في ابريل 1977 استضافت مكة
المكرمة المؤتمر العالمي الاول للتعليم الاسلامي ، الذي وجه الانظار بصورة خاصة
إلى (ازدواجية التعليم) باعتبارها أحد العيوب الرئيسية في النظام التربوي لجميع
الاقطار الاسلامية
.
حسب معظم الباحثين الذين
قدموا اوراقا للمؤتمر ، فان الازدواجية المذكورة ، هي ثمرة عجز النظام التعليمي
القديم عن استيعاب التطورات الجديدة في العلوم ، مما اضطر المجدتمعات المسلمة إلى
اقتباس النظام التعليمي الذي تبلور في الغرب ، بمناهجه وفلسفة عمله .
ولأن العلوم
الحديثة شديدة الالتصاق بحاجات الحياة المتغيرة وحركتها الدائبة ، فقد اصبح هذا
النظام محور التنشئة الاجتماعية ، والإطار الرئيسي لتدوير الثقافة ، واعداد
الاجيال الجديدة من المسلمين ، بينما اتجه النظام القديم إلى مزيد من التخصص ،
فتحول من إطار تـثـقيفي وتربوي مفتوح لعامة الناس ، إلى نظام خاص يقصده راغبو
التخصص في علوم الشريعة واللغة العربية دون غيرهم . بديهي ان أحدا لا يحول بين
الناس والانتظام في النظام التعليمي القديم ، لكن هذا أصبح عاجزا عن ضمان فرص
كافية لخريجيه ، وكان في الاصل عاجزا عن توفير الخبرات التي يحتاجها المجتمع في
شؤون حياته المختلفة
.
وجرى تحديد العيب الرئيسي
للنظام التعليمي الحديث ، في تأسيس علومه على فلسفة مغايرة لفلسفة التوحيد ، وأنه
لا يقيم اعتبارا خاصا لذلك النوع من الممارسات الاجتماعية ، التي تكرس جزئية الفرد
في الجماعة وارتباطه المصيري بتطورات حياتها ، أو تساهم في تدوير الثقافة
الاجتماعية بين الاجيال المختلفة ، ان التعليم الغربي ينظر للفرد كموجود مستقل له
كيان قانوني محدد ، منفصل عن كيان الجماعة التي ينتمي اليها.
وفيما بعد ، حين
يخرج الفرد إلى سوق العمل ، فان علاقته بالافراد الآخرين في الجماعة ، تحددها في
المقام الاول مصلحته الخاصة ، وهي ـ لهذا السبب ـ علاقات مؤقتة ورسمية إلى حد كبير
، بينما اهتم التعليم التقليدي قبل تحوله الاخير ، بنقل الثقافة والقيم الناظمة
للسلوك الاجتماعي إلى الفرد ، ولعب دورا في تعزيز الروابط التي تشد كل فرد إلى
الآخرين من أبناء مجتمعه ، باعتباره وإياهم شركاء في السراء والضراء والمصير .
وقد حاول جميع الاقطار
الإسلامية تقريبا تدارك هذا الخلل ، بادخال مواد التربية الدينية وعلوم اللغة في
نظام التعليم الحديث ، لكنها بقيت منفصلة ، تلقن لطالب المدرسة باعتبارها علما من
العلوم ، وليست فلسفة يقوم عليها كل علم ، كما ان القصور الذي اعترى إعداد المعلم
في كل مستويات التعليم ، حدد مهمته بتلقين الطالب ما هو مكتوب في الكتب الدراسية
التي اعتمدت كمنهج ، بهدف محدد ، هو إعداد الطالب للنجاح في الامتحان والحصول على
شهادة (اكمال الدراسة) .
إن معظم المعلمين ـ ولا نقول
كلهم خوف المبالغة ـ لا يعرف كيف يدرس الفيزياء على قاعدة التوحيد ، ولا يعرف كيف
يدرس التاريخ على قاعدة التواصل الحضاري بين أجيال البشرية ، ولا يعرف كيف يغرس في
عقل الطالب المقومات الثقافية لهويته ، باعتبارها مجال تواصل بين مختلف الأفهام ،
وهو في الغالب عاجز عن مساعدة الطالب على تشكيل شخصيته وثقافته الخاصة ، المستقلة
ولكن المتواصلة في آن واحد ، ان معظمهم لا يعرف كيف يقوم بهذه المهمة ، لأن أحدا
لم يبذل كبير جهد في تعليمه طبيعة هذه المهمة ولا كيفية القيام بها .
لا يقتصر الخلاف بين
النظامين على نوع المناهج المعتمدة في كل منهما ، ولا في طريقة التدريس أو مسمى
المدارس ، بل في الناتج الأخير ، أي شخصية الفرد الذي تشكلت ثقافته عبر واحد من
المسارين ، وفي ذلك المؤتمر حذر الباحثون من ان استمرار ازدواجية النظام التعليمي
تنذر بتخريج شريحتين متعارضتين ، تعبر إحداهما عن اتجاه شديد التمسك بالدين
وتعبيراته ، بينما تنظر الاخرى إلى التدين باعتباره شأنا جانبيا في الحياة .
لكني
أجد المشكلة أبعد من هذا التقدير ، فنحن اليوم نواجه شخصية واحدة ، لكنها ملتبسة ،
يتجاور فيها البعد الديني والبعد العلمي ، لكنهما لا يتواصلان ، ويتجسد الالتباس
في عجز الشخص عن منح أحد البعدين فرصته للاشتغال في مختلف أمور الحياة ، فهو
تقليدي إلى أبعد حد في حياته الاجتماعية ، وهو عصري إلى أبعد حد في حياته المهنية .
بالنسبة لبعض الناس فان هذا
الامر طريف ومسل ، وربما مثير للاعجاب ، لكن هذا هو بالتحديد فحوى المقولة الشهيرة
(مالقيصر لقيصر وما لله لله) وهي على أي حال مقولة طريفة ومثيرة للاعجاب .
28 مارس 1999
بين النهوض العلمي والتخصص العلمي
تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟
تطوير
التعليم من الشعار إلى المشروع
تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا
تعزيز
التسامح من خلال التربية المدرسية
التعليم كما لم نعرفه في الماضي
التمكين من خلال التعليم
الحق
أولا
حقوق الانسان في المدرسة
حول البيئة المحفزة للابتكار
دعـــــوة الى التعــــليم الخــــــيري
سلطة
المدير
شكوك في العلاقة بين
الثقافة والتقدم
صناعة الشخصية
الملتبسة
كتب الطبخ هي
الاكثر رواجا في معارض الكتب
المدرسة وصناعة العقل
المدرسة
ومكارم الاخلاق
معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق
مكافحة
الفساد بدء من المدرسة
الوطن
هو الناس وليس الجغرافيا
يوكل علم ؟ ... يعني مايفيد !
مقالات ذات علاقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق