‏إظهار الرسائل ذات التسميات خالد الدخيل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خالد الدخيل. إظهار كافة الرسائل

18/02/2014

سؤال العلاقة بين الدين والدولة

 

في مقاله الأسبوعي يتساءل الدكتور خالد الدخيل: هل شهد تاريخ الإسلام توحدا بين الدين والدولة على النحو الذي يفهم من شعار "الإسلام دين ودولة"؟

هذا واحد من مئات الأسئلة التي تدور حول معنى الدين ومفهوم الدولة في هذا العصر. كثير من الناس يبحث عن جواب مبسط عمومي من نوع أن الدين والدولة يتلاءمان أو يتخاصمان. لكن أي جواب من هذا النوع سيكون مخادعا. لأنه مبني على فرضية مسبقة فحواها أن للدين والدولة مفهومات ثابتة ونهائية. تحولات العالم، ولا سيما في أواخر القرن العشرين، غيرت بعمق معظم المفاهيم الموروثة حول النظام الاجتماعي.

النظام الاجتماعي (والدولة) ليس حشدا من الأفراد يديرهم رئيس. بل هو مركب ثقافي قيمي يتأثر باستمرار بما يجري داخله وحوله من تحولات اقتصادية وسياسية. يعرف دارسو العلوم الاجتماعية أن تحولات كهذه تقود بالضرورة إلى تحولات لاحقة في الثقافة التي تمثل أرضية لذلك التنظيم أو اطارا للتفاعل بين عناصره.

من الأمثلة الواضحة على تلك التحولات التكييف الفقهي لدور الجمهور (العامة). يعرف الباحثون أن العامة كانت غفلا في التراث والفقه الإسلامي، دورها قصر على السمع والطاعة والموت في الحروب. في عصرنا هذا أصبح الجمهور محور الحياة السياسية.

خلال السنوات الأخيرة تحدث باحثون وفقهاء عن رضا العامة ورأيهم "المعبر عنه بالانتخابات العامة مثلا" كمصدر للشرعية السياسية، خلافا للإجماع القديم على إرجاع أمور الولاية في الجملة والتفصيل للخاصة أو النخبة. ومن ذلك أيضا الموقف من أحكام المرأة ودورها في النظام الاجتماعي.

اتفق قدامى الفقهاء وأتباعهم من المعاصرين على أن بقاء المرأة في بيتها هو الوضع الصحيح وأن خروجها لطلب العلم أو العمل أو غيره، مشروط بضرورات مؤقتة. بينما نرى اليوم علماء وناشطين وجماعات دينية تتقبل، وبعضها يشجع، خروج النساء لكل تلك الأغراض ولغيرها. بل إن الجمهور المسلم والجماعات الدينية في العديد من البلدان، لا ترى بأسا في ترشيح النساء للمناصب السياسية، مما عرف سابقا بالولايات، التي اتفق قدامى الفقهاء وقراؤهم المعاصرون على حصرها في الرجال.

هذه أمثلة على تحول في النظام الاجتماعي تؤدي بالضرورة إلى تحول مواز في ثقافة الناس وقناعاتهم، ومن ثم إعادة صوغ القيم الدينية أو تفسيرها على نحو يلائم الأوضاع الجديدة. أي إعادة صوغ لمفهوم الدين وكيفية تطبيقه في الاجتماع السياسي.

من المهم في تقديري تحديد مفهوم الدين ومفهوم الدولة الذي نناقشه، قبل الحديث عن العلمانية. إن كثيرا من التطبيقات التي يتقبلها الجمهور والفقهاء اليوم، كانت في نظر الجيل السابق قد تمظهرات للعلمانية. لكن المفاهيم تتبدل تبعا لتحول النظام الاجتماعي والثقافة. من المهم إذن عدم إغفال هذه التحولات كي لا ننزلق لاستنتاجات مخادعة أو ربما قصيرة العمر.

الاقتصادية 18 فبراير 2014

  http://www.aleqt.com/2014/02/18/article_826430.html

 مقالات ذات علاقة

 

حول الفصل بين الدين والعلم

حول تطوير الفهم الديني للعالم

خاتمي وفكرة توطين الديمقراطية

الديمقراطية في بلد مسلم- الفصل الاول

 الـدين والمعـرفة الدينـية

العلمانية بين فريقين

العلمانية على الطريق

الإخوان .. خطاب بديل

مثال على طبيعة التداخل بين الدين والعلم

نقد التجربة الدينية

هل تتلاءم الثقافة الإسلامية مع الديموقراطية؟

06/07/2009

مرة اخرى : جدل الدين والحداثة


الجدل الذي رافق انتخابات الرئاسة الايرانية وما بعدها ركز الاضواء على نقاش قديم حول فرص المواءمة بين الدين والحداثة في تجلياتهما المختلفة ولا سيما السياسية منها . وصف الاستاذ مظاهر اللاجامي محاولات الباحثين في هذا الصدد بانها تلفيق ، وكتب الاستاذ في علم الاجتماع السياسي د. خالد الدخيل نقدا معمقا لكتابي "حدود الديمقراطيةالدينية" ركز على التعارض الذاتي بين الدين والديمقراطية.

انني من المؤمنين بامكانية تطوير نموذج للحداثة يستوعب الحاجات الثقافية والمادية الخاصة لكل مجتمع . توصلت الى هذه القناعة بعد سنوات من البحث والمراجعة والجدل الذي زادني – في الوقت نفسه- تفهما واحتراما لتحفظات المعترضين واسباب قلقهم . وقد عرضت شريحة واسعة من تلك الاسباب والجوانب الاشكالية في كتاب "الحداثة كحاجة دينية".

 يركز مفهوم الحداثة على دور الانسان كمصدر للقيم والمعايير والمعرفة. وهذا ينطبق على انسان المجتمعات التي ابدعت مفهوم الحداثة وتلك التي تلقته لاحقا . خلال قرن تقريبا شارك مفكرون من شتى انحاء العالم في نقد وتطوير العناصر التي يتشكل منها مفهوم الحداثة. محورية الانسان الفرد ، العقلانية ، معيارية العلم ، التعاقد والارادة الحرة كارضية لتفويض السلطة... وغير ذلك من مكونات المفهوم خضعت لنقاشات معمقة برهنت على ان الحداثة تابى – بطبيعتها – القولبة والحصر الايديولوجي .

على الطرف الاخر فان تقاليد البحث في الفكر الاسلامي تسمح بالتمييز بين القيم الاساسية للدين وبين اجتهادات المسلمين على اختلاف توجهاتهم وعصورهم . هذه المساحة هي التي سمحت دائما بوجود افهام متعددة للمبدأ الواحد واشكال متعددة من الممارسة الدينية . ثمة قيم اساسية في الدين لا يختلف عليها اثنان ، مثل العدل وكرامة الانسان والمساواة ، وثمة الى جانبها تجربة دينية تعبر فقط عن فهم مجتمع معين لتلك القيم.

نعرف بالبديهة ان فهم الانسان لفكرة ما ثم تطبيقها يتاثر بالضرورة بعوامل عديدة واحيانا متعارضة ، وبينها عوامل ذاتية مثل القدرات العلمية للفرد وتربيته العائلية ونفسيته ، وبينها عوامل اجتماعية كالثقافة العامة ومصادر المعيشة ونوعية الفرص والتحديات التي تواجه الجماعة ، ويضاف اليها طبعا المستخلصات الثقافية للتجربة التاريخية لهذه الجماعة .

من المفهوم ان نطاق وعمق تاثير هذه العوامل يختلف بين مجتمع واخر تبعا لاختلاف ظروفه الفعلية وتجربته التاريخية ، كما يختلف تلقي الافراد للفكرة نفسها تبعا لاوضاعهم الذهنية والنفسية والمادية. هذا هو المنطق الطبيعي للحياة والاشياء . ومن هنا نجد قراءات عديدة وتطبيقات متنوعة للفكرة الدينية ، تستلهم جميعا القيمة الاساسية ، لكنها تقدم تجارب متغايرة.  قد نطلق على هذا التنوع اسم الاجتهاد او تعدد القراءات او التمييز بين الثابت والمتحول ، او اي اسم شئت . لكن  الجوهري في الموضوع كله هو امكانية انتاج تجارب دينية متغايرة بين مجتمع واخر. لا اظنني بحاجة الى ادلة لاثبات هذا الادعاء لان تاريخنا والواقع الذي امامنا يكشف عن تنوع في الافهام والتطبيقات يستحيل حصره.

الرسالة النهائية لهذا التحليل هي ان افراد المسلمين والجماعة المسلمة يقومون فعلا – وهم على حق في ذلك – باعادة تشكيل حياتهم الدينية بين ظرف واخر كي تتناسب مع ثقافتهم ، حاجاتهم ، همومهم ، ظروفهم ، وتطلعاتهم ، وهذا ما اسماه هانس جورج غادامر بالافق التاريخي للفكرة.

لكل جيل حق ثابت في صوغ فهمه الخاص للفكرة الدينية وكذلك تجربته الدينية . وهذا يشمل بالتاكيد حقه في تقريب الفكرة او تطبيقاتها الى المباديء والقيم التي تبدو – في وقت معين – ضرورة للحياة ، او وسيلة للارتقاء بالحياة . بعبارة اخرى فلسنا مضطرين لسؤال اسلافنا الذين ماتوا عن امكانية التقريب بين الحداثة وقيم الدين . نحن مثلهم لدينا الحق ولدينا القدرة على الفحص والاختبار والنقد ثم الاخذ بالفكرة او تعديلها او اعادة انتاجها ضمن نسيجنا القيمي الخاص ، كما فعل الاسلاف مع الفلسفة اليونانية والفارسية والهندية وغيرها.

الاسلام والحداثة ، كلاهما يفتح الباب امام النقد والتجريب والمعالجة الهادفة الى انتاج افكار جديدة او اعادة انتاج افكار مسبقة في صيغ جديدة . وهذا هو المنطلق في القول بامكانية المواءمة بين الاسلام والحداثة وما ينتج عنهما من معايير وادوات عمل.
عكاظ 6 يوليو 2009

23/04/2008

عن الدين والخرافة والخوف من مجادلة المسلمات



يقول الاستاذ جمال سلطان إنه ضرب كفا بكف بعدما وجدنا نستعيد جدلا حول العلاقة بين الدين والعلم، انتهى منذ نصف قرن أو أكثر. ولا ينسى الإشارة إلى أن هذه الاستعادة هي ثمرة انبهار بالتطور التقني في الغرب، وانها قد تعمق العجز عن النهضة. وهو لا يرى في هذه النقاشات جدوى، لأنها تماثل الإسلام الذي يعلي شأن العلم مع الديانات التي لا تقيم له وزنا (عكاظ 17 ابريل 2008).
عبد العزيز قاسم
يرى الأستاذ سلطان اذن ان المشاركين في هذا الجدل لا يعرفون عما يتحدثون؛ فهم يخلطون بين الموضوعات والإشكاليات. وبحسب روايته في مقالة أخرى فقد رأى قبل عشر سنوات شبابا سعوديين يغلب عليهم ما وصفه بـ(المراهقة الثقافية) في نقاشاتهم حول الدين ودوره (المصريون 1 ابريل 2008). ولعله وجد الجدل الحاضر دليلا على استمرار تلك المراهقة بين المثقفين السعوديين، لا سيما كاتب هذه السطور وزميله في النقاش. واني لأعجب لمثقف يكتب مثل هذا الكلام.

الاستاذ سلطان يكرر كلام الزميل د. قاسم حول إعلاء الإسلام لشأن العلم. وهذا ليس موضوعا لنقاشنا ولم أتطرق إليه البتة. واستغرب قوله بأن المتحاورين يخلطون بين الإسلام وغيره في موقفهم من العلم. على العكس من ذلك فقد أكدنا على أن الروح العلمية في الإسلام تقتضي بالضرورة تحديد نطاقات مختلفة لكل من الدين والعلم. وقد شرحت هذا المعنى في أكثر من مقال. وأكدت تكرارا أن الدين مصدر للقيم والأحكام، أما العلم فغرضه كشف الواقع وتفسير حركة الاشياء التي هي أجزاء لهذا الواقع وكيفية تطورها والعلاقة بينها وسبل التحكم فيها وتسخيرها.

هذه النقطة بالذات كانت موضوعا لمقالتين كتبهما د. خالد الدخيل (الاتحاد الاماراتية 2، 16 ابريل)، وهو يضيف الى النقاش بعدا جديدا. اضافة الى هذه، عرض الدخيل نقطة جديرة بالاهتمام في النقاش حول الدين ودوره، ألا وهي القلق الايديولوجي الذي يسكن كثيرا منا، القلق من أن الجدل حول الدين ربما يستبطن (نية) للتهوين من شأن الدين أو قيمته الدنيوية أو لاقصائه عن الحياة اليومية. ونجد تمثيلات لذلك القلق في صورة اتهام صريح أو مبطن بأن المشاركين في الجدل منبهرون بالغرب أو ثقافته أو قوته، كما نجده في صورة اتهام بأن من يجادل لا يعرف الإسلام، أو على شكل تحدٍ انفعالي.

هذه الظنون والأحكام اراء محترمة لأصحابها، وهم لا يحتاجون الى التخفيف منها او تليين الكلام حولها. إني لا أشك ابدا أن المحرك الرئيس للنقاش حول الدين ودوره هو شعور بعض المسلمين بالأسى لما آلت إليه الأمور. تولد هذا الشعور في رحم المقارنة بين حالنا وحال العالم. قد تسمي هذا انبهارا وقد تسميه انفتاحا وقد تسميه تأملا في الذات. سمّه ما شئت، لكن جميع العقلاء يعرفون ان التفكير لا يبدأ الا اذا حركه دافع خارجي. وأبرز الدوافع هو اكتشاف الفارق بين الواقع والمثال، أو بين مستوى من مستويات الواقع والمستوى الاعلى منه.

الإسلام ليس في قفص الاتهام، ولن يزيده أو ينقصه قلمي أو قلم غيري. نحن، أهل الاسلام، في قفص الاتهام، ثقافتنا وافهامنا وتطبيقاتنا، وعلاقتنا بالدين والدنيا، كلها موضوعات للنقاش. ما يعمق الاحباط والعجز ليس النقاش في الدين كما اشار الاستاذ سلطان، بل الخوف من مجادلة المسلمات التي اصطنعها البشر من مسلمين وغير مسلمين، من حملة العلم الديني وغيره، فضلا عن عامة الناس. بعض هذه المسلمات هي أغلال على عقولنا وأغلال على حياتنا.

 وهي بين العلل الأولى لتخلفنا عن مسيرة المدنية في عالم اليوم. نحن لا نفهم العلم والتقنية كنشاط خرافي، كما رأى سلطان، بل نعرفه كمنتج إنساني لصيق بتاريخه وبيئته. ونعرف أيضا أن الخلط بين الدين والخرافة ورفع الخرافات إلى مقام القيم الدينية هو واحد من أسباب التخلف والعجز. نحن ندعو الى إعلاء مقام العقل وتحرير البحث العلمي من قيود القيم والتصورات، وهدفنا هو كشف الخط الفاصل بين القيمة الدينية والخرافة، بين ما هو موضوع للوحي وما هو موضوع للعقل، بين ما يتجه إلى الأشياء وما يتجه إلى الإنسان.
عكاظ 23 ابريل 2008
https://www.okaz.com.sa/article/179735

مقالات ذات علاقة


اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...