‏إظهار الرسائل ذات التسميات جورج اورويل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات جورج اورويل. إظهار كافة الرسائل

22/06/2022

نهاية المدن الفاضلة

 

تنسب أسطورة الاخ الاكبر المعروفة في الحياة السياسية والأدب الى جورج اورويل. وهو اسم مستعار للمفكر الإنجليزي إريك آرثر بلير (1903-1950). دارت أبرز  كتابات اورويل حول مسألة الحرية الفردية ، ولا سيما في اطار التنازع بين خيارات الافراد وحدود القانون. واحتمل ان قلقه تجاه هذا الموضوع ، يعود للجدالات التي عرفتها أوروبا الغربية ، خلال الحرب العالمية الثانية والسنوات القليلة التي تلتها ، وتركزت على حق الدولة في تحديد الحريات المدنية ، بدعوى الحاجات الأمنية أو الاستراتيجية المرتبطة بالحرب. 

جورج اورويل (1903-1950)

كانت فكرة الدولة القوية المهيمنة ، التي تنوب عن المجتمع في كل شيء وتتدخل في كل شيء ، قد حصلت على رواج كبير نسبيا ، بعد نجاح الحزب النازي بقيادة ادولف هتلر ، في تحويل المانيا من دولة فاشلة مهزومة وغارقة في الفوضى ، الى قوة عسكرية وصناعية تتحدى أوربا كلها ، خلال سبع سنين فحسب. وتعزز هذا الاتجاه مع نجاح الحكم الشيوعي في روسيا في تحقيق المساواة والأمان المعيشي للفقراء.

أثمرت تلك التحولات عن احياء حقل أدبي معروف في التاريخ الأوروبي ، يطلق عليه اسم "اليوتوبيا / المدينة الفاضلة". وهو حقل صغير نسبيا ، الا انه ملهم للباحثين عن حلول ، ولو كانت خيالية. الواقع ان معظم الحلول المستقبلية كانت في اول امرها تخيلات.

ويمثل التراث اليوتوبي مجالا يلتقي فيه من يسمون – في الفلسفة - مثاليين او كماليين ، مع العسكر والتكنوقراط المؤمنين بتفوق آلة الدولة وقدرتها على فعل المستحيل. يشترك هؤلاء جميعا في الايمان بالدولة المطلقة ، التي تلعب دور النبي والمعلم الأكبر ، العارف بكل شيء والقادر على كل شيء ، بينما يتخذ المواطنون دورا يشابه دور تلاميذ المدارس ، الذين يتلقون الحكمة والمعرفة من المعلم الأكبر.

نعلم ان اول الاعمال التي انتهجت طريق اليوتوبيا هو "جمهورية افلاطون" الذي ضم خلاصة الفكر السياسي والاجتماعي لليونان القديمة. أما آخر الكتابات التي تبعت هذا النهج فهو "يوتوبيات حديثة" للروائي  الإنجليزي هربرت ج. ويلز (1866-1946) الذي اقر باخفاق الحلول المثالية ، وأراد في الوقت ذاته ، تذكير الناس بأن وراء الأزمات الطاحنة التي خيمت على العالم يومئذ ، إمكانات لعالم اصفى واكثر رفاهية.

انتقد ويلز ما اعتبره ميولا أسطورية في اليوتوبيات التقليدية ، وتبنى عددا من قيم الاقتصاد الحديث. لكنه بموازاة ذلك ، تمسك بفكرة الدولة المهيمنة ، وسعى لتحسين صورتها من خلال وضع تدخلها في اطار قانوني محكم نوعا ما. وفي هذا السياق دعا ويلز لانشاء سجل عالمي ، يضم أسماء وعناوين وصفات البشر جميعا (يضم وفق تقديره 1500 مليون انسان) مع بصماتهم وملاحظات عن تحركاتهم وازواجهم وسوابقهم.. الخ ، كي يكونوا جميعا تحت نظر الدولة العالمية ، في أي وقت احتاجت لاستدعائهم او التخطيط لحياتهم.

اما اورويل فاختار الاتجاه المعاكس تماما ، حيث نشر في نفس الفترة ، روايتين نالتا شهرة عريضة ، هما "مزرعة الحيوان" في عام 1945 و "1984" في عام 1949. وتصنف كلا الروايتين في إطار اليوتوبيا المضادة او المدينة الفاسدة Dystopia. قدمت الروايتان تصويرا مفزعا عما يمكن ان يؤول اليه المجتمع ، حين تنشغل الدولة بمراقبة الناس ، أو تبالغ في وضع القوانين وفرض الضرائب.

