"ورقة نقاش قدمت في ندوة خاصة عقدتها "هيئة حقوق الانسان" فندق شيراتون - الدمام"
تعالج هذه الورقة "دور
المؤسسات الاهلية في معالجة العنف الاسري". وهي تبدأ بعرض ثلاث نقاط تمهيدية
تنطوي على تحفظات حول التعريف. ثم تعرض نوعين من العوامل التي تفسر بروز هذه
الظاهرة. ضمن العوامل البنيوية اي التي تمكن في التنظيم الاجتماعي نفسه اشرت الى
سببين يتعلقان بالثقافة وسبب يتعلق بالقانون. وضمن العوامل المتغيرة اشرت الى
ثلاثة اسباب تندرج جميعا تحت عنوان التاخر في استيعاب الحداثة. في نهاية الورقة
تعرض الورقة اربعة مقترحات عن الدور الذي يمكن للدولة ان تلعبه لمعالجة المشكلة،
ومن بعده ثلاثة مقترحات اخرى عن الدور الذي يمكن للمجتمع الاهلي ان يلعبه في هذا
الصدد، وركزت خصوصا على اهمية قيام حركة نسائية للعمل من اجل تحقيق مبدأ
"تمكين المرأة".
اشير اولا الى ثلاث نقاط
اجدها ضرورية لفهم مسالة العنف الاسري والنقاش فيه، كل من هذه النقاط تنطوي على
دعوة للتحفظ في الحديث عن "العنف الاسري" او "العنف ضد المرأة".
النقطة الاولى:
تتعلق بمفهوم الظاهرة الاجتماعية: نحن نتحدث عن العنف المذكور كظاهرة اجتماعية
ونفترض سلفا انها قائمة. هذه الفرضية تحتاج الى اثبات. يطلق وصف "الظاهرة
الاجتماعية" على نسق جديد مختلف عن الحالة الطبيعية، ينطوي على تمظهرات
وميكانزمات مختلفة، وهو قابل للوصف والتفسير باعتباره منظومة متمايزة. يهمني البدء
بهذا التحفظ لان القدر الذي اطلعت عليه من تقارير وتقديرات حول العنف الاسري لا
يقوم على بحوث ميدانية كافية ولا يقدم وصفا دقيقا لمفهوم "العنف
الاسري"، كما انه يفتقر الى مقارنات رقمية موثوقة. حين نتفق على اننا بصدد
"ظاهرة اجتماعية" بالمعنى المذكور، فسوف نحتاج الى علاج خارج اطار
الوسائل القائمة. بمعنى ان عجز الاطارات الحالية هو الذي ادى الى بروز وتبلور
الظاهرة المفترضة، ولهذا فاننا نحتاج الى معالجتها بوسائل من خارج الاطار الذي سمح
لها بالبروز والتبلور.
النقطة الثانية:
كل علاقة تنطوي على خشونة او جبر يمكن ان تندرج تحت عنوان "العنف"، لكن
مفهوم "العنف الاسري" او "العنف ضد المراة" الذي يدرس في اطار
القانون او حقوق الانسان هو ذلك الذي يمكن تصنيفه تحت عنوان الجرم، ويخرج بناء على
هذا التصنيف من دائرة العلاقات العائلية ويصبح ضمن اطار ولاية القانون العام.
العلاقة داخل العائلة لا تخضع لولاية القانون بل تدار وفقا للمعايير الاخلاقية
وتعالج بالارشاد والتوجيه. نفهم طبعا ان هناك اشكالا متعددة للعنف تحدث داخل كل
عائلة وحولها لكن لا يمكن تصنيفها كجرم. بعبارة اخرى فاننا نفتقر الى معيار قانوني
مثبت يمكن ان نرجع اليه في تصنيف ما يعتبر عنفا اسريا بالمفهوم الذي اشرنا اليه
وما لا يعتبر كذلك. افهم ان هذا المبحث جديد في مجتمعنا ولهذا السبب سوف نحتاج الى
زمن اطول قبل ان تتكون لدينا قاعدة معلومات حول الموضوع يمكن الاعتماد عليها.
