‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرقابة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرقابة. إظهار كافة الرسائل

19/01/2009

حان الوقت كي يتوقف الحجب الاعتباطي لمصادر المعلومات


 اود الاشادة باهتمام الجمعية الوطنية لحقوق الانسان برفع الحجب المفروض على مواقع انترنت تابعة لمنظمات حقوقية دولية . طبقا لما نشرته الصحافة المحلية فقد قالت الجمعية في خطاب لهيئة الاتصالات ان حجب هذه المواقع يتعارض مع حق المواطن في الاطلاع على المعلومات والارتقاء بثقافته الحقوقية .
اعلم ان معظم المثقفين واهل الراي في بلدنا منزعجون من سياسة الحجب التي تتم بمبررات غير معروفة اذا لم نقل اعتباطية ، ومن غياب اي آلية واضحة لمحاسبة الهيئة التي تقوم بالحجب. جربت شخصيا مخاطبة الهيئة طالبا رفع الحجب عن مواقع محددة او تقديم مبررات لقرارها ، لكني لم اتلق ردا رغم تكرار المحاولة مرات كثيرة . وطرحت المسألة على آخرين فابلغوني بانهم فعلوا الشيء نفسه ولم يتلقوا اي رد. والخلاصة ان الهيئة تفعل ما تريد ولا تجد نفسها مسؤولة او مطالبة بتقديم تبرير او كشف حساب .

هيئة الاتصالات هي واحدة من احدث الاجهزة الرسمية ، ومسؤولة عن احدث القطاعات الاقتصادية واكثرها تعرضا للتحولات ، وهو قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. لكن خلافا لما نعرفه على المستوى النظري فان انشغالها بقطاع حديث لم يؤد الى تحديث في روحية القائمين عليها او اساليب عملهم . بل نجدها تحمل ذات الروح البيروقراطية التقليدية التي نعرفها في قطاعات الاقتصاد القديم ، اي تلك التي تعطي نفسها سلطة مطلقة وتعفي نفسها من اي حساب  او مساءلة.
كلما سئل احد اعضاء الهيئة عن سبب الافراط في حجب المواقع الالكترونية ، اخرج من جيبه الاسطوانة المعروفة ، اي التبرير الذي يتلخص في هوس الشباب بالمواقع الاباحية ، وكأن الشباب لا يعرفون من الانترنت الا هذه ،  او كأن الانترنت لا تحوي شيئا غيرا هذا ، او كأنه لا يستعمل الانترنت سوى الشباب المهووس بالاباحية .
 وسمعت هذا التبرير اخر مرة في مقابلة على قناة الاخبارية في الاسبوع الماضي . لكن المواقع المحجوبة لا تقتصر على تلك التي تعرض مواد اباحية او المواقع التي تشجع العنف والفساد والجريمة . ثمة مواقع لمجلات محترمة ومراكز ابحاث ونشرات خبرية محجوبة ايضا . واظن ان كثيرا من قرارات الحجب تتم بقرارات مزاجية وتتاثر بتوجهات او ميول الاشخاص الذين شاءت الاقدار ان يكونوا في هذا الموقع.
لدى السادة في هيئة الاتصالات ردا واحدا على كل سؤال ، هو انكار الحجب الاعتباطي. وهم يعتبرون انكارهم ذاك نهاية المطاف . لكننا نناشدهم ونناشد مرجعهم الرسمي اعتماد معايير العدالة والانصاف والتاكيد على روح المسؤولية . معايير العدالة تعني ان الحجب يجب ان يكون الورقة الاخيرة . والواجب ان يبدأ الامر بمخاطبة اصحاب المواقع وانذارهم بازالة الصفحات التي يراد حجبها ، قبل اتخاذ القرار الاخير. ثمة مواقع حجبت لانها نشرت خبرا او مقالة او صورة غير مرغوبة. فلنفترض ان ذلك الخبر او المقال او الصورة ازعجت القائمين على الهيئة ، فهل يعتبر رايهم او انطباعهم مقياسا لما هو حق وما هو باطل و ما هو صحيح وما هو فاسد ؟.
اجد احيانا ان موقعا قد حجب بعد نشره مادة معينة ، بينما تركت مواقع اخرى نشرت المادة نفسها. فهل يتقرر الحجب بناء على صدفة اسمها اكتشاف الرقيب لتلك دون هذه ، ام لان الهيئة تلقت طلبات من الناس لحجب هذا الموقع دون غيره ؟. واذا كانت الهيئة تستمع لطلبات الحجب من الناس ، افليس من العدل ان تستمع ايضا للطلبات المعاكسة ، اي تلك التي تدعو الى رفع الحجب ؟.
نعرف ايضا ان كل موقع انترنت يحتوي على عشرات الصفحات ، فاذا كانت الهيئة غاضبة من صفحة معينة فلماذا تحجب الموقع باكمله ؟ هذا يشبه تماما ان تمنع كتابا  لان احدى صفحاته احتوت على كلام غير مريح او تمنع مجلة لان صفحة فيها احتوت على صورة مزعجة ، بل هو اشبه بان تحكم بهدم منزل لان غرفة من غرفه حدث فيها تشقق او عطب .
لا نريد القول ان الناس قد ملت وسئمت كثرة الممنوعات والمحضورات – وان كان هذا هو الواقع - . لكننا نناشد من يملكون قرار التوسيع والتضييق الرفق بالناس والتوسيع عليهم فان الامعان في التضييق يدفع الى الياس ويحبط الثقة ويشجع على البحث عن طرق ملتوية او غير قانونية ، وربما يقود الى تفكير بعيد عن العقلانية.
اتمنى ان تواصل الجمعية الوطنية لحقوق الانسان محاولاتها وان تستهدف بالتحديد وضع قانون معلن يحدد مبررات الحجب وحقوق اصحاب المواقع المحجوبة وكيفية رفعه وتحديد الجهة المفوضة بمحاسبة القائمين على هذا العمل ، كي لا تكون مصالح عشرين مليونا من السعوديين واهتماماتهم ورغباتهم مرهونة براي شخص او بضعة اشخاص في هيئة الاتصالات.
عكاظ 19 يناير 2009

