إذا قدر لك التامل في أصناف
الكتب التي تعرضها دور النشر العربية في المعارض السنوية المتخصصة ، مثل سوق القاهرة
الدولي للكتاب ، أو معرض بيروت أو غيرهما ، فسوف تلاحظ ان الكتب الجديدة قليلة في
الجملة ، وان الكتب التي تقدم شيئا جديدا ، نادرة جدا.
الكتب التي تقدم جديدا هي في الغالب ترجمات عربية لدراسات وضعت في لغات أجنبية ، والكتب الأكثر مبيعا هي كتب التراث ، دواوين الشعر ، وكتب التدبير المنزلي ، وفي معرض الظهران للكتاب الذي انعقد هذا العام ، كان أكثر الكتب مبيعا هو (الشيف رمزي) المتخصص في الطبخ .
الكتب التي تقدم جديدا هي في الغالب ترجمات عربية لدراسات وضعت في لغات أجنبية ، والكتب الأكثر مبيعا هي كتب التراث ، دواوين الشعر ، وكتب التدبير المنزلي ، وفي معرض الظهران للكتاب الذي انعقد هذا العام ، كان أكثر الكتب مبيعا هو (الشيف رمزي) المتخصص في الطبخ .
على مستوى التعليم فان قضية
مثل تعريب التعليم في الجامعات ، لا زالت
موردا للأخذ والرد ، ويقرر عدد من الاساتذة بالفم الملآن ان استمرار التعليم
الجامعي باللغات الاجنبية ، ضروري لتسهيل وصول الطالب إلى المصادر العلمية
الاجنبية.
وهذا التبرير يعني ان المصادر العربية غير موجودة أو غير موثوقة ، ولا يزال راغب التضلع في العلوم مضطرا الى احتمال مشقات السفر إلى أوربا والولايات المتحدة لمواصلة أبحاثه .
وهذا التبرير يعني ان المصادر العربية غير موجودة أو غير موثوقة ، ولا يزال راغب التضلع في العلوم مضطرا الى احتمال مشقات السفر إلى أوربا والولايات المتحدة لمواصلة أبحاثه .
هذه الامور التي ربما يمر
بها بعض الناس مرور الكرام ، تكشف عن خلل في غاية الأهمية ، خلل في حركية الثقافة
العربية ، اننا نتحدث عن هذا وقد مرت سنين طويلة على بداية التعليم الحديث
والجامعي ، ودخول الطباعة والصحافة ، ثمة جامعات عربية تجاوز عمرها الآن ثلاثة
أرباع القرن ، واحتفل غيرها بمرور نصف قرن على قيامه ، وخلال هذه السنوات الطويلة
، تخرج مئات الآلاف ممن كان عليهم المعول في تحريك عجلة العلم والثقافة العربية .
وربما وجد بعض الناس ان
الوضع الثقافي العربي بخير ، فلدينا عشرات من الصحف و الدوريات ولدينا المئات ممن
يجيدون الحديث في الاذاعات وعلى المنابر ، وتمتليء الدوائر الحكومية والشركات
بالالاف من خريجي الجامعات.
لكن الحديث ليس عن (الكم)
الثقافي ، مع ان ما يذكر قليل بالمقارنة مع الامم الأخرى ، بل عن (الكيف) وتحديدا
عن فاعلية الثقافة السائدة في تهيئة الطرق أمام تحديث العالم العربي ، ونستطيع
الاستدلال بكل بساطة على ان الثقافة المتداولة في العالم العربي ، لا تلعب هذا
الدور ، من تفسير الاقبال على النوعية المذكورة سلفا من الكتب ، ومن تأمل متأن في
محتويات الصحافة اليومية والاسبوعية التي يقرأها أكثر الناس ، ان الاقبال على كتب
التراث من قبل عامة الناس ، يعني انهم مشغولون بهم الماضي أكثر من هموم الحاضر ،
أو لعلهم يهربون من هموم الحاضر بتجاهلها ، والانشغال بما مضى لأن همومه غير مكلفة
، أو لعلهم لا يجدون في الحاضر الثقافي شيئا يستحق العناء.
أما الاهتمام بالشعر فينطوي على شعور بالعجز عن التعبيرات المباشرة عن الهموم الفعلية ، أو رغبة في الانصراف إلى التأمل الوجداني الأقرب إلى التصور والخيال ، بدل الانشغال بالواقعي والمادي ، كما ان الاهتمام بثقافة التدبير المنزلي تعني تطور التيار الاستهلاكي من استهلاك مجرد ، أي رغبة في التملك والاحتذاء ، إلى منهج حياة منظم ومؤسس على أصول محددة .
أما الاهتمام بالشعر فينطوي على شعور بالعجز عن التعبيرات المباشرة عن الهموم الفعلية ، أو رغبة في الانصراف إلى التأمل الوجداني الأقرب إلى التصور والخيال ، بدل الانشغال بالواقعي والمادي ، كما ان الاهتمام بثقافة التدبير المنزلي تعني تطور التيار الاستهلاكي من استهلاك مجرد ، أي رغبة في التملك والاحتذاء ، إلى منهج حياة منظم ومؤسس على أصول محددة .
لكن الامم لا تتقدم بالهروب
من الحاضر إلى الماضي ، والمشكلات لا تعالج بترك الميدان الواقعي المادي إلى
التأمل الوجداني ، كما ان شيوع ثقافة الاستهلاك والتملك في المجتمعات ، تضعف
مبررات الانتاج والابداع ، وتعزز خيار الاعتماد على الغير في تدبير حاجات الحياة ،
بدل تطوير الكفاءة الذاتية .
الثقافة والعلوم على مستوى
العالم العربي كله لا تزال تحت خط الفقر ، بمعنى انها عاجزة عن مسايرة النشاط
الاقتصادي القائم فعلا في البلدان العربية ، والدليل البسيط على هذا ، اننا لا
نزال بحاجة إلى (شراء) الخدمات العلمية من الخارج ، فاذا احتجنا إلى بناء عمارة
كبيرة أو جسر أو طريق رئيسي ، استقدمنا شركة اجنبية لتضع لنا المخطط وتشرف على
التنفيذ ، وإذا احتجنا مصنعا أو تجهيزات لمصنع اشتريناها جاهزة من الخارج ، وإذا
احتجنا إلى صيانة هذه الاشياء وتجديدها ، عدنا إلى الخارج ، فأين الذين تعلموا
واين نتاج الجامعات والمدارس العليا ، الم تقم هذه المؤسسات من أجل ان نستغني عن
الخبير الاجنبي في اقامة منشآتنا ؟ .
المخططون في القطاع الخاص
والادارات الرسمية يقرون بالحاجة إلى الاعتماد على الخبرات الوطنية ، لكنهم ـ وقت
الحاجة ـ يذهبون إلى الأجانب ، بتبرير بسيط وقابل للتفهم ، خلاصته ان المنطق يقضي
باتباع أحدث السبل في الانشاء والتاسيس ، لانك لا تريد القيام بتجارب بل تريد
انشاء يعتمد عليه لسنين طويلة قادمة .
انه تبرير قابل للتفهم كما
ذكرت ، لكن المشكلة انه صحيح اليوم كما كان صحيحا قبل نصف قرن ، وسيكون صحيحا بعد
عشرين أو ثلاثين عاما في المستقبل ، فمتى سنعتمد على خبرائنا ومتى سيعمل رجالنا
بمفردهم ؟ .
المجتمع العربي يتقدم على
المستوى الاقتصادي ، لكن ثقافته لا تتطور بسرعة موازية أو في نفس الاتجاه ، ولهذا
فانها لا تخدم حاجاته ، بكلمة أخرى فالوضع اليوم ينم عن افتراق بين اتجاهات الحياة
واتجاهات الثقافة ، وإذا تباينت الثقافة والحياة ، أمسى الانسان يعيش في عالم
مزدوج ، عالم مجزأ ومتباين الأجزاء ، يريد كل جزء ان يصنع انسانه الخاص .
22 مارس 1999
اول العلم قصة خرافية
بين النهوض العلمي والتخصص العلمي
تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟
تطوير التعليم من الشعار إلى المشروع
تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا
تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية
التعليم كما لم نعرفه في الماضي
التمكين من خلال التعليم
الحق أولا
حقوق الانسان في المدرسة
حول البيئة المحفزة للابتكار
دعـــــوة الى التعــــليم الخــــــيري
سلطة المدير
شكوك في العلاقة بين
الثقافة والتقدم
المدرسة وصناعة العقل
المدرسة ومكارم الاخلاق
معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق
مكافحة الفساد بدء من المدرسة
الوطن هو الناس وليس الجغرافيا
يوكل علم ؟ ... يعني مايفيد !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق