تحتفل البلاد بعد اسبوعين باليوم
الوطني. ولهذه المناسبة أدعو وزارة التربية لتخصيص بضع ساعات خلال هذه الايام،
لشرح المفهوم الصحيح للوطن والمواطنة.
مبرر هذا الاقتراح هو ما رأيته في
سنوات سابقة من اتجاه احادي يركز على "واجب" المواطن تجاه وطنه. وصرف
هذا المعنى للتأكيد على جماليات الوطن، واستقراره في القلب، والدعوة الى بذل
الغالي والنفيس من اجله. وهي معان يجري التعبير عنها شعرا ونثرا. وقد حفظها
المعلمون والطلاب وعامة الناس.
وقد سبق ان وصفت هذا
المفهوم بالوطن الرومانسي. اي الوطن الذي نحمله في قلوبنا ونحبه ونتغنى به
ونشتاق اليه.
لكننا بحاجة الى استيعاب البعد
الثاني ، الذي اسميته بالوطن المادي ، الواقعي ، اليومي ، الذي تراه في الشارع وفي
العمل وفي الدائرة الحكومية ، وفي المطار ، وفي كل مكان يصح وصفه بالمجال العام ،
اي المجال الذي تشترك فيه مع سائر المواطنين، ويخضع لسلطة القانون. هنا انت بحاجة
الى وطن يحملك ويحبك ويحميك. انت بحاجة الى وطن يضحي بالغالي والنفيس كي تعيش حرا
، آمنا ، موفور الكرامة.
الصورة
الاولى للوطن تخبرك عن
"واجباتك" تجاه وطنك . اما الصورة الثانية ، فهي تخبرك عن "حقوقك" على وطنك. هذا
المفهوم الثنائي للوطن ليس من المفاهيم العفوية التي يدركها الناس بانفسهم. نحن في
حاجة الى شرحه وبسط معانيه ومراميه وتفصيحه ، كي يأخذ مكانه في اذهاننا وينغرس في
نسيج ثقافتنا العامة.
منظومة القيم الاساسية في المجتمعات
المحافظة مثل مجتمعنا ، تنظر للفرد باعتباره "مكلفا" في المقام الاول ،
وبالتالي فان اهتمامها منصب على قائمة الواجبات التي يطالب الفرد بادائها. اما
"حقوق" الفرد فهي منسية او مؤجلة. حين يوصف فرد ما بانه
"آدمي" او "مهذب" فهم يعنون انه مطيع ملتزم بواجباته. اما
الفرد الذي يطالب بحقه فهو يوصف عادة بانه "شين وقوي عين".
لا اظن احدا من القراء الكرام قد
سمع يوما من ابيه او معلمه او من خطيب المسجد ، حديثا عن حقوقه كفرد على عائلته،
وعلى ربه، وعلى حكومته، وعلى مجتمعه، وعلى وطنه. معلوم ان لكل فرد حقوقا تمنحه
امتياز المطالبة العلنية بكل منها. لكننا لا نعرف ما هي حقوقنا على وجه التحديد ،
ولا نعلم بالجهة التي نطالبها بتلك الحقوق. ولهذا فان وجودها مثل عدمها. انها مجرد
حقوق نظرية اقرب للتخيل منها للواقع.
تقديم مفهوم صحيح للوطن والمواطنة ،
قائم على معادلة صحيحة للحقوق والواجبات ، يسهم دون شك في تخليق شخصية قويمة
منفتحة. كما يساعد الشباب خصوصا في تحديد موقعهم ضمن الفضاء الاجتماعي ، ويقيهم من
حالة الاغتراب النفسي التي يعانيها كثير من شباب اليوم. ترى.. هل لوزارة التربية
دور في هذا؟.
الاقتصادية 10 سبتمبر 2013
http://www.aleqt.com/2013/09/10/article_784656.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق