‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاقباط. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاقباط. إظهار كافة الرسائل

12/04/2017

مواطنون فقط. لا ذميون ولا مستأمنون


اثار الهجوم الارهابي على كنيستين مصريتين هذا الاسبوع موجة استنكار واسعة بين كافة المسلمين ، علماء وعامة وسياسيين. وأحمد الله انا ما عدنا نسمع أحدا يرحب بهذه الجرائم او يبررها. وهذا تطور طيب.
وسط بيانات الاستنكار ، لفت نظري الاستعمال المتكرر لمصطلحات مثل "مستأمنين" و "ذميين" و "اهل الكتاب" في وصف المواطنين الأقباط ، الذين وقعوا ضحية للهجوم الغادر. ومثل هذه المصطلحات ترد عادة في أحاديث رجال الدين ، تأكيدا على حرمة العدوان على غير المسلمين.
نتيجة بحث الصور عن الكنيسة القبطية
تلك التعابير ليست اطلاقات لغوية محايدة ، بل "حقائق شرعية" حسب عرف الاصوليين ، اي مصطلحات خاصة ذات محمول محدد. وتقال في سياق الكلام ، بقصد الاشارة الى جملة علائق وأحكام ، أو وحدة مفهومية ، تصف قيمة الاشخاص المعنيين وموقعهم بالنسبة للمتحدث.
هذه الاوصاف مستمدة من الفهم الفقهي للواقع. لكنها خاطئة في المنظور الواقعي المعاصر. هذا يشير إذن الى تباين بين الفهم الفقهي للواقع وبين الواقع نفسه. ومن حيث التصنيف فهي تنتمي الى مرحلة تاريخية سابقة ، الامر الذي يكشف عن سبب التباين.
ولدت تلك الأوصاف في مرحلة نهوض الدولة الاسلامية ، حين كانت جيوشها تغزو البلدان ، فتتوسع الدولة وتنمو معها علاقات المسلمين بغيرهم. كان ضروريا يومها تنظيم العلاقة بين القوة الكبرى المنتصرة ورجالها الاقوياء ، وبين الافراد والمجتمعات الضعيفة التي خضعت لها رغبة أو كرها. ضمن هذا الظرف الخاص ، كان مضمون هذه العبارات هو التأكيد على الولاية السياسية ومسؤولية الدولة عن كل رعاياها ، كقاعدة عمل موازية لولاية الايمان ، التي تشير الى تعاضد أهل الاسلام فيما بينهم.
مع مرور الزمن وهيمنة التفكير الفقهي على الثقافة العامة ، تحول الانتماء الديني الى مضمون وحيد للرابطة الاجتماعية. ومع ان فكرة الحماية والضمان ، بقيت مركزية في تحديد العلاقة مع غير المسلم ، الا انه لم يعتبر شريكا متساويا في كافة الحقوق ، او "مواطنا" بحسب المفهوم الحديث.
انتقلت هذه المقاربة الى الفقه الاسلامي المعاصر. وتكفي نظرة سريعة على اي مما كتبه الفقهاء والكتاب الاسلاميون المعاصرون حول الموضوع ، كي تكتشف المشكلة التي واجهوها ، حين ارادوا وضع تصور يتلاءم مع الموروث الديني من جهة ، ومع المباديء السياسية والقانونية وحقوق الانسان من جهة ثانية ، ومباديء العدالة من جهة ثالثة.
والحق انه لا مجال لتسوية الاشكال. الدولة الحديثة تنتمي لعالم مفهومي مختلف عن ذلك الذي كان قائما في عصر الدولة الاسلامية القديمة. اي انها موضوع مختلف ، لا يمكن فهمه وفق المنظور الفقهي القديم ، ولا التكييفات والاحكام التي استعملت فيه. علاقة الدولة الحديثة برعاياها قائمة على مبدأ المواطنة ، الذي يعني تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات ، أيا كانت أديانهم وانتماءاتهم الاجتماعية. كل مواطن شريك في ملكية تراب وطنه. وهو يستمد حقوقه المدنية من هذه الملكية ، وليس من انتمائه الديني. ومن هنا فليس في عالم اليوم من يصح وصفه بالذمي والمستأمن. المواطن مواطن فقط وفقط.
بالنسبة لعامة الناس فان هذه النتيجة لا تحمل اي جديد. لكني اردتها مناسبة لتنبيه أهل الفقه وطلابه الى التباين القائم بين التفكير الموروث ، وبين واقع الحال في عالم اليوم. انها دعوة للتحرر من المفاهيم القديمة ، التي ما عادت مفيدة او واقعية. دعوة لتوجيه الذهن الى العالم الواقعي ، بدل حصره في عالم الاوراق والكتب القديمة.
الشرق الاوسط 12 ابريل 2017
http://aawsat.com/node/900261



05/06/2012

التحدي الذي يواجه الاخوان المسلمين

سواء فاز المرشح الاخواني او مرشح العسكر في الانتخابات الرئاسية المصرية الوشيكة ، فالمؤكد ان الاخوان سيشكلون الحكومة القادمة ، نظرا لهيمنتهم على البرلمان. هذا يضعنا امام تجربة فريدة. سيكون على الاسلاميين القادمين الى السلطة مواجهة اشكالات عديدة ، نشير هنا الى اثنين منها: الطائفية والسياحة.
منذ عهد الرئيس الاسبق انور السادات ، شكا الاقباط المصريون من سياسة تمييز رسمي معلنة حينا ومكتومة في اغلب الاحيان ، جعلتهم – بحسب منطق الامور – مواطنين من الدرجة الثانية. كانت السلطة - يومئذ - علمانية فلم يكن بالوسع اتهامها بالتحيز الديني.
اما اليوم فان على حكومة خرجت من صناديق الانتخاب ان تقدم نموذجا مختلفا. نموذج يتعامل مع المسلم والمسيحي باعتبارهم مواطنين لا اتباع ديانات. لم استغرب الميل الجارف عند الاقباط للتصويت ضد مرشح الاخوان. فالتراث الذي ينتمي اليه ، والثقافة السائدة في بيئته الاجتماعية ، تنظر لكل مختلف باعتباره ادنى شأنا. ولهذا لا يلام "المختلف" اذا شعر بالقلق على مستقبله ، حتى لو كان ماضيه سيئا وبغيضا.
تقول بعض التقارير ان المرشح الاخواني وعد بتعيين قبطي نائبا للرئيس. وهذه خطوة ستكون مؤثرة بالتاكيد في تطمين هذه الشريحة. لكنها خطوة واحدة فحسب. يتوجب على حزب العدالة والتنمية ومرشحه ان يقدم وعدا قطعيا باصلاح القانون على نحو يحول دون التمييز بين المصريين ، والغاء جميع اللوائح والتعليمات التي تجيزه او تسهل ممارسته.
التحدي الثاني الذي يتوجب على الاخوان مواجهته هو الاقتصاد. سيكون على رجال الحكومة الجديدة ممارسة ضغط شديد على انفسهم حين يضعون السياسات الخاصة بحماية وتشجيع السياحة مثلا. يساهم هذا القطاع بنحو 12% من الناتج القومي الاجمالي  ، و نحو 20% من الدخل الخارجي للبلاد ، وهي توفر نحو 4 ملايين وظيفة.
لم يكن قطاع السياحة محبوبا عند الاسلاميين . وقد نظروا اليه دائما كبؤرة للفساد . لكنهم مضطرون اليوم الى التعامل معه كمورد اقتصادي يستحيل الاستهانة به ، اذ يستحيل عمليا التعويض عنه في المدى القصير والمتوسط.
افترض ان الحكام الجدد مؤمنون بالواقعية السياسية . فهم بالتاكيد يعرفون ان العمل في السلطة لا يشابه الحديث في المساجد وحلقات التربية الحركية. لكن هذه لن تكون مهمة سهلة. فلديهم جمهور سبق اقناعه بان "الحكم الاسلامي" سياتي بالمن والسلوى ، وسيكون "نظيفا" من كل مكروه. ويظن كثير من هذا الجمهور ان مهمة كهذه لا بد ان تتحقق في اسابيع اذا امتلكت صولجان الحكم.
خلاصة القول ان الاسلاميين المصريين ، ومن يتاثر بهم خارج الحدود ، يبنون قصورا من الامال. لكنهم سيواجهون تحديات صعبة ، وقد تكون قاتلة. لهذا فمن الخير لهم ان يضعوا في اعتبارهم اسوأ السيناريوهات ، وان يتحاشوا الانفراد بالقرار ، كي لا يتحملوا وحدهم ثمن الاخفاقات ، وبعضها متحقق دون شك ، في هذه الظروف التي تتسم بانعدام اليقين.



الاقتصادية 5 يونيو 2012

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...