‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاسلام السياسي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاسلام السياسي. إظهار كافة الرسائل

22/09/2021

جدل اليوم وكل يوم

 

أكثر الجدالات سخونة في العالم العربي اليوم ، يتناول دور الدين في الحياة العامة ، وعلى الخصوص في ادارة الدولة وعملها اليومي.

لكل بلد عربي قائمته الخاصة من الازمات الصغيرة او الكبيرة ، من الفقر الى البطالة واضطراب الامن وتعثر النمو ، وضعف المشاركة السياسية وغياب الحريات المدنية..الخ. ومع كل هذه المشكلات فان ما يسمى "الاسلام السياسي" بشعاراته وشخوصه وجماعاته وتاريخه ، لازال مادة أثيرة للجدل ، بل لا أبالغ لو قلت انه يفوق كل الازمات الاخرى ، في جاذبيته لاهتمام الجمهور ونخبته على السواء. وان اردت التحقق من صدقية هذا القول ، فانظر مواقع التواصل الاجتماعي في أي قطر عربي ، او انظر صحافته ، وسترى انه نادرا ماتخلو صحيفة من اخبار او نقاشات تتصل ب "الاسلام السياسي".

تضخم اهتمام الناس على هذا النحو ، لايعني بالضرورة انهم يشبعون الموضوع بحثا وتحليلا ، بل على العكس تماما: فهذا نوع من القضايا التي كلما زاد الكلام فيها ، زاد غموضها واختفت معالمها ، وتعددت مذاهبها ، فلا يمكن لخبير طرقها ، دون ان يقابل من يعرقل سعيه او يستشكل عليه بما يصح وما لايصح ، فضلا عن اتهامه في مكنونات نفسه ونواياه. ومن هنا بات النقاش فيها اقرب الى السير على الشوك.

وقد لفت نظري هذا الاسبوع ماقاله الأستاذ يوسف ابا الخيل ، الكاتب السعودي المعروف (18-سبتمبر-2021) فقد كتب اولا على تويتر ، منصة التواصل الاجتماعي: "ما يهمك مني هو كيفية تعاملي معك ومدى التزامي بواجبات المواطنة ... اما مذهبي فهو بيني وبين خالقي". في اليوم التالي كتب ابا الخيل تعليقا على كثرة الردود المسيئة: "كمية الردود المتشنجة على هذه التغريدة ، توضح أنه لا يزال بيننا وبين معرفة واجبات المواطن في الدولة المدنية الحديثة ، مسافات ضوئية". ان معظم الردود المسيئة (والشتائم) جاءت من اشخاص يزعمون الدفاع عن الدين الحنيف ، مع ان التغريدة لا تمس الدين من قريب ولا بعيد.

ويظهر لي ان تضخم الموضوع المذكور لا ينبيء عن اهتمام معرفي ، بل هو انفعال عاطفي سلبي ، سببه فيما أظن ، هو انعكاس المسار وما تبعه من خيبة الأمل.

بيان ذلك: ان الجمهور العربي (في المجمل) كان يتطلع لنخبة جديدة تولد من رحم الربيع العربي. ومثل كل الحالمين ، تخيل الناس ان هذه النخبة ستكون عارفة بالحكم ، نظيفة الكف ، متواضعة النفس ، وزاهدة في السلطة. وحين نظروا للساحة ، اعتقدوا ان من يرفع شعار الاسلام ويلبس ثيابه هو الأجدر بحمل تلك الأوصاف. ولهذا حصل رموز الاسلام السياسي وقادته على دعم لا سابق له.

لكن سرعان ما انعكس المسار ، فقد ظهر ان النجوم الجدد لم يكونوا عارفين بالحكم ولا زاهدين في السلطان ، ولا قادرين على علاج مشكلات الانتقال الى نظام تشاركي. ونعرف ما حصل لاحقا في مصر وتونس والسودان والمغرب والعراق وغيرها ، حين انقلب الجمهور وذهب في الاتجاه العكسي.

تخلي الجمهور عن التيار الاسلامي مثل دعمه سابقا ، لم يكن ثمرة نقاش علمي أو واقعي ، بل هو – مثل سابقه – انفعال أملاه الشعور بالاحباط وخيبة الأمل. ولهذا السبب تحديدا ، فانه لم يؤد الى تفريغ مخزون القلق على المستقبل ولم يعزز اليقين في الذات الجمعية. ان استمرار الاضطراب الداخلي والهجرات الجماعية ، هو اوضح مؤشر على الارتياب العميق في مسارات السياسة القائمة.

حين يتناقش الناس في قضايا الاسلام اليوم (حتى في امور العقائد والعبادات بل حتى التاريخ) فانه سرعان ما ينفتح عليهم مخزون القلق ، الذي تحول الى قلق على الدين وعلى الهوية الجمعية ، مع انه كان في الاصل مجرد انعكاس لازمات سياسية ، لا علاقة لها بالدين.

الشرق الاوسط الأربعاء - 15 صفر 1443 هـ - 22 سبتمبر 2021 مـ رقم العدد [15639]

https://aawsat.com/node/3202221

مقالات ذات علاقة

 

اقامة الشريعة بالاختيار

ان تكون سياسيا يعني ان تكون واقعيا

التحدي الذي يواجه الاخوان المسلمين

توفيق السيف في مقابلة تلفزيونية حول الربيع العربي وصعود التيار الاسلامي

جدل السياسة من الشعارات الى البرامج

حاكمية الاسـلام … تحــولات المفـهــوم

الحد الفاصل بين الاسلام و الحركة

الحركة الاسلامية ، الجمهور والسياسة

الحركة الاسلامية: الصعــود السـر يـع و الا سئـلة الكبرى

الحل الاسلامي بديع .. لكن ما هو هذا الحل ؟

الديمقراطية والاسلام السياسي

سلع سريعة الفساد

الصعود السياسي للاسلاميين وعودة الدولة الشمولية

مباديء اهل السياسة ومصالحهم

مشروع للتطبيق لا تعويذة للبركـة

مصر ما زالت متدينة لكنها خائفة من التيار الديني

من الحلم الى السياسة

نقد المشروع طريق الى المعاصرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

02/12/2015

الحداثة كمحرك للتشدد الديني


أغلب الباحثين الذين كتبوا عن تصاعد المشاعر الدينية في السنوات الأخيرة ، اعتبروه نوعا ‏من الهروب الى الماضي ، احتماء به من تحديات الحداثة المؤلمة. بعضهم لاحظ ان التحولات ‏الاقتصادية التي جاءت في اطار التحديث أوجدت حالة من الضياع وانعدام التوازن النفسي للأفراد ‏، الذين ارادوا حجز مكانهم في النظام الاجتماعي الجديد ، لكنهم وجدوه محاطا بذات الأسوار ‏السياسية التي عرفوها في مجتمع ما قبل الحداثة. إقبال الافراد على الانضمام الى المجال الديني ، ‏يشكل - في رأي هؤلاء الباحثين - محاولة للتمسك بقطار لازالت سكته ممتدة بين الماضي ‏والحاضر ، ولازالت ابوابه مفتوحة ترحب بأي قادم. ‏

قدم المفكر الفرنسي مارسيل غوشيه تفسيرا معاكسا. وهو – على خلاف المتوقع – أكثر ‏انسجاما مع المفهوم الكلي للتحديث وانعكاساته الثقافية. تحدث غوشيه في كتابه "الدين في ‏الديمقراطية" عن الميل المتفاقم للتدين بين الاجيال الجديدة ، كمؤشر على ان الحداثة قد شقت ‏طريقها فعلا في جميع الشرائح الاجتماعية. وهو يعتقد ان جوهر هذا التدين هو التعبير عن الذات ‏وتشكيل هوية فردية مستقلة. ‏

الفرد المتأثر بموجات الحداثة ما عاد يرى نفسه مجرد صورة عن الجماعة التي ينتمي اليها ، بل كائنا مستقلا يختار صورته وهويته. تطور التفكير في الذات على هذا النحو ، أدى الى انفصاله عن التدين الجمعي التقليدي. بمعنى انه تحول من التبعية المطلقة لتلك الصورة/الهوية الدينية ، الى امتلاك تدينه الخاص/هويته. ونتيجة لهذا اصبحت الهوية الدينية فردانية ، أي اكثر تصلبا وتسلطا مما كانت عليه يوم كان صاحبها تابعا لـ "دين الاباء". تحول الدين الى خيار فردي جعل حامله مهموما بالعمل على فرض تصوره/هويته كحقيقة وحيدة في العالم. انها – في هذا المعنى – وسيلة لتحقيق الذات في عالم متصارع.

هذا الرأي يقدم – من زاوية واحدة على الأقل – تفسيرا للتباين الذي يشار إليه أحيانا ، بين التدين القديم ، اي ما يسميه غوشيه "دين الآباء" والتدين الجديد ، أو دين الأبناء. لم يتنازع الآباء في أغلب الأحيان ، لان تدينهم كان تعبيرا عن ارتباط راسخ مع الجماعة ، اي هوية مستقرة. بينما يمثل تدين الأبناء هوية لازالت في طور التشكل. وهي متفارقة ، أو على الأقل مستقلة عن أي جماعة. صحيح ان كثيرا من أفراد الجيل الجديد منتمون الى جماعات منظمة او تيارات نشطة ، الا انه انتماء مختلف في المضمون والاغراض عن انتماء الاباء الى الجماعة او التيار العام.

 ينتمي الشاب الى الجماعة الدينية وفي ذهنه فكرة اكتشاف ذاته ثم تحقيق ذاته. وفي ظروف قلقة ومتحولة كالتي تمر بها المجتمعات العربية ، فان صناعة النفوذ الشخصي تتحول الى دينامو تحقيق الذات. الميل الى تلبس دور الداعية هو التمظهر المعتدل لهذا التوجه ، لكنه في حالات أخرى ، وان كانت قليلة ، يظهر في صورة ميل الى السلاح ، تدربا وامتلاكا واستعمالا.

التوتر الذي أصبح سمة عامة في التيار الديني قد يعطي دليلا على المضمون الهوياتي للتدين الحديث. وهو توتر ينعكس أحيانا في صورة تنازع بين التيار وخارجه ، كما يتجسد في ميل شبه دائم الى الانشقاق في داخل التيار نفسه ، اي توترا بين الاطياف المتعددة داخل نفس التيار ، فضلا عن التوتر الذي يسم السلوك الشخصي للاعضاء. وهو ما يتجسد في الخشونة النسبية لطروحاتهم وفي ميلهم الى فرض مراداتهم على الغير.

الشرق الاوسط 2 ديسمبر 2015

17/09/2013

الايديولوجيا والسياسة

يتحدثون الان عن عصر ما بعد الاصوليات. الفرضية السابقة هي ان الاسلاميين عاجزون – ايديولوجيا – عن المشاركة النظيفة في اللعبة الديمقراطية.
اميل الى الاعتقاد بان الربط بين ايديولوجيا الحاكم وسلوك الحكومة ، امر لا يخلو من مبالغة. يمكن تقدير قابلية هذه الجماعة او تلك للالتزام بنمط معين في العمل السياسي ، انطلاقا من تصورنا لثلاثة عوامل:
1- الثقافة السياسية : وهي خلاصة التجربة التاريخية لهذا البلد. ثمة بلدان لا يتصور قيام الدكتاتورية فيها ، حتى لو حصل فريق محدد على القوة المادية التي تمكنه من التسلط. وثمة بلدان على الخط المعاكس ، لا يتصور انتقالها الى ديمقراطية مفتوحة ، لان تجربتها التاريخية قصر على نظام التغلب او الاستبداد الفردي. فحتى لو تبدل القانون ، فان مؤسسات المجتمع التقليدي ستبقى موجها لحركة السياسة. ذلك ان نتاج التجربة التاريخية اكثر تاثيرا من المتبنيات النظرية ، سيما الجديدة منها. وليس ثمة فرق في هذا الجانب بين الاسلامي واليساري والليبرالي .
2- الكفاية الاجتماعية : التي تظهر في طبيعة العلاقة السابقة بين المجتمع والدولة. فكلما كان المجتمع قادرا على حل مشكلاته بنفسه ، كانت الديمقراطية اقرب منالا ، واقوى في الصمود امام طلاب التسلط والاستبداد. اما اذا كان المجتمع معتمدا بالكامل على الدولة ، فان التوازن سيكون راجحا لمصلحة القابضين على ازمتها ، وسيكون في وسعهم الانقلاب على الشعب في اي وقت شاؤوا. وهنا ايضا لاتجد فروقا حقيقية بين تيار اجتماعي وآخر ، فالانسان هو الانسان ، ومن ملك استأثر.
3- المشاركة الشعبية:  المجتمعات التي يشارك جمهورها بفاعلية في الحياة السياسية ، اقدر على تطوير نظام يعتمد الفصل بين السلطات ، والمحاسبة والتداول السلمي للسلطة. البلدان التي تنشط فيها منظمات المجتمع المدني. تضطر حكوماتها الى مراعاة المزاج الشعبي. بخلاف البلدان التي لا يشارك جمهورها في الحياة السياسية بنشاط ، فهي تمثل احتمالا اكبر لظهور الميول التسلطية في الجماعات السياسية.
الخارطة السياسية في البلدان العربية متشابهة الى حد كبير. سترى في جبهة الديمقراطيين تمثيلا لجميع التيارات الفكرية ، وترى نظائرها ايضا في الجبهة المعادية للديمقراطية. تجربة التاريخ القريب تعطي ادلة قوية على ان الاسلاميين لم يكونوا اسوأ من غيرهم في ممارسة السلطة.  فقد استخدموا الجيش مثل غيرهم. واستخدموا صناديق الاقتراع مثل منافسيهم.
زبدة القول ان الممارسة السياسية لا تعبر
عن الايديولوجيا ، الا بقدر ضئيل يصعب الاستدلال به في الحكم على هذه الايديولوجيا . ولذا فان الحكم بعجز الاسلاميين عن التزام قوانين اللعبة السياسية ، قابل لان ينسحب على كل فريق آخر. في كل تيار سياسي ، وفي كل مدرسة فكرية ، ثمة انواع من الناس والتوجهات تنتمي لبيئتها ، وتتاثر في سلوكها السياسي بمعطياتها. السياسة تصنع في مطبخ البيئة الاجتماعية والتجربة التاريخية ، وليس في مدارس النظرية.
http://www.aleqt.com/2013/09/17/article_786304.html

23/07/2013

من تديين السياسة الى تسييس الدين

استعمال اللغة الدينية في الصراع السياسي نظير ما يحدث الان في مصر يؤدي بالضرورة الى ابتذال الفكرة الدينية وخفض قيمتها المعيارية.

منذ وقت طويل تحدث المشايخ والدعاة عن السياسة الاخلاقية. واعرض كثير منهم عن الانخراط في السياسة بسبب ما قيل عن قلة اخلاقياتها. في هذه الايام نجد الفتوى والكلام الديني خبرا يوميا ضمن اخبار الصراعات. حيثما شرقت او غربت في بلاد العرب والمسلمين ، تجد اللغة الدينية طابعا عاما لانباء النزاعات الداخلية ، حتى ليظن الناظر اليها من بعد ، ان المسلمين قرروا فجأة ترك كل شيء ، وتفريغ انفسهم للتصارع والتقاتل فيما بينهم.

الاستعمال المكثف للكلام الديني في النزاع السياسي ينتج خلطا ثقافيا ، يقود في نهاية المطاف الى تزوير الوعي العام. تعبر الفتوى – في صورتها النموذجية – عن تكييف معياري للموقف من موضوع او حدث ، يترتب عليه نوع من الالزام للافراد او الجماعة.

استعمال الفتوى في السياسة ، كما راينا في الازمة المصرية الراهنة ، يضعنا امام اشكال جدي يتعلق بالقيمة المعيارية للفتوى ، اي قيمتها كتعبير عن القيمة الدينية للموضوعات. في حالة كهذه نجد انفسنا ازاء ثلاثة تموضعات للفتوى:

الاول : كونها "راي الدين" ، اي كتقييم للموضوع يتجاوز الجدل الواقعي ، ويعبر عن موقف مبدئي بحت ، اعلى من موضوع النزاع القائم ومصالح اطرافه. هذا يعني انه خطاب ينطوي على قدر من الالزام للمتلقي.

الثاني: كونها "رايا في الدين" ، اي كتصور شخصي للفقيه عن موضوع قائم وموقعه ضمن منظومة القيم الدينية.  الفتوى في هذه الحالة لا تنطوي على الزام ، فهي اشبه بالارشاد والتوجيه.

الثالث: كونها موقفا سياسيا ، اي تعبيرا عن مصلحة دنيوية لشخص او جماعة من الناس في ظرف محدد. وهذه اقرب ما تكون الى البيانات الحزبية ، وان كتبت بلغة دينية او استعملت نسق الاستدلال المعتاد في الخطاب الديني.

تميل الثقافة العامة في المجتمع العربي الى كراهية السياسة واعتبارها عالما لا اخلاقيا. وهي تلح على ضرورة حضور الدين في المجال السياسي ، باعتباره وسيلة لتصحيح السياسة واعادتها الى العالم الاخلاقي. ويبدو ان الدعاة والحركيين يجيدون الطرق على هذه النقطة تحديدا ، حين يصورون انفسهم وادوارهم باعتبارها ضرورة لاصلاح العالم السياسي ، وليس مجرد منافسه على النفوذ والسلطة.

واقع الامر ان مشاركة الداعية والحزب الديني في المنافسة السياسية ، لا تختلف – في المضمون – عن مشاركة غيره. قدراته وطبيعة عمله متماثلة ، وما يعد به محكوم ، في نهاية المطاف ، بحدود الدولة ومؤسساتها واعرافها وقابلياتها.

اذا كان لي من دعوة هنا فهي للتخفيف من تسييس الدين تحت غطاء تديين السياسة. غلبة اللغة الدينية على الخطاب السياسي لا تؤدي – واقعيا – الى اصلاح السياسة ، بل ربما ادت الى افساد الدين.

الاقتصادية 23 يوليو 2013
http://www.aleqt.com/2013/07/23/article_772493.html
مقالات ذات علاقة

12/04/2013

مكانة "العامة" في التفكير الديني

حتى اواخر السبعينات الميلادية ، كان الكتاب الاسلاميون يشككون في مشروعية المشاركة الشعبية في السياسة. وكانوا يتساءلون عن امكانية تحكيم (العامة، الجاهلة او التي لا تعرف الشريعة، في امر الدولة التي تسيرها الشريعة السماوية. وكان بعضهم يتساءل مستنكرا: كيف يستطيع (العامي) ان يختار الامام الصالح، وكيف يمكن السماح لهذا العامي بالتصويت (مع او ضد) سياسة او قانون يفترض انه مطابق لاحكام الله ؟ .

ويبدو لي ان اشكالية تدخل العامة في السياسة، لم تنشأ من افتراض سماوية النظام السياسي وسياساته، وان كان هذا الافتراض قد ساعد لاحقا ----في تبرير وجودها. ترجع الاشكالية في ظني الى غياب أي تصور ايجابي عن دور الجمهور في التراث الثقافي الاسلامي.
تراثنا هو خلاصة تجربتنا التاريخية في السياسة وغيرها. وهو مرتبط بوقائع هذا التاريخ اكثر من ارتباطه بالنظرية الدينية في صورتها الاولى او المجردة.  ويشكل هذا التراث خلفية ثقافية لكل المسلمين المعاصرين، وليس فقط اعضاء الجماعات الاسلامية. ولذا فان غياب مبدا المشاركة الشعبية ليس قصرا عليها، بل هو مشهود عند كل التيارات الاجتماعية العاملة في ميدان السياسة العربية .
ركزت تعاليم الاسلام الاولى -  كما تظهر في الكتاب والسنة -  على انصاف الضعفاء (وهم عامة الناس يومئذ)  وحق الجمهور، ومسؤولية كل فرد منهم عن امته، وقيام الدين على اكتافهم، ورجوع الامر العام اليهم، يقول علي بن ابي طالب في وصيته لاحد ولاته "انما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للاعداء العامة من الامة، فليكن صغوك لهم وميلك معهم -  نهج البلاغة 624".  الا ان الممارسة السياسية الفعلية، سيما بعد عهد الخلافة الراشدة، اعادت احياء القيم الاجتماعية القديمة التي  اعتمدت الفصل بين عامة الناس وخاصتهم، بناء على دعوى التفاضل الطبيعي في المكانة والدور بين الخاصة والعامة. بكلمة اخرى فان التراتب الاجتماعي القديم قد اعاد بعث نفسه في اطار السياسة الاسلامية، بينما توارى --، الى حد بعيد ،  منهج التفاضل الديني الذي يعتمد القيمة الذاتية للشخص، المتاتية عن علمه اوكفاءته او سبق خدمته، بغض النظر عن انتمائه القبلي او العرقي .
وقد جرى تنظير هذه الممارسة فاصبحت معلما من معالم التفكير الاسلامي. طبقا للدكتور حسن الترابي فقد "كان الائمة الاوائل يذكرون في كتبهم ان هذا الراي هو ما راينا عليه الجماعة، فكان تعبيرا عن الراي العام، ثم اصبح الراي للشيوخ وحدهم، وهذا يعني ان اصل الفقه قد تبدل تماما".
ولو نظرت في كتابات قدامى الفقهاء الذين تعرضوا للشأن السياسي، لوجدتهم ينظرون الى الدولة باعتبارها ملخصة في الوالي. وهم مع دعوتهم الولاة الى الانصاف والرحمة بعامة الناس، اغفلوا الحديث عن موقع الجمهور في النظام السياسي. بل ان كثيرا منهم انكر حق العامة في التعبير عن خياراتهم اذا خالفت الخيارات الرسمية، خوفا من الفتنة، او اختلال نظام الامة .
وقد بقي اشكال التفاضل الطبيعي سائدا حتى في وسط الحركات النهضوية المعاصرة. وفي اوائل القرن العشرين، راى الشيخ محمد عبده ان الخطوة الاولى لاخراج الامة الاسلامية من مأزقها، هي اقامة مدرسة لتخريج نخبة جديدة (اي خاصة بديلة) تقود المجتمعات الاسلامية. ولا يزال كثير من المثقفين يتحدث عن المستبد العادل باعتباره خيارا مثاليا.  كما نستطيع ملاحظة ان التاريخ المسجل عن المحاولات الاصلاحية، ومحاولات النهوض التحرري في العالم الاسلامي، لا تتحدث عن دور لعامة الناس خارج الدور الاساسي والمطلق للخاصة.
 ويظهر انعكاس هذا التفكير حتى اواسط القرن العشرين. تحدثت فصائل حركة التحرر العربية عن تحرير الاوطان واستنقاذ حقوق الشعب، ودعت الى الاطاحة بالطبقات المتنفذة (الخاصة). لكنها توجهت في وقت لاحق الى ممارسة لا تختلف كثيرا عن تلك التي ورثناها عن التجربة القديمة . فالذي جرى بالفعل هو تاسيس نخبة (خاصة) جديدة بدلا عن النخبة القديمة، بينما لم يحصل الجمهور (باعتباره عامة) على أي من الحقوق المقررة له، او المزعوم السعي لاعادتها اليه .
لهذا بقي الجمهور العربي والمسلم غائبا عن مسرح الاحداث، ضئيل التاثير في الشأن العام، تابعا للسياسة اليومية للدولة، متاثرا بما يقوله اهل الخاصة  الجدد، او سلبيا قانعا بحياة هي الى قتل الوقت اقرب منها الى استثماره. تجربة الحكم القومي في مصر ايام الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر مثال بارز على هذا. دافع المصريون بحرارة عن سياسات الدولة وتحملوا لاجلها عسرا شديدا، ووقفوا مع حكومتهم حتى في هزائمها واخفاقاتها. لكن هذا الموقف المخلص لم يكافأ من جانب النخبة باعادة تنظيم الحياة السياسية على نحو يجعل المجتمع سيدا للدولة وصانعا للقرار او شريكا فيه. ومثلها تجربة الثورة الجزائرية، وجميع تجارب النهوض التي جرت في اكثر من قطر عربي او مسلم .

مفهوم مستورد

معظم التجارب السياسية التي شهدها العالم العربي منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم تظهر ان دور الجمهور في الحياة السياسية، ليس من الافكار الراسخة في الثقافة العامة. وجود هذه الفكرة وممارستها الراهنة، انما هو واحد من وجوه التاثير الثقافي للغرب على العالم الاسلامي. فنحن قد استوردناها كما استوردنا الكثير من عناصر التفكير والمباديء السياسية التي نتداولها اليوم او ندعو اليها. ولانها مستوردة فسوف تبقى امدا طويلا، محل جدل بين اهل الفكر والسياسيين، حتى تعثر على اطار نظري يعيد تنسيجها ضمن الثقافة الاسلامية السائدة.
مناداة السياسيين بالحضور الفاعل للشعب في ميدان السياسة لا يعني - بالضرورة – ان الشعب سيصبح شريكا في صناعة القرار، يوم يؤول الامر اليهم ويصبحون اهل الحول والطول. فهم - بالنظر الى الخلفية الثقافية التي سبق ذكرها - قد لا يرون الجمهور الا تابعا او مؤيدا متأثرا، لا سيدا للدولة  كما يقتضي مبدا المشاركة السياسية . لقد رأينا تحولا مثل هذا في ايران ورايناه في السودان. وكلاهما بدأ بدعوى المشاركة الفاعلة للجمهور في الحياة السياسية، لكنه – من ثم – قيد تلك المشاركة بموافقة النخبة . بعبارة اخرى، فانه ما عاد يريد الجمهور مقررا وصانعا للسياسة، قدر ما يريده داعما ومؤيدا لصناعها الفعليين، اي النخبة الحاكمة او "الخاصة"
تحقيق المشاركة الشعبية يتوقف على عدد من المقدمات، اهمها العلانية وحرية الوصول الى المعلومات، وحرية التعبير، واعتبار الحزب السياسي، سواء كان في المعارضة او السلطة، مسؤولا امام جمهوره، وارجحية الشعب كمجموع على الدولة او الحزب. وهذا يتعارض مع التقليد الجاري في جميع المجتمعات المسلمة، والقاضي باعتبار السياسة كنزا للاسرار، واعتبار التعبير الحر عن الراي المختلف ذريعة للفتنة .
حتى منتصف السبعينات، كان يبدو ان معظم الجماعات الاسلامية الحديثة متفق - تصريحا او تلويحا - على الافتراضات السابقة ونتائجها، وخصوصا دعوى عدم اهلية الجمهور العام لتقييم كفاءة المرشحين للولاية، وعدم اهلية لمناقشة وتقرير المناهج المقترحة لادارة وتسيير الحياة السياسية. لكن الامر ما كان مورد جدل، لان ايا من تلك الجماعات ما كانت تتوقع الوصول الى السلطة على النحو الذي نعرفه اليوم.
اما في السنوات الاخيرة، سيما منذ اوائل الثمانينات، فقد اصبح الامر موضوعا لجدل حقيقي، بعدما اكتشف الاسلاميون ان الشعب عامل حاسم في ترجيح قوة هذا الطرف السياسي او ذاك، وان الجمهور (العامي) يمكن ان يلعب دورا حاسما في رفع كلمة الاسلام، واقامة دولته المنشودة. ويبدو ان الجدل قد حسم عند الجميع – ربما بشكل عفوي -  لصالح القبول باعتماد القوة الشعبية بديلا عن القوى الاخرى التي احتكرها المنافسون، مثل قوة الاعلام والتنظيم فضلا عن القوى التي يتيحها امتلاك الدولة .
لكن الامر الذي لم يحسم هو المكانة الحقيقية لهذا الجمهور في المعادلة السياسية. فهل سيقتصر دوره على تقديم التضحيات من اجل انتصار الحزب الذي يرفع الشعار الديني؟. ام سيكون هذا الانتصار اشارة الانطلاق نحو المرحلة الاهم والاكثر جذرية، في السباق من اجل تجديد الحياة السياسية، المرحلة التي عنوانها استعادة المجتمع لمكانته الطبيعية كسيد للدولة، بعد ان بقي طوال قرون تابعا لها في احسن الاحوال، واسيرا في معظم الاحوال؟.

