‏إظهار الرسائل ذات التسميات Civic culture. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Civic culture. إظهار كافة الرسائل

22/06/2016

مجتمعات متحولة



حوادث العقد المنصرم اثمرت عن تغيير عميق في المجتمعات العربية ، شاهده الابرز هو تحول هذه المجتمعات الى فاعل سياسي نشط نسبيا ، بعد نصف قرن تقريبا من الخمول.
نتيجة بحث الصور عن civic culture almond and verba

يقول الاجتماعيون ان الثقافة السياسية السائدة ، تحولت من ثقافة انفعالية الى ثقافة تفاعلية ، حسب التقسيم الثلاثي الذي اقترحه غابريل الموند وسيدني فيربا في كتابهما المرجعي "الثقافةالمدينية".

تعرف الثقافة السياسية كحالة ذهنية ، تتشكل على ضوئها رؤية المجتمعات لنفسها وللدولة. في الحالة الانفعالية يشعر المجتمع بتأثير الدولة عليه ، لكنه لا يقابلها بأي نوع من ردود الفعل ، لا يساعدها ولا يعارضها ، فهو مجرد عامل منفعل. وهي سمة غالبة في المجتمعات الريفية.

اما في الحالة التفاعلية فالمجتمع مدرك لتأثير الدولة عليه ، ومدرك أيضا لقدرته على التاثير فيها قليلا أو كثيرا. ولذا فهو يميل الى علاقة تفاعلية ، تنطوي على تعاون حينا ومعارضة حينا آخر. وهذه هي الحالة التي تتجلي فيها قابلية المجتمع للمشاركة السياسية.

الباحثون الذين اختاروا "الثقافة السياسية" كمدخل للبحث في امكانية التحول الى الديمقراطية ، اهتموا بالمؤشرات الكمية والكيفية للتفاعل الاجتماعي مع قرارات الدولة وسياساتها ، باعتبارها دليلا على مدى قابلية المجتمع للتحول.

ما يهمنا في هذه المقالة هو ملاحظة السمات الرئيسية للمرحلة الانتقالية ، اي الظرف الذي تظهر فيه علامات واضحة تؤكد تخلي المجتمع عن حالة الانفعال والخمول السياسي ، وقيامه بالتعبير عن ذاته ومطالبه ، سواء وجه خطابه للدولة او للقوى الفاعلة في المجتمع.
اهم سمات المرحلة الانتقالية هو غياب الاجماع ، بسبب انحسار الاعراف والتقاليد التي كانت تلعب قبلئذ دور ضابط الحركة الاجتماعية ، وتمثل أرضية القيم ونظام العلاقة بين افراد المجتمع. 

لعل ابرز الامثلة على التحول المزعوم هو التمرد العلني على القيم والضوابط ومراكز النفوذ الاجتماعي القديمة ، وظهور شخصيات مرجعية ومراكز تأثير غير تقليدية ، أي تراجع أهمية بعض الادوار الاجتماعية السابقة لصالح أدوار وأفكار جديدة. المثال البارز هنا هو استيلاء نجوم مواقع التواصل الاجتماعي ومنتجي الفنون التلفزيونية والدرامية على دور المثقف التقليدي ورجل الدين في توجيه الرأي العام.

مجموع القيم والتقاليد والاعراف ونظم العلاقات والثقافة الموروثة ، كانت تشكل ما نسميه بالاجماع القديم. وهو الذي انتج ما وصفناه بالمجتمع المنفعل ، الذي يقبل بما يعرض عليه دون مناقشة. نعلم ان هذا الاجماع قد تراجع بالفعل وضعفت فاعليته.

ما ينشر هذه الأيام في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي من شكاوى حول التسيب الاداري ، وما ينشر حول النزاعات التافهة التي تتحول الى صراعات عنيفة ، ومثله المجادلات الساخنة – والتي لا تخلو من تجريح شخصي - بين رموز التيارات الثقافية والسياسية ، او بينهم وبين افراد من عامة الناس ، تشير كلها الى تفكك عناصر الاجماع القديم ، بما فيه من قيم وتقاليد واعراف.
اني ارى تحولا متسارعا للسلوك الجمعي من حالة الانفعال والتلقي الى حالة الفعل.

