‏إظهار الرسائل ذات التسميات شق حجاب الغيب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شق حجاب الغيب. إظهار كافة الرسائل

24/10/2018

كيف نتقدم.. سؤال المليون

من اسرار التخلف ، قطيعتنا الذهنية مع الطبيعة ، غفلتنا عن استثمار الموارد العظيمة التي تزخر بها ارضنا وسماؤنا وبحرنا وانفسنا. وبالمثل فإن أحد أسرار التقدم ، هو العودة لفهمها والتفاعل معها على نحو بناء.

ظهرت الطبعة الاولى من كتاب الامير شكيب ارسلان "لماذا تاخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم" في 1940. ورأيت له طبعة جديدة صدرت في 2008. بين هذين العامين ، طبع ما لا يقل عن عشرين مرة ، الامر الذي يجعله واحدا من اكثر الكتب العربية شهرة. وهو لايزال موضع اهتمام بين الباحثين وعامة القراء على السواء. 
(1869-1946)  شكيب ارسلان
 لم يقدم ارسلان تحليلا عميقا عن أسباب تخلف المسلمين. كما لم يفسر لقرائه اسرار تقدم الغربيين. أن إجاباته لا تختلف في الحقيقة عن التصورات الانطباعية التي يتداولها عامة الدعاة والمتعلمين ، والتي تنسب التخلف في الغالب إلى قصور أخلاقي ، تعاضد مع شيوع اللاعقلانية ، في المجتمع المسلم. وهي بالتأكيد عوامل صحيحة ، لكنها لا تقدم تفسيرا علميا ، يمكن الاتكاء عليه فيما لو أردنا الانتقال إلى المرحلة التالية ، اي سؤال: ما العمل.
أن السر وراء الشهرة التي حظي بها كتاب المرحوم ارسلان ، تكمن في السؤال الذي اختاره عنوانا لكتابه. فهو أشبه بما يسمى عند التراثيين "حديث النفس" ، اي ذلك الهم الذي شغل أذهان المسلمين جميعا ، في مرحلة من مراحل حياتهم.
لا ادري إن كان المسلمون فردا فردا قد انشغلوا حقا بالتفكير في هذا السؤال. لكني واثق أن الغالبية العظمى من متعلميهم ، قد سمع به أو توقف عنده ، في وقت ما. ونعلم طبعا أن بعضهم قد جادلوا حوله أو حاولوا الاجابة عليه.
 نعلم أيضا أن السؤال مازال مشرعا. لأننا لم نتوصل الى جواب شاف. والحق أن هذا سؤال المليون كما يقال. لأن جوابه في غاية التعقيد. انه أوسع من مجرد تحليل علمي. وهو ليس مجرد نظرية في ادارة الموارد ، مثل نظريات التنمية الاقتصادية والسياسية مثلا. بل فكرة نهضة ، تستلزم – إضافة إلى نظرية التقدم المتعددة الابعاد – ظرفا نفسيا عاما ، يسمح بانعتاق الجمهور من هموم الحاضر وأزماته والانخراط في مغامرة النهضة. الظرف النفسي يتمثل فيما يمكن وصفه بروحية النهضة ، التي نعرف انها كانت وراء نهضة بريطانيا في العصر الفيكتوري (١٨٣٧-١٩٠١) وألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الأولى ، ثم الصين بعد ١٩٨٠.
ذكرت هذه الاقطار بالخصوص ، للتأكيد على أن النهضة ليست رهنا باتفاق المسلمين. وانه لا يمكن لأي عدو إعاقة النهضة اذا تحلى اصحابها بالإرادة والإصرار ، والاستعداد للتضحية في سبيل مستقبلهم. الأقطار التي ذكرتها نهضت بمفردها وسط محيط سياسي غير مساعد.
تحتاج النهضة في مراحلها الأولى ، إلى تكلف وجهد نفسي ومادي باهظ. أما التالية فتاتي سلسة وسريعة ، مثل كرة ثلج تتدحرج من أعلى الجبل.
منطلق النهضة هو تصور المستقبل والايمان به. ولا يمكن للمستقبل الا أن يكون مختلفا ، بل ونقيضا للحاضر ، فضلا عن الماضي. ثم إن التضحيات المطلوبة ليست مادية حصرا. أشدها صعوبة هي التضحية بما اعتبرناه مسلما وبديهيا في رؤيتنا للطبيعة والعالم المحيط بنا.
أحد عوامل التخلف هو قطيعتنا الذهنية مع الطبيعة. وبسببها غفلنا عن استثمار الموارد العظيمة التي تزخر بها ارضنا وسماؤنا وبحرنا وانفسنا. وبالمثل فإن أحد أسرار التقدم ، يكمن في العودة لفهمها والتفاعل معها على نحو بناء.
اني واثق ان جميعنا يتطلع الى مستقبل مختلف تماما عن حاضرنا. لكن السؤال الذي يجب ان نواجه به انفسنا دائما ، هو : ما هي الفكرة التي يمكن لها ان تكون بمثابة صاعق التفجير للطاقات والعزائم والارادة العامة الضرورية لاطلاق النهضة؟.
الشرق الاوسط الأربعاء - 14 صفر 1440 هـ - 24 أكتوبر 2018 مـ رقم العدد [14575]
https://aawsat.com/node/1436101