النقطة الثالثة:
لا يخلو مجتمع من ازمات داخلية تؤدي الى توتر في العلاقة بين اعضائه. بعض تلك
الازمات اعتيادي. لكني اجد ان المجتمع السعودي يشهد منذ بداية العقد الجاري تازما
وتوترا في العلاقة يتجاوز الحدود الاعتيادية. واميل شخصيا الى ربط هذا التازم
بعامل النمو غير المتوازن وغير المخطط. يؤدي التغيير في الاقتصاد الى ظهور فرص
وامكانات جديدة واساليب العيش ومصادر دخل وانماط ثقافة غير مألوفة. هذه المستجدات
ليست منظورة ولا معرفة في نظام القيم والاعراف والتقاليد السائدة والتي تشكل اداة
لضبط وتسيير النظام الاجتماعي والعلاقات القائمة في اطاره. ولهذا نجد انفسنا امام
وضعيات وادوار وهموم وتطلعات واخلاقيات وامكانات متفارقة عن نظام القيم السائد.
هذا التفارق يقود الى توتر في العلاقة بين الناس ولا سيما بين الاجيال المختلفة او
بين الاطياف التي تنتمي الى ثقافات متفارقة زمنيا او موضوعيا. التوتر ربما يقود
الى العنف داخل العائلة او في المحيط الاجتماعي الاوسع.
قد ياتي العنف الاسري داخل
هذا السياق. وحينئذ فان تعريفه يتبع التعريف العام ومعالجته تتبع المعالجة العامة.
وقد يبرز كظاهرة مستقلة. العنف الاسري كظاهرة مستقلة يعني انه ينتمي من حيث
الاسباب او الميكانزمات الى اختلال في العلاقة داخل الاسرة، بغض النظر عن اسباب
التازم الاجتماعي العام.
سوف اعرض في الفقرات التالية
الاسباب المحتملة للعنف داخل الاسرة، وسوف نلاحظ انها تتقاطع في بعض الجوانب مع
التازم العام. اسباب العنف الاسري نوعان: بنيوية ومتغيرة
العوامل
البنيوية:
أ) مفهوم الولاية داخل
العائلة ينحو بها في اتجاه السلطة والهيمنة، بمعنى افتراض ان لشخص محدد الحق
المطلق في تقرير كيف يعيش الاشخاص الاخرون. الثقافة الموروثة والعرف الاجتماعي
يفترض للاب او الاخ الاكبر سلطة على كل اعضاء العائلة الاخرين.
ب) الثقافة العامة في
المجتمع العربي تميل الى التركيز على الواجبات والتكاليف وتهمل الحقوق. ينظر الى
الفرد باعتباره مكلفا ويطالب باداء واجبات لكنه نادرا ما يخاطب كصاحب حق. اظن ان
عددا قليلا جدا من الاباء قد تحدث مع زوجته وابنائه عن حقوقهم عليه وعلى المجتمع
والدولة. لكنهم المؤكد انهم جميعا قد حدثوهم بطريقة او باخرى عن واجباتهم. التاديب
والتربية في الفهم العام يساوي تفهيم الفرد واجباته ودفعه لادائها. وتجد هذا
الاتجاه بعينه في المدرسة وفي خطب الدعاة والتربويين وكذلك في اجهزة الاعلام.
ج) غياب اطار مؤسسي وقانوني
للتعامل مع حوادث العنف الاسري: لا نقترح ان يذهب الابناء الى الشرطة كلما حدثت
مشكلة في البيت. هذا ليس مفيدا ولا هو ممكن. كما اننا لا نرغب في تمديد ولاية
القانون الى داخل البيت. البيت مجال خاص لا ينطبق فيه القانون العام. نفترض ايضا
ان العلاقة داخل الاسرة علاقة ود في الغالب وان المشكلات يجري حلها في هذا الاطار
دون نقلها الى خارج البيت. لكن من المهم ايضا ان يكون هناك اطار قانوني يعالج
الحالات الاستثنائية، مثل المثال الذي عرضناه عن عضل البنت ونحوه. مثل هذا الاطار
يقوم على اساس تعريف مضمون الولاية الابوية والافعال التي تعتبر خرقا لها
والعقوبات التي تترتب عليها والجهة المكلفة بمعالجة المشكلة واستيعاب الاثار
الموضوعية المترتبة عليها مثل انفصال الابن او البنت او الزوجة عن العائلة
والمسؤوليات المترتبة على هذا الخ. ويدخل ضمن الاطار المؤسسي تحديد مسؤولية الدولة
باعتبارها الكفيل النائب عن المجتمع في حال فقدت الكفالة العائلية، والاطار الذي
يستوعب ما يترتب على ذلك مثل دور الايواء الموقت او الطويل الامد الخ.
