‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوحدة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوحدة. إظهار كافة الرسائل

04/02/2015

جيراننا الدواعش

نحن بحاجة الى واقعية سياسية في التعامل مع تحولات المشهد السياسي في اليمن. سواء أحببنا تيار الرئيس السابق على صالح او كرهناه ، وسواء وثقنا في التيار الحوثي او ارتبنا في نواياه ، وسواء كنا مع انفصال الجنوب او كنا ضده ، فان واقع الحال يشهد ان هذه المحاور الثلاثة هي المحرك الرئيس لتحولات السياسة في اليمن اليوم.

عبد الله بن حسين الاحمر

هذه ليست دعوة للتعاطف مع اي من هذه المحاور ، بل للتعامل معها بناء على ثقلها الفعلي في ميزان القوى السياسي.  لا يفيدنا كثيرا حصر خياراتنا في سلة الحكومة ، فهي عاجزة عن حماية قادتها فضلا عن ادارة البلاد.

الواضح ان معظم الدول ذات العلاقة باليمن تأبى التعامل مع الرئيس السابق علي صالح الذي أطاحت به الثورة. لكن هذا لا يقلل من حقيقة انه لازال أوسع نفوذا من الحكومة التي جاءت بها الثورة. هذا النفوذ واضح في تحالفات قبلية وفي انحياز القوات المسلحة الى جانبه. تلك الدول لا تريد ايضا التعامل مع العدو اللدود لعلي صالح ، اي "التجمع اليمني للاصلاح" بحجة انه امتداد للاخوان المسلمين. 

هذا لا يغير شيئا من حقيقة ان الحزب كان في عهد زعيمه المرحوم عبد الله بن حسين الاحمر ، واجهة سياسية لاكبر تحالف قبلي ، مع انه خرج من الثورة كسيرا مشتت القوى.  وبنفس القدر فانها لا تود التعامل مع الحوثيين رغم انهم يسيطرون فعليا على معظم مصادر القوة في البلاد. كما لا يريد احد التعامل مع الحراك الجنوبي تلافية لتهمة التعاطف مع دعوات الانفصال. هذا لا يغير من حقيقة ان المجموعات الشريكة في هذا الحراك تسيطر فعليا على معظم محافظات الجنوب.

ترى هل يمكن ادارة الازمة اليمنية دون التعامل مع الاطراف الاكثر تاثيرا فيها؟.

رغم الكلام المكرر عن الخلفية الاخوانية لتجمع الاصلاح ، او التعاطف الايراني مع الحوثيين ، او تلاعب علي صالح او ماركسية الحراك الجنوبي ، فثمة حقائق مادية على الأرض تفرز مفاعيلها ولا تتوقف عند رغباتنا او مواقفنا ، الا اذا فتحنا خطوط حوار نشط معها.

لا ادري ان كانت الازمة السياسية في اليمن تتجه الى الانفجار او ان أطرافها سينجحون في التوافق على مخرج آمن. أيا كان الحال ، فالمؤكد ان تفاقم الازمة سوف يمهد الطريق لظهور نسخة جديدة من "داعش"  على حدودنا ، قد تكون اكثر خطورة من "داعش" العراقية. 

لا أحد يريد مجاورة وحش كهذا. هذا الاحتمال الخطر يستدعي مبادرة جدية من جانب دول المنطقة سيما دول الخليج ، مبادرة براغماتية ، تتعامل مع الواقع كما هو ، ومع أطرافه بما فيهم من عيوب أو محاسن ، مبادرة غرضها الاول تشكيل حكومة انقاذ وطني تمسك بزمام الامور ، وتقود حوارا سياسيا يستهدف تفكيك الازمة والحيلولة دون انهيارات تجعل البيئة الاجتماعية مهيئة لتكرار التجربة العراقية.

الشرق الاوسط 4 فبراير 2015
http://aawsat.com/node/281371

13/04/2011

الوطن شراكة في المغانم والمغارم



 الرياض  - 9 / 1 / 2011م 
تحدث الدكتور توفيق السيف، في منتدى د. راشد المبارك بالرياض هذا الاسبوع، حول مفهوم الوطن، المواطن، المواطنة، الوطنية، فأشار إلى أنها تعبيرات شائعة يختلط في معناها الوصف بالقيمة. لكنها جميعا تنطوي على إشكاليات أساسية، مصدرها كما تطورها خارج الإطار المعرفي العربي، وتطبيقها على نحو متغاير مع حاجات الناس في العصر الجديد.
وأضاف ان مفهوم المواطنة المتداول الآن يشير إلى منظومة من الحقوق الدستورية يتمتع بها الفرد مقابل ولائه لوطنه. وتعتبر الثورتان الفرنسية «1789» والامريكية «1775» محطات حاسمة في تطور المفهوم، الذي قصد من صياغته تمييز المواطن ذي الحقوق عن المفهوم السابق الذي يعتبر الخاضعين لسلطة الامبراطور رعايا أو أتباعا يتوجب عليهم طاعته دون مناقشة. عرف ارسطو المواطن بأنه «الرجل المؤهل لتولي المناصب العامة»، وهذا مفهوم أساسي في الفكر الدستوري المعاصر فهو ينطوي على جانب كبير من فكرة المسؤوليات المتبادلة بين الدولة والأفراد .

المرحوم د. راشد المبارك

والوطن بالمفهوم السابق ليس عميق الجذور في الثقافة العربية. فقد انتقل إليها من الإطار المعرفي الأوربي، ولم يتحول إلى جزء نشط ومتطور في النسيج الثقافي العربي. والسبب يرجع إلى ضآلة الإنتاج الفكري الجديد في اللغة العربية خلال القرن العشرين، وهذا الفقر اظهر ما يكون في حقول الفلسفة السياسية وعلم الاجتماع والقانون، وهي الحقول العلمية التي عولجت في إطارها فكرة الوطن والدولة في صورتهما الحديثة.
وأشار إلى مفهوم الوطن الرومانسي والوطن المادي، فأضاف إن الإذاعة والتلفزيون والصحافة والمدارس يتحدثون عن الوطن الذي نحبه ونفديه ونعظمه ونفخر به أما الوطن المادي الواقعي فهو الذي تقابله حين تخرج صباحا الى المدرسة او العمل، تسمع عن مشكلة. وتقابله حين تريد التعبير عن رأيك أو تختار مكانتك ودورك وحصتك في الفرص وفي كلف المواطنة، وفي القانون الذي تخضع لمتطلباته، وفي العلاقة مع الذين ينفذون هذا القانون.
بعبارة أخرى فان الوطن الرومانسي هو الوطن الذي نحمله ونحميه ونفديه، أما الوطن المادي فهو الوطن الذي يحملنا ويحمينا ويفدينا. هذا الوطن ليس مجرد ارض حتى لو كانت مقدسة، بل هو شرفي المغانم والمغارم ونظام للتكافل الجمعي يتساوى فيه صغير القوم مع كبيرهم، قريبهم وبعيدهم.
مقابل هذا المفهوم، يتكون مفهوم الوطن في الفكر الحديث من ثلاثة عناصر: الأرض «السيادة على إقليم محدد» وعقد اجتماعي ينشيء نظاما سياسيا ذا ملامح محددة، ومشاركة نشطة من جانب كل مواطن في تقرير أو تسيير امور البلاد.

الفوارق بين المفهومين

ثمة عناصر أساسية يتفارق عندها مفهوم الوطن الجديد عن المفاهيم الثلاثة السابقة:
1.      مفهوم الجماعة ويركز على عنصر الإيمان باعتباره أرضية العلاقة بين أعضاء الجماعة، ويتضمن هذا المبدأ منظومة حقوق وتكاليف متقابلة، من بينها الضمان القانوني للحريات الطبيعية والمدنية وتساوي الفرص والمشاركة في الشأن العام.
2.      مفهوم الأمة يقارب إلى حد كبير مفهوم "الاثنية" أي الرابطة القائمة على مشتركات ثقافية أو عرقية، وهو لا يعد في العلوم السياسية الحديثة أساسا لعلاقات دستورية أو سياسية.
3.      مفهوم "الوطن" في التراث الإسلامي وينطبق على القرية أو مسقط راس الإنسان.

ظهور وتطور مفهوم الوطن المعاصر

 مفهوم الوطن الجديد يتألف من ثلاثة عناصر أساسية: ارض وعقد ومشاركة نشطة. تبلور هذا المفهوم وتطور خلال ثلاث مراحل، إلا انه لم يتطور في بلادنا.
ومن ثم طرح الدكتور توفيق السيف سؤالا جوهريا ومهما، قائلا لماذا لم يتطور هذا المفهوم في بلادنا؟
واجاب قائلا ان فكرة الوطن تؤسس لمبدأ المواطنة والمتوفر منها بشكل صريح وواضح هو الأول فقط. أما الثاني والثالث ففيهما نقاش وقد يقال أنهما - بنسبة ما - متوفران لشريحة من المواطنين..
و نستطيع القول دون مجازفة بان فكرة الوطن لازالت محل جدل، وان مبدأ المواطنة لازال غير مستقر ثقافيا ودستوريا. ثم عرض ثلاثة أسباب محتملة لهذا الحال، لا تشكل تفسيرا كاملا، لكنها تشير إلى طبيعة المشكلة التي نحن بصددها:
الاول - ثقافتنا الموروثة تدور حول محور "التكليف" او الواجب وليس "الحق". حين نربي أولادنا فإننا - في العادة - لا نعلمهم حقوقهم وواجباتهم، بل الأخير فقط، ونعتبر الولد الفاضل والمهذب هو الذي يلتزم بالتكاليف التي عليه. كذلك الأمر في المدارس والإعلام والمنابر الدينية. نحن نتحدث كثيرا عما يجب علينا وما لا يجب، لكننا لا نتكلم إلا نادرا عن حقوقنا وحقوق الآخرين. هذا سائد في اللغة والأدب والتعليم والإعلام والتربية
الثاني- قبل ثمانية عقود تأسست المملكة كمجتمع سياسي جديد اندمجت فيها مجتمعات تنتمي إلى خلفيات اقتصادية وتاريخية متنوعة، وفي بعض الحالات متباينة. يتحدث علماء السياسة عن مرحلة وسيطة بين قيام الدولة واكتمالها، يجري خلالها بناء الدولة «اي النظام السياسي» وبناء الأمة أي «المجتمع السياسي». عملية بناء الأمة تستهدف تسكين الهويات السابقة للدولة في إطار يتفق عليه الجميع هو الهوية الوطنية الجامعة التي تقر الهويات الأصلية لكن تنزلها من الإطار السياسي إلى الاجتماعي - الثقافي. تتطلب هذه العملية إستراتيجية إدماج واسعة لربط اقتصاديات المناطق وتوحيد القوانين المطبقة فيها وكشفها ثقافيا واجتماعيا. من العناصر الرئيسية في إستراتيجية الاندماج نذكر في الجانب الاقتصادي مثلا التنمية المتوازنة جغرافيا وتوزيع المنافع وتساوي الفرص، وفي الجانب السياسي نذكر التمثيل المنصف في الإدارة العامة، وفي الجانب الاجتماعي والثقافي تشجيع التعبير عن التراث الثقافي والفني الخاص بكل منطقة وعرضه في بقية المناطق
إلا أن عملية بناء الدولة تركز على المؤسسات القانونية التي تنظم العلاقة بين المجتمع والحكومة، وأبرزها الدستور او القانون الأساسي والمؤسسات التي يشارك من خلالها المواطنون في القرار المتعلق بمصالحهم، وكذلك القنوات التي يعبرون من خلالها عن رأيهم وتطلعاتهم. وفي كلا المجالين فإننا نعاني فقرا شديدا.
من الواضح ان إستراتيجية شاملة ومقصودة لبناء الدولة وبناء الأمة لم تطرح أبدا.
الثالث-  الاتجاه الديني ينطوي على ارتياب في الفكرة دفع الحكومة والنخبة الى الإغماض عنها.
واضاف الدكتور السيف قائلا انه لا شك لدي بالقدر الذي اطلعت عليه من كتابات علماء الدين السعوديين فان فكرة الوطن ومبدأ المواطنة لم تكن ضمن انشغالاتهم الفكرية في أي وقت من الأوقات. وجميع ما كتبوه - مما اطلعت عليه - يدور تقريبا حول محورين: القلق من تقديم الرابطة الوطنية على الرابطة الدينية والقلق من اتخاذ الاحتفاء الرمزي بالوطن صفة العيد.
على أي حال فان الارتياب في مبدأ المواطنة كأساس للرابطة الوطنية واضح في الأدبيات المعبرة عن التيار الديني التقليدي، وصدرت فتاوى تحرم الاحتقال باليوم الوطني وتكريم الرموز والممارسات الرمزية الخاصة مثل تحية العلم والنشيد الوطني وأمثالها.

استراتيجية التصحيح

ثم تطرق الدكتور توفيق الى استراتيجية تصحيح لهذا الوضع، تتلخص في النقاط التالية:
1.      عمل فكري يرسم مفهوم "الوطن" وطبيعة العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين أعضاء المجتمع السياسي «المواطنين»، والقيم المعيارية التي نرجع إليها كناظم ومفسر عند الاختلاف. اقترح مفهوم "شراكة التراب" كقاعدة فلسفية لفكرة الوطن التي نريد تصميمها.
2.      عمل قانوني - سياسي يتمثل في إنشاء المؤسسات التي تستوعب وتنظم تطبيق البند السابق، إضافة إلى تنظيم المشاركة الشعبية في القرار والشأن العام.
3.      عمل إعلامي وتربوي - تعليمي يستهدف إيصال المفهوم الجديد إلى المواطن كما يسعى لإقناع المواطنين بالمشاركة الفاعلة في إستراتيجية التصحيح.
4.      إستراتيجية للإنماء الاقتصادي يستهدف ربط مناطق الأطراف بالدورة الاقتصادية الوطنية، ويعزز جاذبيتها للاستثمار، ويسهم في إنهاء وضعها الحالي الطارد للقوى العاملة المؤهلة.
5.      الانفتاح الإعلامي والثقافي وتمكين جميع المواطنين من التعبير عن أنفسهم وثقافاتهم الخاصة وآرائهم في إطار الجدل السلمي الحر والمحمي بالقانون. وهذا يتطلب التعجيل في إصدار نظام الجمعيات التطوعية وجعله مرنا واسع الاستيعاب، وتغيير فلسفة الرقابة على النشر.
هذه العناصر الخمسة تمثل محاور لإستراتيجية واسعة يمكن أن نطلق عليها إستراتيجية الاندماج الوطني أو إعادة بناء الهوية الوطنية أو إعادة صناعة الإجماع الوطني. ويمكن أن تطلق كبرنامج من مرحلتين، خمس سنوات لكل منهما، تبدأ برسم الصورة التي نريد الوصول إليها في نهاية المدة، وتفاصيل الخطوات التي يجب القيام بها لقطع المسافة والبرنامج الزمني والمتطلبات المادية والعملية.
كان ذلك أخر فقرات ندوة الدكتور توفيق السيف التي عقدت في الاحد2/1/2011م في ديوانية الدكتور راشد المبارك بالرياض والتي تعتبر من ابرز الديوانيات على مستوى المملكة، وحضرها جمع كبير من المهتمين ومن الأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعات، مما أثرى النقاش الذي تلي الندوة، فكانت هناك مداخلات واستفسارات كثيرة حول الموضوع، وأثنى غالبية المشاركين على المحاضر والمحاضرة القيمة، والتي استمرت أكثر من ساعتين ونصف، وأدارها الدكتور يحيى ابو الخير.

