‏إظهار الرسائل ذات التسميات فرنسا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فرنسا. إظهار كافة الرسائل

14/01/2015

استنهاض روح الجماعة



في اكتوبر الماضي اظهرت استطلاعات الرأي ان 15% فقط من الفرنسيين يرغبون في خوض الرئيس هولاند الانتخابات الرئاسية المقررة في 2017. وهذا ادنى مستوى تاييد يحصل عليه رئيس فرنسي منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن الحال تبدل كليا هذا الاسبوع ، بعدما نجح هولاند في تنظيم أوسع اصطفاف شعبي وراء الحكومة منذ الثورة الطلابية في 1968. الامر المؤكد ان الحكومة الفرنسية ماكانت تتمنى هجوما دمويا كالذي شهدته باريس وحصد 20 قتيلا. مثل هذا الهجوم سيثير ارتياب الجمهور في كفاءة الحكومة وقدرتها على صون الامن العام ، سيما في ظروف العالم الراهنة. لكن حكومة هولاند اظهرت براعة في التقاط كرة النار ثم رميها مرة اخرى في الاتجاه الذي ارادت ان يسرق انظار الناس ، ليس في فرنسا وحسب ، بل في اوربا والعالم اجمع. وهكذا تحولت باريس يوم الاحد الماضي الى مهوى لقلوب الفرنسيين ، بل عاصمة للعالم حين تقدم الرئيس هولاند مسيرة شعبية ، يحيط به زعماء من 50 دولة ، ويتبعهم نحو مليوني متظاهر.
لا أحسد الفرنسيين على ما حل بهم ، بل اغبطهم على هذه القدرة الفائقة في تحويل الهزائم الصغيرة الى انتصارات كبيرة. في الاحوال الاعتيادية يؤدي مثل ذلك الهجوم الارهابي الى اثارة الفزع بين الناس في المرحلة الاولى ، ثم اتهام الحكومة بالتقصير والفشل ، ثم انبعاث نزعة التلاوم والبحث عن كبش فداء ، ثم انفلات غريزة الانتقام من الشريحة التي ينتمي اليها القتلة ، وهم في هذه الحالة المسلمون والفرنسيون من اصول عربية وافريقية وربما بقية الاجانب.
مثل هذا السيناريو الذي تكرر فعليا في بلدان اخرى ، كان سيؤدي على الارجح الى مضاعفة عدد الضحايا وتعميق التفارق والانقسام في المجتمع الفرنسي ، اي تدشين ظرف اجتماعي – سياسي متأزم يصعب التنبؤ بنهاياته.
 بدل الانفعال بالحادثة ، قرر الرئيس الفرنسي تحويلها الى مناسبة لأحياء الاجماع الوطني وتعزيز دور فرنسا القيادي في العالم. منذ لحظة الهجوم تحول الرئيس ووزرائه الى مبشرين بقيم الجمهورية ، سيما قيمة الحرية والمساواة والتنوع الثقافي والسياسي ، مع التشديد على كونها ابرز اركان وحدة المجتمع والهوية الوطنية الجامعة. ولفت نظري خصوصا منع اليمين المتطرف من تنظيم مظاهرة معادية للمهاجرين ، فضلا عن منع زعيمه جان ماري لوبان من المشاركة في تظاهرة باريس الكبرى ، خشية تحويل جانب منها نحو شعارات العداء للمسلمين والاجانب.
الهجوم على صحيفة اشلي ايبدو كان من نوع الصدمات التي تهز توازن المجتمع وتطلق تيارا لا ينتهي من النزاعات الداخلية. لكن وجود قيادة بعيدة النظر حول هذه الصدمة الى مبرر لاستنهاض روح الجماعة. روح الجماعة هي الوطن الحقيقي. واذا انبعثت فانها توفر قوة هائلة ، يمكن استعمالها في النهوض بالوطن او في احتواء ما يواجه من تحديات.
الشرق الاوسط  14 يناير 2015 مـ رقم العدد [13196]
http://aawsat.com/node/266486#.VLitvbBDBTk.twitter

ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه

  ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...