‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوطن المادي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوطن المادي. إظهار كافة الرسائل

10/09/2013

الوطن الرومانسي والوطن الواقعي



تحتفل البلاد بعد اسبوعين باليوم الوطني. ولهذه المناسبة أدعو وزارة التربية لتخصيص بضع ساعات خلال هذه الايام، لشرح المفهوم الصحيح للوطن والمواطنة.
مبرر هذا الاقتراح هو ما رأيته في سنوات سابقة من اتجاه احادي يركز على "واجب" المواطن تجاه وطنه. وصرف هذا المعنى للتأكيد على جماليات الوطن، واستقراره في القلب، والدعوة الى بذل الغالي والنفيس من اجله. وهي معان يجري التعبير عنها شعرا ونثرا. وقد حفظها المعلمون والطلاب وعامة الناس.
وقد سبق ان وصفت هذا المفهوم بالوطن الرومانسي. اي الوطن الذي نحمله في قلوبنا ونحبه ونتغنى به ونشتاق اليه. لكننا بحاجة الى استيعاب البعد الثاني ، الذي اسميته بالوطن المادي ، الواقعي ، اليومي ، الذي تراه في الشارع وفي العمل وفي الدائرة الحكومية ، وفي المطار ، وفي كل مكان يصح وصفه بالمجال العام ، اي المجال الذي تشترك فيه مع سائر المواطنين، ويخضع لسلطة القانون. هنا انت بحاجة الى وطن يحملك ويحبك ويحميك. انت بحاجة الى وطن يضحي بالغالي والنفيس كي تعيش حرا ، آمنا ، موفور الكرامة.
الصورة الاولى للوطن تخبرك عن "واجباتك" تجاه وطنك . اما الصورة الثانية ، فهي تخبرك عن "حقوقك" على وطنك. هذا المفهوم الثنائي للوطن ليس من المفاهيم العفوية التي يدركها الناس بانفسهم. نحن في حاجة الى شرحه وبسط معانيه ومراميه وتفصيحه ، كي يأخذ مكانه في اذهاننا وينغرس في نسيج ثقافتنا العامة.
منظومة القيم الاساسية في المجتمعات المحافظة مثل مجتمعنا ، تنظر للفرد باعتباره "مكلفا" في المقام الاول ، وبالتالي فان اهتمامها منصب على قائمة الواجبات التي يطالب الفرد بادائها. اما "حقوق" الفرد فهي منسية او مؤجلة. حين يوصف فرد ما بانه "آدمي" او "مهذب" فهم يعنون انه مطيع ملتزم بواجباته. اما الفرد الذي يطالب بحقه فهو يوصف عادة بانه "شين وقوي عين".
لا اظن احدا من القراء الكرام قد سمع يوما من ابيه او معلمه او من خطيب المسجد ، حديثا عن حقوقه كفرد على عائلته، وعلى ربه، وعلى حكومته، وعلى مجتمعه، وعلى وطنه. معلوم ان لكل فرد حقوقا تمنحه امتياز المطالبة العلنية بكل منها. لكننا لا نعرف ما هي حقوقنا على وجه التحديد ، ولا نعلم بالجهة التي نطالبها بتلك الحقوق. ولهذا فان وجودها مثل عدمها. انها مجرد حقوق نظرية اقرب للتخيل منها للواقع.
تقديم مفهوم صحيح للوطن والمواطنة ، قائم على معادلة صحيحة للحقوق والواجبات ، يسهم دون شك في تخليق شخصية قويمة منفتحة. كما يساعد الشباب خصوصا في تحديد موقعهم ضمن الفضاء الاجتماعي ، ويقيهم من حالة الاغتراب النفسي التي يعانيها كثير من شباب اليوم. ترى.. هل لوزارة التربية دور في هذا؟.


مقالات ذات علاقة

الاقتصادية 10 سبتمبر 2013
http://www.aleqt.com/2013/09/10/article_784656.html







28/02/2012

وطن الكتب القديمة


|| الفلسفة الداخلية لمفهوم الوطن مختلفة تماما عن فكرة الجماعة أو الأمة القديمة. المفهوم الجديد يهتم بحقوق اعضاء المجتمع السياسي بينما القديم يدور حول التكاليف والواجبات||

اليوم، مثل الأمس، بل في كل وقت، نحن في حاجة إلى استذكار مفهوم الوطن ومبدأ المواطنة. هذا المبدأ يصبح أكثر ضرورة في ظروف التأزم واتساع الجدالات.
مفهوم الوطن في الفكر السياسي المعاصر هو مجموع صلب يتركب من ثلاثة أجزاء غير قابلة للتحلل: الأرض (إقليم يخضع لسيادة مجتمع سياسي محدد)، وعقد اجتماعي يمثل أرضية فلسفية ونظاما داخليا لهذا المجتمع السياسي، وأعضاء - أو مواطنون - يشاركون بنشاط في تقرير وتسيير أمورهم المشتركة.
فكرة المواطنة مشتقة من مفهوم الوطن ذاته، فهي تشير إلى عضوية نشطة ومتفاعلة. كل عضو في المجتمع السياسي يتمتع بحقوق محددة، يقابل كل منها مسؤولية أو واجب.
الوطن بهذا المفهوم ليس عميق الجذور في الثقافة العربية. في سنوات سابقة أجريت بحثا عن فكرة الوطن في التراث العربي وفي كتابات الإسلاميين المعاصرين، فوجدت أنها مزيج من ثلاثة مفاهيم متفاوتة:
أولها: مفهوم الأهل ومسقط رأس الإنسان. وهو يشير إلى رابطة اجتماعية أساسها القرابة، أو الجوار. واستعمل الفقهاء بُعدها الجغرافي (القرية) في تحديد بعض الأحكام الخاصة بالسفر.
وثانيها: مفهوم الجماعة الذي يشير إلى إطارات اجتماعية سابقة للدولة القومية كالقبيلة والعشيرة والطائفة.
وثالثها: مفهوم الأمة الذي يتحدث عن مجموعات من الشعوب والمجتمعات تقوم العلاقة بين أعضائها على الإيمان المشترك، وليس وحدة الأرض أو الإقليم السياسي، مثل الأمة الإسلامية والعربية.
تتفارق هذه المفاهيم عن فكرة الوطن الحديثة في مكوناتها الأساسية. وهي قد تكون صحيحة أو مرغوبة عند بعض الناس، أو ربما تكون أملا عند آخرين. لكننا لا نتحدث عن مسألة نظرية مجردة، بل عن نموذج واقعي. القاعدة الأساس لفكرة الوطن المعاصرة هي مفهوم ''الدولة القومية'' التي تشير إلى مجتمع سياسي يمارس سيادة على إقليم له حدود تعترف بها دول العالم الأخرى. هذا الإقليم هو أساس لهوية خاصة يحملها أعضاء المجتمع ويتمايزون بها عن غيرهم. هذا إذن مفهوم جديد يختلف كليا عن فكرة الدولة التي عرفناها في التراث العربي والإسلامي القديم.
الفلسفة الداخلية لفكرة الجماعة أو الأمة القديمة تختلف هي الأخرى عن فكرة الوطن المعاصرة. علاقة أعضاء الأمة أو الجماعة ببعضهم تدور حول ''التكليف''. المفهوم القديم للجماعة يعني على وجه الدقة: جماعة المكلفين المؤمنين. في المقابل فإن مبدأ ''المواطنة'' الجديد يركز على هوية سياسية/ قانونية تشكل قاعدة العلاقة بين أعضاء المجتمع السياسي الذي نسميه الوطن. ويتضمن هذا المبدأ منظومة حقوق وتكاليف متقابلة، من بينها الضمان القانوني للحريات الطبيعية والمدنية وتساوي الفرص والمشاركة في الشأن العام.
نحن نتحدث كثيرا عن الوطن والمواطنة في إعلامنا وفي مدارسنا. نتحدث عن حبه والانتماء إليه والعمل من أجله كمعايير للحكم على قيمة الناس وأفعالهم. لكننا قليلا ما تجاوزنا العنوان إلى مكوناته الداخلية. لهذا فمن المعتاد أن تجد من يتحدث عن الوطن ويفصله على قياس قومية محددة أو مذهب أو قبيلة أو تيار اجتماعي.
وقد سمعنا وقرأنا لأناس وضعوا الانتماء الديني أو المذهبي أو القومي في مقابل الانتماء الوطني. لا أظن أحدا منهم يريد النيل من الوطن أو مساءلة قيمته، بل هم على الأرجح لم يستوعبوا حقيقة أن الوطن ''الواقعي'' يختلف قليلا عن الوطن الذي فهموه في الكتب القديمة.
جريدة الاقتصادية
مقالات ذات علاقة 


اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...