مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
20/05/2014
حلاق المؤمنين
09/12/2010
جدالات تجاوزها الزمن
المجتمع مشغول هذه الايام بالجدل حول
الاختلاط وعمل المرأة وحق العلماء في الفتوى العامة ، واشباهها من الموضوعات التي
تجاوزها الزمن ، واصبحت - بالنسبة لمعظم المجتمعات الاخرى - ذكريات يهتم بها
المؤرخون.
المؤكد ان مثل هذه النقاشات الغريبة سوف تستمر ، وربما ستأتي موضوعات مختلفة لكنها تشرب من نفس المورد. الامر ليس جديدا تماما، فمثل هذا الجدل مستمر منذ العام 2002 وحتى اليوم ، لاننا لم نستطع الانتقال الى المرحلة التالية، اي الخروج بنتيجة والبدء بنقاش أعلى مرتبة او اكثر عمقًا.
ظاهر هذه النقاشات اجتماعي، فهي تدور
حول الحريات الفردية. لكنها تنطوي على مضمون مكتوم لا يصرح به معظم المشاركين، ألا
وهو الحقوق المدنية والسياسية والمشاركة في الشأن العام. السبب في اظهار الوجه
الاول واخفاء الثاني هو التوازنات السياسية. يدور الجدل الراهن بين الصحافة ذات
الميول الليبرالية ، وبين بعض رجال الدين ذوي الميول التقليدية ، سواء في المؤسسة
الدينية او خارجها.
ويبدو ان هؤلاء قد غفلوا عن الجوهر المستور
للجدل وانشغلوا بظاهره، فانخرطوا في صراع عنيف ضد الداعين الى تمكين المرأة من
حقوقها الاولية ، مثل التملك والعمل. المؤسف ان التيار الديني يقع في مثل هذا
الفهم الملتبس تكرارا ، فيضع نفسه في موضع المدافع عن الظلم والتمييز، بدل ان يقدم
بدائل وطروحات جديدة ، تستلهم روح الدين ، وتنسجم في الوقت نفسه مع معطيات العصر
وضروراته.
يتحدث الداعون الى تمكين المرأة عن حقوق
الانسان ، والمشاركة المتساوية في الشأن العام ومحاربة الفقر، بينما تقتصر جدالات
الناشطين في التيار الديني التقليدي ، على التحذير من الفتنة والموجة التغريبية ، وتدعو
الى المحافظة على الاعراف السائدة ، باعتبارها خط الدفاع عن الدين وسلامة المجتمع.
نحن مشغولون بهذه النقاشات ، لاننا
عاجزون عن صوغ نظام قيمي جديد ، يرسي اجماعا وطنيا بديلا عن ذلك الذي اطاحت به
رياح التحديث. صحيح ان مجتمعنا لم ينتقل تماما الى عصر الحداثة، وصحيح ان كثيرا
منا لا يزال سجين التقاليد الموروثة ، التي لم تعد مفيدة في يومنا الحاضر، لكن
الصحيح ايضا ان موجات التحديث ، التي جاءت في ركاب الاقتصاد والاعلام الجديد ونظم
التواصل الجمعي العابرة للحدود ، قد شقت المجتمع الى قسمين: قسم يشعر بالخسارة ، لانه
مرتبط بنظام مصالح قائم او موروث، وقسم يسعى لحجز مكانه ودوره في نظام مصالح جديد،
وهو غير عابئ بما يترتب على اولئك من خسائر.
المثل العربي المشهور «لكل زمان دولة
ورجال» هو وصف مكثف لانعكاس التحولات الاجتماعية ، على الناس وادوارهم ومصالحهم،
وما يترتب عليها من روابط وعلائق بينهم. تلك التحولات قد تكون واسعة وعميقة
واحيانا مدمرة ، اذا جرت في مجتمع ينكر التغيير ويقاومه، بينما تكون لينة وسلسة،
بل وقليلة الخسائر اذا جرت في مجتمع منفتح ومستعد لتقبل التغيرات والتحولات.
تنتمي مجتمعات الخليج الى الصنف الاول، ولهذا
فهي تجد التحول مفاجئا ومدهشا، وتجد نفسها عاجزة عن استيعابه وتسكينه ضمن اطاراتها
الاعتيادية، بل وتشعر بالعجز عن ابتكار اطارات جديدة. التغيير هو سمة التاريخ وهو
سنة الله. من المستحيل تلافيه ومن المستحيل اتقاؤه او الخلاص من انعكاساته. في
الماضي كان يأتي بطيئا وتدريجيا، اما اليوم فهو سريع وواسع وانقلابي، ولهذا السبب
فانه يثير من الجدل والخلاف ، اضعاف ما اعتاد عليه المجتمع في عصوره السابقة.
حين تأتي الموجة فانها تكشف عن شيء
وتخفي اشياء اخرى. العاقل من يتأمل في المضمر ولا ينشغل بالظاهر. العاقل من يفهم
الاسباب التي تجعل التغيير قدرا ، فيسعى لاستيعابه وتوجيهه ، بدل ان ينفق جهده في
محاربة الظواهر والتعبيرات ، مهما كانت مؤلمة او بغيضة. العاقل هو الذي ينظر الى
التحولات الاجتماعية كفرص ، يمكن اغتنامها واستثمارها والبناء عليها، بدل ان ينظر
اليها كتهديد او عدوان. حري بالمجتمع الديني ان يفكر في ركوب موجة التغيير ، واعادة
انتاج عناصرها في خطاب جديد ، يستلهم روح الدين وشروط العصر وحاجات البيئة
الاجتماعية ومتطلبات المستقبل، فهذا هو الآتي. اما الماضي فهو حياة افلة، ماتت
فعليا او هي على وشك الموت.
مقالات ذات علاقة
24/07/2004
تأملات في حدود الديني والعرفي/العلماني
ربما يكون كتاب "الاسلام واصول الحكم"
للمرحوم علي
عبد الرازق هو اكثر الكتب التي تذكر في الجدل حول العلاقة بين الاسلام والسياسة
، رغم انه لم يكن اول من عالج المسالة. ولعل المجابهة الحادة التي ووجه بها
الكتاب ومؤلفه تعود الى ظهوره في ظرف ازمة ، الامر الذي جعله بالضرورة محشورا في
وسط تجاذبات تلك الازمة. وبالتالي فان قيمته العلمية لم يجر اختبارها ضمن اطاره
الخاص كعمل علمي. ومن المؤسف ان ابرز الاراء المتعلقة بدور الدين في الحياة
العامة قد ظهرت - كما لاحظ رضوان السيد ايضا - في ظروف ازمة ، وكانت بصورة او
باخرى اقرب الى التساؤل عما اذا كان لمعرفتنا الدينية دور سببي او نسبة من نوع ما
الى تلك الازمة.
الشيخ علي عبد الرازق |
كون
الازمات مولدة للاسئلة هو امر طبيعي تماما ، فهي تدل على وجود قدرة نفسية وثقافية
لممارسة النقد الذاتي ، لكني عبرت عن الاسف لان الوضع الطبيعي هو ان لا يقتصر
التفكير في مكونات الثقافة وادوات توليد المفاهيم والنطاقات المرجعية لقيم العمل
، على اوقات محددة سواء كانت اوقات رخاء او اوقات شدة. الثقافة مثل الخبز ، اذا
توقف انتاجه فلا بد ان يصاب المجتمع بالهزال الذهني كما يضعف الجسد اذا حرم
الغذاء.
قبل عبد الرازق عالج الموضوع الفيلسوف الاندلسي ابن
رشد في كتابه المعروف "فصل
المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال". ويتشابه العملان في
تحديد الاشكالية ، فكلاهما حاول تشخيص المساحة التي تخضع لتكييف الاحكام الدينية
بالضرورة ، وتلك التي تخضع لتكييف العرف بالضرورة.