مقالات ذات علاقة 

01/03/2010

طريق اليمن وطريق سريلانكا



الخميس الماضي (25-2-2010) كنت استمع لرسالة علي سالم البيض النائب السابق للرئيس اليمني بينما تتراءى لي صورة برافاكاران ، زعيم نمور التاميل الذي قتل قبل ذلك بيومين مع عشرات من رجاله . تحدث البيض من مدينة جنوب النمسا ، بينما تمدد جسد برافاكاران في لباسه العسكري قرب كوخ في جفنا شمال سريلانكا
تخلى البيض عن مقعد رئاسة الجمهورية كي يشارك في توحيد ما كان يعرف باليمن الجنوبي وشقيقه الشمالي في العام 1990. وحدة بلد مفكك حققت حلما لجميع العرب. لكن سرعان ما انفرط العقد . عجز الشركاء عن مواصلة الحديث حول نقاط الاختلاف انتهى الى حرب صغيرة ثم خروج قادة الجنوب جميعا من المعادلة.
في العام 2000 اصدر الاستاذ رياض الريس كتابا بعنوان "قضايا خاسرة" ، عرض فيه عددا من القضايا المثيرة للاسى في عالمنا الاسلامي وحوله . القاسم المشترك بين تلك القضايا جميعا هو كون اقلية ما طرفا فيها .  قد نعرف الاقلية من خلال وصفها المادي ، اي كونها اقل عددا ، وقد نعرفها من خلال وصفها السياسي. ثمة اكثريات تعامل كاقلية ، وثمة اقليات لا تشعر بذلك على الاطلاق .
حين قرأت كتاب الريس ، تذكرت انطباعاتي عن زيارتي الاخيرة لصنعاء عاصمة الوحدة في 1992 . وجدت الناس فرحين بالوحدة فرحة البسطاء حين يحققون حلما . لكن مشاعر النخبة كانت تنضح بالقلق وربما الارتياب. في مجلس الشيخ عبد الله الاحمر الزعيم القبلي والسياسي البارز ، وجدت رجل دين يتحدث عن الوحدة باعتبارها انتصارا على الشيوعيين الحاكمين في الجنوب . رد عليه صحافي شاب بان الوحدة لم تكن معركة بين الشيوعية والاسلام ، ولا بين الجنوب والشمال ، بل عقدا جمع شمل طائفتين من شعب واحد فرقته الاقدار والسياسة . ظننت لوهلة ان الحاضرين سوف يميلون جميعا مع الصحافي الشاب ، لكن الجميع بقي صامتا قبل ان يذهب الحديث في اتجاه اخر بعيد . صدمني اعراض الحاضرين عن مناقشة الموضوع ، سيما في تلك الفترة المبكرة ، حين كان خبز الوحدة لا يزال ساخنا
مساء اليوم التالي التقيت بالمرحوم جار الله عمر ، وهو سياسي مفكر ومناضل قديم ، ينتمي اجتماعيا الى الشمال وسياسيا الى الجنوب. وسألته عن انطباعه الشخصي عن مسار التوحيد ، فوجدته هو الاخر قلقا . قال ان قادة في صنعاء ينظرون الى الشراكة مع الجنوب كعبء لا كفرصة. اراد الجنوبيون شراكة كاملة في القرار السياسي المتعلق باليمن شماله وجنوبه ، بينما فكر قادة الشمال في نظام رئاسي تتمركز فيه السلطة والقرار عند شخص واحد يختار مساعديه من بين معارفه ورجاله الموثوقين. وزاد الطين بلة موقف التيار الديني الذي وجد في الوحدة فرصة لتصفية التيار الماركسي الذي كان حاكما في الجنوب ثلاثة عقود ، فوجهوا جانبا من جهدهم لاضعاف زعماء الجنوب والتشكيك في نواياهم او كفاءتهم ، وتخريب العلاقة بينهم وبين شركائهم في حكومة صنعاء.
بعد عقد ونصف من الوحدة اجد الهوة تتسع بين اهل الجنوب واشقائهم في الشمال ، ويتزايد شعور الجنوبيين بانهم اصبحوا فعلا اقلية في بلد اختاروا المشاركة في صناعته وترسيخ وحدته. ليس اقلية بالمعنى المادي – رغم انه يصدق بشكل او باخر - ، بل اقلية بالمعنى الاعتباري والسياسي ، اي محرومين من حقهم الطبيعي والقانوني في المشاركة المتساوية في القرار ومصادر القوة.
الرسالة التي وجهها علي سالم البيض من منفاه في جنوب النمسا لا تشبه تماما الرسالة التي نقرأها في جسد برافاكاران الممدد في شمال سريلانكا ، رغم ان كلا الرسالتين مليئة بذات القدر من الاسى والحسرة . طبقا للمعطيات السياسية القائمة فان اليمن لا يسير في طريق سريلانكا . لكن الازمنة خداعة ، فهي حبلى بما لا يرى ولا يتوقع .
هل ينتظر اليمنيون شركة مقاولات تمهد طريقا يشبه طريق سريلانكا ، ام يعيدون النظر في مفهوم الانتصار الذي افتخروا بانجازه. تحتاج الوحدة السياسية الى كثير من العمل كي تصبح وحدة ثقافية وشعورية . استعراض القوة العسكرية يوحي بالغلبة اكثر مما يوحي بالمحبة. البيت السعيد يحتاج الى عقد يوحد الارواح وليس الى اعلان بالانتصار في حرب حقيقية او متوهمة.
1 مارس 2010

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...