‏إظهار الرسائل ذات التسميات دبي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دبي. إظهار كافة الرسائل

25/04/2006

هم البحث عن اسماء سخيفة


قارن ما فعلته دبي خلال السنوات العشرين الماضية بما فعله جيرانها . لو اتبعت حكومة دبي التقاليد السائدة في عالم العرب ، لكانت اليوم نسخة اخرى من رأس الخيمة . لكن حكامها فهموا ان عقل الانسان يتسع لما هو ابعد من الخيارات القليلة الظاهرة امامه . لم يكن لدى هذه الامارة الصغيرة ما يكفي من البترول مثل جيرانها ، لكن كان لديها عقول وعقلاء ، واذا كان لديك عقل نير فانت تستطيع الحصول على موارد لا تقل قيمة عن البترول . دبي اليوم لا تحتاج الى البترول لان جميع اصحاب البترول يحتاجون اليها ، وجميع الذين يحتاجون اموال البترول يذهبون اليها .

قارن ايضا ما فعله الاتراك والايرانيون وما فعله جيرانهم العرب خلال نفس الفترة . في العام 1980 شن صدام حسين حربا ضروسا على ايران دامت ثمان سنين ، وما خلص منها حتى مال الى حرب اخرى على جيرانه الخليجيين . في العام 1996 قال لي صديق زار بغداد ان اسواق العراق علمته ان ايران هي التي كسبت الحرب ، لانه وجدها مليئة بالبضائع الايرانية ، من البسكويت الى الثلاجة المنزلية حتى قطع غيار السيارات . 

لم ينس الايرانيون الام تلك الحرب لكنهم لم يتوقفوا عندها ولم يصرفوا جهدهم في تاليف الاشعار حولها ، بل عضوا على جراحهم وكرسوا جهدهم لاعادة بناء اقتصادهم الذي حطمته الحرب . في هذا الوقت كان البعث العراقي مشغولا بالبحث عن اسماء جديدة لجيرانه ومنافسيه مثل اسم القادسية وام المعارك وغيرها . بعد عقد ونصف من تلك الحرب ، تشير تقارير دولية الى ان ايران قد بنت خلال هذه الفترة ما يزيد على ثلاثة الاف كيلومتر من سكك الحديد الجديدة . كما اقامت ثلاثين  مصنعا جديدا للسيارات ، وانتجت في العام الماضي وحده ما يقل قليلا عن مليون سيارة مقارنة بنحو ثلاثين الف سيارة في العام 1988 ، ومعها توسعت صناعة قطع الغيار من خمسين مصنعا الى الفي مصنع . في نهاية العام الجاري سيرتفع انتاج السيارات الى نحو مليون وربع المليون مع بداية الانتاج في مشروع مشترك مع شركة رينو الفرنسية.  نعرف ايضا ان ايران تسعى بجد لتوطين صناعة الطائرات ، وهي تتعاون مع شركات اوكرانية لانتاج محركات لطائرات الهليوكبتر والطائرات الخفيفة والمتوسطة .

ركزت ايران على تطوير التعليم والبحث العلمي ، وتعزيز ثقة شبابها بانفسهم وقدراتهم . كما ربطت بين الجامعات وبين المصانع ومراكز الانتاج ، ولهذا فهي تحقق اليوم اختراقات لافتة في مجال التكنولوجيا ، لعل اخرها هو نجاح مهندسيها في تخصيب اليورانيوم الذي اثار الدنيا ولا يزال.

فعلت تركيا شيئا مماثلا ، وسبقت ايران ، وسبقت بالطبع جميع جيرانها العرب ، فهي تصنع اليوم معظم ما يحتاجه سكانها ، واذا قدر لك زيارة هذا البلد فسوف تجد ان معظم ما يستعمله الناس في حياتهم اليومية مصنوع محليا ، من مواد البناء الى السيارة الى مصعد البناية واثاث البيت وغيره . وحين انتكس اقتصادها في مطلع العقد الجاري ، لم تتردد في علاجه سياسيا ، فقد تنحت الحكومة القائمة وفتحت الباب امام صعود حزب كان يعتبر حتى وقت قريب معاديا للايديولوجيا الرسمية . لكن هذا التغيير اعاد الثقة بالنظام السياسي واعاد الثقة بالقانون ، وبالتالي اعاد قطار الاقتصاد الى سكته .

هل نحتاج الى مقارنة اخرى مع بلد اسلامي مثل ماليزيا ؟ .  خلال اقل من ثلاثة عقود تحولت ماليزيا من دولة زراعية فقيرة الى واحد من اقطاب الصناعة الجديدة في اسيا ، وهي اليوم دولة غنية تصدر من المنتجات المصنعة ما يعادل صادرات ابرز الاقطار البترولية العربية . ويقول رئيس حكومتها السابق مهاتير محمد ان السر في هذا يرجع الى تطوير التعليم وجعله محور الانفاق والتخطيط الحكومي . ونضيف اليه ان ماليزيا اختارت الطريق الديمقراطي واقامت نظاما يشعر كل مواطنيه بالمساواة في الفرص والحقوق . وتضم هذه البلاد مسلمين ومسيحيين وهندوسا كما تضم اعراقا مختلفة .

يحتاج العرب الى اخذ العبرة من جيرانهم . قد يكون عسيرا عليهم ان يقارنوا انفسهم بالولايات المتحدة واوربا التي بدات منذ زمن بعيد وسبقتهم اشواطا . لكن ليس من العسير ان نقارن انفسنا بجيراننا الذين بدأوا في وقت قريب . لا نحتاج الى اعادة اكتشاف العجلة . هذه تجارب فعلية قريبة منا ، يقوم بها اناس مثلنا وفي ظروف مثل ظروفنا .

بعض الناس مهمومون الان بالبحث عن تسميات جديدة لما يصفونه بالتهديد الايراني ، وهي تسميات سبق لحزب البعث وزعيمه صدام ان ابدع فيها ايما ابداع . مثلما اطلق صدام على حربه اسم القادسية واسمى نفسه بحارس البوابة الشرقية من الفرس المجوس ، فان عددا من الكتاب العرب ، من بينهم مثلا الدكتور عبد الله النفيسي ، يفكر في اسم من نوع "التهديد الصفوي" ، وايحاءاته لا تختلف عن تلك التي ارادها صدام .  واظن ان جوهر المشكلة يكمن في ضعفنا الذي يجعلنا على الدوام في حالة قلق من الجيران ومن الاباعد . ضعفنا هو ثمرة تخلفنا في مجال العلم ، وقد نهضت اوربا ونهض غيرها لانهم تقدموا علميا .  اذا كان كل الناس قادرين على فك هذه الاحجية وهم يفعلون ذلك اليوم وقريبا منا ، فلماذا نكون الوحيدين الذين يستبدلون العمل بالنواح ؟. من الواضح ان الاسماء التي يخترعها النفيسي مثل التي اخترعها صدام ، لن تزيدنا الا خبالا وضعفا . واظن ان ما نحتاجه اليوم ليس البحث عن تسميات سخيفة بل البحث عن علل تخلفنا وقراءة تجارب الاخرين الذين سبقونا او كادوا.
الايام 25 ابريل 2006

05/07/2005

كي نتحول الى دولة صناعية


يستغرب الزميل عبده خال ان المملكة لا زالت – بعد سنوات طويلة من تدفق البترول – دولة غير صناعية. واظن ان بعض الناس سيجيب الزميل بسؤال آخر : هل قررنا التحول الى دولة صناعية وفشلنا ؟.
ان ابرز المشروعات الصناعية القائمة اليوم هي ثمرة الخطط التي وضعت في النصف الثاني من السبعينات. ولو اعتبرت تلك بداية واستكملت بمشروعات جديدة من نفس الحجم ، فلربما كانت المملكة اليوم دولة شبه صناعية. في ظني ان عدم التوجه الى الصناعة كخيار رئيسي للاقتصاد الوطني هو ثمرة لغياب فلسفة شاملة للاقتصاد.

بكلمة اخرى : نحن لا نعرف على وجه التحديد ما هو قطب النشاط الاقتصادي في هذه البلاد . ثمة دول قررت فعلا خيارها العام ، ولهذا فقد وجهت سياسات الدولة وخطط عملها كي تخدم هذا الخيار ، وحققت نجاحا لا ينكر. لبنان مثلا يتمتع بقابلية للانتاج الزراعي والصناعي ، لكنه اختار السياحة كقطب لاقتصاده ، وخلال السنوات العشر الاخيرة صبت الحكومة جل جهدها ومواردها لتحويل هذا النشاط الى مولد اول للموارد وفرص التشغيل وقد نجحت في ذلك نجاحا باهرا.

 اما امارة دبي فقد اختارت الخدمات المالية والتجارية كقطب لاقتصادها ، فتحولت خلال عقد من الزمن الى مصنع هائل للمال والوظائف ونمت بشكل لا يحتاج الى وصف. ان لبنان اليوم هو مركز سياحي في المقام الاول ، بينما دبي هي مركز تجاري. بعبارة موجزة فان التحول الى دولة صناعية - اذا كان هذا هو المثال الافضل – يتوقف على قرار باعتبار الصناعة قطبا للاقتصاد الوطني ، ومن ثم اعادة توجيه الموارد المالية ومناهج التعليم والتدريب ، والعلاقات الخارجية ، اضافة الى اصلاح القوانين والمقررات الرسمية ، لكي تخدم جميعها هذا التحول .

معروف لدى الجميع ان تصدير البترول هو المصدر الاول للدخل الوطني ، كما ان النشاطات المرتبطة باستخراجه وتصديره تمثل فعليا قوة التشغيل الرئيسية لليد العاملة والى حد ما حركة السوق. وفي ظني ان صناعة البترول يمكن ان تكون القاعدة الرئيسية لاي خيار اقتصادي مستقبلي. فيما عدا نسبة صغيرة جدا تستهلكها الصناعات المحلية فان الجزء الاكبر من البترول يصدر خاما الى الاسواق العالمية. ولا يحتاج الامر الى خبراء لفهم ان القيمة المضافة الناتجة عن تكرير الخام او استعماله مدخلا للصناعات التحويلية تعادل اضعاف قيمة الخام . برميل البترول الذي يتحول الى منتج وسيط او نهائي في الجبيل يوفر اضعاف قيمته الاولية ، لا سيما اذا اخذنا بعين الاعتبار القيم الاضافية مثل توفير فرص العمل وتنشيط الاقتصاد المحلي وتوطين التقنية ، وهي جميعا مما نفقده اذا اقتصرنا على تصدير البترول الخام.

اذا اعتبرنا الصناعة البترولية قطب الاقتصاد الوطني ، فيجب ان ننظر ايضا الى الصناعات المساندة. تستهلك صناعة البترول ما يعادل عشرات الملايين من المواد المصنعة والمعدات والالات المختلفة كل يوم ، وفي ظني ان اختيار هذه الصناعة كقطب للاقتصاد ينبغي ان ياخذ في الاعتبار اقامة نطاق من الصناعات المساندة ، اي تلك التي توفر قطع الغيار والالات والمواد التي تحتاجها صناعة البترول .

خلاصة القول ان التحول الى دولة صناعية يتوقف على قرار باعتبار الصناعة قطبا اول للاقتصاد الوطني ، واظن ان التركيز على الصناعات المرتبطة بالبترول يمكن ان يكون قاطرة قوية لحركة من هذا النوع. خاصة واننا نملك المقومات الاساسية لهذا التحول اذا قررناه .
يوليو 2005

24/05/2004

بيان نوايا

بيان النوايا الذي اصدره وزير العمل غازي القصيبي ضرب على اوتار حساسة انفقت فيها الصحافة المحلية اطنانا من الحبر والورق ، لكنه ابعد ما يكون عن خطة عمل لحل مشكلة البطالة . ولا يختلف اثنان في كفاءة القصيبي وشخصيته الحاسمة . 


لكن في التحليل النهائي ، فان هذا البيان لا يقدم رؤية عن مشكلة البطالة في المملكة ، ولا يقدم خطة متكاملة للتعامل معها على المدى البعيد . فهو يتضمن اشارات الى جوانب ثقافية ، وجوانب اقتصادية وجوانب تنفيذية. لكنه يثير الدهشة لاهتمامه بما قيل عن هروب رأس المال المحلي بسبب تبعات السعودة مع ان المعلومات المتوفرة تؤكد على ضآلة هذه المشكلة.  و ربما كان السبب في اثارتها هو اعلان عدد من تجار الذهب اخيرا عن الانتقال الى دبي . والواضح ان الامر يتعلق بعدد يعد على الاصابع ولا يمثل مشكلة تستحق الاهتمام . وفي المقابل فهناك ادلة ملموسة على نمو هائل لحجم الاستثمار المحلي خلال الاشهر القليلة الماضية انعكس بوضوح على السوق المالية ، وهو امر معروف للجميع .


الاستثمارات الجديدة هي الحل الامثل والطويل الامد لمشكلة البطالة ، ويظهر من التجربة الفعلية ان القطاع الخاص السعودي يتمتع بقدرة هائلة – وبرغبة ايضا – على الاستثمار المحلي . المشكلة اذن في الاوعية الاستثمارية المتاحة . ان الجزء الاعظم من هذه الاموال قد تركز في المضاربة على العقارات اضافة الى اسهم الشركات القليلة المدرجة في البورصة .

بديهي ان المضاربة في العقار لا تولد فرص عمل ولا فائض قيمة اقتصاديا – في منظور الاقتصاد الانتاجي -  ، وبالتالي فهي لا تزيد من قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على استيعاب التحديات.  وهذا يقودنا الى النقطة الجوهرية في الموضوع ، اي المخطط البعيد المدى للاقتصاد الوطني . اننا بحاجة الى تصور محدد لما ينبغي ان يكون عليه الاقتصاد السعودي بعد عشرين عاما ، والخطط المفصلية التي يفترض ان تقود الى تكامل تلك الصورة .
كان القصيبي قد قاد خلال توليه وزارة الصناعة تجربة جديرة بالاهتمام ، لعل ابرز شواهدها هو تنظيم قطاع الكهرباء وانشاء شركة الصناعات الاساسية التي اصبحت اليوم قطب الصناعة السعودية . وقد وفرت هذه الشركة الاف الوظائف فضلا عن كونها اضافة كبيرة للاقتصاد الوطني . وكان مقدرا للشركة ان تلعب دور الدينامو لعشرات من الصناعات التكميلية المتوسطة والصغيرة . ولو تحقق هذا التقدير ، فلربما كانت مشكلة البطالة التي نتحدث عنها اليوم ضئيلة الى درجة لا تستحق معها انشاء وزارة خاصة للعمل .

لكن المشروع لم يتواصل ، وهذا هو جوهر المشكلة . حينما كانت الحكومة هي الممول الرئيس كان بالامكان اقامة مشروعات من نوع سابك ، وحينما توقف التمويل الحكومي بدأنا نواجه مشكلات مثل البطالة .

ترى ما هو السبب في عزوف القطاع الخاص عن الاقدام على مشروعات مثل سابك ، او حتى مثل الصناعات التكميلية والاستهلاكية التي كان مقدرا لها ان تقوم على حاشيتها ؟. امامنا تجربة تقول ان مثل هذه التجربة توفر حلولا جديرة بالاهتمام ، فهي تولد وظائف وتولد ارباحا كبيرة ، وهي تعزز من متانة الاقتصاد الوطني ، اي انها تمثل حلا طويل الامد يحقق اهداف الافراد والمجتمع معا.
اسباب مشكلة البطالة التي يعرضها – تلويحا - بيان الوزير ، هي تجليات لمشكلة اعمق ، سبق ان عالجها بنفسها وقدم لها حلولا ، تجلت في توجيه المال المتوفر للاستثمار الصناعي . لازالت هذه الفرصة امامنا ، وامامنا ايضا الفرص التي يتيحها قطاع السياحة الذي طرح حديثا . ولهذا فان ما تحتاجه البلاد هو المواجهة الصريحة والشجاعة للاسباب التي تحول بين المستثمرين الصغار والمتوسطين وبين المشاركة في هذا النوع من الحلول . وهنا يجدر الاشادة بشجاعة رئيس الهيئة العليا للسياحة الذي لم يجد حرجا في الحديث عن المعوقات الكثيرة ، القانونية والتنفيذية والاقتصادية التي تثبط جهود المستثمرين.

ان برنامجا وطنيا يشترك المستثمرون بشكل مباشر في تنفيذه يتوقف على الشفافية الكاملة وتوفير المعلومات وحماية المنافسة . نحن نسمع اليوم عن خطة لترخيص شركة خاصة للنقل الجوي ، وعن منح تراخيص لشركات تقدم خدمات الاتصالات . ونتساءل عن حجم الجهد الذي بذل لاستقطاب الاستثمارات المتوسطة والصغيرة الى مثل هذه المشروعات .  مشكلة البطالة ليست في عدد الشغالات او عمال التنظيف ، بل في استيعاب الطاقة التمويلية المتوفرة في استثمارات مفيدة ومولدة للوظائف.

   السبت - 5/3/1425هـ الموافق  24 / ابريل/ 2004  - العدد   1042
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2004/4/24/Art_97872.XML




اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...