كلا
العالمين اذن كان يهتم بتحديد المعايير ، أي الاجابة على سؤال : ماذا يصح وماذا لا
يصح. ومن هذه الزاوية فهما يختلفان جوهريا عن معالجة العلامة ابن
خلدون الذي حاول في كتابه ''المقدمة''
وضع توصيف سلوكي لكل من البعد الديني والبعد العرفي في الظاهرة الاجتماعية
الواحدة ، لا سيما في صعود وسقوط القوى السياسية.
لم يهتم ابن خلدون كثيرا بتقييم صحة او سقم المقولات التي تجادل
حول دور الدين او العرف. بل حاول من خلال وصف الحراك الاجتماعي والسياسي ان يقدم
تفسيرا عقليا لحدود فاعلية الدين من ناحية والعرف من ناحية اخرى في تكوين الظاهرة
وتطورها. وقد التفت بصورة خاصة الى الفارق الدقيق بين الحراك الذي طبيعته دينية
وذلك الذي طبيعته عرفية تلبس لباس الدين. واظن ان ابن خلدون قد سبق جان جاك روسو
في الاشارة الى تحولات الفكرة الدينية لدى ارتدائها ثياب الحركة الاجتماعية ولا
سيما ظهور ما سماه الاخير بالدين المدني.
يبدو اذن ان المفكرين الثلاثة كانوا مهمومين بتحديد الخط المائز
بين الدائرة الدينية والدائرة العرفية او - على سبيل الاجمال - غير الدينية. لكن
مقاربة الاولين كانت مقاربة تقييم بينما اتخذ الثالث مقاربة تحليلية وتفسيرية.
ويظهر لي ان التفكير في هذا الموضوع لا زال ابتدائيا ، فعلى
خلاف ما يظن كثيرون فان الاعمال العلمية التي كتبها مسلمون في هذه المسالة لا
زالت قليلة ، وهي مهمومة الى حد كبير بالتوصل الى احكام اكثر من اهتمامها بوصف
حركة التفارق والتلاقي بين الديني والعرفي في داخل الظاهرة الاجتماعية الواحدة ،
كما فعل ابن خلدون في الماضي. بطبيعة الحال فالادوات الجديدة التي توفرت في نطاق
العلوم الانسانية تقدم امكانات مراقبة وتفسير للظواهر ادق مما توفر لابن خلدون في
عصره.
يمكن فهم حركة التلاقي او التفارق بين الديني والعرفي ضمن
سياقين : الاول هو التمايز بين الديني - او العرفي - كايديولوجيا وفلسفة من جهة.
أو كمسار تحول من المطلق الى المحدد. نحن نفهم مثلا ان تحويل الاحكام الشرعية الى
قانون رسمي يؤدي بالضرورة الى نقلها - فلسفيا ومفهوميا - من دائرة الدين الى دائرة
العرف.
اما السياق الثاني فهو سياق التفارق الناتج عن ظهور استقلالية
كل واحد من النطاقات التي جرت العادة على اعتبارها مختلطة او مشتركة ، مثل نطاق
الدين ، نطاق الفلسفة ، نطاق الفن والادب ، نطاق السياسة ، نطاق العلم. الخ. كل
من هذه النطاقات مستقلة موضوعيا ، لكنها - ضمن بعض الظروف على الاقل - تبدو
متشابكة مع الدين. ان اكتشاف استقلالها لا بد ان ينعكس على تصنيفها ضمن الدائرة
الدينية او تحويلها نحو الدائرة العرفية.
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2004/7/24/Art_128685.XML
عكاظ 24/7/2004 م
العـدد : 1133
مقالات ذات
علاقة
-------------------
07/02/2004
جدل الدين والدولة في ايران
18/05/1999
سر الاســرار
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...