‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولايات المتحدة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولايات المتحدة. إظهار كافة الرسائل

17/04/2025

أين تضع دونالد ترمب

في النقاش حول سياسة امريكا الخارجية ، حدد الباحثون أربعة اتجاهات ، كل منها يمثل سمة عامة لسياسات الرؤساء المتعاقبين وحكوماتهم. اظن ان كثيرا منا يستطيع رؤية الفوارق بين السياسة الخارجية للرئيس الأسبق أوباما ، مقارنة بسلفه جورج بوش ومن قبله جيمي كارتر ورونالد ريغان وغيرهم. وهانحن نرى العالم مشغولا اليوم باستكشاف النهج السياسي للرئيس الحالي دونالد ترمب.


ينسب كل من تلك الاتجاهات الى واحد من الرؤساء القدامى ، الذين ينظر اليهم أيضا كصناع للايديولوجيا السياسية الامريكية. دعنا نأخذ مثلا الاتجاه الذي يميل للانكفاء على الذات ، وينسب عادة للرئيسين جورج واشنطن (1789-1797) وتوماس جيفرسون (1801-1809). فهذا الاتجاه يميل لتحاشي الانخراط في حروب خارجية. ويرى ان الخيار الأمثل للولايات المتحدة هو ان تكون القطب الاقتصادي للنصف الغربي من الكرة الأرضية. ذلك ان تفاعلها مع اوربا والامريكتين ، سيتيح لها تطوير اقتصاد مزدهر ، يغنيها عن النزاعات المحتدمة في آسيا وأفريقيا.

وعلى العكس من ذلك تماما الاتجاه الليبرالي ، الذي ينسب للرئيس وودرو ولسن (1913-1921) ومبدأه ان الولايات المتحدة ستكون أكثر أمانا وازدهارا ، إذا كان العالم مستقرا متصالحا. ويرى ان انتشار مباديء الديمقراطية الليبرالية عبر القارات ، سيجعل الحكومات أميل للتفاوض والتفاهم ، ويحجم تأثير المتطرفين ودعاة الحرب.

بين هذين الخطين المتناقضين ، يذكرون أيضا الاتجاه المتشدد ، الذي يميل للتدخل الواسع ، اقتصاديا وعسكريا ، في شتى انحاء العالم ، ويعتبر الكرة الأرضية كلها نطاقا للأمن القومي الأمريكي. ان الميل الشديد للعولمة الاقتصادية ، ثمرة لهذا الاتجاه ، الذي ينسب عادة للجنرال اندرو جاكسون ، الرئيس السابع للولايات المتحدة (1829-1837).

أميل لتقسيم السياسة الأمريكية الدولية الى اتجاهين فحسب: اتجاه محافظ واتجاه تدخلي. وأرى ان هذا التقسيم – رغم عموميته - اكثر انطباقا على الواقع التاريخي للسياسة الامريكية خلال الخمسين عاما الماضية. وهما على أي حال متداخلان ، بقدر او بآخر.

يحمل الاتجاه المحافظ معظم السمات المعروفة عن الأيديولوجيا المحافظة ، من التركيز على التجارة والاقتصاد ، الى تحاشي النزاعات العسكرية الكبرى ، وعدم الثقة في المنظمات التي تؤطر العمل السياسي الدولي ، او تقرر سياسات طويلة الأمد نيابة عن الدول الأعضاء. هذا الاتجاه ينطلق من ان الولايات المتحدة قوة اقتصادية متكاملة ، وان بوسعها تطوير تفاعل نشط بين العرض والطلب في سوق محلي متكامل ، لا ينعزل بالضرورة عن الأسواق ومصادر الخامات الدولية ، لكنه أيضا لا يخضع للضغوط النشطة في هذه الأسواق.

 يميل هذا الاتجاه للانكفاء على الذات. وحين يبدي حماسة للعمل الدولي ، فسيكون على الاغلب مكرسا لخدمة استراتيجيات محلية قصيرة الأمد ، وليست بالضرورة أيديولوجية او جيوبوليتيكية.

أما الاتجاه التدخلي ، فهو يرى ، عموما ، ان قوة الولايات المتحدة تكمن في حضورها الفعال على الساحة الدولية ، وان العالم كله سوق للمنتجات الامريكية ومصدر للخامات والموارد الأولية. يحظى هذا الاتجاه بدعم الشركات الكبرى ، المالية والصناعية واللوجستية ، كما يحظى بدعم الاكاديميين ومن يمكن اعتبارهم ضمن الاتجاه الأخلاقي في النخبة العلمية والمجتمع المدني. دعم التجار سببه واضح ، اما دعم الاكاديميين والمجتمع المدني ، فيرجع لاعتقادهم بان لدى الولايات المتحدة قوة ناعمة مؤثرة ، تشكل وسيطا فعالا في علاقتها مع شعوب العالم. تمتد القوة الناعمة من التجارة الى الثقافة والفن والعلوم الخ.

أرى أن السمات الرئيسية للاتجاه المحافظ اكثر انطباقا على سياسات الرئيس ترمب ، وفقا لما عرفنا في دورته الرئاسية الأولى (2017-2021) وهذا واضح أيضا في دورته الثانية ، رغم ان الوقت ما زال مبكرا لوضع تقييم دقيق.

وفقا لهذا التصور ، أستطيع القول ان ترمب ليس رئيسا محاربا ، ولا هو ميال للتوسع الخارجي وخوض صراعات مكلفة. انه اقرب الى تاجر يسعى لبيع بضاعته وتخفيض كلفه. وهو يرفع صوته بالتهديد والوعيد كي يبعد الآخرين عن طريقه ، من دون حماسة للصدام الفعلي.

صدقية هذا الاحتمال او بطلانه ستظهر مع نهاية العام الجاري كما اظن.

الخميس - 19 شوّال 1446 هـ - 17 أبريل 2025 م   https://aawsat.com/node/5133309

مقالات ذات صلة

 

20/03/2004

بيدي أم بيد عمرو: تلك هي المسألة



كثير من قومنا منشغل اليوم بالتفكير في "اهلية" الولايات المتحدة الامريكية لفرض مشروعها الخاص بالاصلاح السياسي في الشرق الاوسط. مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الامريكي يستهدف اعادة صياغة هذا النظام الاقليمي على نسق متوائم مع منظومة العلاقات الدولية للقرن الواحد والعشرين. والفكرة ليست جديدة تماما ، فقد طرحت في اوائل التسعينات تحت مسمى النظام العالمي الجديد. لكن  اولويات واشنطن مالت منذ عهد الرئيس بوش الاب الى التركيز على المناطق التي اعتبرت اكثر نضجا للتغيير ، ولا سيما في افريقيا  وجنوب شرق اسيا.
الاداة الرئيسية لهذا المشروع هي الادماج الاقتصادي والمواءمة الثقافية والسياسية ، وهي الفكرة التي تمثل جوهر مفهوم العولمة.

والحق ان المشروع الامريكي قد حقق نجاحا يعتد به في المناطق التي جرى التركيز عليها ، وهو ما يكشف عن الامكانية الكبيرة التي ينطوي عليها اذا ما طرح في مناطق اخرى. بالنسبة للشرق الاوسط (في المفهوم الجديد الذي يمتد من افغانستان الى المغرب) فقد  كان الاعتقاد السائد في واشنطن ان حل المسالة الفلسطينية سوف يؤدي الى تسهيل اطلاق المشروع ، لكن فشل الرئيس السابق كلينتون في استنباط الحل المقترح في اللحظة الاخيرة قد ازاح هذه القضية من دائرة الاولويات ، وجاءت احداث الحادي عشر من سبتمبر لتضع اولوية جديدة ، وهي تفكيك البيئة الاجتماعية المنتجة للتطرف الديني.

طبيعة الدور الذي سيلعبه المجتمع الدولي – الولايات المتحدة واوربا خصوصا – في صناعة التغيير كان دائما محل خلاف مع عواصم المنطقة ، وقبل تلك الاحداث كان بين صناع القرار في الولايات المتحدة من يتعاطف مع الفكرة القائلة بعدم فرض تغييرات دراماتيكية ، خشية انكسار النظام السائد في المنطقة وصعود المتطرفين الى السلطة . ويبدو ان واشنطن كانت مقتنعة بالحجة التي سوقها سياسيون من الشرق الاوسط وفحواها ان ضعف هؤلاء سيفتح على العالم ابواب الجحيم .

لكن منذ الحادي عشر من سبتمبر فان الصورة اختلفت دراماتيكيا في العاصمة الامريكية والكثير من عواصم اوربا الغربية ، وساد اعتقاد بان التباطؤ في ادماج الشرق الاوسط في التحرك العالمي المتوائم نحو الديمقراطية واقتصاد السوق ، هو الذي وفر الارضية الملائمة لتبلورالارهاب والتطرف . هذا التغيير في النظرية الامريكية للعلاقات الدولية هو الذي قادها الى تغيير النظام السياسي في كل من افغانستان والعراق بالقوة المسلحة. ومن المرجح ان هذا النجاح سيغري الولايات المتحدة بتكرار تجربة العمليات الجراحية الرامية لفرض تصورها الخاص للمستقبل في اقطار اخرى . ومن هذه الزاوية خصوصا ينظر باحثون غربيون الى مشروع الشرق الاوسط الكبير باعتباره الاعلان غير الرسمي عن السياسة الجديدة التي سوف تتبعها واشنطن في المنطقة خلال السنوات القادمة . الفكرة البسيطة وراء هذه السياسة : هي ان النظام الاجتماعي في هذه المنطقة جزء متكامل مع منظومة الامن الدولي ، ولهذا فان العالم معني بكل قطر من اقطارها ، بشؤونه الداخلية مثل سياساته الخارجية ، وان على المجتمعات المحلية وحكوماتها ان تغير نفسها والا فرض عليها التغيير من الخارج .

بيت القصيد اذن ليس كون الولايات المتحدة مؤهلة ام غير مؤهلة لفرض التغيير. المسألة التي تستحق النظر هي ان هناك مشروعا فعليا للتغيير ، جوهره اعادة تركيب النظام الاجتماعي في كل قطر باتجاه الانسجام مع التحرك العالمي  نحو الليبرالية في الاقتصاد والسياسة ، وهذا المشروع سيظهر للوجود خلال سنوات قليلة ، على ايدي اهل المنطقة او رغما عنهم . ولهذا فان السؤال الذي يستحق التوقف هو : هل سنصلح حالنا بايدينا ، كي ياتي الاصلاح منسجما مع ما نحسبه ثوابت عندنا ، او نتباطأ حتى نجد انفسنا مرغمين على قبول النموذج الذي يتبناه الامريكيون ولا يقيم كبير اعتبار لسلم اولوياتنا ؟. هل نقبل باصلاح سريع لكنه مخطط ومسيطر عليه ام ننتظر حتى يفرض علينا تغيير فوري لا يقيم وزنا لتبعات المغامرة؟.

Okaz ( Saturday 20 March 2004 ) - ISSUE NO 1007

لماذا ينبغي ان نطمئن الى تطور الذكاء الصناعي؟

  اطلعت هذه الأيام على مقالة للاديبة العراقية المعروفة لطفية الدليمي ، تقترح خطا مختلفا للنقاش الدائر حول الذكاء الصناعي ، وما ينطوي عليه ...