‏إظهار الرسائل ذات التسميات الماتريكس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الماتريكس. إظهار كافة الرسائل

22/05/2025

لماذا ينبغي ان نطمئن الى تطور الذكاء الصناعي؟

 

اطلعت هذه الأيام على مقالة للاديبة العراقية المعروفة لطفية الدليمي ، تقترح خطا مختلفا للنقاش الدائر حول الذكاء الصناعي ، وما ينطوي عليه من فرص وتحديات. والمقال بذاته يكشف عن الشعور العام بالقلق تجاه هذا الوافد الجديد ، القلق الذي ينتاب مفكرين كثيرين جدا في شرق العالم وغربه ، بمن فيهم أولئك الذين ساهموا او يساهمون فعليا في تطوير منصات الذكاء الصناعي وتطبيقاته.

هذا القلق هو  الذي دفع مفكرين بارزين مثل هنري كيسنجر ونعوم شومسكي ، لمناقشة الموضوع ، رغم انهم تجاوزوا – لو اعتمدنا منطق العمل – سن التقاعد ، وما عاد مطلوبا منهم الاهتمام بغير صحتهم الشخصية.

في يونيو 2023 نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا عنوانه "التهديد الحقيقي الذي يمثله الذكاء ‏‏الصناعي" بقلم ايفغيني موروزوف ، وهو باحث تخصص في دراسة الانعكاسات السياسية والاجتماعية ‏‏للتقنية. اثار المقال اهتماما واسعا ، وغذى جدلا محتدما بالفعل ، بين الباحثين وزعماء المجتمع المدني ، حول التأثير المتوقع ‏‏لتطبيقات الذكاء الصناعي على نظم المعيشة. قبل ذلك بنصف عام ، في نوفمبر 2022 ، كانت منصة شات جي بي تي ‏‏ChatGPT-4‏ الشهيرة قد أتيحت لعامة الناس. ونعلم ان كل اختراع جديد ، يتاح ‏‏للجمهور ، فانه سوف يتطور خلال فترة وجيزة الى نسخ اكثر قوة وعمقا. لدى الجمهور العام قدرة غريبة على تجاوز العقبات التي تواجه المتخصصين والمحترفين. هذا أمر يعرفه الباحثون تماما.

يفغيني موروزوف

‏‏القدرات الفائقة التي كشفت عنها تلك المنصة ، وجهت الانتباه الى النهايات التي يمكن ان تبلغها ‏الأنظمة الذكية ، خلال سنوات قليلة. حتى ان بعضهم حذرنا من واقع شبيه لما شاهدناه في فيلم المصفوفة / ماتريكس ، الذي يعرض وضعا افتراضيا عن نضج كامل للأنظمة ‏‏الذكية ، بلغ حد استعباد البشر وتحويلهم الى بطاريات تمدها بالطاقة.‏

وذكرنا موروزوف بأن المخاطر التي يجري الحديث عنها ، ليست توهمات ولا مخاوف تنتاب عجائز خائفين من التغيير ، ففي مايو من نفس العام 2023 صدر بيان وقعه 300 من كبار الباحثين ومدراء الشركات العاملة في مجال التقنية ، ينبه للمخاطر الوجودية التي ربما تنجم عن التوسع المنفلت لتطبيقات الذكاء الصناعي.

بالعودة الى ما بدأنا به ، فقد اقترحت الأستاذة لطفية مقاربة تركز على العلاقة بين الكفاية المعيشية وبين الميول السلمية عند البشر. لتوضيح الفكرة ، دعنا نبدأ بالسؤال الآتي: هل نتوقع ان يساعد الذكاء الصناعي على ازدهار الاقتصاد ومصادر المعيشة ام العكس. غالبية الناس سيأخذون الجانب الإيجابي ، ويستذكرون النمو الهائل للاقتصاد ، بعد تطور نظم المعلومات والاتصالات الالكترونية ، رغم ما رافقها من مخاوف بشأن خسارة الناس وظائفهم. نعلم اليوم ان سرعة التواصل بين الناس هي سر الازدهار والتوسع. الازدهار يوفر فرص عمل جديدة وموارد غير معروفة ، ويعزز رغبة البشر في التفاهم والتعاون ، الامر الذي يقلل من النزاعات والحروب.

هذا هو الوجه الإيجابي الذي تقترح الأستاذة  الدليمي الانطلاق منه في مناقشة الموضوع. هذا يحيلنا – بطبيعة الحال – الى سؤال ضروري: طالما كان الناس جميعا عارفين بما سيأتي مع الذكاء الصناعي من ازدهار ، فلماذا نراهم اكثر قلقا؟.

اعتقادي الشخصي ان السبب الوحيد للقلق هو معرفة الجميع بأن السرعة الفائقة للأنظمة الجديدة لا تسمح لهم بالسيطرة على افعالها ، سواء كانت مقصودة أم كانت خطأ. في أكتوبر الماضي صدمت سيارة ذاتية القيادة شخصا فمات ، مع  انها مصممة كي لا تفعل ذلك. هذا خطأ بالتأكيد. لكن من يستطيع استدراك الخطأ قبل ان يفضي الى كارثة؟.

يشير الباحثون الى عاملين ، يجعلان الاحتمالات السلبية اكثر إثارة للقلق ، أولهما هو التغذية -البرمجة المنحازة ، والتي لا يمكن تلافيها على أي حال ، والثاني هو عجز الآلة الذكية عن التعامل مع الفروق الفردية ، التي نعتبرها أساسية في التعامل مع البشر المتنوعين.

لكن هذا موضوع يحتاج لحديث مبسوط ، آمل ان نعود اليه في وقت لاحق.

الشرق الأوسط الخميس - 25 ذو القِعدة 1446 هـ - 22 مايو 2025 م

https://aawsat.com/NODE/5145906

مقالات ذات صلة

استمعوا لصوت التغيير

تجربة تستحق التكرار

حان الوقت كي يتوقف الحجب الاعتباطي لمصادر المعلومات

الذكاء الصناعي وعالمه المجهول

سجالات الدين والتغيير في المجتمع السعودي (كتاب)

عالم افتراضي يصنع العالم الواقعي

على اعتاب الثورة الصناعية الرابعة

العولمة فرصة ام فخ ؟

غدا نتحرر من الخوف

ما الذي يجعل الانترنت مخيفا للزعماء التقليديين ومحبوبا للشباب ؟

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق

النقلة الحتمية : يوما ما ستنظر الى نفسك فتراها غير ما عرفت

هل يمثل الذكاء الصناعي تهديدا للهوية؟

 

10/02/2021

حكم التكنوقراط


اعتقد ان معظم الذين شاهدوا سلسلة افلام "الماتريكس" سيتخذون موقفا معارضا لفكرة التنظيم الدقيق الذي يروج له أحيانا دعاة الادارة التكنوقراطية. والسلسلة من اخراج الاختين لانا وليلي واشوفوسكي.

لا اعراف سر اهتمام السيدتين بانتاج هذه السلسلة. لكني استطيع القول انهما قدمتا صورة مرعبة ، عن عالم افتراضي يعمل مثل الساعة ، تسيطر عليه آلات ذكية ، ويعيش البشر فيه حياة مستعارة ، لا يقررون فيها اي شيئ لانفسهم (لأن هناك من يفكر نيابة عنهم ، وهو - لسوء الحظ - اكفأ منهم واكثر انضباطا).

لعل الدافع وراء مبادرة الاختين واشوفوسكي  ، هو قناعتهما وقناعة الجمهور أيضا ، بأن الفكرة ليست خيالية 100%. انا وانت وغيرنا ، نعرف أناسا ، ربما أقلية صغيرة ، ولعلهم من الاذكياء اللامعين ، يتطلعون الى نظام اداري يسير مثل الآلة ، فيحقق المعادلة المستحيلة: عمل كامل بأقل كلفة.

ظهر مصطلح "التكنوقراطية" للمرة الاولى ، في مقالة لوليام هنري سميث عام 1919. لكن الفكرة نفسها قديمة ، وفحواها ان النظام الاداري (وحتى السياسي) الأمثل ، هو ذلك الذي يديره العلماء والخبراء. وخلال التطبيقات القليلة لهذا المفهوم ، ظهر انه شديد الخطورة ، فهو يتعامل مع البشر كأدوات انتاج ، ويحدد قيمتهم بناء على حجم ونوعية انتاجهم.

