان الحزب الفلاني يريد اقامة الديمقراطية من اجل الناس وليس من اجل نفسه ، واذا كان الحزب العلاني يريد تطبيق الشريعة من اجل الدين وليس التسلط ، فانه ينبغي لكل منهما ان يخبر الناس بالتفصيل عن السياسات التي يسعى لتحقيقها ، وعن الحلول التي يريد يريد تطبيقها ، واذا كان غيرهم  يعارض تطبيق الشريعة لسبب ما ، او يرى في الديمقراطية والشورى عبئا على اقتصاد البلاد او خطرا على استقرارها ، فليعرض بدائله ، وليعلن عن تفاصيل برنامجه ومعالجاته المقترحة للمشاكل التي يدعي القدرة على حلها ، وليبين تميزها عن تلك التي يعارضها  ، بدلا من فرض صورته الشخصية او اشغال الناس بالعناوين العامة والشعارات .
الراي العام 25 اكتوبر1996

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...