‏إظهار الرسائل ذات التسميات جورج بوش. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات جورج بوش. إظهار كافة الرسائل

26/02/2005

من أجلنا لا من اجل بوش


دعوة الرئيس الامريكي الاسبوع الماضي الى دعم مسيرة الديمقراطية في العالم الثالث ، وفرت فرصة للحديث المكرور عن فرض الديمقراطية من الخارج ، والنفاق الامريكي في دعوة الدول النامية الى رعاية حقوق الانسان ، بينما يخرق جنودها ابسط حقوق السجناء في العراق وافغانستان وكوبا الخ..
جورج بوش
ولا شك ان سجل الحكومة الامريكية في مجال حقوق الانسان داخل بلادها ليس سيئا ، بالقياس الى سجلها الخارجي الذي لا يمكن امتداحه بأي حال. لكن ما ينبغي الاهتمام به هو وضع حقوق الانسان في مجتمعنا العربي وليس في اميركا. اذا كانت اميركا سيئة فلتذهب الى الجحيم ، لكن ماذا عنا نحن العرب هل نذهب الى الجحيم ايضا, ام نسعى لاصلاح حالنا بغض النظر عما يقوله الامريكيون وما يفعلونه.
المسألة ببساطة تدور حول واحد من احتمالين :
 اما ان حقوق الانسان في المجتمعات العربية مرعية او انها ناقصة. اذا كانت مرعية فليكشف العرب ذلك للعالم وليدعوا القاصي والداني كي يراها في الأنظمة والقوانين والاعلام.
 اما اذا كانت ناقصة فليقولوا الحقيقة لانفسهم وللعالم. كثير من مجتمعات العالم - ومن بينها المجتمعات الغربية جميعا - لا تخجل من الاقرار بأن حقوقا معينة تهدر او تنتهك لمبررات امنية او اقتصادية او ثقافية او غيرها, او لقصور على المستوى القانوني او الاجتماعي.
حقوق الانسان ليست مجرد عنوان, بل هي منظومة من المفاهيم والمعايير وطرق العمل التي ينبغي ان تحترم بشكل تفصيلي. ولكي يتحقق هذا الاحترام فانه يجب الاقرار بضرورتها, ثم وضع القوانين ولوائح العمل التي تعرفها وتحدد كيفية رعايتها, واخيرا تحديد الوسائل القانونية لتمكين عامة الناس من التظلم والشكوى اذا تعرضت حقوقهم للهدر والانتهاك.
قبل بضعة ايام احتفلت بعض الصحف العربية ، بقرار مجلس اللوردات البريطاني الذي الغى قانونا اقره البرلمان ، يسمح باحتجاز المتهمين بالارهاب دون محاكمة ، ولفترة غير محددة. ألغي القانون بناء على شكوى من سجين مسلم قال ان احتجازه دون محاكمة ، ينطوي على خرق لحقوقه الانسانية. وجادلت الحكومة بأن القانون ضروري للوقاية من اعمال ارهابية وشيكة. لكن مجلس اللوردات قرر ان هذا لا يبرر التغاضي عن حق المتهم في الحرية او الدفاع عن نفسه امام المحكمة. وقد ادعت الحكومة ان لديها ادلة كافية للادانة ، لكنها لا تريد عرضها امام المحكمة خشية انكشاف مصادرها الامنية. فأجابها المجلس بأن عليها في كل الاحوال ان تكشف تلك الادلة ، لتمكين المتهم من الطعن فيها.
وقد جرت عادة بعض العرب على العودة الى مكتبتهم ، كلما اثير موضوع حقوق الانسان ، واستخراج القصص التاريخية عن رعاية الاسلام لحقوق الانسان ، بما يُوازي ما يفعله الغربيون ويزيد. لكنهم ينسون - عادة - ان هذا كله كلام لا علاقة له بالموضوع ، لان المتهم بهدر حقوق الانسان ليس المجتمع الذي عاش في القرون الغابرة ، بل مجتمع المسلمين المعاصر ، بمن فيه من موجهين ومثقفين ومفكرين ودعاة ، واصحاب نفوذ وآباء وأمهات وأفراد.
قضية حقوق الانسان هي ابرز التحديات التي تواجه المجتمعات العربية في هذا الوقت. وسواء امتدح العرب الآخرين او قدحوا فيهم ، فان رأيهم لا ينبغي ان يكون مدار الاهتمام. يجب ان يتركز اهتمام العرب على ضمان هذه الحقوق لكل مواطن ومقيم. انه حق ثابت لكل انسان ، لا يستطيع احد ، قانونياً كان أو فقيها او تاجرا او شيخ قبيلة او زعيم حزب او مفكرا ، ان ينكره عليه. اذا اراد بعض الناس ان يتنازلوا عن حقوقهم فذلك شأنهم. لكن لا يجوز في اي حال ان نحرم احدا حقوقه رغما عنه.
من الجدير بالعرب ان يعيدوا النظر في الكثير من القوانين والتعليمات والممارسات التي تهدر فعليا حقوقا اولية واصلية للانسان ، في معيشته أو حياته.. الخ. واول الطريق الى هذه الغاية هو فسح المجال امام النقاش الحر بما يتضمن من نقد واقتراح للبدائل. المجتمع الذي يتمتع فيه الناس بحقوقهم وحرياتهم اقدر على الصمود امام التحديات والتهديدات, وهو اقوى على احتواء المشكلات والتوترات. تجربة العالم خلال القرن العشرين تكشف ان حركة المجتمع نحو التقدم العلمي والاقتصادي والتحرر من وصاية الآخرين لاتكتمل إلا إذا شعر افراده بان حقوقهم مصانة.
  - « صحيفة عكاظ » - 26 / 2 / 2005م  

20/03/2004

بيدي أم بيد عمرو: تلك هي المسألة



كثير من قومنا منشغل اليوم بالتفكير في "اهلية" الولايات المتحدة الامريكية لفرض مشروعها الخاص بالاصلاح السياسي في الشرق الاوسط. مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الامريكي يستهدف اعادة صياغة هذا النظام الاقليمي على نسق متوائم مع منظومة العلاقات الدولية للقرن الواحد والعشرين. والفكرة ليست جديدة تماما ، فقد طرحت في اوائل التسعينات تحت مسمى النظام العالمي الجديد. لكن  اولويات واشنطن مالت منذ عهد الرئيس بوش الاب الى التركيز على المناطق التي اعتبرت اكثر نضجا للتغيير ، ولا سيما في افريقيا  وجنوب شرق اسيا.
الاداة الرئيسية لهذا المشروع هي الادماج الاقتصادي والمواءمة الثقافية والسياسية ، وهي الفكرة التي تمثل جوهر مفهوم العولمة.

والحق ان المشروع الامريكي قد حقق نجاحا يعتد به في المناطق التي جرى التركيز عليها ، وهو ما يكشف عن الامكانية الكبيرة التي ينطوي عليها اذا ما طرح في مناطق اخرى. بالنسبة للشرق الاوسط (في المفهوم الجديد الذي يمتد من افغانستان الى المغرب) فقد  كان الاعتقاد السائد في واشنطن ان حل المسالة الفلسطينية سوف يؤدي الى تسهيل اطلاق المشروع ، لكن فشل الرئيس السابق كلينتون في استنباط الحل المقترح في اللحظة الاخيرة قد ازاح هذه القضية من دائرة الاولويات ، وجاءت احداث الحادي عشر من سبتمبر لتضع اولوية جديدة ، وهي تفكيك البيئة الاجتماعية المنتجة للتطرف الديني.

طبيعة الدور الذي سيلعبه المجتمع الدولي – الولايات المتحدة واوربا خصوصا – في صناعة التغيير كان دائما محل خلاف مع عواصم المنطقة ، وقبل تلك الاحداث كان بين صناع القرار في الولايات المتحدة من يتعاطف مع الفكرة القائلة بعدم فرض تغييرات دراماتيكية ، خشية انكسار النظام السائد في المنطقة وصعود المتطرفين الى السلطة . ويبدو ان واشنطن كانت مقتنعة بالحجة التي سوقها سياسيون من الشرق الاوسط وفحواها ان ضعف هؤلاء سيفتح على العالم ابواب الجحيم .

لكن منذ الحادي عشر من سبتمبر فان الصورة اختلفت دراماتيكيا في العاصمة الامريكية والكثير من عواصم اوربا الغربية ، وساد اعتقاد بان التباطؤ في ادماج الشرق الاوسط في التحرك العالمي المتوائم نحو الديمقراطية واقتصاد السوق ، هو الذي وفر الارضية الملائمة لتبلورالارهاب والتطرف . هذا التغيير في النظرية الامريكية للعلاقات الدولية هو الذي قادها الى تغيير النظام السياسي في كل من افغانستان والعراق بالقوة المسلحة. ومن المرجح ان هذا النجاح سيغري الولايات المتحدة بتكرار تجربة العمليات الجراحية الرامية لفرض تصورها الخاص للمستقبل في اقطار اخرى . ومن هذه الزاوية خصوصا ينظر باحثون غربيون الى مشروع الشرق الاوسط الكبير باعتباره الاعلان غير الرسمي عن السياسة الجديدة التي سوف تتبعها واشنطن في المنطقة خلال السنوات القادمة . الفكرة البسيطة وراء هذه السياسة : هي ان النظام الاجتماعي في هذه المنطقة جزء متكامل مع منظومة الامن الدولي ، ولهذا فان العالم معني بكل قطر من اقطارها ، بشؤونه الداخلية مثل سياساته الخارجية ، وان على المجتمعات المحلية وحكوماتها ان تغير نفسها والا فرض عليها التغيير من الخارج .

بيت القصيد اذن ليس كون الولايات المتحدة مؤهلة ام غير مؤهلة لفرض التغيير. المسألة التي تستحق النظر هي ان هناك مشروعا فعليا للتغيير ، جوهره اعادة تركيب النظام الاجتماعي في كل قطر باتجاه الانسجام مع التحرك العالمي  نحو الليبرالية في الاقتصاد والسياسة ، وهذا المشروع سيظهر للوجود خلال سنوات قليلة ، على ايدي اهل المنطقة او رغما عنهم . ولهذا فان السؤال الذي يستحق التوقف هو : هل سنصلح حالنا بايدينا ، كي ياتي الاصلاح منسجما مع ما نحسبه ثوابت عندنا ، او نتباطأ حتى نجد انفسنا مرغمين على قبول النموذج الذي يتبناه الامريكيون ولا يقيم كبير اعتبار لسلم اولوياتنا ؟. هل نقبل باصلاح سريع لكنه مخطط ومسيطر عليه ام ننتظر حتى يفرض علينا تغيير فوري لا يقيم وزنا لتبعات المغامرة؟.

Okaz ( Saturday 20 March 2004 ) - ISSUE NO 1007

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...