من بعد اورويل باتت اسطورة "الأخ الأكبر " والمصطلحات الأخرى التي ابتكرها ، مثل "شرطة التفكير" و "جريمة التفكير" رموزا لرفض الميول الشمولية ، وتعبيرا عن إدانة الميل لمراقبة الناس والتحكم في حركاتهم ، سواء قامت به الدولة او الجماعات الاهلية. 

الشرق الاوسط الأربعاء - 22 ذو القعدة 1443 هـ - 22 يونيو 2022 مـ رقم العدد [15912]

https://aawsat.com/node/3716886/

 

مقالات ذات صلة

الأخ الأكبـــر

اساطير قديمة

الديمقراطية في بلد مسلم- الفصل الرابع

شرطة من دون شهوات

كلمة السر: كن مثلي والا..!

المدينة الفاضلة

نموذج مجتمع النحل

الموت حلال المشكلات

22/07/2007

المدينة الفاضلة


لم يحفل مفكرو العرب كثيرا بنماذج المدن الفاضلة او اليوتوبيات التي عرفها الفكر الاوروبي في عصوره القديمة. ولعل الفيلسوف الفارابي هو الوحيد الذي كلف نفسه عناء التنظير لمثل هذا النموذج فكتب «المدينة الفاضلة» محتذيا مثال افلاطون في «الجمهورية». لكن التفكير في المجتمع المثالي لم يغب لحظة عن بال الفلاسفة والمفكرين والفقهاء.
وتجد هذا التطلع مبثوثا في زوايا كتاباتهم وآرائهم، بل وفي الكثير من الفتاوى والاحكام الفقهية. وللمناسبة ينبغي القول ان المجتمع المثالي او المدينة الفاضلة شكل في قديم الزمان وحاضره نقطة التقاء بين مفكري العالم اجمع. فالذين حاولوا وضع نموذج متكامل، مثل افلاطون والفارابي، والذين اقترحوا سياقات محددة مثل اخوان الصفا وكارل ماركس، بل وحتى الذين عارضوا هؤلاء واولئك، مثل جورج اورويل وكارل بوبر، اتفقوا جميعا على ان الوصول الى مستوى قريب من المثالية هو احتمال ممكن، اليوم او غدا او بعد قرون. وطبقا لماريا برنيري (المدينة الفاضلة عبر التاريخ – عالم المعرفة) فان كثيرا من الجوانب المشرقة في حياة البشر المعاصرين، كانت في اول امرها افكارا مثالية طرحها مفكرون حالمون، ورأوها ممكنة، ربما قبل سنوات طويلة من اقتناع بقية الناس بها وتحولها الى مواضع اجماع بين العامة.

دعنا نتذكر مثلا ان تحديد يوم العمل بثماني ساعات ومنح العامل اجازة اسبوعية مدفوعة، لم يكن معروفا في الماضي، وحين طرحه كامبانيلا في بداية القرن السابع عشر، قوبل بالسخرية والانكار. لكن العالم اليوم متفق على ان عدم ثبات ساعات العمل ينطوي على استغلال وظلم للاجير ولعائلته وتهوين من انسانيته ودوره كفاعل اجتماعي. يمكن الاشارة ايضا الى ان فكرة الغاء الرق والمساواة بين الجنسين ظهرت اولا في كتابات اليوتوبيين، في الوقت الذي كان نظام الرق عمودا راسخا في اقتصاديات العالم شرقه وغربه، وكانت الفكرة في اول امرها موضوعا للسخرية والتندر من جانب كثيرين. شهد القرن التاسع عشر نهاية ادب اليوتوبيا.

فمنذئذ رأينا كتابات في نقد التفكير المثالي، لكن لم نر محاولات جدية لوضع نموذج عن المدينة الفاضلة او دعوة اليها. لعل هذا الانحسار كان نتيجة التحول الجذري في اتجاه البحث العلمي من التأملات المجردة والميتافيزيقا الى الوصف والتجريب وتحليل الوقائع، وتركيز العلماء على فهم الطبيعة والانسان والجماعة ومسيرة حياتهما كما هي، ثم استنباط طرق الاصلاح من داخل هذه المنظومة وليس بانكارها. لم يعد اهل هذا العصر يبحثون – كما رأت برنيري – عن حلول جذرية ونهائية لشرور العالم، ولم يعودوا مؤمنين بامكانية انهاء الحروب واجتثاث الامراض او التصفية الكاملة للجريمة.

