مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
06/10/2006
ماذا تختار... عصا موسى ام المكنسة؟
18/05/1999
سر الاســرار
11/05/1999
كشف الأســـرار
يقول زميلي ان الصحف ترغب في نشر التحقيقات عن الظواهر الغريبة ، لأن هذا النوع من المواد يستقطب قراء كثيرين ، وقبل القراء يأتي المعلنون ، فالصحيفة تهتم بالقاريء لأنه طريق إلى المعلن ، وليس ، على اغلب الظن ، من أجل توسيع نطاق الثقافة أو تعميمها ، لكني لاحظت ان شبكات التلفزيون قد لحقت هذه الايام بالصحافة: تلفزيون عجمان مثلا بث ندوة مطولة حول الطب الروحاني (الاسبوع الاول من مايو 99) (ولا اريد استعمال الاسم المتداول الذي يعرفه الجميع (العلاج بالقرآن ) وقبله بثت قناة الجزيرة برنامجا ، مهدت له باعلانات مفصلة طيلة اسبوعين ، حول عالم الجن والعفاريت ، وقد فهمنا السر في الاهتمام بالبرنامجين ، من كثرة الاعلانات التي تخللت عرضهما ، رغم ان تقديرهما العلمي لا يرتفع عن الصفر ، حتى لو استعملت اقوى الرافعات
.في ذينك البرنامجين وفي الكثير مما تنشره الصحافة تسمع سؤالا مكررا ، يستتبع جوابا لا يقل عنه سذاجة ..-
سؤال : ما رأيك في الجن أو وجود الجن ؟
-
الجواب: الجن مذكور في القرآن .
-
سؤال : هل السحر حقيقي؟
-
الجواب : السحر مذكور في القرآن .
وواضح ان غرض الاشارة إلى القرآن هنا هو تسويق
مجموع الفكرة ، الصحيح منه والخرافي .
ولأن الموضوع حقل الغام ، لا يأمن الكاتب من
غضب من تخشى غضبته ، لو قال فيه بخلاف المقرر ، فسوف اتجاوز الحديث عن ذات الموضوع
ورايي في قيمة الآراء التي يطرحها هواة هذه النوع من الاحاديث ، إلى مسألة أخرى
بعيدة قليلا عن الموضوع وبعيدة أيضا عن حقول الالغام .
يهتم الناس عادة بالأمور التي لها تأثير خاص
على حياتهم اليومية ، لكنهم يهتمون أيضا بالأمور الغامضة والغريبة ، لا لأنها ذات
تأثير عليهم ، بل لنوع من الفضول وحب الاستطلاع ، يولد رغبة جامحة لكشف الاسرار ،
بغض النظر عن فائدة هذا الكشف .
وتتبع وسائل الاعلام أساليب معروفة في تجارة
الاستعراض ، غرضها استقطاب اهتمام المتلقي ، ومن بينها ابراز مظاهر الغموض ،
بالتوازي مع وعد بمساعدة المتلقي على كشف السر .
وإذا
كانت اهتمامات العرب قد تركزت حتى الان على السحر والجن والعين والعلاج الروحاني ،
فثمة في الغرب من وسع اهتمامه إلى ما هو أبعد ، وتنشط في بريطانيا والولايات
المتحدة جمعيات للقادمين من الفضاء الخارجي ، يقول أعضاؤها انهم ينتمون إلى أقوام
تسكن كواكب خارج مجموعتنا الشمسية ، أو انهم التقوا بمخلوقات فضائية جاءت في سفن
فضاء أو صحون طائرة .
وثمة
جمعيات تعتني بالظواهر الغريبة التي يصعب تفسيرها ، ويبدو ان كثيرا من الناس هناك
قد اقتنعوا بوجود عوالم تطل علينا ، دون ان نعرف عنها شيئا ، وينقل د. عبد المحسن
صالح في كتابه (الانسان الحائر بين العلم والخرافة) الذي صدر ضمن سلسلة عالم
المعرفة ، ان كاتبا اميركيا هو تشارلز بيرلتز باع من كتابه المسمى (مثلث برمودا)
خمسة ملايين نسخة ، مما شجعه على إصدار كتاب مماثل بعد أقل من سنتين ، عنوانه (من
دون أثر) ولا شك ان رقم الخمسة ملايين كبير بكل المقاييس ، رغم ان مادة الكتاب
ليست سوى صياغات روائية ، فيها الكثير من الخيال وفن التشويق ، عن حوادث جرت فعلا
وأمكن تفسيرها بالطرق العلمية المعروفة ، لكن الكاتب أضفى عليها كثيرا من الاثارة
، بادعاء انها بقيت دون تفسير ، أو انها تضمنت أو ترافقت مع ظواهر موازية من النوع
الخارق أو المستحيل التفسير ، مثل حديثه عن سفينتين غرقتا في مثلث برمودا الشهير
ولم يعثر لهما على أثر ، بينما تقول سجلات شركة التامين ان كلا السفينتين غرقتا في
مكان يبعد مئات الاميال ، وان اسباب غرقهما معروفة تماما .