 

مقالات مماثلة


10/04/1999

الحل الحاسم للمسألة التلفزيونية



وجدت عددا من كتاب الصحافة المحلية ـ ومنهم كتاب في عكاظ ـ مهتما الاسبوع الماضي بالغزو الثقافي الذي يأتينا عبر برامج التلفزيون ، والالحاد والفساد الذي تمطره القنوات الفضائية ، ببرامجها التي تسيل ـ عادة ـ الكثير من الحبر والدهشة ، ويقول السادة الكتاب اننا نواجه فتنة عظيمة ، بل بلاء مبرما ، ولعل بعضهم وجد مناسبة بين ما يقال عن العولمة التي وصفها استاذنا السريحي بالامركة ، وبين مضمون البرامج التي تعرضها قنوات التلفزيون العربية والاجنبية ، التي سهل التقاطها مع انتشار وسائل الاستقبال المتقدمة.
وظننت لبعض الوقت ان هذه التحذيرات تمثل أساسا قويا للبحث في الطرق العلمية المناسبة لدفع البلاء ، فقلت في نفسي ان الحل الافضل هو إصدار أمر يمنع استقبال برامج التلفزيون ، او ربما التشويش عليها كي تصبح عسيرة الفهم ، او ربما منع استيراد اجهزة التلفزيون كليا كي نغلق باب الفتنة ، تأسيسا على القاعدة التي يجسدها المثل الشعبي السائر (الباب الذي ياتي بالريح .. أسدّه وأستريح) ، وهي قاعدة يأخذ بها عقلاء قومنا ، ولا يستنكرها أحد .

ولا يظنن أحد ان هذا الاقتراحات بدع من جيبي ، فقد سبق لكثير من الناس ان قالها ، وقام بعض أخوتنا في بلادهم بالغاء التلفزيون كليا ومصادرة ما يملكه الناس من أجهزة ، بعد ان منعوا استيراد جديدها بطبيعة الحال ، لكني بعد ان فكرت في هذا الحلول ، وجدت تطبيقها عسيرا بعض الشيء ، فلو أمر أحدهم بمنع مشاهدة التلفزيون ، فربما التزم رب العائلة وعقلاؤها بالامر ، لكن من يلزم الاطفال والجهال ، فلعلهم ينتظرون فرصة خروج العاقل للدراسة او العمل فيطالعون ما يبغون سرا ، فقلت لنفسي ان التشويش هو الحل الاحسن ، وهو حل مجرب في بعض الاحيان ، لكن المشكلة ان هناك من يرغب في مطالعة التلفزيون ولا يخشى عليه ، وهو يستطيع ـ عادة ـ تبرير استمتاعه بهذه الفرصة .

ثم ان كتاب الصحف سوف يعارضون التشويش ، لانه يحرمهم فرصة الاستمتاع بالمشاهدة ثم الكتابة عن سيئاتها ، أي الجمع بين المرغوبين ، وهكذا تفوت الفرصة أيضا على الصحيفة لنشر موضوع جذاب ، فقلت لنفسي ان التشويش ليس حلا طيبا ، فلا يوجد اذن حل افضل من الحل الجذري أي الغاء التلفزيون ، ومصادرة اجهزته ومنع استيراده ، بعد استثناء الموثوقين ، فهو يغلق الباب كليا فيسد ذريعة للفساد ، لكني وجدت ـ بعد التفكير العميق طبعا ـ  ان هذا أسوأ الحلول ، لأنه يحرم المساكين الذين يتحملون مشقة استيراد الاجهزة و بيعها ، من ثمرات كدهم ، ويحرم البائعين من فرصة للربح ، ولهذا فهو قد يفتح ابوابا أخرى للفساد .

وقد حيرني التلفزيون ، وحيرني البحث عن وسيلة لاستئصال شروره ، حتى لقد فكرت مرة في ان الحل الامثل هو اقناع شركة الكهرباء بقطع التيار حين يبث برنامج فاسد ، لكني تذكرت ان شركة الكهرباء تعاني خسائر منذ تأسيسها ، فهل نزيد خسائرها بقطع التيار ؟ .

وأخيرا توصلت إلى الحل الامثل ، الا وهو اقناع شركات التلفزيون بكتابة سطر تحذير ، من هذا النوع الذي تضعه مصانع السجائر على علبها ، يقول مثلا (برامج الفضائيات مضرة بالصحة .. ننصحك بعدم مشاهدتها) ولدي الان حجة قوية على جدوى هذا النوع من الحلول ، لأن الذين توصلوا إلى هذا الحل في المسألة الدخانية ، فكروا كثيرا ، ربما أكثر مما فكرت ، فاهتدوا أخيرا إلى هذا الحل السطري (نسبة إلى سطر التحذير) فيستطيع الانسان ان يطالع البرنامج الممتع ، ويقرأ سطر التحذير في الوقت نفسه ، مثلما يدخن ويقرأ السطر الدخاني في ذات الوقت ، وهكذا ينحل الاشكال العويص.

فلما وصلت إلى هذا الحل الحاسم ، قلت في نفسي ان هذا برهان واضح على مغالاة الكتاب الذين يتحدثون في المشاكل ، فما دام الحل الحاسم لمشكلة الفضائيات قد توفر بهذه السهولة ، فلماذا لا نفكر في حل مشاكلنا الكبرى بنفس الطريقة ؟.

لكني تذكرت لاحقا ان المشكلات هي عمل يدفعون عليه مالا ، ويحصل الانسان من ورائه على التقدير ، فاذا حللنا جميع المشاكل فماذا نعمل ، وكيف نعرض انفسنا ، فقررت السكوت عن هذا الامر ، لكي يكون في وسعنا الحديث عن المشاكل ، من العولمة إلى الغزو الثقافي إلى تحليل العقل العربي ، الخ .. خاصة وان إكثار الحديث عن المشكلات يغني ـ حسب القاعدة الجارية ـ عن حلها ، ويغني عن كشف حجمها وحقيقتها ، ويريح الناس من حمل عبء المسؤولية عنها ، فما دام الانسان يتحدث عن وجودها ، فهو يبريء نفسه منها ومن التحقيق العميق في تفاصيلها ، ومن علاجها ، وهذه أيضا قاعدة جارية ، ونحن ممن يحب القواعد ولزوم القواعد .
ارسل في 10 ابريل 1999

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...