‏إظهار الرسائل ذات التسميات السعودة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات السعودة. إظهار كافة الرسائل

23/05/2007

حان .الوقت للتخلي عن السعودة القسرية



أغلبية العاملين في السوق مقتنعون اليوم بأن الاستراتيجية التي تبنتها وزارة العمل لإحلال العمالة السعودية محل الاجنبية قد ادت غرضها واستنفدت مفعولها، وقد حان الوقت للتخلي عنها. قرار مجلس الوزراء بإعفاء المقاولين الذين ينفذون مشروعات حكومية من قيود تلك الاستراتيجية، ولا سيما في تحديد نسبة العمال السعوديين في كل منشأة، هو اقرار بالحاجة الى مراجعة كلياتها وتفاصيلها. ربما نجح كبار المقاولين في ايصال صوتهم الى اصحاب القرار. لكن صغار المستثمرين قد اوصلوا صوتهم ايضا. المشكلة ليست اذن في عدم علم الوزارة بالازمة التي تواجه هذا القطاع، بل في اصرارها على المضي في سياساتها المتشددة ولو كان الثمن غالياً.
أتمنى ان يقوم معالي وزير العمل او وكلاء الوزارة بجولة في المناطق الصناعية في أي مدينة من مدن المملكة كي يروا انعكاسات تلك السياسة، او لعلهم يخصصون وقتا للاستماع الى صغار المقاولين واصحاب الورش والحرفيين، كي يكتشفوا ان المشكلة اليوم لم تعد فتح مؤسسات وهمية لتاجير العمال كما صرح وزير العمل في وقت سابق. المشكلة التي يواجهها صغار المقاولين والحرفيون اليوم هي بالتحديد عدم القدرة على العمل وعدم القدرة على التوسع، وبكلمة مختصرة العجز عن الاستجابة لقوى السوق. خلال السنوات الثلاث الماضية حافظ الاقتصاد السعودي على حركية متنامية، أدت بالضرورة الى ارتفاع كبير في الطلب على البناء والخدمات المختلفة، وهذا يستدعي زيادة في قوة العمل. 
يمكن للوزارة الاحتجاج بانها تريد استثمار زيادة الطلب هذه في تشغيل ما تبقى من المواطنين العاطلين. لكن هذه الحجة تنطوي على تبسيط مخل لفكرة التشغيل ومعالجة البطالة. نعرف جميعا ان زيادة الاستثمار ستؤدي اتوماتيكيا الى خلق فرص جديدة متنوعة للسعودي والاجنبي على حد سواء. وفي كثير من الاحيان فان فرصة العامل السعودي مرهونة بنظيره الاجنبي. لناخذ كمثل ورش صيانة السيارات : يمكن لمستثمر صغير، قد يكون شابا حديث التخرج او عاملا سابقا، او متقاعدا من شركة، او ربما متدربا طموحا، يمكن له ان يفتح ورشة يعمل فيها بنفسه ويوفر فرصة لسعودي آخر. لكنه قطعا لا يستطيع الاقتصار على فنيين سعوديين، لان هؤلاء سيحصلون ببساطة على فرص في شركات كبرى تقدم رواتب اعلى وضمانات وظيفية افضل.