حين تكون القيمة السوقية لمنتجات الانسان ، معيارا وحيدا لقيمته ، فسوف تكون الآلة أعلى منه قدرا. وفي نهاية المطاف ، قد يجد البشر انفسهم عبيدا لآلات حقيقية أو آلات بشرية ، اي بشرا يشبهون الآلات او يفكرون مثل الآلات.

حصلت فكرة "التكنوقراطية" على رواج قصير الأمد في منتصف القرن العشرين. لكنها نبذت لاحقا ، بعدما حاول جنرالات من اوروبا وامريكا اللاتينية تبنيها كاطار فكري للتنمية السريعة ، وكانوا مستعدين للتضحية بآلاف البشر او باحلامهم ، في سبيل انجاح التجربة.

اما الداعي لهذا الحديث اليوم ، فهو ما لاحظته من انبعاث مستجد للفكرة ، أي "حكومة الآلات" مع تقدم الذكاء الصناعي وانترنت الأشياء. وكنت قد كتبت في العام الماضي ، عن مخاطر التساهل في استخدام التقنية المتقدمة ، في مراقبة الناس والتحكم في حياتهم. وهي فكرة يجري تبريرها بالحاجة للانضباط كوسيلة لمكافحة انتشار وباء كورونا.   

وخلال الاسبوع المنصرم قرأت خبرا عن اعلان لهيئة رسمية (لا اريد ذكرها كي لا ننشغل بالمثال عن الفكرة) انها ستلزم  كافة التجار  (أي نحو 1.3 مليون تاجر) باستعمال نظام الكتروني لتسجيل مبيعاتهم ، مع ربطه بغرفة مركزية تمكن موطفي الهيئة من المراقبة الدائمة لعمليات التجار. وقد قيل ان غرض هذا النظام هو منع التستر والتهرب وغش العملاء .. الخ. ولا بد ان بعض المحللين سيمتدح الخطوة لنفس الاسباب المذكورة ، وربما يذكرنا آخرون بالمثل الشائع (لاتبوق ولا تخاف).

وقد رايت في الاعوام الثلاثة الماضية مبادرات مماثلة ، استطيع القول ان كلفتها المادية والاقتصادية والانسانية ، كانت عالية ، ولم يكن لها من ناتج سوى شعور بالسعادة عند بعض مبرمجي الكمبيوتر وبعض الموظفين الاذكياء ، نتيجة اقتناعهم بانهم يملكون فعليا ادوات الضبط والتحكم في حياة الاف الناس.

أرى ان هذا التوجه خطر جدا على الامن النفسي للمجتمع ، وعلى الانتاجية والابداع في مجال الاقتصاد. فوق ان عائده ضئيل واقعيا ، وان بدا على الورق كبيرا ومدهشا. آمل ان لا يترك الامر للتكنوقراط ، لأن حكومة الآلات ليست قابلة للحياة حتى لو بدا الحديد قويا ومقاوما لعوامل الطبيعة.

الشرق الأوسط 10-فبراير-2021  aawsat.com/node/2795461

مقالات ذات علاقة

أم عمرو وحمار أم عمرو

ما بعد كورونا .. عبودية جديدة؟

سلطة المدير

عسر القانون كمدخل للفساد الإداري

 التنمية على الطريقة الصينية : حريات اجتماعية من دون سياسة

"الغول" أخطر ما يواجه البشرية بعد تلاشي الوباء

الأخ الأكبـــر

من محاسن المكيافيلية القبيحة

المدينة الفاضلة

الهندسة وسخرية الاقدار

كلمة السر: كن مثلي والا..!

 

 

لماذا ينبغي ان نطمئن الى تطور الذكاء الصناعي؟

  اطلعت هذه الأيام على مقالة للاديبة العراقية المعروفة لطفية الدليمي ، تقترح خطا مختلفا للنقاش الدائر حول الذكاء الصناعي ، وما ينطوي عليه ...