‏إظهار الرسائل ذات التسميات التسامح الديني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التسامح الديني. إظهار كافة الرسائل

17/05/2023

الحق ليس واحدا


||التعددية الدينية تبدو غريبة على اسماعنا ، لأننا تعلمنا منذ نعومة اظفارنا على ان الدين مطابق للتعريف الفقهي||

نشرت هذا الأسبوع تدوينة قديمة حول التسامح الديني. فأثارت نقاشا غير متوقع. وجدت الأسئلة الرئيسية تكرارا لما عرفناه قبل عقد من الزمان ، مع انها تطرح الآن بلغة لينة. وهذا يكشف عن حقيقتين متزاحمتين نوعا ما: فمن ناحية نستطيع القول ان مجتمعنا يتحرك بصورة ملموسة ، نحو تقبل الاختلاف وتداعياته. لكنه – من ناحية ثانية – غير قادر على حسم بعض الإشكالات الرئيسية في هذا الموضوع نفسه ، الأمر الذي يستدعي نقاشا اكثر تركيزا على نقاط التوقف.

أبرز أسباب الجدل في ظني هو مبدأ تعدد الحق. أي ان نكون على أديان أو مذاهب مختلفة أو حتى غير متدينين ، لكننا نعيش جميعا في توافق وسلام. ولهذا سوف اخصص مقال اليوم لتوضيح الفكرة ، وتمهيد ارضيتها لمن أحب المزيد من النقاش.


نفهم تعدد الحق على وجهين:

الوجه الأول: ان الحق في طبعه الاولي ، لا ينحصر في تطبيق واحد ، بل يتجلى في صور عديدة ، يمكن لكل منها ان يكون طريقا الى الله. فالذي آمنت به هو أحد احتمالات الحق او تجلياته. والذي آمن به غيري هو احتمال آخر للحق أو صورة ثانية. وهناك صورة ثالثة ورابعة وخامسة.. الخ. بمعنى ان كل الناس متجه الى الحقيقة المطلقة ، وهي الخالق سبحانه ، عبر الطريق الذي يراه أقرب وأوضح. وكل شخص مسؤول عن خياراته. لن يقف أحدنا نائبا عن غيره يوم الحساب ، ولن يحمل أوزاره. وهذا هو مذهب ابن عربي ، الفيلسوف والمتصوف المعروف.

الوجه الثاني: ان الحق هو الصورة المثلى للحياة الفاضلة ، وليس شيئا منفصلا عن الحياة او مختلفا عنها. وهو يتجلى في كل فعل انساني خير. ان اختلاف الاعمال والمشارب وسبل العيش ومصادر القوة والمعرفة ، هو الحيز الحيوي لتجلي قيمة الحق ، بوصفها المستوى الارفع في كل مجال ، الارفع موضوعيا واخلاقيا. ان الاختلاف الطبيعي بين سبل الحياة – وبالتبع تجليات الحق في كل منها - عامل مؤثر في ارتقاء الانسان والعمران.

في هذا المعنى ، يتطابق مفهوم الحق مع سعي الانسان لاتقان عمله. ونعتبر هذا المسعى جزء من التجربة الدينية الواسعة ، التي نسميها عمران الأرض. الفلاح يسعى الى الكمال من خلال توفير الغذاء للناس ، والطبيب يسعى من خلال حمايتهم من الامراض ، وهكذا البناء الذي يبني البيت ، والصانع الذي يوفر السيارات وأجهزة الاتصال ، والفقيه الذي يعلم الناس الشعائر ، والفنان الذي يحول الفكرة الى مشهد للتأمل من خلال لوحة او مقطوعة موسيقى.. الخ.

جوهر الحق في الوجه الأول علاقة واعية بين الخلق والخالق. مركزها هو الخالق ، والطريق اليه هو نية التقرب. اما في الوجه الثاني فالحق يتجلى في تفاعل البشر مع بعضهم ، تفاعلا بناء واخلاقيا ، يؤدي – موضوعيا – الى تطور حياة الانسان وارتقاء الجوهر الانساني ، اي العقل/العلم والاخلاق. وهذا – في اعتقادي – هو الغرض الجوهري للرسالات السماوية وجهود المصلحين في كل المذاهب والمشارب.

كلا المفهومين يبدو غريبا شيئا ما ، لأننا تعلمنا منذ نعومة اظفارنا على ان الدين مطابق للتعريف الفقهي. وهو تعريف ينطلق - بالضرورة – من التزام بمذهب محدد واطار اجتماعي وعرفي خاص ، لا يتعداه من اراد السلامة. لكنه – رغم غرابته – ليس جديدا. وقد اشار الى جانب منه غالبية المفسرين حين وصلوا الى الآية المباركة "ولو شاء ربك لجعل الناس أمَّة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم". وفحواها ان الاختلاف اصل في الخلق وضرورة للحياة. وهكذا اراده الله. فهل ارادنا ان نقتتل مثل حيوانات الغابة ، ام نتسالم – رغم اختلافنا – كما يحكم العقل السليم؟.

الشرق الاوسط الأربعاء - 27 شوّال 1444 هـ - 17 مايو 2023 م    https://aawsat.news/y4mfr  

مقالات ذات صلة

ايزايا برلين ... حياته وفكره

اين ينجح الاسلاميون واين يفشلون

الحق الواحد والحق المتعدد: هل تراه معقولا؟

الخلاص من الطائفية السياسية: إعادة بناء الهوية الوطنية الجامعة

دعوة لمنهج جديد في الاجتهاد واستنباط الاحكام

الديمقراطية في بلد مسلم- الفصل الرابع

كلمة السر: كن مثلي والا..!

من الراي الواحد الى التعددية الدينية

 

 

 

05/04/2023

وهم الاستعلاء

  

مقال الأسبوع الماضي أثار الكثير من الجدل ، الذي جاء معظمه في صيغة "الرد" على الكاتب او المقال ، وليس مناقشة الفكرة التي يطرحها. وقد أكدت لي هذه الردود ملاحظة ذكرتها في كتابات سابقة ، فحواها ان غالبية من يجادلون الكتابات المتعلقة بمسألة دينية او التي لها ظلال دينية ، ينطلقون من خوف على الدين ، خوف من ان أي فكرة جديدة او نقد للممارسات الرائجة ، ربما يؤدي لهدم الدين ، حتى لو كان غير مقصود في الأصل. والحق ان معظم هذه الكتابات ينشرها اشخاص حريصون ، وبعضهم متخصص في مجاله. لكن أيا كان الأمر فاننا بحاجة لفهم دواعي الخوف المذكور ، سواء قبلناه او أنكرناه.

د. خير الدين حسيب

علاقة المسلمين بالأمم الأخرى ، واحدة من أبرز انشغالات العقل المسلم في عصرنا الحاضر. وهو انشغال يشترك فيه عامة المسلمين ونخبتهم. من هنا بات موضوعا أثيرا للكلام الشعبي والخطابة ، فضلا عن البحث العلمي. وفي حالة كهذه ، فالمتوقع ان يكون للكتابات الخفيفة وما يجاريها من خطب منبرية ، دور أكبر في تكوين الرأي العام المتعلق بالمسألة.