غاية ما يبحث عنه انسان اليوم هو تأجيل الحرب او تخفيف انعكاساتها واضرارها، وتخفيض معدلات المرض والجريمة والفقر. هل يعني هذا ان انسان اليوم أصبح عاجزاً عن حل مشكلاته؟ ام ان المشكلات قد تضخمت الى الحد الذي اصبحت معه عصية على العلاج؟. كلا الاحتمالين قد يكون صحيحا. لكن هل نجح اليوتوبيون في تطبيق اي من الحلول التي اقترحوها؟. ربما تفاقمت مشكلات العالم في العصر الحديث، لكن المثاليين لم ينجحوا حتى في العصور القديمة التي يمكن افتراض ان مشكلاتها كانت ايسر. بل ان السياسيين الذين ارادوا تطبيق بعض مقولات اليوتوبيا انتهوا الى القمع العاري، فتحولوا من مصلحين محتملين الى مستبدين فعليين.
يلتقي معظم اليوتوبيين عند نقطة محورية محددة هي القول بان سعادة الانسان تكمن في نظام اجتماعي شديد الانضباط. بعبارة اخرى فان هؤلاء يربطون بين الرفاه المادي والسعادة، ويقبلون قيام نظام استبدادي يلغي استقلال الفرد بذاته وهويته وعقله واختياراته، طالما ساعد هذا على تحقيق الانضباط المنشود. وقد رأينا تاثيرات هذه الفكرة عند السياسيين الذين تبنوا ايديولوجيات شمولية، مثل تجربة الرايخ الثالث في ظل ادولف هتلر وتجربة الاتحاد السوفيتي في ظل ستالين.

ونجد امثلة منها – ولو كانت اقرب الى الكاريكاتير منها الى الصورة الواقعية - عند بعض زعماء العالم الثالث الذين ظنوا ان الانضباط الحديدي هو السبيل لتحقيق حلول جذرية، مثلما فعل الجنرال سوهارتو، الرئيس الاندونيسي، وانور خوجه الرئيس الالباني في اوائل السبعينات من القرن العشرين، وكذلك صدام حسين، الرئيس العراقي في منتصف الثمانينات. تحول النظريات المثالية من الفكر الى الجبر، وصيرورتها قاعدة للنظريات السياسية الشمولية، هي ابرز اسباب فشلها وانكارها في عالم اليوم. هناك بالطبع اسباب اخرى، من بينها مثلا تعاظم قيمة الفرد، وتغير مسارات العلم والاقتصاد وما يترتب عليه من ادوار وقيم. لكن هذا حديث آخر نعود اليه في وقت لاحق.

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070722/Con20070722126785.htm
 عكاظ - الاحد  08/07/1428هـ ) 22/ يوليو/2007  العدد : 2226

03/04/2004

الأخ الأكبـــر

كانت احداث العراق فرصة للمحافل العلمية في الغرب – وربما في بعض العالم العربي – لاستعادة النقاش القديم حول طبيعة التحول السياسي في الدول النامية . 
السؤال المحوري في هذه النقاشات يتناول قدرة مجتمعات العالم الثالث على استنباط نموذج للديمقراطية يتناسب مع اوضاعها المختلفة عن اوضاع الدول الصناعية الغربية. ثمة مبررات كثيرة وجدالات حول صحة هذا المنحى ، بعضها مجرد تبرير لاستمرار واقع الحال ، وبعضها يكشف عن حاجة جدية لاعادة تعريف بعض المفاهيم بما يسهل تنسيجها ضمن الثقافة العامة المحلية . لكن لا انوي الدخول في هذه المناقشة حاليا.
 من بين الافكار التي طرحت في الماضي وبعثت من جديد ، مفهوم الديمقراطية الموجهة ، وهو نموذج يبدو انه ينطوي على امكانات تستحق التامل. ولعل اقرب تطبيقاته المعاصرة هو النموذج الروسي . النظام الدستوري في روسيا يقرر انها دولة ديمقراطية ، وهناك انتخابات نيابية ورئاسية ، كما ان الدستور – والممارسة الفعلية – تضمن قدرا كبيرا من الحريات العامة وتعدد المنابر والاراء . لكن ثمة اتفاق بين الباحثين الروس والغربيين على ان توازن القوى ضمن هذا النظام لا يخضع تماما لمعايير الديمقراطية الليبرالية . من ذلك مثلا ان السلطة التنفيذية لا تزال هي الجزء المهيمن على الحياة العامة ، وهي تتحكم الى حد كبير في اللعبة السياسية . ان الرئيس فلاديمير بوتين مثلا لم يكن معروفا كمرشح قوي لرئاسة الدولة ، لكن جرى تظهيره من قبل "المؤسسة" حتى اصبح الرجل الاقوى في البلاد ، ويبدو ان اي رئيس قادم سيكون من انتاج هذه المؤسسة في المقام الاول وليس تعبيرا دقيقا عن توجهات المجتمع ، ويمكن ان يقال الامر نفسه عن المواقع الرئيسية وذات الخطر في النظام السياسي ككل.

تذكر فكرة "المؤسسة" باسطورة الاخ الاكبر التي ابدعها الروائي الانجليزي جورج اورويل ، والتي تلخص قلقا جديا لدى الكثير من الناس بان كل ما يجري في الحياة العامة هو تمظهر لخطة محكمة يدير خيوطها من وراء الستار اشخاص بدون وجوه معروفة. ومع المبالغة المقصودة في مفهوم اورويل للسلطة الشمولية ، وبطبيعة الحال المبالغات الموازية – العفوية غالبا - لتلك الشريحة من المثقفين والعامة الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة ، الا ان شيئا قريبا من فكرة "الاخ الاكبر" موجود واقعيا في كل دولة من دول العالم ، ويتعارف عليه بين مراقبي الحياة السياسية بالمؤسسة.
وظيفة "المؤسسة" هي المحافظة على ثوابت النظام السياسي وتوازنات القوى السائدة فيه ، او ادارة تغييرها بصورة تحول دون تفكك الهيكل العام لنظام السياسي . يختلف سلوك المؤسسة في كل بلد باختلاف الفلسفة السياسية السائدة ، لكن فيما يتعلق بالتحرك نحو الديمقراطية ، فان الفلسفة العامة هي فلسفة محافظة تماما وتقوم على فكرة ان التغيير ضروري من اجل الاستمرار.
يمكن اعتبار المفكر والسياسي البريطاني ادموند بيرك (1729-1797) ابرز المنظرين لهذه الفكرة في اواخر القرن الثامن عشر . وخلاصة رايه ان منظومات القيم والمؤسسات التي يقوم عليها النظام السياسي التقليدي لن تستطيع الصمود في وجه تيارات التغيير الليبرالية ما لم تبد مرونة وقابلية للانعطاف . ورأى بيرك ان مصلحة الطبقة التقليدية تكمن في تبني بعض الافكار التي يطرحها الليبراليون ، واعادة انتاجها ضمن الخطاب المحافظ كوسيلة لادارة التغيير وجعله يتحرك ضمن حدود معلومة . وحسب بيرك فان تجاهل التغيير سيؤدي الى انفلات زمام الامور ، وتحول القوى الاساسية في النظام السياسي من قوة فعل الى قوة رد فعل .
خلاصة ما تطرحه النقاشات الحالية هو ان نموذج الديمقراطية الموجهة قد يكون بديلا مناسبا للدول النامية التي تفتقر الى تقاليد عمل سياسي مفتوح . والاقتراح المحدد هو ان تقوم النخبة الحاكمة ، او ما يسمى بالمؤسسة ، بوضع برنامج للتحول نحو الديمقراطية ، يستهدف بصورة خاصة بعث الامل لدى عامة الناس بامكانية التغيير ضمن الاطر القائمة . ينبغي ان يركز برنامج كهذا على الاعمدة الكبرى للاصلاح ، اي حاكمية القانون ، ضمان حرية التعبير ، واعادة استيعاب القوى الاجتماعية المهمشة او المعزولة . اذا تبنت "المؤسسة" فكرة التغيير من اجل الاستمرار ، فسوف تستعيد ثقة الراي العام المتشكك عادة ، كما انها سوف تتحكم - في الوقت نفسه – في حدود وطبيعة وتوقيت التغيير بما يصون جزءا معتبرا من ثوابت النظام وتوازن القوى والمصالح السائدة فيه.







 http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2004/4/3/Art_90597.XML

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...