العوامل
المتغيرة
نقصد بالعوامل المتغيرة
للعنف الاسري تلك العوامل غير الاصيلة في النظام الاجتماعي او الثقافة. بعبارة
اخرى العوامل التي تحدث كانعكاس لتغيرات في داخل الاسرة او محيطها وتؤثر على نفوس
اعضائها او على العلاقات بينهم. واظن ان ابرز العوامل هي التاخر في استيعاب
الحداثة.
واشيرالى ثلاثة مظاهر منها:
1-تفاقم الفجوة بين الاجيال:
في المأثور "الناس بزمانهم اشبه منهم بابائهم". تمايز الاجيال حدث طبيعي
يدركه الجميع ويسعى للتكيف معه، سواء كان راضيا عنه او ساخطا عليه. التكيف يقتضي
قدرا من التنازل عن قناعات او عادات تشكل نظام الحياة المألوف. هذا ليس مشكلة
كبرى، فالناس يعرفونها منذ زمن طويل. لكن الذي حدث في العقدين الاخيرين هو شيء
مختلف تماما. التمايز بين الاجيال اصبح متسارعا وصادما لجيل الاباء، بحيث اصبح
التكيف في حالات كثيرا امرا عسيرا. ادى العجز عن التكيف الى تفاقم الفجوة الثقافية
والقيمية بين الجيل السابق والجديد في الثقافة والاخلاقيات والهموم واولويات
الحياة.
الانعكاس الاولي لهذا الحال
هو تعسر التفاهم: يحاول الاب الحفاظ على مكانته كرئيس للعائلة، لكن الابناء
يحاولون في الجانب الاخر فرض استقلالهم. يحاول الاب تربية ابنائه على القيم
والاعراف التي يثق فيها، لكن الابناء يتلقون ثقافتهم وقناعاتهم من قنوات خارج نطاق
معرفة الاب، كالتلفزيون والانترنت وشبكات الاصدقاء غير المعروفين للاب الخ.
2-انضمام النساء الى سوق
العمل: خلال العقدين الماضيين تحول عمل المراة من حالة استثنائية الى سياق طبيعي
في الحياة الاجتماعية. طبقا لدراسة حديثة فان اكثر من ثلثي الفتيات اللاتي تقل
اعمارهن عن 20 عاما يعتبرن الانضمام الى سوق العمل هدفا طبيعيا للدراسة ونحو نصف
هذه النسبة لا ترى حاجة لاستئذان الاب او الزوج قبل اختيار الوظيفة. وتشير تقديرات
اخرى الى ان واحدة على الاقل بين كل تسع نساء سعوديات في المرحلة العمرية بين
25-40 عاما تمارس فعليا وظيفة مدفوعة الاجر. العمل يعني استقلالا نفسيا وفعليا
بدرجة او باخرى وشعورا بالذات. وينعكس هذا على شكل تمرد صريح او مكتوم على السلطة
الابوية التي قد يمارسها الاب او الاخوة الكبار.
3-انكسار نموذج المجتمع
القروي الذي تقوم العلاقات فيه على قاعدة المعرفة المسبقة او القرابة. معظم
السعوديين يعيشون الان في المدينة، بل ان نمط الحياة المدينية انتقل الى المجتمعات
الريفية، بحيث اصبحت اقرب الى المدن منها الى الريف. مجتمع القرية هو مجتمع
العائلة الكبيرة، اما مجتمع المدينة فهو مجتمع الفرد والعائلة الصغيرة. هذا يعني
علاقات اجتماعية تتبع نظام قيم مختلفا. تمثل علاقات القرابة والمعرفة السابقة
وسائل طبيعية لحماية افراد العائلة وضبط سلوكهم وفق القيم والاخلاقيات المتعارفة
والموروثة. اما في المدينة فلا توجد اي وسائل حماية من هذا النوع. رد الفعل العفوي
على هذا التطور هو الشعور بالاحباط وتفاقم القلق والميل الى وسائل حماية قهرية او
مباشرة قد تصل الى الجبر المادي.
دور
الدولة في معالجة العنف الاسري:
كي تنجح الجهود المبذولة
لمكافحة العنف ضد المرأة فان عليها ان تتجه مباشرة الى معالجة الاسباب التي تؤدي
الى بروز هذه الظاهرة. هناك دور هام لمؤسسة الدولة وهناك دور مماثل للاهالي.
يتمثل دور الدولة في اربعة
جوانب بارزة:
1- بتطبيقه، ولا سيما الشرطة
والادارة المحلية والقضاء. وكذلك القوانين التي تحدد المسؤولية عن ضحايا العنف وما
يترتب عليه.
2-اعلان الدولة كفالتها
لضحايا العنف وكونها مسؤولة عن مساعدتهم على العودة الى الحياة الطبيعية بعد الفصل
في المشكلة. وايجاد المؤسسات اللازمة لذلك. تكمن اهمية هذا الاعلان في ان بلادنا
تفتقر اجمالا الى الاطارات التي تستوعب ما ينتج عن حالات النزاع غير القابلة للحل
مثل دور الايواء الموقت. كما ان الغموض الفعلي في المكانة القانونية للمرأة يجعلها
على الدوام طرفا ضعيفا في اي نزاع. وبين امثلة هذه الحالة نشير الى المشكلات
المتعلقة بحصولها على الاوراق الرسمية والوظيفة والسكن المستقل والانتقال ومراجعة
دوائر الدولة الخ.
3-تملك الحكومة اكبر شبكة
للتوجيه والاعلام على مستوى البلاد، وهي الجهة الاقدر فعليا على ايصال التوجيه
والارشاد واطلاع الجمهور على اهمية المسالة وما يعتبر جرما يستوجب تدخل القانون.
اعتقد ان وضع استراتيجية للتوجيه سيكون مهما جدا. واريد الاشارة خصوصا الى اهمية
نشر ثقافة حقوق الانسان من خلال المدارس وقنوات الاعلام والمساجد.
4- وضع اطار قانوني لتشجيع
ودعم المؤسسات الاهلية التي تعالج مشكلات الاسرة او تساعد على تمكين المرأة. في
بلادنا توجد اليوم عشرات من المنظمات الصغيرة التي تقوم بالارشاد الاسري ومساعدة
الاسر على حل مشكلاتها، وهي توفر على الدولة ميزانيات ضخمة فيما لو وصلت المشكلة
الى الشرطة او القضاء. هذه المنظمات بحاجة الى اطار قانوني يسمح لها بالعمل في ظرف
افضل كما يسمح لها بالحصول على التمويل اللازم لاداء مهماتها.
دور
المجتمع المدني
يعتبر المجتمع المدني موازيا
ومكملا وفي بعض الاحيان دافعا للدولة. في كل من الادوار الثلاثة التي تلعبها
الدولة يمكن للمجتمع ان يتخذ مبادرات تكميلية او مستقلة. لكني اظن ان العلاج
الجذري لمختلف قضايا المرأة في بلادنا يكمن في مفهوم "تمكين المرأة"
المعروف على مستوى العالم، والذي تتبناه منظمات حقو ق الانسان.
1- تمكين المرأة والحاجة الى
حركة نسائية
يستهدف مفهوم "تمكين
المرأة" اقرار حقوق المرأة التي عرفها الشرع والقانون لكنها لا تتمتع بها
واقعيا بسبب تفاوت في الامكانات المادية او المكانة الاجتماعية او الوضع القانوني
او غيرها. في المجتمعات التي لا زالت متاثرة بالتقاليد مثل مجتمعنا تبدو هذه
المفارقة شديدة الوضوح. يقر الفقه الاسلامي وقانون البلاد حقوقا واسعة للنساء،
ابسطها حقهن في الاستقلال الاقتصادي. لكن هذا الحق على سبيل المثال غير قابل
للاستعمال الا في نطاق ضيق بسبب عوامل معيقة قانونية او اجتماعية، معظمها معروف.
يجب ان لا نتوهم بان العنف
ضد النساء قابل للحل بمجرد صدور قانون او تبني القضاء او الدولة معاقبة المعتدي.
نحن بحاجة الى معالجة جذرية وواسعة النطاق لوضع المرأة في بلادنا. هذا يحتاج الى
الكثير من العمل المنظم والتعاون مع الاجهزة الرسمية ومع الاهالي. لهذا فانه يتوقف
على قيام حركة منظمة للنساء السعوديات تضم في اطارها جميع النساء الراغبات في
العمل من اجل تمكين المراة وحصولها على المساواة في الحقوق والواجبات بالقدر الذي
يسمح به الشرع ويتيحه القانون الوطني.
العمل الجمعي المنظم هو الذي
يعالج القضايا الكبرى. وامامنا مثال هيئة حقوق الانسان والجمعية الوطنية لحقوق
الانسان. خلال السنوات القليلة التي مضت على قيامهما، اصبح مبدأ حقوق الانسان
معروفا لدى كافة السعوديين، وحدثت تطورات تستحق الاهتمام والتقدير في عمل الاجهزة
الحكومية باتجاه رعاية واحترام حقوق الانسان. نعتبر هذا مهما بالمقارنة مع ما كنا
نعرفه قبل اقل من عشر سنين حين كان الناس يتحدثون عن حقوق الانسان باعتبارها شعارا
لغزو ثقافي اجنبي وما الى ذلك.
هذه التجربة على حداثتها
تشير الى اهمية العمل الجمعي المنظم. ان قضية تمكين المرأة لا تقل سعة واهمية
وتعقيدا عن قضية حقوق الانسان، ولهذا فهي تحتاج بالتاكيد الى عمل مماثل واعتقد ان
الوقت قد حان كي تسعى نساؤنا لاقامة الاطار الخاص بهن والذي ينبغي ان يستهدف
بالتحديد تمكين المرأة ونيلها حقوقها الشرعية والقانونية. ومثلما نجحت هيئة حقوق
الانسان والجمعية الوطنية في تشكيل قاسم مشترك للجهود الاهلية والرسمية، فان
الحركة النسائية المنشودة سوف تلعب نفس الدور، اي ضم الجهود الاهلية وهي كثيرة
لكنها متناثرة، وتنسيقها مع جهود المؤسسات الحكومية.
2- دور الدعاة والحاجة
الى استعادة التفاهم
يمثل الدعاة والمشايخ ثاني
اكبر قوة توجيه اجتماعي بعد المدارس. وهم يستمدون هذا التاثير من لقائهم المنتظم
بالجمهور العام ومن قدرتهم على ربط ارائهم بالمصادر الدينية التي تعتبر ذات قيمة
معيارية عند الجميع. ولهذا فان تعاونهم مع تحرك شعبي او رسمي ضد العنف الاسري سوف
يكون ذا نتائج باهرة. لكن علينا ان نكون صريحين فقضية النساء لا تحظى بترحيب بين
شريحة واسعة من المشايخ والدعاة. كثير من هؤلاء لديهم شكوك في ان وراء هذا الكلام
دعوة غربية او محاولة للافساد او التملص من الالتزامات الدينية الخ، وهم لا
يتوقفون عن المجاهرة بهذه الشكوك. واظن ان المسألة تنطوي على قدر كبير من سوء
الفهم او سوء التفاهم. نحن بحاجة الى توضيح المسالة للجميع. الدعوة الى حقوق
المراة لا تستهدف اكثر من اقرار ما اعتبره الشرع والقانون تحقيقا للانصاف والعدالة.
3-مؤسسات الارشاد الاسري:
صحيح اننا بحاجة الى قانون
يحمي الضعفاء، لكن لا ينبغي ان يكون الرجوع الى القانون اول الطريق، كما لا يصح
اعتبار اللجوء الى القانون وسيلة وحيدة. خلال السنوات الماضية تعرفت على عدد من
المنظمات الصغيرة يقوم عليها عدد قليل من الناس نساء ورجالا مهمتها الرئيسية هي
ارشاد الشباب والشابات المقبلين على الزواج والتدخل لاصلاح ذات البين حين تبرز
مشكلات في العلاقة بعد الزواج. اعرف ايضا ان عددا من القضاة المحترمين يطلب من
الزوجين عرض مشكلاتهم على وسطاء او محكمين قبل البدء باجراءات الانفصال والطلاق.
هذه المبادرات ادت وتؤدي الى الحيلولة دون وصول الخلافات البسيطة الى نزاعات
مستعصية. لهذا فانني ادعو الى التوسع في اقامة مثل هذه المنظمات وتخصص بعضها في
تقديم المشورة الشرعية والقانونية للعائلات التي تبتلى بنزاعات داخلية. كما ادعو
الدولة الى تقديم الدعم المالي والقانوني الذي يكفل لها توسيع عملها والاستمرار
فيه.
15 / 12
/ 2009م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق