الحت
على ذهني صورة المرحوم د. غازي القصيبي وانا اعبر الطريق امام صف من القدور الضخمة،
وعشرات من الناس يطبخون الرز صباح الجمعة المنصرم. قال لي رحمه الله يوما : لم
اشارك في العزاء ، لكن "اللي يعزي واللي ما يعزي ياكل عيش الحسين ، وقد اكلته
في كل عام من اعوام الشباب".
ظهيرة
هذا اليوم ، كان ثمة صف طويل في انتظار الدخول الى وحدة التبرع بالدم. صف طويل في
مكان آخر على موقع يوزع "عيش الحسين". صف ثالث على بوابة تفضي الى شبه
مسرح اقيم كيفما اتفق، لعرض مشاهد متخيلة عما حدث في كربلاء. مئات من الشباب
ارتدوا ما يشبه ازياء الكشافة ينظمون عبور الناس والسيارات التي تتزاحم امام مجلس تعزية.
الغائب الوحيد في
عاشوراء القطيف هو السوق. السوق معطلة تماما.
رغم ان مراسم عاشوراء هي بذاتها ، سوق من نوع آخر ، منتجاتها مختلفة ، شروط البيع
والشراء فيها مختلفة، لكن زبائنها ، هم انفسهم زبائن السوق الاعتيادية.
الناشطون
في مجال العمل الخيري ، المرافق الاجتماعية الاهلية ، صناديق رعاية الايتام
والفقراء ، تستعد كلها لهذه الايام. يقول لي عضو في لجنة اهلية تقيم مسجدا جديدا
انهم جمعوا في عاشوراء الماضي ثلث تكاليف البناء، وهم يتوقعون اكمال الباقي خلال
هذا الموسم.
عاشوراء
في جانبها التقليدي مجرد تذكير بتاريخ مضى ومات اهله. اما في جانبها الاجتماعي فهي
مناسبة لبعث الحياة في مجتمع مدني يؤكد عامة الناس من خلاله بانهم قادرون على
تجديد حياتهم وحل مشكلاتهم اذا تواصلوا واستثمروا روح الجماعة.
الفولكلور
الذي يطغى على فعاليات الموسم ليس عملا احترافيا يمارسه اناس بعينهم. هو اقرب الى
حركة عامة يشارك فيها جميع الناس او معظمهم ، يرددون نفس ابيات الشعر ، يلبسون ذات
الزي الاسود ، يتبادلون التحية الخاصة بالموسم بنفس الطريقة : " عظم الله
اجوركم" ، "مأجورين" ، "طيب الله انفاسكم" ، "طيب
الله اسماعكم".
حضرت
موسم عاشوراء في مدن كثيرة ، لكني لا زلت اظن ان عاشوراء القطيف شيء مختلف.
الاقتصادية
الثلاثاء 13 محرم 1434 هـ. الموافق 27 نوفمبر 2012 العدد 6987
http://www.aleqt.com/2012/11/27/article_712723.html