‏إظهار الرسائل ذات التسميات حزب النهضة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حزب النهضة. إظهار كافة الرسائل

19/10/2016

الغنوشي المثير للجدل


لطالما كانت آراء السيد راشد الغنوشي مثيرة للجدل. من يريده اكثر ليبرالية ينتقد اصراره على استعمال اللغة الدينية في عرض مواقفه السياسية ، ومن يتمنى بقاءه ضمن الحركة الاسلامية ينتقد توجهاته الحداثوية ، التي تبدو أقرب الى العلمانية منها الى المألوف الديني.
الاحد الماضي كان مناسبة للتذكير بواحد من هذه المواقف الجدلية ، حين قال على هامش اجتماع لقيادة حزب النهضة انه  ''لا يمكن أن نكفّر الدواعش.. لا يمكن أن نكفّر أحدا يقول لا اله الا الله" واضاف ان داعش هو صورة للاسلام الغاضب والخارج عن العقل .

  في ظروف اخرى ستبدو المسألة عادية. لكن هذه التصريحات لاتؤخذ كتوصيف نظري مجرد ، سيما بالنظر الى الانعكاسات الشديدة للازمة الليبية على الامن في تونس. في مارس الماضي احتل مقاتلو التنظيم مدينة بن قردان الجنوبية ، فيما قيل انه مقدمة لاعلان امارة اسلامية في تونس. لحسن الحظ فان سكان المدينة رفضوا وجود مقاتلي داعش بينهم ، مما سهل على الجيش تطهيرها في بضعة أيام.
لا احد اعتبر القضاء على مجموعة بن قردان نهاية لداعش التونسي. ثمة تقارير متطابقة تتحدث عن "آلاف" من الشباب التونسي في صفوف التنظيم ، في العراق وسوريا وليبيا ، الامر الذي يؤكد وجود بيئة اجتماعية مناسبة للتنظيم في هذا البلد.
ومن هنا فان وصفهم كمسلمين خاطئين او غاضبين فحسب ، سوف تصنفه الاطراف المنافسة كمحاولة احتواء لأعضاء الجماعة المتطرفة ، او كدعوة لاعتبارهم "طيفا" داخل التيار الديني ، وليس كخوارج على الجماعة أو اعداء للمجتمع المسلم.
هناك بالطبع تساؤل جدي حول ملاءمة هذا النوع من التوصيف لزعيم حركة ، سبق ان اعلنت (مايو 2016) بانها تحولت الى حزب سياسي حداثوي ، وتخلت عن مهماتها الدعوية والدينية البحتة ، رغم ان كثيرين يجدون صعوبة في فصل الغنوشي وحزبه عن تاريخهما الدعوي والديني. ايا كان الامر فان تصريحات من هذا النوع الذي ينتسب عادة الى المجال الديني البحت ، سوف تعيد الالتباس بين السياسي والديني ، وبين التراثي والحداثي ، الذي كان يراد حسمه في اعلان مايو المذكور.
لكن – من ناحية أخرى – يمكن اعتبار ذلك التصريح مفيدا في سياق اعادة توصيف المجال السياسي الاسلامي. نعلم ان الجرائم البشعة لتنظيم داعش حملت كافة الجماعات الاسلامية على التبرؤ منه ، كراهية لأفعاله او تحاشيا لتحمل تبعات نسبتها الى التيار الديني ككل. هذا كله مفهوم ، لكنه لا ينفع كثيرا في تحديد موقع التنظيم داخل المجال الديني او خارجه.
أقول ان تصريح الغنوشي قد يكون مفيدا لانه يعين ربما على تقبل فكرة ان المجال الديني ليس طيفا واحدا ، وانه ليس دار الحق والخير المطلق. بل هو – مثل كل مجال عقيدي او سياسي آخر – متنوع ومتعدد المشارب والاتجاهات ، فيه الاكثر اعتدالا والاشد تطرفا ، وفيه التقليدي المتشدد الى جوار المتحرر المعادي للتقاليد. المجال الديني هو مجتمع المسلمين ، بكل ما ينطوي عليه من محسنين وآثمين. وهو لهذا السبب ليس معيارا للحق ولا هو المثال الديني الكامل ، بل بشر مثل سائر البشر ، الذين يسعون للاحسان ما استطاعوا ، فيصيبه بعضهم ويضل آخرون. داعش وأمثالها من الجماعات المسلحة ليست تعبيرا عن حقيقة الدين ولا عن حقيقة المجتمع الديني ، بقدر ما هي تعبير عن هموم فريق في هذا المجتمع. قد نعتبرها نموذجا مجسدا للطيش والضلال. لكن لا احد يدعي ان غيرهم ملائكة في ثياب البشر.
الشرق الاوسط 19 اكتوبر 2016 http://aawsat.com/node/763846

25/05/2016

حزب النهضة الجديد

"النهضة حزب سياسي ديمقراطي مدني مرجعيته قيم حضارية اسلامية وحداثية...نحن مسلمون ديمقراطيون ولم نعد جزء من الإسلام السياسي".
بهذه الجملة المحددة أعلن راشد الغنوشي ، زعيم حزب النهضة التونسي ، نهاية لتاريخ طويل من الالتباس الثقافي والسياسي ، نعتقد انه سبب رئيس للفوضى العارمة في السياسة العربية المعاصرة.
كشفت تجربة العقد الماضي عن فشل ذريع للتيار الديني في التعامل مع التحولات العميقة في عالم اليوم. يرجع هذا الفشل الى ثلاثة عوامل رئيسية ، هي أ) عجز التيار عن التحرر من جلباب التاريخ. ب) انزلاقه في الصراع الهوياتي. وتبعا لهذا توهم امتلاك الدين وتمثيله الحصري. ج) اخفاقه في تحديد الشريحة الاجتماعية التي يخاطبها ، الامر الذي شتت خطابه بين الهموم والانشغالات المتباينة للطبقات الاجتماعية.
يتلخص العامل الأول في سؤال: ماهي المرجعية الفكرية والقيمية التي نستمد منها الحلول الضرورية لمشكلات المجتمع والدولة المعاصرة ، هل هي تراث الفقهاء السابقين ام اجتهادات البشر المعاصرين. ويتلخص العامل الثاني في سؤال: ماهي العلة الجوهرية لتخلف المسلمين عن ركب الحضارة ، هل هي تآمر الغرب ، ام الانقسامات الداخلية ، ام فشلنا في الاجابة الصحيحة عن السؤال الاول. اما العامل الثالث فيلخصه سؤال: ما هي الطبقة الاجتماعية التي يريد الاسلاميون تمثيل مصالحها كي تحمل – في المقابل – مشروعهم السياسي. نعلم ان لكل شريحة هموم وانشغالات وتطلعات مختلفة ، تشكل كل منها أرضية لثقافة ومتبنيات خاصة ، بل – في معظم الاحيان – متعارضة مع نظيرتها في الطبقات الاخرى. فمن من هذه الطبقات هو المستهدف الرئيس بالخطاب السياسي للتيار الديني.
كانت تلك الاسئلة هي محاور الجدل التي قادت لانقسام حزب الرفاه التركي ، وقيام حزب العدالة والتنمية. لحظة قيام هذا الحزب قرر قادته تبني ايديولوجيا الدولة الحديثة بمرجعيتها القيمية والثقافية. قرر ان الشراكة مع الغرب هي الحل التاريخي لمشكلات التخلف ، وليس مصارعته ، وان الطبقة الوسطى المدينية هي حامل المشروع السياسي للحزب ، رغم انها – بالمعايير التقليدية – اقل تدينا من الطبقات الدنيا ، سيما الريفية.
حقق حزب العدالة نجاحات متوالية على مستوى الاقتصاد وتعزيز الهوية الوطنية والسياسة الخارجية ، وقدم للاتراك نموذجا لم يعرفوه منذ قيام جمهورية اتاتورك. يستند حزب العدالة الى فلسفة بسيطة: ان الحزب السياسي هيئة متخصصة في السياسة العامة ، يلتزم بالقيم الاساسية في الدين ، لكنه لا يستعمل الدين في السياسة ، ولا يستعمل السياسة في الدعوة.
قبل عشرين عاما تحدث راشد الغنوشي عن مسار مماثل. لكنه أراد الوصول اليه عبر المسار التقليدي ، أي إعادة تفسير التراث القديم. يبدو الآن انه مقتنع باستحالة إحياء الموتى. وان تجديد الفكرة الدينية مستحيل دون التحرر من جلباب التاريخ. هذا يعني التحرر من قلق الهوية ، الاتجاه للشراكة مع العالم وليس مصارعته.
المؤكد ان هذا التحول لن يمر دون خسائر. الشريحة التي تطمئن عادة للتقاليد الموروثة ستخرج من دائرة تاثير حزب النهضة ، وستفرز قادتها وتيارها الخاص. لكن من المرجح ان يزداد نفوذ الحزب بين الطبقة الوسطى المدينية. الأهم من هذا وذاك ان مجموعات كثيرة في العالم العربي سوف تجد في نفسها الشجاعة للسير في ذات الطريق. تحول حزب النهضة لن تنحصر انعكاساته في تونس. التيارات الدينية ، سيما الاخوان المسلمون ستشهد جدالات شديدة وانقسامات ، وسنرى نسخا من حزب النهضة الجديد في اكثر من قطر عربي.

الشرق الاوسط 25 مايو 2016 http://aawsat.com/node/648346

ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه

  ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...