بعبارة اخرى فان الورشة يمكن ان تقدم فرصة للتدريب والعمل لاول مرة او ربما عملا ثابتا لاصحابها، لكنها لا تستطيع منافسة الشركات الكبرى التي يتزايد طلبها على الفنيين المؤهلين. اذا منع صاحب الورشة من استقدام ما يكفيه من الفنيين الاجانب فلن يستطيع فتح ورشته، واذا لم يفتحها فسوف نضيع فرصة تشغيل لشخص او شخصين، ونضيع فرصة استثمار يمكن ان يسهم في تنشيط قطاعات اخرى من السوق. تجولت هذا الاسبوع في منطقة صناعية تضم عشرات من ورش الصيانة والاعمال المختلفة، فوجدت كثيرا منها شبه عاطل. حين تسأل يقولون لك ببساطة : ليس لدينا عمال ولا نستطيع تلبية طلبات العملاء. تحدثت ايضا الى عدد من المقاولين فاتفقوا جميعا على انهم يعتذرون يوميا عن اخذ عقود جديدة لانهم غير قادرين على تنفيذها. والسبب مرة اخرى هو قلة العمال. هذه الفرص الضائعة هي استثمارات يمكن ان تسهم في توليد وظائف او توفير فرص جديدة، لكنها تذهب هدرا بسبب التشدد في سياسات العمل. لكل استراتيجية مدى محدد تؤدي خلاله غرضها وتفتح الباب امام استراتيجية بديلة.
استراتيجيات العمل تتبع منحنى يشبه ما يسمى في الاقتصاد السياسي بمنحنى الاشباع الحدي، اي نقطة الذروة في التأثير. من بعد هذه النقطة يبدأ التراجع وصولا الى نقطة الضرر، اي تحول الاستراتيجية المفيدة الى معطل ومعيق للتقدم. من المتفق عليه ان القطاع الخاص هو الدينامو الاقوى للاقتصاد، وان صغار المستثمرين والمستثمرين الجدد هم قوة التجديد والتصعيد. ولهذا فان اي استراتيجية قطاعية، مثل تلك المتعلقة بمعالجة البطالة، ينبغي ان تخضع للاهداف الكلية لحركة الاقتصاد ومن ابرزها اجتذاب المزيد من المستثمرين الجدد الى منظومة الانتاج. العلاج الطويل الامد للبطالة يكمن في زيادة الاستثمار، وزيادة الاستثمار تتوقف على اجتذاب الرساميل الصغيرة واصحاب الطموح من صغار المستثمرين. يمكن لاستراتيجية وزارة العمل الحالية ان توفر فرصا لمئات من الشباب العاطلين، لكنها في الوقت نفسه تعطل فرصا استثمارية قد توفر آلافاً من الوظائف الجديدة. واظن انه قد حان الوقت لمراجعة هذه الاستراتيجية التي استنفدت اغراضها.
عكاظ 23   مايو 2007  العدد : 2166
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070523/Con20070523112683.htm

