الكتاب تطرق بالبحث لمسيرة الحداثة في
عهد الشاه، وناقش أسباب فشلها، ثم تعرض
لمرحلة صعود الفكر الثوري التي جاءت كنتيجة لمحاولات التجديد الديني.
الكتاب لم يكتفِ بذلك، بل قام عبر باقي فصوله برصد مسيرة الحداثة التي راوحت بين التقدم والتراجع، بعد نجاح الثورة واستلامها مقاليد الحكم. ولأن الهدف من وراء تأليف الكتاب لم يكن يتعلق بالرصد والتوثيق لمرحلة تاريخية معينة، فقد ناقش الباحث أسباب النجاحات التي وصلت إليها التجربة والعثرات التي عرقلتها، وأخّرت مسيرتها وأوصلتها في بعض الأحيان إلى مرحلة هي أشبه بالنكوص منها بالفشل.
وللوقوف على حقيقة الأسباب المختلفة
التي أدت إلى تحقيق النجاحات وظهور الإخفاقات، قام المؤلف بدراسة عميقة لفكر
التيارات الفاعلة على الساحة، وركز على استجلاء مواطن الاختلاف العميق في فكر كل
تيار من هذه التيارات مع التيارات الأخرى.
الباحث استخدم مصطلحي (المحافظون)،
و(الإصلاحيون) للإشارة إلى التيارين السائدين في إيران اليوم. وهو
مصطلح معروف عالميًّا، لكن الباحث وضع يده على الفروق الأيديولوجية واختلاف
المرجعيات والمنطلقات الفكرية لكل فريق، ولم يكتفِ كما يفعل معظم المهتمين بالشأن
الإيراني، بإظهار الفروق على مستوى الطرح والأداء السياسي لكلا الفريقين. أمّا
أسلوب التناول فقد تميّز بصبغة أكاديمية واضحة، والمهم فعلاً أن الطرح الأكاديمي
لم يحل بين الكاتب وبين التدفق في طرح أفكاره التي اتسمت بالحيوية والخصوبة.
(حدود الديمقراطية الدينية) كتاب يستحق
أن يُقرأ أكثر من مرة.