01/11/2012

حول الحاجة الى فقه سياسي جديد


غرض هذه المقالة هو التنبيه على الحاجة الى تطوير منهج البحث الفقهي المتعلق بالدولة والسياسة. وصول الاسلاميين الى السلطة في اكثر من بلد ، حرر العقل المسلم من اشكالية المشاركة في نظام سياسي مختلط او علماني او – بشكل عام – مؤسس على منظومة تخالف ما كان الاسلاميون يتطلعون اليه.
قبل الثورة الاسلامية الايرانية (1979) كان بعض الاسلاميين يتطلع الى السلطة التشريعية "البرلمان" كمجال ممكن للمشاركة في الدولة القائمة. انتصار الثورة عزز ميل التيارات الاسلامية الى الحلول الجذرية ، اي الهيمنة الكاملة على السلطة واقامة نظام جديد على ارضية دينية. لكن تطورات ما بعد الحرب العراقية الايرانية ، والاشكالات التي مرت بها تجربة ايران ، اضافة الى تصاعد الميل في العالم كله نحو منهج التحول الديمقراطي ضمن الانظمة القائمة ، دفع بمعظم الاسلاميين الى مراجعة متبنياتهم السابقة. فلم يعودوا مقتنعين بقصر مشاركتهم السياسية على السلطة التشريعية ، كما اصبحوا قانعين بالمشاركة الجزئية في الحكومات القائمة مع الاحزاب والتيارات الاخرى ، بعدما شغلهم حلم الانفراد بالسلطة ، كما هو الحال في ايران.
هذا ظرف سياسي جديد ، لم يسبق للاسلاميين التنظير له. وهو يضعهم امام اشكالات هامة وحرجة ، لجهة الاقرار بدور "الشريك المختلف" الذي لا يتبنى - وربما لا يقبل - فكرة الدولة الدينية. في حقيقة الامر فان بعض الاسلاميين ما عادوا يتحرجون من القول انهم يريدون دولة مدنية ديمقراطية يكون الدين مرشدا لها في الاطار العام دون التفاصيل[1]. هذا على الاقل ما تحدث عنه صراحة الاخوان المسلمون في مصر ، وحزب النهضة في تونس ، وقبلهما الاحزاب الدينية في العراق.
لكن المشكلة لا تقف عند هذه الحدود. نحن ازاء جدل اعمق واكثر جذرية ، يتمثل في التفارق بين مفهوم الدولة الحديثة الذي نخضع له ونسعى للاندماج فيه ، وبين نموذج الدولة الدينية الذي نتخيله ونقرأ حوله في كتابات قدامى الاسلاميين. ويتبع هذا التفارق جدل بين فكرة الديمقراطية والشورى ، وبين مصدر السلطة السماوي والارضي ، وبين فكرة العدالة الاجتماعية والتكافل ، وبين مبدأ المواطنة ومفهوم الرعية او مجتمع المكلفين.. الخ. هذه كلها اشكاليات جدية وجديرة بالنقاش. وهي بحاجة الى معالجات توصلنا الى اعادة انتاج مفهومات جديدة عن الدولة والسياسة ، مفهومات تستجيب لمتطلبات العصر والبشر الذين يعيشون فيه من ناحية ، وتحقق غايات الدين الحنيف في العدل والتقدم ، من ناحية اخرى.
تؤكد المقالة على هذه الحاجات. وتبدأ بعرض موجز لاسباب التفارق بين مفهوم الدولة الحديثة ونظيره في التراث الفقهي. ثم تقترح توسيع نطاق البحث حول قضايا الدولة والسياسة ، كي يتجاوزالحدود الضيقة للفقه في معناه المتعارف ، وتحرير النقاش حول المضمون الديني للسلطة من قيود الفتوى. وتقدم اخيرا بعض الامثلة عن قضايا يتجلى فيها التفارق بين المنظورين ، وهي في الوقت ذاته عميقة ومتشعبة بحيث لا يمكن التعامل معها بمنطق الفتوى.
اشير هنا الى ان القاريء سيلاحظ ان الامثلة والشواهد تنتمي للاطار الفقهي الشيعي. السبب الوحيد لهذا هو اطلاع الكاتب بشكل مفصل على هذا المجال وقلة بضاعته في فقه المدارس الاسلامية الاخرى. الامثلة تبقى ضمن حدودها ، لكن النتائج قابلة للتعميم كما يعرف المختصون. عناصر القوة والضعف في الفقه الاسلامي مشتركة بين مدارسه المختلفة وهي متشابهة الى حد كبير ، رغم بعض التمايزات.
في يناير 1988 كتب اية الله الخميني الى رئيس الجمهورية معلقا على حديث له في صلاة الجمعة :
"السلطة المتفرعة عن ولاية رسول الله المطلقة من احكام الاسلام الاصلية ، وهي مقدمة على جميع الاحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج.. سلطة الدولة الاسلامية عامة وتشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية بما يتجاوز الحدود المتعارفة في الابحاث الفقهية"[2].
كان هذا ردا على جدل وصفه الخميني لاحقا بجدل مدرسي نظري ، لن يعين على حل اي مشكلة بل سيقودنا الى طرق مسدودة ، وينقض الدستور[3].
اعتقد ان الخميني هو واحد من ابرز مجددي الفقه الاسلامي في العصور الاخيرة. وبحسب متابعتي لتطور الفقه الشيعي في جانب السياسة والدولة بشكل خاص ، فاني لا اتحفظ عن اعتباره ابرز من عالج هذا الفرع من الفقه خلال القرون الثلاثة الاخيرة على الاقل. كان الخميني واعيا بجذور المشكلة التي واجهتها دولته. لم يكن الامر متعلقا بخلاف حول فتوى او تعريف موضوع[4].
 حتى القرن العاشر الميلادي لم يعرف الفقه الشيعي نقاشا معمقا حول مسألة السلطة والدولة – او "الولاية" كما كانت تعرف في ذلك الوقت -. معظم النقاشات دارت على حاشية النصوص الخاصة بالامامة العظمى في تصورها المثالي الذي يشير حصرا الى الائمة المعصومين ، المنصوبين من قبل الخالق سبحانه. من هنا تاثر النقاش – قسرا – بالاطار الذي تبحث فيه المسألة ، اي العقائد او علم الكلام. نعلم ان العقائد حدودها ضيقة . لذا فان البحث الفقهي تمحور حول جانب ثانوي نوعا ما ، هو مشروعية العمل مع السلطان الجائر، تجويزا او تحريما ، بسبب ارتباطه باشكالية غصب السلطة. وهو نقاش يدور في اطار الفقه لكنه يخضع للمقدمات الكلامية الخاصة بعقيدة الامامة.
المقدمة الاساسية تقول بان الحكم لا يكون شرعيا (في المعنى الديني البحت) الا اذا كان المعصوم على رأس السلطة . ولان هذا لم يتحقق منذ تنازل الامام الحسن بن علي عن الخلافة في سنة 40 للهجرة ، فقد وصمت كل الحكومات التي قامت بعدئذ بانها غاصبة . وكان العمل فيها يثير اشكالا جديا : هل يعتبر العمل مع السلطان الغاصب مشاركة في الغصب او تسويغا له او مساعدة على ترسيخه؟.