وعلى النسق ذاته اشتهر في البرازيل والفلبين
وبعض الاقطار الاسلامية اطباء روحانيون، يدعون القدرة على شفاء البدن من الامراض
بدء من قشرة الرأس وانتهاء بالسرطان ، ويدعي بعضهم القدرة على شفاء الام الروح ،
بدء من الاكتئاب وانتهاء بانفصام الشخصية، أو ما يسميه البعض تلبس الجن .
ونستطيع ان نفهم السر في الاهتمام الشديد لدى
الانسان بهذه الامور إذا كان مكتفيا ومرتاحا ، فالاكتفاء يولد شعورا بالفراغ
الداخلي ، ورغبة في السيطرة ، ويولد الشعور بالفراغ رغبة في الانشغال بشيء جديد
غير مألوف ، اما حب السيطرة فيولد حاجة إلى معاندة ما يبدو مستحيلا ، ومن بينها
كشف الاسرار والغوامض ، سيما وان هذا النوع من الكشوف ، لا يستدعي بذل جهد ولا مصارعة
عقبات .
لكني تساءلت دائما عن علة اندفاع الناس الذين
تطحنهم دواليب الحياة بلا رحمة ، إلى بذل المال والجهد والوقت بحثا وراء الجن
والعفاريت والسحر والفناجين والفال وما إلى ذلك ، ولاحظت ان هذه الامور اكثر
انتشارا في الطبقات الاجتماعية الفقيرة ، فهل لهذا دلالة خاصة ، هل هو تعبير عن
اليأس من الحلول المادية والعقلانية؟.
ثم تساءلت عن السبب الذي يجعل لهذه الاشياء
ظهورا متزايدا في اوقات معينة ، ثم غيابها عن واجهة الاحداث في أوقات أخرى ، فهل
لها علاقة بظروف اقتصادية أو اجتماعية محددة؟ .
عكاظ 11مايو 99
05/05/1999
الجـن سيــد العالم
|| معظم الذين يتحدثون عن الجن يبدأون باعلان جهلهم بالموضوع ثم
يتحولون للحديث عن تفاصيله ، كما لو كانوا محيطين به||
سألت معلمي يوما عن الجن ، أين يوجدون وكيف
يعيشون ، فأجابني بسؤال معاكس : وهل هناك ما يمنع وجودهم ؟ فأعدت عليه السؤال :
وهل هناك ما يوجب وجودهم ؟ الاصل في كل
شيء العدم ، والوجود يحتاج إلى دليل على حدوثه .
قال لي : ان تعبير (الوجود) الذي نستعمله
للدلالة على ما يقابل العدم ، ربما يعجز عن حمل مفهوم الوجود بكل معانيه ومضامينه
، فنحن نفسر العدم بما يعادل اللاشيء في المعنيين المادي والمجرد ، لكننا غالبا ما
نطلق تعبير الوجود على الأشياء القابلة للتحديد ،
أي المشهودة ، أما الغائبة وغير المحددة ، فربما نظنها قابلة لأن توجد ،
ولا نعتبرها موجودة بالفعل ، رغم انها موجودة كذات خاصة ، خارج إطار وعينا وحدود
إدراكنا .
قلت له : فهل تعتبر الجن من هذه الموجودات
خارج إطار وعينا ؟ .
قال لي : ان القول بوجودها ربما يستدعي سؤالا
عن طبيعة هذا الوجود ، فما دام الانسان قادرا على ادراك وجود شيء ، فلا بد ان يمتد
الادراك إلى معرفة طبيعته ، هذه المعرفة توجد علاقة من نوع ما بينه وبين الانسان ،
فاذا وجدت العلاقة ، كانت داعيا لإقامة نظام يحكمها .
