‏إظهار الرسائل ذات التسميات دربند. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دربند. إظهار كافة الرسائل

05/07/2023

من دربند الى ستوكهولم: خط التحول المنتظر

صباح عيد الاضحى ، اقامت الشرطة السويدية خطا أمنيا أمام المسجد الكبير في العاصمة ستوكهولم ، لحماية سلوان موميكا ، الذي أعلن انه سيحرق نسخة من المصحف ويدوسه بقدميه ، تأكيدا على انضمامه لتيار اليمين المتشدد. ومعروف ان الرجل لاجيء من العراق ، يسعى لاقناع الطيف المعادي للمسلمين بدعم محاولاته للدخول مبكرا في الحياة السياسية.

بعد هذا بساعات كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور الجامع الكبير بمدينة دربند ، على ساحل بحر قزوين ، حيث ظهر امام كاميرات التلفزيون وهو يضم نسخة من مصحف قديم الى صدره ، ويحيطه بيديه ، بينما يحدث مستقبليه عن احترام الدولة الروسية للقرآن وكافة الكتب المقدسة ، ورفضها اي اهانة او جرح لمشاعر أتباعها "خلافا لما يجري في دول أخرى حيث يهان الكتاب المقدس ، ولا تفعل الدولة اي شيء للتعبير عن احترام معتقدات سكانها".

بوتين خلال زيارته الجامع الكبير في دربند 29 يونيو 2023
جريمة حرق المصحف ، قد تتحول الى حجر زاوية في السياسات الأوروبية الخاصة بالتعدد الثقافي والهجرة والاندماج. نعلم ان هذا ليس الحادث الأول من نوعه. فقد جرى بنفس التفاصيل تقريبا في ابريل 2020 ، ثم في يناير من العام الجاري. وفي المرة الأولى اثمرت الحادثة عن صدامات واسعة بين الشرطة ومهاجرين محتجين ، وسجلت اصابات واحرقت سيارات ، واعتقل عدة اشخاص.

الجديد في الحادث الأخير ، هو تزامنه مع الصدامات الواسعة التي شهدتها فرنسا بعد مقتل الشاب الجزائري ، نائل المرزوقي على يد الشرطة يوم 27 يونيو المنصرم. لكن هناك ايضا عدة حوادث تساهم جميعا في تحويل هذا الحادث الى قضية متشعبة الانعكاسات ، ونشير خصوصا الى موقف الرئيس الروسي ، الذي سيجير دون شك للصراع السياسي الموازي للحرب في اوكرانيا ، وهو – كما نعتقد - حلقة من حلقات الصراع الاوسع نطاقا ، الذي يدور حول عودة نظام القطبية الثنائية (روسيا والصين من جهة والدول الصناعية الاخرى في الجهة المقابلة).

ويظهر ان رسالة بوتين قد وصلت فعلا ، حيث تحدث بيان للجامع الازهر بامتنان ، عن موقف الرئيس الروسي ، بينما ندد بما يمكن اعتباره موقفا سلبيا من جانب الحكومة السويدية. لا اعتقد ان روسيا قد كسبت – بشكل نهائي – تعاطف العالم الاسلامي ، فلديها – هي الاخرى – مشكلاتها. لكن كلمة الرئيس بوتين في الجامع القديم ، قدمت جوابا للسؤال الذي يدور في أذهان الكثير من المسلمين ، سؤال: من يقف معنا اذا تعرضت هويتنا او مقدساتنا للتهديد او الاهانة.

جواب كهذا لا بد ان يزعج التحالف الغربي ، لأنه ببساطة يمهد الطريق لعودة التحالفات القديمة بين موسكو والعالم الثالث. وهو يشي بتحول جوهري في نظام العلاقات الدولية.

الحوادث التي تزامنت مع حرق المصحف ، تشكل في مجموعها اطارا تحليليا جديدا ، لا بد ان يؤخذ بعين الاعتبار في الدوائر الأوروبية. واحتمل ان نقاشاتهم التالية لن تتمحور حول حرية التعبير أو احترام المقدسات ، كما حصل في المرة السابقة ، بل حول الانعكاسات التي يمكن ان يقود اليها حادث من هذا النوع ، نظير اضطرابات باريس ، أو استثمار سياسي عالمي النطاق ، كما يظهر من توجهات الرئيس الروسي.

هذه اذن لحظة مواتية للمسلمين في اوربا. احتمل ان الخطاب السياسي للنخبة الحاكمة ، لن ينشغل في الأيام القادمة بمفهوم الدمج الثقافي الجبري ، كما جرت العادة في الاشهر الماضية ، بل سيدور غالبا حول الاستيعاب السياسي في اطار تعددي ، كما فعلت بريطانيا والولايات المتحدة من قبل.

انها فرصة لمن استوعب معناها. واظن ان على المسلمين المسارعة في اغتنامها ، بالانخراط الواسع في الحياة السياسية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات العامة والمحلية ، لانها الطريق الوحيد للحصول على ما يطالبون به ، في اطار القانون.

الشرق الاوسط الأربعاء - 17 ذو الحِجّة 1444 هـ - 5 يوليو 2023م     https://aawsat.com/node/4416236

مقالات ذات صلة

ابعد من تماثيل بوذا

حرب الرموز

استنهاض روح الجماعة

الاسئلة الباريسية

الاسئلة التي تزيدنا جهلا

تلميذ يتعلم وزبون يشتري

ثقافة العيب

حديث الغرائز

الحر كة الا سلامية ، الغرب والسيا سة ( 2 من 3 )

حول طبيعة السؤال الديني

خطباء وعلماء وحدادون

داريوش الذي مضى

الدرس الباريسي

دعوة لمراجعة مفهوم الامة/القومية/الوطنية

الشيخ القرني في باريس

العلاج الجذري لفتن العنصريين

عن العولمة والبقالين والحمالين و السمكرية و

قادة الغرب يقولون دمروا الاسلام ابيدوا اهله

المسلمون البريطانيون ومشكلة الهوية

وهم الصراع بين الحضارات

اليوم التالي لزوال الغرب

رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...