 لكن هذا الفعل لا يزال قصرا على  النقد والاحتجاج. ولم ينتقل بعد الى مرحلة المشاركة في بناء قيم واعراف جديدة ، تؤسس لاجماع جديد. بعبارة اخرى ، فقد تحولنا من حالة سكونية الى حالة تمرد ، ينبغي ان نستبدلها بحالة جديدة مختلفة ، سمتها الابرز التفاعل والمشاركة وفق منظومة قيم جديدة. عندها سوف نتخلص من ظرف التنازع الراهن ، المنطقي واللامنطقي ، حول المهمات والتوافه ، لننشغل بالمهم والمتفق على أساسه. 
الشرق الاوسط 22 يونيو 2016  http://aawsat.com/node/671531

مقالات ذات صلة

26/03/2013

حول جاهزية المجتمع للمشاركة السياسية




كتاب "الثقافة المدينية =  The Civic Culture " كان ثمرة لابحاث ميدانية في خمسة مجتمعات متباينة ، استهدفت الاجابة على سؤال: هل ثمة علاقة بين الثقافة العامة للمجتمع وبين وضعه السياسي؟
انجز هذا البحث عالمان امريكيان هما غابرييل الموند وسيدني فيربا ، واصبح منذ نشره في 1963 مفتاحا رئيسيا في فهم العوامل البنيوية/غير السياسية المؤثرة في التنمية السياسية. قبل ذلك كانت بحوث التنمية تميل  الى التركيز على دور التحولات الاقتصادية ، وتبعا لها التطور القانوني والاداري لمؤسسة الدولة ، باعتبارها حجر الرحى في النمو الاجتماعي/السياسي.
Sydney Verba
تعبير "الثقافة" الذي نتداوله يشير عادة الى المعرفة المؤطرة في وسائل منظمة مثل الكتب والمحاضرات والنقاشات العلمية ، ويطلق على هذا المستوى احيانا اسم الثقافة العالمة. اما مفهوم "الثقافة" المتداول بين علماء الاجتماع فيركز على الخلفية الذهنية للافراد. تتشكل ذهنية الفرد كمحصلة للتجارب الشخصية، الذاكرة التاريخية، العوامل البيئية ، والتصويرات الرمزية لمجموع هذه العوامل. الذهنية - او العقل الباطن كما تسمى احيانا – تحدد ما لا يقل عن 90 بالمائة من افعال الفرد وردود فعله العفوية.
الثقافة السياسية لاعضاء مجتمع ما هي التي تحدد فهمهم للدولة ودورها: (تؤثر في حياتهم ام لا تؤثر ، تمثلهم ام تسيطر عليهم). كما تحدد مشاعرهم تجاهها (حب او كره ، تعاطف او ارتياب). اضافة الى تقييمهم لادائها (دون المتوقع او مطابق له او افضل منه ، مساعد لمصالح الجماعة او معيق).
توصل الباحثان الى تقسيم ثلاثي للمجتمعات بحسب ثقافتها السياسية:
Gabriel Almond
 أ) مجتمعات تجهل تماما دور الدولة في حياتها ، وربما لا تعي اصلا بالفارق بين وجود الحكومة وعدمه. اطلق على هذا الصنف اسم الثقافة الانعزالية.
 ب) مجتمعات تدرك وجود الدولة والقوى السياسية الاخرى وتتلقى تاثيراتها. لكن رد فعلها فاتر ، او ربما معدوم. فهي لا ترى نفسها قادرة على الفعل والتأثير ، او انها لا تعتبر الدولة قابلة للتاثر بنشاط الجماعة. واطلق على هذا الصنف اسم الثقافة المنفعلة.
ج) مجتمعات تتفاعل مع الدولة والقوى السياسية الموازية: تستقبل تاثيراتها وتسعى ايضا للتاثير عليها. لانها تنظر الى نفسها كجزء من العملية السياسية القائمة ، كفاعل قادرعلى المشاركة والتاثير. واطلق على هذا الصنف اسم ثقافة المشاركة.
تجربة البحث الميداني قادت الاستاذين الموند وفيربا الى الاعتقاد بان تبلور ثقافة سياسية من المستوى الثالث (المشاركة) هي ابرز عوامل التحول الديمقراطي. حين يدرك المجتمع اهمية الدولة ويتفاعل معها ويؤمن بقدرته على التاثير في قراراتها ، تتحول المشاركة الشعبية في الحياة السياسية الى ضرورة للدولة والمجتمع معا. السؤال التقليدي: "هل نعتبر هذا المجتمع جاهزا للمشاركة السياسية او غير جاهز" اجاب عليه الاستاذان الموند وفيربا بسؤال معاكس: "هل يدرك المجتمع فائدة التفاعل مع الدولة ، وقدرته على التاثير في قراراتها؟".
الاقتصادية 26 مارس 2013
http://www.aleqt.com/2013/03/26/article_742335.html



اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...