‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولاية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولاية. إظهار كافة الرسائل

14/02/2018

من الحجاب الى "العباية"



احتمل ان بعض القراء اطلع على الجدل الذي أعقب حديث الشيخ عبد الله المطلق ، حول حجاب المرأة في الاسبوع المنصرم. ويتمتع المطلق باحترام كبير بين السعوديين. وهو عضو في هيئة كبار العلماء ، قمة الهرم في المؤسسة الدينية في المملكة.
استطيع القول من دون تحفظ ، ان الرؤية التي قدمها الشيخ ذات قيمة استثنائية ، نسبة الى نسق الفتوى والدعوة في المجتمع السعودي. وهذا يظهر في نقطتين. اولاهما تأسيس الفتوى على مغزى الحكم الشرعي ومقاصده ، خلافا للمنهج السائد الذي يربط الحكم بما ورد في النص لفظا ، أو بما تعارف جمهور العلماء على فهمه ، حكما او تطبيقا للحكم. اما الثانية فهي تمييزه بين الحكم الشرعي وعرف المجتمع ، سيما العرف الذي ارتدى لباس الشريعة.
فيما يخص النقطة الاولى ، راى الشيخ ان حكم الحجاب محوره الستر ، وليس طريقته او نوع اللباس المستخدم فيه. وفيما يخص النقطة الثانية ، قدم اشارة ذكية فحواها ان عرفنا المحلي وتقاليدنا ، قد تحدد طريقة تطبيق الحكم الشرعي في بلدنا ، في وقت ما. لكن هذا مقيد بمكانه وموضوعه. ولا يمكن اعتباره قيدا عاما على الحكم الشرعي ، ولا هو متقدم على العادات او التقاليد المماثلة في مجتمعات اخرى ، ذلك ان "95 بالمئة من المسلمات حول العالم لا يعرفن العباءة ولا يرتدينها ، مع التزامهن بالحجاب الشرعي". بعبارة أخرى ، يقر الشيخ بان التقاليد لها مكان في منظومة التشريع العامة. لكنها تبقى في منزلة أدنى من الحكم الشرعي الاساسي. ولذا فان مستوى الالزام فيها ، دون مستوى الالزام في الحكم العام.
ملاحظة الشيخ المطلق هذه تعني ضمنيا ان في الاحكام سعة. لأن الافهام والاعراف التي يعتمدها الفقهاء والجمهور في بلد ، لا تلزم المجتمعات الاخرى. كما ان من يخالف تلك الافهام والاعراف في نفس البلد ، لا يعد معاندا للشريعة ، بل مخالفا للعرف والتقاليد السائدة فحسب.
لفت نظري ان ايا من العلماء البارزين لم يعلق على رؤية الشيخ المطلق ، مع علمي بان بعضهم لديه آراء متشددة في نفس الموضوع. وافترض ان هذه الرؤية لن تريحه. ولعل سكوتهم راجع الى شعور بأن المجتمع يميل فعليا الى التخفف من التقاليد المتشددة ، من خلال التأكيد على التمايز بينها وبين الاحكام الشرعية. وقد رأينا تجسيدا لهذا الميل في أكثر من مناسبة خلال العامين الأخيرين.
أما الذين جادلوا الشيخ ، فقد ركزوا على عامل التوقيت. ولعل المقصود به التشكيك في الدوافع الكامنة وراء الفتوى ، بالقول مثلا انها تشكل استجابة لمتطلبات المرحلة ، وليست مجرد بيان لحكم فقهي. هؤلاء يقولون صراحة او ضمنيا ، انهم لا يريدون التخلي عن تقليد راسخ ، عاشوا حياتهم كلها وهم يعتبرونه جزء من المنظومة الاخلاقية والعلائقية. مثل هذا التبرير يؤكد حقيقة ان بعض التقاليد الاجتماعية تتلبس رداء الدين ، فتتحول الى بنية اكثر صلابة ومناعة من تعاليم الدين ذاته.
من نافل القول ان اختيار الوقت الملائم لاعلان رأي او فتوى في موضوع جدلي ، لا يطعن في صحة الفتوى ولا يعيب قائلها. بل لا يعيبه ان يكون قد تبنى في الماضي رأيا ثم تركه لاحقا الى غيره. انما العيب ان تتبنى عادة او عرفا خاصا ، ثم تلزم الناس به كما لو كان أمر الله الصريح ، بلا قيد ولا شرط.

