‏إظهار الرسائل ذات التسميات عقوبة الاعدام. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عقوبة الاعدام. إظهار كافة الرسائل

18/09/2019

في معنى التعامل مع تحديات العصر

||للعقوبات بل لكل قانون أغراض ومصالح يستهدف التوصل اليها. فلو تبين انها ماعادت تؤدي تلك الاغراض فما هي الحكمة في الابقاء عليها؟.||
بعض الناس غير واثق من قدرة الاسلام على التعامل مع تحديات العصر الجديد. لهذا يتساءل بصيغة: "هل يستطيع الاسلام؟". آخرون يعتقدون ان الاسلام قادر (او ينبغي ان يكون قادرا) ولهذا فان سؤالهم يأتي في صيغة: "كيف يستطيع الاسلام؟".
Related imageوالذي يتراءى لي ان كلا السؤالين معقول ، بل قد يكون ضروريا. كل فكرة تدعو الناس الى اتباعها ، فان  للناس حق مشروع في ان يتساءلوا عنها  ، وان يشككوا فيها ، وان يطلبوا البرهان على سلامتها ، قبل وبعد ان يتبعوها. من ناحية أخرى فان اي نظام فكري او قانوني ، يحتاج الى مراجعة بين زمن وآخر ، للتحقق من قدرة عناصره على تحقيق الغايات التي يفترض ان تنتج عن تطبيقها او الالتزام بمقتضياتها. 
نعرف ان لكل جزء من أجزاء الدين وظيفة او غاية يبتغي بلوغها. قد نتحدث عن الايمان والعبادة فنقول ان غرضهما تعميق صلة الانسان بربه. ونتحدث عن الشريعة (القانون) فنقول ان غرضها تحسين مستوى معيشة البشر ، او نتحدث عن القرآن فنقول ان غرضه اثارة العقول ودفعها للتفكر في الخلائق ، ما هو مشهود وما هو غيب ، معانيها وسبل كشفها والسنن الناظمة لها ، والصلات القائمة بين اجزائها وعناصرها. 
قد يحصل أحيان أن تتلاشى فاعلية أحد الاجزاء المذكورة ، فتنقطع صلته بموضوعه. فنقول ان هذا الجزء قد تخلف عن زمنه. دعنا نأخذ على سبيل المثال عقوبة القتل ، التي تطبق باعتبارها حدا او قصاصا أو تعزيرا بحسب الموجبات المختلفة.  فقد ورد ان غرضها صون الحياة. وقال بعض المفسرين والفقهاء ان غرضها ردع الجناة عن تكرار جريمة القتل. والمفهوم ان الردع هو الغرض الأول لمعظم العقوبات.

حسنا... ماذا لو لم تعد هذه العقوبة رادعة؟. او.. ماذا لو توصلنا الى ان عقوبات اخرى غير القتل ، تحقق الردع المقصود.  فهل نقول حينها ان الاحكام تابعة لمقاصدها وعللها ، وبناء عليه نوقف تطبيق عقوبة القتل؟
 لقد ضربت هذا المثل بالخصوص ، لأن ابحاثا في دول اوربا الغربية قدمت استنتاجات مثيرة للاهتمام ، خلاصتها ان هذه الدول التي مضى على الغائها لعقوبة الاعدام ، ما بين 20-40 عاما ، لم تشهد زيادة ملحوظة في جرائم القتل. هذا يعني ان تلك العقوبة بذاتها لم تكن رادعة كما نتصور.
ثمة دول اخرى تقول ان عقوبة الاعدام ساعدت في تخفيض الجرائم. هذا يعني ان عوامل اخرى تتدخل ، فتجعل العقوبة مجدية في مكان وغير مجدية في مكان آخر.
ولدينا امثلة اخرى من المعاملات المالية ، بما فيها الزكاة ، ولدينا الاحكام التي لها علاقة بالمفهوم الحديث لحقوق الانسان ، ولا سيما المساواة وحرية الاعتقاد والتعبير . كثير من الاحكام المتعلقة بهذه السياقات مدعومة بآيات وروايات. لكن مفهومها او موضوعها تغير ، نتيجة لتغير الاطار العام الذي يحوي هذا الموضوع الى جانب غيره. الاطار العام المقصود هو البنية الاجتماعية ، بما تحويه من ثقافة واقتصاد ونظام قيم وانماط معيشة ووسائل اتصال.
ان العبرة التي نستفيدها من تجاربنا وتجارب الاخرين ، هي اننا كبشر عقلاء مطالبون بالاحسان في حياتنا ،  ومن الاحسان ان يكون الحكم او القانون الذي نطبقه على حياتنا ، وسيلة الى جعلها احسن واكمل. فاذا تبين انه لا يؤدي هذه الوظيفة ، فهل ينفعنا قول: انا وجدنا هذا في النصوص التي ورثناها ، فطبقناه بغض النظر عن مقصده او جدواه الفعلية؟.
الشرق الاوسط الأربعاء - 19 محرم 1441 هـ - 18 سبتمبر 2019 مـ رقم العدد [14904]

10/02/2015

شفاء الصدور


تمنيت لو لم يوقع الملك عبد الله الثاني امر اعدام عضوي القاعدة ، ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي ، الاسبوع الماضي.  من حيث المبدأ ادعو لالغاء حكم الاعدام نهائيا في العالم كله. ولهذا أعارض اي حكم بالقتل لأي سبب او مبرر.
لكن هذا ليس موضوع المقالة. صدر حكم الاعدام على الريشاوي والكربولي في 2006. تنفيذ الحكم بعد ثمان سنين من التعليق كان انعكاسا لمشاعر الغضب التي اجتاحت الاردن عقب القتل الشنيع للطيار الاسير معاذ الكساسبة. وربما استهدف ايضا لفت نظر الجماعات الارهابية الى امكانية اعدام آخرين فيما لو كرر احد جريمة "داعش".
 بدل تنفيذ حكم الاعدام ، تمنيت لو اقتصر الرد الاردني على مواجهة القتلة في الميدان ، مثلما ما فعلت حين كثفت هجماتها الجوية على قواعد "داعش". تعلم الحكومة الاردنية أن اعدام سجين قديم لا يؤثر سياسيا او معنويا على الجماعات الارهابية ، التي اعتادت ارسال اعضائها للانتحار فيما يستحق وما لا يستحق. ولهذا ارجح ان يكون هدف قرار الاعدام هو مواساة عائلة الطيار الكساسبة او امتصاص غضبهم.
 خلال الاشهر الثلاثة الماضية ، انهزمت داعش في مدن آمرلي وسنجار وديالى ، ثم في عين العرب "كوباني". هذه ليست مجرد نجاحات ميدانية ، بل هي – في المقام الاول – انتصارات معنوية ، كسرت موجة الرعب التي رافقت ظهور داعش ، ومكنتها يومذاك من اكتساح مساحة واسعة جدا من الاراضي العراقية والسورية ، من دون مقاومة تقريبا.
فقدت داعش مكانتها في نفوس الاغلبية الساحقة من العرب ، كما فقدت هيمنتها المطلقة على ارض المعركة. العمليات التكتيكية الصغيرة مثل احراق الطيار ونحر الرهائن اليابانيين كانت في الماضي مؤثرة اعلاميا ، لكن هذا التأثير ينكمش بشكل متسارع. لهذا ما عدنا نرى في هذه الايام اعلام داعش السوداء في المدن العربية ، كما كان الحال قبل خمسة أشهر.
"شفاء الصدور" هو عنوان الشريط الذي بثه تنظيم داعش عن حرق الطيار الكساسبة. وهو يشير بوضوح الى ان الغرض هو اظهار الانتقام في اشد الصور قسوة. هذا النوع من التوجيه يخاطب الانصار الفعليين او المحتملين الذين تداعب انفسهم شهوة البطش بالعدو الحقيقي او الرمزي او حتى المتخيل. الانتقام القاسي تعويض رمزي عن الانتصار الواقعي ، ويستهدف الحفاظ على صورة المنتصر بعدما انكسرت في الميدان.
اعدام الريشاوي والكربولي قد يكون ، بالنظر للظروف المحيطة ، نوعا مقابلا من "شفاء الصدور" ، وهو أمر لا ينبغي صدوره من دولة حكيمة. لا يصح للدولة ان تباري المجموعات الارهابية التي تعيش على الخوف والتخويف. كما لا ينبغي للدولة ان تنفعل او تتحرك بدافع الانتقام ، مهما كان جرحها عميقا ومؤلما. الفارق الجوهري بين الدولة والجماعة الارهابية هو الفارق بين المدينة بقوانينها واعرافها وبين الغابة التي يحكمها قانون الخوف. هذا ما لايصح لدولة ان تنساه.
الشرق الاوسط 10 فبراير 2015 مـ
http://aawsat.com/node/286821

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...