22/10/1996

وافــدون وماء مالــح



تصدر موضوع (السعودة) قائمة اهتمامات الصحافة المحلية خلال الاشهر المنصرمة من هذا العام ، ويبدو انه قد استقطب ايضا اهتمامات القراء ، اضافة الى ما يحظى به الامر من اهتمام رسمي ، وفي بداية العام الحالي سألت (عكاظ) كتابها اقتراح الموضوعات المهمة للمعالجة الصحفية ، فاجمعوا على اختيار هذا الموضوع .
يستبطن هذا الاهتمام الاستثنائي شعور بالحاجة الى ضمان الوظيفة المناسبة لكل مواطن ، وقلق من نتائج الافراط في الاعتماد على العمالة الاجنبية ، خاصة وان المملكة تتجه الى وضع اقتصادي ذي حركية افقية تخلو من الطفرات التي اتسم بها عقد السبعينات والنصف الاول من الثمانينات .

ولا يختلف اثنان في مشروعية هذا القلق وصحة اسبابه ، لكن لا ينبغي ان نحمل الامر اكثر مما يحتمل ، وان لا نخرج بالمعالجة من سياقها الايجابي الصحيح الى سياق سلبي ، قد لا يكون متلائما مع اخلاقياتنا والتزاماتنا الادبية.
تتجلى المعالجة السلبية لموضوع العمالة الوافدة في الربط المتكلف بين الوافد والمشكلات ، فاذا جرى الحديث عن التسول اشير بصورة خاصة الى الوافدين ، واذا ذكرت حوادث السيارات نسبت اليهم ، واذا ورد موضوع النظافة القيت المسؤولية على اكتافهم ، فلا ترى الوافد في صحافتنا الا سببا للمشاكل او متورطا فيها ، بل ان احد الزملاء كتب تحقيقا في صحيفة محلية ، فذكر ان السبب الرئيسي لتلفيات الطرق السريعة ، هو عدم اتقان السائقين الاجانب للسياقة في مثل هذا النوع من الطرق ، ولا أدري ان كان الزميل جادا في كلامه ، فلم اعهده خبيرا في هندسة الطرق ، لكن ثمة من يعتقد ان المواطن جنس خاص منزه عن الاخطاء وان الوافد سبب لكل بلية ، ومن اعجب ما قرأت ، تحقيق نشرته (عكاظ) قبل نحو شهر عن الاربطة (دور رعاية العجائز ) فقد اظهرت الكاتبة المكرمة عدم رضاها عن تمتع بعض المقيمات في هذه الدور بالرعاية مع انهن من الوافدات ! ، ولعل احدهم يكتب في يوم من الايام ان حرارة الجو في البلد سببها كثرة الاجانب الذين يتنفسون فيه ، وان ملوحة الماء سببها كثرة الوافدين الذين يشربون منه .

لا نريد المبالغة بالقول ان هذه الاشارات السلبية دليل على وجود اتجاه عنصري ، فهي لا تزال مقتصرة على حالات محدودة ترد ضمن سياق اعتيادي ، لكن ما يهمنا هو دعوة الزملاء  الى توخي الحذر في معالجاتهم ، خشية ان يسيء الكاتب وهو يريد الاحسان ، فالاجنبي مثل المواطن بشر من هذا البشر المجبول على الاصابة حينا والخطأ حينا ، وبالنسبة للمسلم فان الانسان عزيز ومكرم لانه انسان ، لا لانه ينتمي الى جنسية محددة ، واذا كان المواطن يعتز بوطنه فـلانه يعتز بنفسه ، ومثل هذا الشعور عام بين البشر ، كل يرى نفسه عزيزا  وكل يجد اسبابا للفخر بوطنه واهله ، وشتان بين الفخر بالوطن والتهوين من قدر الاخرين .

ربما كانت مشكلات العامل الاجنبي اكثر من نظيره المواطن ، لكنها في المحصلة الاجمالية ، لاتزال اقل بكثير من المشكلات الشبيهة في الاقطار المجاورة ، ويرجع الفضل في هذا الى سياسات الاستقدام الرسمية التي تتسم اجمالا بالتحفظ والحذر ، ومع الاتجاه الجديد الى تشديد القيود على الاستقدام وتحديد الوظائف المتاحة للاجانب ، فان المعدل العام للوافدين مقابل الوظائف سوف ينخفض بالتدريج ، وسوف يتوفر للمواطنين مزيد من الفرص الوظيفية ، واذا واصلت الحكومة تبني سياسة التحديد هذه ، فلعل ما يقال عن وجود بطالة بين المواطنين يصبح جزء من التاريخ .

لكن الحاجة الى العامل الاجنبي ستبقى قائمة اليوم وغدا ، ما دام النشاط الاقتصادي متواصلا ، اذ لا يتوقع ان تستغني البلاد عن اليد العاملة الاجنبية في ظل معدلات النمو السكاني الحالية ، وما دام الامر كذلك فاننا بحاجة الى علاقة اكثر لينا بهؤلاء ، الذين هم ـ على أي حال ـ نظراء  لنا في الانسانية فضلا عن كون اغلبهم اخوة في الدين  ، على اقل التقادير فاننا غير مضطرين الى التعامل معهم كما لو انهم  كائنات اخرى اقل مرتبة وشأنا .

ان حاجتنا الى العامل الوافد تساوي حاجته الينا ، وعطاؤنا  له يساوي عطاءه لنا ، وما احسن ان يكون بعد عودته الى بلاده ، محملا بكل ما هو حسن من انطباعات وذكريات عنا وعن بلادنا ، بدل ان نحمله اثقالا من الكراهية والبغض .
عكاظ  22 اكتوبر 1996

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...