الشرق الاوسط الأربعاء - 28 جمادى الأولى 1439 هـ - 14 فبراير 2018 مـ رقم العدد [14323]
http://aawsat.com/node/1174441

مقالات ذات علاقة 




20/09/2010

عدد النساء في وزارة العمل


بطالة النساء هي التحدي الكبير الذي يواجهه وزير العمل الجديد. طبقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة فإن نسبة العاطلات عن العمل تصل إلى 27 في المائة. وأعرف ويعرف غيري أن العدد الحقيقي يزيد على ضعف هذه النسبة. إن مقارنة الأرقام الخام لعدد العاملات وطالبات العمل مع إجمالي النساء في سن العمل تكشف عن الحقيقة التي تخفيها النسب والتقديرات غير المحايدة. لكن حتى لو افترضنا أن هذه النسبة «معقولة» فإنها تشكل تحديا محرجا.
بذلت الوزارة في السنوات الماضية جهدا ليس بالقليل لمعالجة موضوع البطالة، لكن تلك الجهود تبقى موضع جدل لجهة الفلسفة التي قامت عليها والنتائج الفعلية التي أسفرت عنها. ومن المؤكد أن لدى مسؤولي الوزارة الكثير من المبررات والتفسيرات، قد نتفهم بعضها، لكنها لا تغير شيئا من الوقائع التي نراها على الأرض.
يمكن للوزارة أن تحدث اختراقا استراتيجيا إذا بدأت من النقطة الصحيحة، وأعني بها كادر الوزارة نفسها، ثم بقية دوائر الدولة. أقترح على الوزير أن يسأل مساعديه: كم تبلغ نسبة النساء بين مجموع موظفي الوزارة؟. وسيسمع الجواب الذي لا يتمناه: أقل من «5» في المائة.
تقول مصلحة الإحصاءات العامة إن عدد العاملات في القطاع الحكومي يبلغ الآن 275 ألفا، من أصل 900 ألف موظف، أي 30 في المائة، وقبل ثلاث سنوات كانت هذه النسبة 33 في المائة.
 بعبارة أخرى فإننا قد تراجعنا بدل أن نتقدم أو على الأقل نحافظ على نفس المستوى الضعيف. هذا بطبيعة الحال لا يعكس صورة دقيقة عن موقع المرأة في سوق العمل، لسببين:
 أولهما: أن معظم هذه النسبة مركز في وزارتين فقط هما التربية والصحة،
 والثاني: لأن القطاع الخاص شبه مغلق أمام النساء. طبقا لأرقام وزارة العمل فإن نسبة العاملات في القطاع الخاص قد ارتفعت بنسبة واحد في المائة فقط خلال ثلاث سنوات «من 6% عام 2006 إلى 7% عام 2009»، هذا يعني أن الوظيفة الحكومية تمثل فرصة وحيدة للنساء لأسباب معروفة.
من هنا فإني أدعو الوزارة إلى التركيز على هذه النقطة بالتحديد، أي منح النساء فرصا مضاعفة في القطاع الحكومي. وهذا ينبغي أن يبدأ من كادر وزارة العمل نفسها كي تكون نموذجا وأمثولة للوزارات الأخرى. ليس من المعقول أن تطالب الوزارة القطاع الخاص بتوظيف النساء وتنسى نفسها، مع أن ظروف العمل في القطاع الحكومي أنسب للنساء وأقل إثارة للجدل. في كل وزارة هناك الآلاف من الوظائف التي لا تستدعي اختلاطا ولا مواجهة مع الجمهور، وهي كلها تمثل فرصا طبيعية لمن يبحث عن حلول للمشكلة.
ترى هل تستطيع وزارة العمل وضع برنامج لإحلال النساء في 50 بالمائة من وظائفها خلال خمس سنوات؟.
خطوة كهذه ستشكل إشارة انطلاق لبرنامج أوسع يستهدف إلزام الدوائر الحكومية بتحديد نسبة إلزامية «كوتا» للوظائف التي تشغلها النساء في كل وزارة، لا تقل عن 20 في المائة على المستوى الوطني، و35 في المائة للإدارات التي تمثل بيئة تفضيلية للنساء، أي تلك التي يمثل العمل المكتبي نسبة كبيرة من وظائفها.
سمعت قبل أيام عن اعتزام وزارة التربية تأنيث قطاع تعليم البنات بشكل كامل، وإذا صح وجود استراتيجية لهذا الغرض فيجب أن ترفق ببرنامج زمني معقول. وهي على أية حال بادرة طيبة. لكن الأمر مطلوب أيضا من الوزارات الأخرى مثل الشؤون الاجتماعية والصحة والمالية والتجارة ومؤسسة النقد والتعليم العالي..
اشتغال النساء ليس ضرورة اقتصادية فقط، بل هو أيضا ضروري لإصلاح اختلالات ثقافية واجتماعية عميقة يعاني منها بلدنا بسبب هيمنة نمط ثقافي تقليدي عاجز عن استيعاب الحاجات الواقعية للناس والتغير الفعلي في نظام القيم والمصالح في السنوات الأخيرة. ربما لا يدرك التقليديون أن كثيرا من التوترات والأمراض الاجتماعية وحالات العنف والسخط ترجع إلى انعدام التوازن في بنية الإنتاج والدخل ومصادر المعيشة. ومن هنا فإنهم يسهمون غفلة أو تغافلا في تعميق تلك الاختلالات بمعارضتهم للتوسع في اشتغال النساء. يمكن لوزارة العمل أن تقدم خدمة عظيمة للبلاد إذا ساهمت في حل هذا المشكل. لكن عليها أن تبدأ بنفسها أولا.

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...