علاقة الانسان مع الكون محددة ومضبوطة بنظام
شرعه الخالق ، وفصله الانبياء والعلماء ، فهو عبد لخالق الكون ، سيد لبعض ما في
الكون ، ومساو للبعض الآخر ، وبحسب ما وصل الينا وما توصلنا اليه من أحكام في
علاقة الانسان بعناصر الكون ، فانه لا توجد أحكام خاصة بالعلاقة مع كائنات مما
نتحدث عنه الآن مثل الجن .
قلت لمعلمي : فهل تريد الوصول إلى ان عدم
تنظيم احكام العلاقة بهم دليل على عدم وجودهم ؟ .
قال لي : لا يستطيع العاقل الجزم بعدم وجودهم
، فقد سلف القول ان تعبير الوجود قد يعجز عن حمل الفكرة بتمامها ، ربما نستطيع
الجزم بعدم ايجادهم ، لا عدم وجودهم ، حدود معرفتنا الحاضرة لا تتجاوز الكون
المادي ، وما نعرفه عن الكون الآخر فوق المادي ، لا يتجاوز المعرفة النقلية ، نحن
نعرفه لأننا قبلنا بما سمعناه ، لا لأننا أدركناه بالوسائل العقلية أو التجريبية ،
لكن هذا يختلف عن مسألة الجن في ان طبيعته معروفة إلى حد ما ، والعلاقة معه مضبوطة
ومحددة .
قلت لمعلمي : الحديث الدائر عن الجن في في
مجتمعات العالم ، ومن بينها مجتمعات المسلمين ، ليس كلاما عن اكتشاف ما خارج
الحدود المادية لكوننا ، بل عن تداخل للجن في حياة هذا الكوكب ، يتحدثون أحيانا عن
سيدة ما عشقها جني وأجبرها على الزواج منه ، أو رجل تلبسه جني فأصبح عبدا له يتصرف
كآلة مبرمجة ، أو بيت (مسكون) يشعر أهله بحياة أخرى تدور فيه غير حياتهم ، فهذه
وأمثالها تعبيرات عن وجود ضمن عالمنا ، وجود متداخل مع وجودنا بل هو جزء منه ،
ولهذا فان الناس يتساءلون عن طبيعة هذا الوجود ، ولأنهم لا يعثرون على جواب ، فهم يسكتون عن التفصيل ، ويحيلون
الأمر إلى من لا يمكن مطالبته بالتفصيل أو الدليل ، فيقولون مثلا ان (الجن مذكور
في القرآن) وهو مذكور حقا .
قال معلمي : نحن لا نعلم إذا كان الجن المذكور
في القرآن هو الجن الذي يتحدثون عنه الآن ، تعبير (الجن) الذي نستعمله غير محدد المعنى ، وأطلق العرب
التعبير على ما هو قوي وخفي ، ولو سألت عنه
لأخبروك بانه وصف لكائنات هائلة القوة غير مادية وغير قابلة للتحديد ، وهذا يساوي
عدم المعرفة ، فالأوصاف المذكورة تصورية لا تطبيقية ، القرآن استعمل تعبيرات
متداولة لتقريب المعاني ، دون ان تكون مقصودة بذاتها ، مثل تقريب وصف الجنة إلى ما
يعادل البستان الوارف ، المليء بالفاكهة وأنهار الخمر والعسل ، رغم ان الجنة توصف
في الاثر بما ( لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) .
هذا أولا ، أما الثاني فهو ان الحوادث التي
تذكر عادة ، تأتي في سياق التقرير المسبق للوصف والاستنتاج ، بمعنى ان الناس الذين
تقع لهم هذه الحوادث أو يسمعون بها ، لا
يضعون جميع الاحتمالات الممكنة ، وأحدها ان لا يكون الأمر متعلقا بالجن على
الاطلاق ، بل يسارعون إلى اعلان عجزهم عن معرفة ما يرون أو يسمعون ، فيحيلون الامر
إلى دائرة (القوى الخفية) التي يسمونها الجن ، لكنهم بعد هذه الاحالة يعودون إلى
ادعاء العلم ، فيقررون ان الاحتمال الوحيد
هو تدخل الجن ، وطالما كان الامر كذلك فمن الممكن التعامل معه ، وهذا الانتقال
السريع من النقيض أي الجهل بالشيء ، إلى
نقيضه أي ادعاء العلم به ، هو أحد الآفات
المعروفة في ثقافتنا ، وهي تظهر هنا وفي أماكن كثيرة أخرى .
29/05/1995
الناس والسياسة
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...