استمر الربط الشديد بين الجانبين الكلامي والفقهي للمسألة حتى القرن العاشرالميلادي ، حين فصل الشيخ محمد بن النعمان المعروف بالمفيد (948-1022م) المسارين ، وتحدث عن عمل السلطان كتطبيق ممكن للحسبة (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، وهو واجب شرعي قائم مع وجود الامام ومن دونه. اجاز المفيد العمل في الحكومة غير الشرعية ، شرط التزام العامل بمنع الظلم ومساعدة الضعفاء على نيل حقوقهم ، وضمان خير الامة ، ومنع اساءة استخدام مصالحها. واعتبر هذا تطبيقا لوظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر[5]. وساعد الشريف المرتضى (966-1044م) ، تلميذ المفيد ، في تطوير المقاربة في رسالته المشهورة "رسالة عمل السلطان"[6].
كان وجود الدولة البويهية ظرفا مساعدا لتطور من هذا النوع. لكن المسيرة توقفت عند هذه الحدود. بل وحدث تراجع جدي بعودة الميل الى التشدد ازاء العمل مع السلطان . سيما خلال القرن السابع عشر والثامن عشر اللذين شهدا هيمنة الاتجاه الاخباري على المدرسة الفقهية الشيعية.
 وحين انحسر المد الاخباري في اواخر القرن الثامن عشر بجهود رجال مثل الشيخ محمد باقر الأصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني (1706-1791م) ، بقي تاثيره نشطا من خلال ما يمكن وصفه باتجاه مصالحة بين الاتجاه العقلاني الصريح الذي يأخذ به الفقهاء الاصوليون ، والمبالغة في تهوين مكانة العقل ، كما هو شائع بين الاخباريين. اتجاه المصالحة هذا حمل معه تراجعا عن اعتبار العقل مصدرا مستقلا للحكم الشرعي ، لصالح منظور محافظ يقصر دور العقل على كشف مفاد النص. مع هذا التحول اعيد احياء الروايات الكثيرة التي دعمت في الماضي ميلا انعزاليا يعتبر السلطة والدولة عالما فاسدا ولا اخلاقيا ، ومكانا لا يليق بالمؤمن الحريص على آخرته. وجرى تدعيم هذا الاتجاه بالروايات الخاصة بغيبة الامام الثاني عشر ومعانيها وما يترتب عليها. وهكذا اصبح العمل مع السلطان مخاطرة بالدين ، والسعي للسلطة خروجا على سيرة المؤمنين ، وادعاء الحق فيها اصطفافا مع الشيطان والطاغوت[7].
الميل لاعلاء مكانة النص يؤدي بالضرورة الى غلبة المنهج الظاهري الذي يتعبد بظاهر النص بدل اعتباره  مفتاحا لكشف الرسالة التي تنطوي في ثناياه ، والتي ينبغي – منطقيا - ان تنسجم مع روح الشريعة ، او الفلسفة العامة للتشريع ، "المدرسة الاسلامية" كما اسماها المرحوم الصدر-. ذلك الميل الاخباري واضح في تهوين الفقهاء لمكانة العقل والاجماع ، وحصر الاكثرية لدورهما في كشف مقصود النص ، بدل اعتبارهما مصدرين مستقلين للاحكام. وهو واضح ايضا في معالجة الاصوليين التي يغلب عليها التردد للمسالة المعروفة بالقبح والحسن العقليين. اظن ان معالجة جادة لهذه المسالة يمكن ان تؤسس لقبول عرف العقلاء كاداة علمية مقبولة في تكييف الحكم الشرعي وتطبيقاته ، وفي تحديد موضوعاته. وفي الموضوع السياسي خصوصا ، فان القبول بهذه القاعدة يمكن ان يؤسس لقبول الراي العام كاداة مشروعة لتشخيص المصالح العامة وتفويض السلطة.
اشكالية الامامة/الغصب فرضت حدودا ضيقة على البحث الفقهي في قضايا الولاية السياسية. وتجد هذا واضحا في معالجة الفقهاء لمسائل مثل نصب القاضي وممارسته مهام الولاية الصغرى او الخاصة ، كما تجده في معالجتهم لمسألة الخراج (المال العام) وشرعية تصرف الوالي فيه للمصالح العامة ، كما تجدها في مسائل الحدود والحقوق المالية الخ. من ذلك مثلا راي ابي الصلاح الحلبي (ت 1055م) الذي اجاز للفقيه المؤهل تولي القضاء في حكومة الجور رجوعا الى اذن ضمني/افتراضي من الامام ، في هذه الوظيفة على وجه الخصوص[8]. ومن ذلك راي الاصفهاني الذي اجاز ادارة الحاكم الجائر للمال العام في غيبة الحاكم العادل[9]. هذه امثلة عن معالجات حاولت ايجاد مخارج  لما ابتلي به الناس مع استقرار دولة الامرالواقع ، وضمور الامل في الدولة المثالية المتخيلة. لكنها بدل ان تقدم تنظيرا جديدا حول اصل الموضوع ، اي الدولة الواقعية ، وامكانية العدل النسبي او التحول نحو الحكم العادل في اطارها ، فقد اكتفى الفقهاء بمعالجات جزئية من نوع ما ذكرنا.
تقصير الفقهاء في معالجة هذه المسائل هو امتداد لعلة اوسع ، تتمثل في اغفالهم المزمن للبحوث الفقهية المتعلقة بالشان العام ، وتركيزهم الزائد عن الحاجة على الفقه الخاص بالعبادات الموجه للافراد. ويعتقد اية الله زنجاني ان موضوعات الفقه العام ، لا تحظى بقيمة اعتبارية في المجامع العلميـة والحوزات ، شبيـهة للقيـمة التي تحظى بها أبحاث في مجالات الفقـه الفردي ، مثل أبحاث الطهارة والصلاة وما إليها[10].بعض الباحثين ارجع هذا التقصير الى يأس الفقهاء من امكانية قيام دولة عادلة ، او ربما لهيمنة قناعة ضمنية فحواها ان سلطة "التغلب" قد اصبحت مصيرا نهائيا في العالم الاسلامي. لكن اية الله خامنئي ، مرشد الثورة الايرانية ، لاحظ ان هذه الحالة كانت لا تزال سائدة في المدارس الدينية بعد اكثر من عقد على قيام الحكومة الاسلامية[11]. ولهذا – ربما – يفضل باحثون اخرون نسبتها الى عيب منهجي في الدراسات الشرعية ، يتمثل في هيمنة الاتجاه الى التنظير المجرد ، وعدم اهتمام الدارسين بربط ابحاثهم مع تحولات الواقع والزاماته[12].
ايا كان السبب فقد بقي الفقه الاسلامي خلال المئتي عام الماضية ، منشغلا بقضاياه وجدالاته القديمة ، غافلا عما يجري في العالم الذي تغيرت قضاياه واسئلته ، وتغيرت معها ادوات المعالجة والنقد. وكان من بين ما تغير فكرة الدولة ومفهوم السياسة ، والمباديء التي تقوم عليها ، والقيم التي تمثل مضمونها. مفهوم ان فكرة السلطة والدولة والتنظيم السياسي وعلاقة الدولة بالمجتمع ، تعرضت لتحولات جذرية خلال القرنين الماضيين ، ولا سيما في النصف الثاني من القرن العشرين. لكن هذه التحولات العميقة لم تترك اثرا على البحث الفقهي في قضايا الدولة والولاية ، يتناسب مع سعتها وعمقها ، لان البحث الفقهي كان منشغلا بغيرها وغافلا عنها.
كنتيجة لهذا فان ما يمكن وصفه بفقه الدولة او الفقه السياسي الذي ورثناه هو فقه مفكك يتعامل مع اجزاء الموضوع كدوائر منفصلة ، لا كاجزاء في صورة كاملة. بغض النظر عن الاسباب وتحديد المسؤوليات ، فان هذا الفقه الموروث ما عاد مؤهلا للمهمة التي نادى بها معظم الاسلاميين ، اعني اسلمة الدولة ، سواء على المستوى الدستوري او على مستوى القانون.

الحاجة الى اعادة اكتشاف الموضوع

كان الامام الخميني بين الذين توصلوا الى هذه الحقيقة بعد قيام الثورة الاسلامية. حين اكتشف ان دولة حديثة لا يمكن ان يقام نظامها القانوني على ارضية الفقه الموروث. ولهذا طالب باجتهاد جديد ، ليس في الفروع ، بل في اصول المسائل ، في مسألة مثل اولوية النظام العام على الاحكام الفرعية ، مهما كانت مهمة ومحورية في التصور الديني ، ومسالة مثل جعل "المصلحة العامة" بمعناها المادي العقلائي مبرر ترجيح لحكم على حكم ، حتى لو كان المرجوح هو المستفاد الظاهر من النص.
لست مؤمنا بان الفقه هو الاطار العلمي المناسب للنقاش في مسالة الدولة وقضاياها. لكننا نواجه حقيقة واقعة ، هي هيمنة القراءة الفقهية للدين على التفكير الاسلامي في مختلف جوانبه. هذا يقودنا الى مسألة اوسع قليلا ، تتعلق باطار وغاية البحث العلمي في امور الشريعة. ثمة فهم عام فحواه ان اي بحث في العلوم الشرعية لا بد ان يستهدف التوصل الى اقرار حكم او دحض حكم او قاعدة شرعية. لعل هيمنة القراءة الفقهية هي السبب وراء هذا الربط المتكلف.
معروف ان الفقه علم احكام ، غرضه تقديم اجوبة على شكل الزامات شرعية جديدة ، او نقض الزامات قديمة. في المقابل فان البحث العلمي في معناه العام لا يستهدف بالضرورة تقديم اجوبة او انشاء الزامات ، قدر ما يستهدف معالجة الاسئلة المثارة ، بتفصيحها وتطوير نموذج ارقى منها. طبقا للفيلسوف المعاصر كارل بوبر ، فان ما نعتبره نظرية ليس سوى احتمال ذي طبيعة مؤقتة. وهو مفتاح لاحتمال نقيض او مخالف. انه اذن اشبه بسؤال ثان يقدم ايضاحات اجلى وادق لموضوع السؤال الاول[13]. البحث في مسائل مثل الولاية الشرعية والدولة الدينية لا يستهدف – بالضرورة -  تقديم فتاوى ، بل تطوير المعطيات النظرية الداخلة ضمن معالجة الموضوع. ومن هنا فان رفضنا او نقضنا لبعض ما يعتبر مسلمات في هذا الحقل ، لا يمثل انكارا لامر ديني ، لانه ليس في صدد الفتوى ، بل في صدد مناقشة الموضوع. معارضة اي فكرة ، حتى لو اجمع الناس على اثباتها شرعا ، لا ينبغي ان يعتبر معارضة لله والرسول ، بل مناقشة لموضوع واقعي ولفهم الناس له وتكييفهم لقيمته.

امثلة على النقاشات المطلوبة

منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر تطور البحث في "السياسة" كحقل علمي متخصص.  وظهرت تبعا لذلك حقول فرعية عديدة ساهمت في تطوير نقاشاته. الفلسفة السياسية ، القانون ، الاقتصاد السياسي ، هي بعض الامثلة عن حقول علمية اتخذت قضايا الدولة والسلطة موضوعا لنقاشاتها. على نفس المنوال فان التفكير الديني في السياسة والدولة لن يستطيع اقامة حقل علمي متطور اذا بقي محصورا في  الاطار الفقهي ، المعني اساسا بالجانب القانوني من الحياة. 
نحن بحاجة الى معالجة دينية للجوانب القانونية . لكننا ايضا بحاجة الى معالجة الجوانب الاخرى السابقة للقانون. من ذلك مثلا مفهوم السلطة. لازالت مناقشات الاسلاميين – حتى يومنا هذا – تقارن بين سلطة الشعب وسلطة الفقيه. وهي تنطلق من فرضية التعارض بين الاثنين. هذه الفرضية قائمة بدورها على مسلمة سابقة فحواها ان الولاية في جوهرها هي مجموع الصلاحيات او السلطات التي يتمتع بها رئيس الدولة. واقع الامر ان الرئيس في الدولة الحديثة ليس سوى كبير الموظفين. الدولة الحديثة هي مؤسسة قانونية ووظيفية قائمة بذاتها ، مستقلة عن شخص الرئيس. واذا كان الامر الواقع في بلداننا ينحو الى تلخيص الدولة في رئيسها ، فاننا بحاجة الى هجر هذا الفهم الذي يمهد للاستبداد ، الى فهم ارقى يدور حول الدولة كمؤسسة قانونية يملكها المجتمع.
ومن ذلك ايضا مصادر الشرعية السياسية. يركز المفهوم القديم على "عمل" الوالي الذي يجب ان يكون مطابقا للحق ، ومن هنا فان شرعية سلطانه مستمدة من صحة عمله. بينما يركز المفهوم الحديث للدولة على "تمثيل" الوالي للارادة العامة. ما هو مشروع هنا هو ما يلبي الارادة الشعبية وما يطابق القانون. الوالي هو ممثل للشعب ومن هذا التمثيل يستمد مشروعية سلطته.
ومنها ايضا حقوق الانسان التي تعتبر اليوم احد ابرز معايير العدالة. حقوق الانسان تتضمن مباديء لازالت غير محسومة في الاطار الفقهي مثل حرية الاعتقاد والراي والتعبير ومخالفة الحاكم العادل ..الخ.
وتتحدث النقاشات الفقهية عن صلاحيات مطلقة للحاكم الشرعي ، لا يقيدها سوى عدالته النفسية . بينما يقوم بناء الدولة الحديثة على اعتبار الدولة منحازة ، واعتبار ملكيتها لوسائل الجبر المادي سبيلا محتملا للفساد او الاستئثار ، وعادة ما يستشهد بمقولة السياسي والمفكرالانجليزي اللورد اكتون "لا تتعلق المسالة بان طبقة معينة عاجزة عن الحكم . المسالة ان السلطة بذاتها مظنة للفساد والسلطة المطلقة مظنة للفساد المطلق"[14]
 لهذا السبب فان النقاشات السياسية المعاصرة لا تعول ابدا على اخلاقيات الحاكمين في منع انزلاق الدولة الى الفساد او الاستبداد ، بل على ادوات الردع الخارجي ، مثل المعارضة القانونية والصحافة الحرة والبرلمان المنتخب ، فضلا عن القيود الدستورية على السلطات.
مبدأ المواطنة يشكل هو الاخر مثالا على التفارق بين مفهوم الدولة الحديثة ومفهوم الولاية الشرعية المتعارف في البحوث الفقهية. المفهوم الدارج في مجامع العلم الشرعي يعرف الفرد كعضو في الجماعة الدينية ، كمتدين او مكلف ، لا كمواطن[15]. وطبقا لاية الله يزدي فانه "في الوقت الذي يعتبر المواطنون - من حيث المبدا - متساوين ، فان حقوقهم ولا سيما الحق في اشغال المناصب العامة ليس على هذا النحو "[16].
هذه أمثلة عن نوعية النقاشات التي نحتاج لاثارتها وتقديم معالجات دينية لها ، تتناسب مع معطيات العصر الحاضر وحاجات الناس فيه. قبول الناس بالقيم الدينية كمضمون للنظام السياسي او ارتيابهم في المضمون الديني للدولة يتوقف – الى حد كبير – على قدرة الاسلاميين على تطوير منظومة مفاهيم جديدة تستلهم القيم العليا للدين الحنيف ولا تتنكر لتجربة الانسان المعاصر. هذا يتطلب بالتاكيد التحرر من السياق المنهجي الموروث للبحث الديني في قضايا الدولة والولاية.

الخلاصة:

شهدت السنوات الاخيرة نموا كبيرا للمد الاسلامي ، تجلى في وصول الاسلاميين الى السلطة في عدد من الدول العربية . كشف هذا التطور عن تنامي الميل العام بين المسلمين الى دولة جديدة تحقق قدر معقولا من العدل في تطبيقاته المعاصرة ، مثل سيادة القانون ، المشاركة الشعبية ، والضمان القانوني لحقوق الانسان . مع هذه التحولات ، تزداد الحاجة الى مراجعة المفاهيم الخاصة بالدولة والسلطة التي ورثناها عن الاسلاف.
من المفهوم ان لكل جيل من اجيال المسلمين حق المشاركة في صنع تصوره الخاص للفكرة والممارسة الدينية ، تطبيقا لجوهر فكرة الاجتهاد وتاثير الزمان والمكان في تشخيص المصالح الشرعية وانتاج الحكم الشرعي المتناسب مع الزاماتها. تطبيق هذا المعنى يقتضي العمل على اعادة انتاج فهمنا الخاص للتحديات التي نواجهها ، وفي طليعتها بالتاكيد تحدي العدالة والدولة العادلة.
ما ورثناه من الفكر الديني الخاص بالسلطة والدولة لا ينسجم مع واقعها اليوم ، ولا يخدم كثيرا حاجاتنا ، وهو – بالتالي – لا يستجيب لتحديات عصرنا. لا يكفينا اذن ان نعود الى ذات المقولات وذات المنهج الذي اتبعه الاسلاف كي نستعمله في معالجة اسئلة العصر. سيكون هذا - مثلما وصفه الامام الخميني - مجرد نقاش مدرسي لا يوصلنا الى اي مكان. نحن بحاجة الى مطالعة الاسئلة الرئيسية لدولة اليوم ، على ضوء القيم العليا التي يريد الدين الحنيف اقامتها ، مهما بدا انها تتفارق مع المفهومات والنتائج التي توصل اليها الاسلاف. نحن بحاجة الى سؤال انفسنا عما نريد وعما نراه صلاحا لامرنا في هذا اليوم وفي هذا المكان بالتحديد. اجوبة الامس كانت مناسبة لاسئلة الامس ، ولدينا اليوم اسئلة جديدة مختلفة وواقع جديد مختلف.




[1] انظر مثلا عصام العريان: الإخوان المسلمون ومفهوم الدولة ، موقع اون اسلام (7-11-2007)  http://www.onislam.net/arabic/madarik/concepts/102465-2007-11-07%2016-12-32.html#8
[2] اية الله الخميني : صحيفه نور ، ج 20 ، ص 233.ن.إ:  http://www.islamicecenter.com/ketaabkhaaneh/sahifeh_noor/sahifeh_noor_jeld_20_khomeini_08.html#link63
[3] اية الله الخميني ، رسالة الى اعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس صيانة الدستور في 1 يناير 1989.  صحيفه نور  ج 21 . ن.إ http://www.islamicecenter.com/ketaabkhaaneh/sahifeh_noor/sahifeh_noor_jeld_21_khomeini_02.html#link27
 [4] لتفصيل حول هذه النقطة ، انظر : توفيق السيف : دور الخميني في تعديل نظرية السلطة عند الشيعة (2006) http://talsaif.blogspot.com/2006/01/blog-post_30.html
[5]  الشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان : المقنعه ، مؤسسة النشر الاسلامي ، (قم 1990) ،  ص 810
[6] الشريف المرتضى : "رسالة عمل السلطان" ، في السيد مهدي رجائي (محرر) : رسائل المرتضى ، دار القرآن الكريم ، (قم 1405) 2/89
لتفصيل حول هذا التطور وظروفه ، انظر توفيق السيف : نظرية السلطة في الفقه الشيعي ، المركز الثقافي العربي (بيروت 2002) ص 101
[7] انظر طائفة من هذه الروايات في: كاظم الحائري : ولاية الأمر في عصر الغيبة ، (قم 1994) ، ص. 77
[8] ابو الصلاح الحلبي: الكافي في الفقه، تحقيق رضا استادي ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة (اصفهان 1403) ، ص 423. ن. إ http://www.yasoob.com/books/htm1/m001/00/no0023.html
[9] يقول الشيخ الاصفهاني في سياق حديثه عن ولاية الامام والفقيه على الخراج "له الولاية بما هو رئيس المسلمين وحافظ حوزة المؤمنين ، ومع عدم التمكن من التصرف على الوجه المزبور يرجع الامر إلى من يقوم بهذا الامر ، وان كان متغلبا لان فوات مصلحة قيامه بالامر لا يسوغ تفويت مصالح المسلمين". محمد حسين الاصفهاني : حاشية المكاسب ، تحقيق عباس آل سباع ، انوار الهدى (قم 1418 هج)، 2/397
[10] آية الله عز الدين زنجاني ، مقابلة ، حوزة 23 ، آذر 1366 هـ.ش
[11] السيد على خامنئي : خطاب أمام مسئولي المدارس الدينية 25-9-1991
[12] محمد جواد مغنية : تجارب محمد جواد مغنية بقلمه ، دار الجواد ، بيروت. ص 52
[13]  For more on Popper's theory, see Herbert Keuth, The Philosophy Of Karl Popper, Cambridge University Press, 2005, p. 166
[14] G. B. Madison,  The Logic of Liberty, (Greenwood Press, 1986(,p. 9
[15] عباس قائممقامي : قدرت ومشروعيت (تهران 2000) ، ص 112
[16] محمد تقي مصباح يزدي : نظريه سياسي اسلام ، مؤسسه امام خميني (قم 2001) ، ص 311

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...