‏إظهار الرسائل ذات التسميات الفاتيكان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الفاتيكان. إظهار كافة الرسائل

20/12/2017

سؤال الى البابا

|| السؤال المهم: هل ثمة خطاب يتسع للمؤمن وغير المؤمن على حد سواء ، هل يمكن لغير المؤمن ان يكون شريكا في التجربة الدينية ، أم هي قصر على دائرة المؤمنين؟||
اسرد القصة التالية لمناسبة عيد الميلاد المجيد ، الذي يحل علينا في الاسبوع القادم. وخلاصتها ان السيد يوجينو سكالفاري ، أحد مؤسسي جريدة "لا ريبوبليكا" التي تعد من كبريات الصحف الايطالية ، انتهز فرصة انتخاب البابا الجديد في 2013 لطرح قضية ، قال انها تشكل جوهر المشكلة الدينية في القرن 21. في يوليو من ذلك العام ، نشر سكالفاري رسالة مفتوحة الى البابا فرانسيس ، حملت جملة من التساؤلات عن "جدوى" الدين في هذا العصر ، وقدرة الكنيسة الكاثوليكية على تقديم رؤية تتسع لكل البشر ، سيما الملحدين والمنكرين للاديان.
"سيدي البابا – كتب سكالفاري – انني ملحد لا أكتم قناعاتي ، لكني اتساءل مثل كثيرين غيري: هل ثمة مكان في جنة الله لاشخاص مثلي ، لا يؤمنون به ولا يلتزمون بتعاليمه ولا يسعون اليه...هل يريد ربكم ان يقصر عالمه على اولئك الملتزمين بالكنيسة ، هل ينظر الى امثالي من الناس الذين ما عادوا يقرون بالحاجة الى الكنيسة في حياتهم؟".
في سبتمبر وجه البابا جوابا مفصلا الى الصحيفة ، على ورق عادي ، ووقعه باسم فرانسيس ، دون اي لقب. ولهذا لم يلتفت المحرر الى هوية المرسل ، فنشرها ضمن بريد القراء. في ذلك الصباح ، عرف الناس ان البابا هو صاحب الرسالة. وفي اليوم التالي أعادت صحف عديدة نشرها مع تحليلات وقراءات في مغازيها. قال البابا في رسالته ان الله لا يميز بين خلقه ، فهو ينظر اليهم جميعا ويرزقهم جميعا ، وأن رحمته تسع عباده جميعا ، المؤمنين والخاطئين: "عزيزي الدكتور سكالفاري ، في داخل كل منا ضمير حي هو صوت الله ... ان فاتك الاستماع لصوت المسيح ، فانصت الى نداء ضميرك وافعل الخير ما استطعت. ان فعلت ذلك فأنت مع الله".
بعض الباحثين في القضايا اللاهوتية ، اعتبر رد البابا إشارة لتحول جذري في المفهوم الكاثوليكي للايمان وتجسيداته الدنيوية ، سيما في علاقة المؤمنين بالكنيسة وقوانينها. لكن لو أخذنا المسألة الى مداها النهائي ، لوجدناها تنتهي الى سؤال جوهري يمكن صياغته على الوجه التالي: هل يقدم الدين لكل جيل ما يحتاج اليه في عصره ، ام ان للدين مشروعا واحدا في كل الازمنة والاجيال؟. واذا قبلنا بالاحتمال الاول ، اي ان لكل جيل مشروعه الديني الذي قد يختلف عن الاجيال السابقة ، فهل لهذا الجيل دور في صياغة ذلك المشروع؟.
افترض ان بعض القراء سيقول الآن: حسنا ، كانت تلك مشكلة الكاثوليكية ، فهل يجب علينا كمسلمين ان نتخيل  مشكلات دينية مماثلة؟.
نستطيع القول ببساطة: لا .. ليس من الضروري استيراد مشكلات الاخرين او تخيلها. لكن لو نظرنا في حياتنا الواقعية ، سوف نرى ان السؤال عما يقدمه الدين لاتباعه في هذا العصر ، مطروح في صيغ شتى ، وهو يشكل الباطن العميق لبعض الاسئلة والجدالات الدائرة في العالم الاسلامي اليوم.
السؤال الذي طرحه يوجينو سكالفاري ، جدي ومطروح على أهل الأديان جميعا ، وخلاصته: هل للدين رسالة تتجاوز الاطار الاجتماعي لمعتنقيه ، بمعنى هل نستطيع تقديم خطاب يتسع للمؤمن وغير المؤمن على حد سواء ، هل يمكن لغير المؤمن ان يكون شريكا في التجربة الدينية ، أم هي قصر على دائرة المؤمنين؟.
اختتم بتوجيه التحية لكل المحتفلين بعيد الميلاد ، ولكل سكان الكوكب ، وأسأل الله ان ينعم عليهم جميعا بالسلام والسعادة وسعة العيش.

 الشرق الاوسط  الأربعاء - 2 شهر ربيع الثاني 1439 هـ - 20 ديسمبر 2017 مـ رقم العدد [14267]

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...