05/09/2018

التقدم اختيار.. ولكن

||هل نستطيع الاقرار بان ثقافتنا وتاريخنا ، حلقة في التاريخ العام للبشرية. ام نواصل الاصرار على ان تجربتنا التاريخية هي نهاية التاريخ؟||

لو خير الانسان بين التقدم والتخلف ، فهو سيختار الاول دون شك ، مهما كانت ثقافته او انتماؤه الاجتماعي. هذا ليس موضوعا للمناقشة فيما اظن. فكل عاقل يعرف الفرق بين الاثنين ويعرف ايضا ان  التقدم قيمة وضرورة.
ارنولد توينبي
موضوع النقاش هو كلفة الانتقال من الاختيار الاولي الى الانحياز الحياتي. اي تحويل التقدم من فكرة الى منهج في حياة الانسان. هذا يشبه تماما المقارنة بين الغنى والفقر ، او بين العلم والجهل. فمن سيختار الفقر اذا حصل على فرصة الغنى. ومن سيختار الجهل اذا حصل على فرصة العلم.
لكننا - مع ذلك – نجد اشخاصا كثيرين ، بل لعلهم الغالبية ، يقفون امام الفرصة فلا يرونها ، او يرونها فيخشون من دفع الكلفة الذهنية او البدنية الضرورية لتحويلها الى منهج حياتي. اظن ان القراء جميعا قد اختبروا خيارا كهذا في انفسهم ، او في الناس الذين من حولهم. كم من الناس ترك الدراسة في منتصف الطريق ، بعدما سأم منها او تعب من حمل اثقالها. وكم من المستثمرين الصغار تخلوا عن استثمارهم في بداياته ، بعدما اكتشفوا ان الطريق الى الثروة ليس سهلا مثل الكلام عنها.
اختيار التقدم لا يختلف في حقيقته عن هذين المثلين. بل استطيع القول ان التقدم ينصرف في بعض معانيه ، الى التقدم العلمي الذي يقود الى الارتقاء الحياتي ، كما ينصرف الى الغنى المادي الذي يعزز حرية الفرد ومكانته. ان تراجع الناس عن ركوب هذا الطريق ليس سوى مثال ، يجسد محصلة الجدل الداخلي بين ارادة التقدم في جهة ، والخوف من مواجهة التحدي ، في جهة اخرى. هذا الجدل يدور معظمه في داخل ذهن الانسان.
دعنا ننتقل من مثال الفرد الى مثال الجماعة. تبعا لرأي المؤرخ ارنولد توينبي – وفق نقل المرحوم مالك بن نبي - فان رد الفعل المتوقع من المجتمعات التي تتعرض لتحد خارجي ، يتبلور غالبا في واحد من ثلاثة مواقف: الاستسلام او المقاومة الايجابية او الرفض المطلق. يعبر الموقف الاول عن مجتمع فارغ ثقافيا ومهزوم نفسيا. لا يتحرج من امتصاص ثقافة الغالب ، ولو أدى لتفكيك ثقافته الخاصة. ويعبر الثالث عن ميل شديد للعزلة والانكماش على الذات. بينما يعبر الثاني عن ميل للتفاعل مع التحدي ، والرغبة في اكتشاف عناصر قوته ، ثم استثمارها في اطلاق او تعزيز عناصر القوة المقابلة ، في النظام الاجتماعي او في الثقافة او في اعضاء الجماعة او مواردها المادية.
جدالات التقدم والتخلف في العالم الاسلامي ، تدور مجملا حول "الثمن" المطلوب لركوب القطار وتحريكه. والثمن الذي يدور حوله النقاش ، ليس كلفة مادية او بدنية. بل هو ثمن ثقافي/معنوي ، يمكن تلخيصه في السؤال التالي: هل نحن كمسلمين مستعدون للاقرار بان ثقافتنا وتاريخنا ، حلقة في التاريخ العام للبشرية ، ام نواصل الاصرار على ان ثقافتنا هي الخاتمة وان تجربتنا التاريخية كتبت نهاية التاريخ؟.
الخيار الاول يعني القبول بالتعامل مع تجربة البشر في نسختها الراهنة ، اي النسخة الغربية ، باعتبارها امتدادا ممكنا لتجربتنا التاريخية ، وأن لها من القيمة مثل ما لتاريخنا. اما الثاني فيعني مواصلة التاكيد على امكانية ان نعيش في عالم منقسم ، على امل ان تأتينا فرصة الاستعلاء يوما ما.
اظن ان غالبية الشريحة النشطة في مجتمعاتنا تجادل نفسها في اختيار واحد من هذين الطريقين ، وبالطبع الثمن المعنوي المترتب عليه.
الشرق الاوسط الأربعاء - 25 ذو الحجة 1439 هـ - 05 سبتمبر 2018 مـ رقم العدد [14526]

ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه

  ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...