تدور الأبحاث العلمية المتعلقة بالموضوع حول أسئلة من قبيل: ما الذي نستفيد من علاقتنا بالغرب ، وكيف نعظم الفوائد ، تأثير هذه العلاقة على الاستقلال الوطني ، التأثيرات المتبادلة بين المسارات المتعددة للعلاقة ، أي تاثير العلاقة الاقتصادية على الوضع السياسي والثقافي ، وتأثير هذه على تلك ، الخ. وأريد لهذه المناسبة استذكار الجهد الباهر للمرحوم د. خير الدين حسيب ، مؤسس مركز دراسات الوحدة العربية ، الذي اشرف على عدد كبير من الأبحاث المتعلقة بالموضوع ، واذكر خصوصا الدراسات الخاصة بالانكشاف الاقتصادي والأمني ، وسبل التعامل معه على مستوى الوطن العربي. اود الإشارة أيضا الى اعمال المرحوم مالك بن نبي ، المفكر الجزائري المعروف ، الذي حاول الإجابة عن سؤال: كيف نجسر الفجوة التقنية /العلمية مع الغرب ، من دون ان نضحي باستقلالنا السياسي وخصائصنا الثقافية؟. هناك أيضا باحثون كثيرون عرب واوروبيون ، ونظراء لهم من آسيا وامريكا اللاتينية ، قدموا اعمالا في غاية الأهمية ، عالجت زوايا مختلفة للموضوع. وهي تشكل – في مجموعها – مصدرا لا غنى عنه ، ان أردنا التوصل لفهم موضوعي ، او وضع خطة علمية لعلاقة مثمرة بين العالم العربي/الاسلامي والغرب.

اما الخطب المنبرية وما يجاريها من كتابات خفيفة ، فقد وقع معظمها في فخ الخلط بين التوجيه التعبوي المناسب لمراحل الصراع ، والتحذير مما يزعم انه مؤامرة غربية ، وبين احكام الفقه القديم المبنية على الخوف او التخويف من الاختلاط بالمخالف والمختلف الديني.

وردت ابرز التنظيرات لفكرة "استعلاء الايمان" و"استعلاء المؤمن" في كتابي "معالم في الطريق" و "في ظلال القرآن" لسيد قطب ، وتناولها فيما بعد الخطباء والكتاب المتأثرون بفكره. لا بد من القول ان تعبير "استعلاء" لم يرد في القرآن ولا التراث الإسلامي القديم كسمة لأهل الايمان ، بل أورد القرآن الكريم لفظ "استعلى" على لسان فرعون.

التوجيه القرآني يؤكد ان الله رفع عباده بعملهم ، لا بمجرد انتمائهم. لكن نفوذ فكرة الاستعلاء في التثقيف الديني العام ، ولا سيما على السنة الخطباء والدعاة ، أسس لحالة نفسية محورها الترفع/الكبرياء الشخصي ، يمارسه الشخص المتدين حين يقارن نفسه بالآخرين. وقد اتخذ في بعض الأحيان مدخلا لنفي الحاجة الى العلم او بقية القوى المادية ، في المقارنة مع من يملكها. فكأن المؤمن يقول لنفسه: انا متدين ولا أملك شيئا ماديا ، غيري يملك كل شيء لكنه غير متدين ، إذن أنا ارفع منه.

بطبيعة الحال لا احد يقول هذا صراحة. لكنه يجري في داخل النفس على شكل تعويض تخيلي عن بعض الإخفاقات. ولهذا حديث آخر نعود اليه في قادم الأيام ان شاء الله.

الشرق الاوسط الاربعاء - 14 رَمضان 1444 هـ - 5 أبريل 2023 م

https://aawsat.com/node/4253851

29/03/2023

"عالم آخر" لكنه مثلنا


مقال الأستاذ مشعل السديري في "الشرق الأوسط" يوم الاحد الماضي ، المعنون "لكم دينكم ولي دين" حرك في نفسي أسئلة كثيرة ، يدور أكثرها حول نقطة واحدة ، هي ضيقنا بالآخرين الذين يشاركوننا الحياة في هذا الكون الذي بات صغيرا ومتصل الأجزاء. لطالما حاولت فهم السر وراء شوقنا لتصنيف الذين يختلفون عنا قليلا او كثيرا ، تصنيفا يضعهم "دائما" في مكان آخر ، غير مكاننا. واعلم ان هذا الميل القوي كان أرضية لنشوء التفكير الديني الذي ينظر للمختلف باعتباره مشكلة ، فيضع لها احكاما ومعايير علاقة تنطلق من هذا المعنى وتؤكده.

الواقع اني غير متأكد من هذه النقطة تحديدا: هل شعورنا بالفوقية على الغير ، هو الذي جعلنا ننشيء احكاما شرعية تبرر وتدعم هذا الشعور ، ام ان العكس هو الصحيح ، أي ان وجود تراث ديني يدعو للتعالي على المختلف ، هو الذي وضع الأساس النظري والروحي لهذا النوع من السلوك تجاه الغير.

واقع الامر اننا لا نتعامل مع المختلف الديني او المذهبي ، باعتباره "شخصا آخر" مثلما جارك شخص آخر وابن القرية الأخرى شخص آخر. المختلف هو "عالم آخر" ، ولهذا فثمة منظومة أحكام شرعية تتناول العلاقة معه ، حتى في أبسط تمثيلاتها ، مثل: ماذا تفعل إذا رأيت هذا "العالم الآخر" ، وماذا تفعل اذا ابتلاك بالسلام عليك ، او دعاك لزيارته او تشارك معك في مال الخ..

هذه الامثلة ليست من قبيل المزاح ، فلدينا أكثر من فتوى تستند الى روايات ، تخبرك ان تعبس/تكشر في وجه ذلك "العالم" اذا لقيته صدفة في الطريق او في مصعد العمارة ، او القته الاقدار امامك في المقهى ، او وجدته على يسارك في كرسي الطائرة. وهناك فتوى أخرى تخبرك ان تتبع طريقة خاصة في "رد السلام" اذا جاءك من "العالم الآخر" ، طريقة تختلف عن رد السلام العادي.

لا أريد الاسترسال في الأمثلة التي قد تأخذنا لأمور موجعة من قبيل: ماذا لو كان هذا الآخر امك او زوجك او جارك.. الخ. لكن زبدة القول ان تراثنا لم ينظر الى الاختلاف بين الناس ، باعتباره فرصة لتحريك فضول المعرفة ، أو دافعا للتعرف والتعارف ، بل نظر اليه كمشكلة ، جرى حلها بعزله ووضع دائرة محددة لحركته واتصاله ببقية أعضاء "الجماعة".

والعجيب ان التيار التقليدي يفاخر – كلاميا – بان التاريخ يشهد على حسن تعامل المسلمين مع غيرهم. وقد يكون هذا الكلام صحيحا او نصف صحيح. لكن السؤال: ماذا عن التراث الضخم الذي يصنف "العالم الاخر" باعتباره في مرتبة أدنى ، ويتعامل معه كمشكلة توضع في التعامل معها احكام وتعاليم ، غير احكام وارشادات العلاقة مع سائر الناس؟.

انا اتقبل ان مفهومنا للعلاقة الحسنة ، صحيح ، اذا نظرنا لتلك العلاقة ضمن شروطها التاريخية. لكن ماذا يفيدنا هذا الوصف اليوم؟. هل نستطيع استعمال الاحكام المشار اليها ، ام نواصل الافتخار بما سمعناه عن تاريخ الاسلاف ، ام نضع هذا وذاك وراء ظهورنا ونطرح السؤال الصحيح ، سؤال: ماهو الاصلح للإنسان وللاسلام في عالمنا الحاضر.. الانفتاح الكامل على كافة المختلفين ، ام التمسك باملاءات الفقه القديم المبنية على الخوف من العالم وترجيح اعتزاله؟.

يقترح الأستاذ مشعل السديري ان نضع انفسنا في مكان "العالم الآخر" كي نتعرف على وضعه الحقيقي ، كي نفهم مشاعره ، كي نستوعب فكرته ورؤيته لذاته وعالمه. وهو يضرب بعض الأمثلة ، امثلة عن أناس من ذلك "العالم الاخر" حاولوا ان يضعوا انفسهم محلنا ، ان يعيشوا حياتنا. انا اعرف امثلة أخرى ، وأرى ان هذه تجربة جديرة بالتأمل. لدينا مبررات قوية لقناعاتنا وطريقة حياتنا ، وللآخرين مبررات قوية أيضا. نحن نعتقد اننا نفعل خيرا ، وكذلك هم.. الا يجدر بنا ان ننظر للعالم بعيونهم ، ولو على سبيل التجربة؟.

الشرق الاوسط الاربعاء - 07 رَمضان 1444 هـ - 29 مارس 2023 م

https://aawsat.com/node/4239746

مقالات ذات صلة


01/02/2023

العلاج الجذري لفتن العنصريين


حرق وتمزيق المصحف الشريف على يد بضعة متعصبين في هولندا والسويد ، أثار غضب المسلمين وربما غيرهم أيضا.

هذا موضوع مثير للمشاعر بطبعه. وقراءته من أي زاوية سوى التنديد الصريح ، ستكون – على الأرجح – مثار ارتياب او غضب ، يحركه البعد العاطفي للموضوع. مع علمي بهذا ، فاني اجد لزاما علينا ان نتوقف للتأمل في جوانب المسألة ، التي ربما لم يلتفت اليها بعضنا ، او لعله لم يعتبرها ذات قيمة حين طرحت.

على سطح الحدث حجتان واضحتان: يقول المسلمون ان حرق المصحف مهين لمشاعر المسلمين ، وهو بمثابة العدوان الشخصي على كل فرد. بينما يقول الطرف الآخر (الهولندي والسويدي) ان هذا الفعل يصنف في اطار ممارسة الحق الشخصي في التعبير الحر عن الرأي ، وهو لا يخرق قانونا معلنا ، رغم ان كثيرا من الناس – وفيهم بعض قادة الدولة طبعا – قد نددوا به. ولابد انهم يخشون من اختلالات أمنية ربما تترتب عليه ، نظير ما حصل في فرنسا بعد نشر رسوم مسيئة للنبي محمد (ص) في 2006.

بعبارة أخرى فان حجة المسلمين تقوم على دليل معياري ، فحواه أن إهانة المقدسات ضرر يبرر تقييد الحرية. ويقر الطرف الآخر بهذه الحجة ، لكنه لا يراها قوية بما يكفي لوضع قانون استباقي يجرم المحاولات المماثلة.

بيان ذلك: ان تمزيق المصحف أو أي كتاب مقدس ، على النحو الذي جرى في الأسبوع الماضي ، ليس حادثا يقع باستمرار او بشكل واحد ، ولا هو ممارسة يقوم بها كثير من الناس. انه اقرب الى مبادرات فردية نادرة ، غرضها على وجه الخصوص هو تحريك المشاعر المضادة عند المهاجرين ، ثم صنع زوبعة إعلامية ، تخدم أغراضا سياسية للشخص او الجماعة التي قامت بالفعل.  ومن هنا فانها لا تعالج بإصدار المزيد من القوانين ، التي ستؤدي – شئنا ام ابينا – الى توسيع القيود ، بل بالمبادرات السياسية والثقافية.

المبادرات السياسية تتضمن التزام كافة اطراف المشهد السياسي وجمعيات المجتمع المدني ، بإدانة هذا الفعل ، والتنديد باستخدام المقدسات في الصراع السياسي والانتخابي. اما المبادرات الثقافية فتتضمن تعزيز اندماج المهاجرين (وخاصة المسلمين) في النظام الاجتماعي ، والتزامهم بالمشاركة القوية في الانتخابات العامة ، كي يكون لهم صوت مؤثر ينتفع به الصديق ويخشاه العدو.

ان تجربة المهاجرين الآسيويين والافارقة في بريطانيا ، جديرة بالتأمل. نعلم ان ريشي سوناك رئيس الحكومة الحالي ينتمي لعائلة هندية مهاجرة. وخلال السنوات العشر الماضية ، تولى مهاجرون عديدون مناصب سياسية ، وبينهم نسبة بارزة من المسلمين. ولم يكن هذا ممكنا لولا الاندماج المتزايد للمهاجرين في النظام الاجتماعي-السياسي للمملكة المتحدة.

يمكن بالتأكيد تكرار هذه التجربة في السويد وهولندا. وقد حدث بالفعل في وقت سابق ، حين تولى وزارتي العدل والعمل في هولندا سياسيان مسلمان ، كما تولت سيدة مسلمة وزارة التعليم في السويد. فضلا عن مناصب أخرى.

زبدة القول ان حرق المصحف او تمزيقه ، فتنة أريد بها تأجيج الصراع بين المهاجرين المسلمين والمجتمعات التي تستضيفهم. وهو صراع يستثمره بأكمله تقريبا التيار العنصري المعادي للمهاجرين. فاذا انزلق المسلمون في نزاع عنيف فسيخدمون اهداف هذا التيار. لكن لو أرادوا اجتثاث هذه الفتنة وقتلها الى الأبد ، فان الطريق هو الاندماج السياسي والاجتماعي ، وتكوين كتلة سياسية مؤثرة في الحياة العامة. عندئذ سوف يسعى كل طرف للتقرب منهم والدفاع عن مطالبهم. لن يستفيد المسلمون من اعتزال المجتمع الأوروبي ، ومن يدعوهم الى هذا ، فانما يدفعهم الى الزوال والفناء. تجربة بريطانيا جديرة بالتأمل والاحتذاء ، والسعيد من اتعظ بتجارب غيره.

الأربعاء - 10 رجب 1444 هـ - 01 فبراير 2023 مـ رقم العدد [16136]

 https://aawsat.com/home/article/

مقالات ذات صلة

 

 

21/12/2022

كل عام وانتم بخير

الغرض من هذه الكتابة هو تذكير القراء الأعزاء ، بأن عيد الميلاد المجيد الذي يصادف الاسبوع القادم ، يوفر فرصة للتأكيد على فضيلة من أعظم الفضائل الإنسانية ، وهي التسامح. في سنوات سابقة ، كان الأسبوع الأخير من العام الميلادي ، أشبه بسوق موسمي تعقده احدى الجماعات السياسية/الدينية للتعبئة وكسب الأنصار ، وتدريب الأعضاء والمحازبين على مقارعة الخصوم. وكانت مادة عملهم في هذا الموسم هي الخطب والكتابات التي تشكك في صحة الميلاد المجيد ، وصحة انتماء المسيحيين المعاصرين الى دعوة نبي الله عيسى. وتختتم بالتأكيد على حرمة تهنئة المسيحي بعيد الميلاد او السنة الجديدة ، والتنديد بالمسلمين الذين أحسنوا الى جيرانهم من أهل الأديان الاخرى او تلطفوا معهم.


الحمد لله ان تلك السوق ما عادت قائمة. ولم يعد ثمة حرج في دعوة القراء الاعزاء لاغتنام الفرصة ، ولو بأدنى ما يستطيعونه ، مثل تقديم التهاني بالمناسبة ، لكل من يفرح في عيد الميلاد او يحتفل به ، سواء كان باعثه دينيا او دنيويا.

اعلم طبعا ان الامر محرج لبعض الناس ، نظرا لما يعرفون من فتاوى لفقهاء معاصرين وقدامى تؤكد على ذلك التحريم. لكني أعلم أيضا انه لم يرد نص صريح في الكتاب او السنة الشريفة ، يدعم ذلك التحريم على نحو ينفي الاختلاف والجدل فيه.

أستطيع القول – مع شيء من التحفظ – ان غالبية المنادين بالتحريم ، يرجعون لاجتهاد فقهي يصنف الفعل المذكور ضمن التشبه بغير المسلم ، او ابداء الرضى بالباطل ، او المساعدة على اشاعته ، وما الى ذلك. وهذه الاستدلالات كلها تكلف بلا ضرورة ، فهي لا تنطبق على فعل التهنئة ، وقياسها لا يستند الى تسلسل منطقي سليم ، ولا تدعمها تجربة واقعية قديمة او معاصرة. بل الامر على عكس ما قيل. فقد ثبت بالتجربة الواقعية المتكررة في بلاد المسلمين وغيرها ، ان الاحتفال بعيد الميلاد او التهنئة به لم يخلف اي ضرر ملموس ، بل لعله لا يخلو من منفعة. وعلى أي حال فان مفاهيم مثل نصرة الباطل او التشبه بالكافر ، لا تنطبق على أي فعل الا اذا عرف تعريفا جامعا مانعا ، اذا ان التحريم حكم عظيم لا يصح التساهل في إصداره او تطبيقه الا على اضيق نطاق ، لا يترك عذرا لمن تجاوزه.

ويظهر لي ان الميل الفقهي للتشدد في العلاقة مع غير المسلمين ، ليس ناتجا عن دراسة محايدة للنصوص المتعلقة بالموضوع ، ولا بموازنات المصالح التي ينبغي للفقيه ان ينظر فيها قبل اصداره للفتوى ، بل هو تعبير عما أسماه بعض المعاصرين "فقه المحنة" الذي يربط صفاء العقيدة والسلوك باعتزال المخالفين والمختلفين.

هذه اذن فرصة للتاكيد على فضيلة التسامح ، وتطبيقها فعليا. وقد أوضحت فيما سبق ان التسامح لا يعني اللين في المعاملة ، كما يتكرر على السنة الناس ، بل الإقرار بان لكل انسان ، منا وممن يخالفنا ، حقا أصيلا وغير قابل للمزاحمة ، في اختيار الدين الذي يرى فيه نجاته ، وطريقة العيش التي تضمن سعادته. لقد اخترنا ديننا واختاروا دينهم. وليس لاحد منا او منهم أن ينكر حق الآخر في اختيار طريقه للخلاص او السعادة. لا يجوز لك ان تزاحمهم ، كما لا يجوز لهم ان يزاحموك في خياراتك. هذا ببساطة معنى التسامح.

آمل ان نبادر جميعا لتهنئة شركائنا في هذا الكوكب بعيد الميلاد المجيد ، تأكيدا على احترامنا لحقوقهم وخياراتهم ، على أمل ان نكون ممن ينال فضل المبادرة بالقاء السلام. ان اردت نشر الاحترام في عالمك ، فكن صانعه الأول.

 الأربعاء - 27 جمادى الأولى 1444 هـ - 21 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [16094]

https://aawsat.com/home/article/4054571/

مقالات ذات علاقة

ابعد من تماثيل بوذا

ان تكون مساويا لغيرك

بل التقارب قائم ومتواصل بين السنة والشيعة

تجريم الكراهية

التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف

التعايش أو التقارب.. طريق واحد

تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية

ثقافة الكراهية

حقوق الانسان في المدرسة

سؤال التسامح الساذج

سؤال الى البابا

العالم ليس فسطاطين

فرصة لتطبيق ما ندعو اليه: فوائد التسامح

فلان المتشدد

في التسامح الحر والتسامح المشروط

في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء

في انتظار عيد الميلاد المجيد

في بغض الكافر

كن طائفيا او كن ما شئت .. لكن لا تضحي بوطنك

وجهات "الخطر" وقهر العامة

07/12/2022

التسامح ، او قابلية العيش مع الغريب


كشف الدوري العالمي لكرة القدم (المونديال) المقام في العاصمة القطرية ، تجارب في العلاقات الإنسانية ، نادرا ما تظهر في مناسبات أخرى. وأبرزها في رايي تقبل الغريب ، و "الاضطرار" لتجربة التسامح ، سيما بالنسبة لمن لم يجربه او اعتاد انكاره قبل ذلك. يعد المونديال مناسبة استثنائية ، لأكثر من سبب ، أولها أن الجميع ، المتسامحين والمتعصبين ، يريده ان ينجح او على الاقل ان يمضي بلا خسائر. ولهذا يدرك الجميع ان من يحاول التشويش ، سوف يكون في مرمى سهام الجميع ، ولن يشفع له أحد. السبب الثاني انه حدث مضغوط جدا من حيث الوقت والمكان ، فهو أشبه بفيلم سينمائي يحكي في ساعة واحدة احداثا تستغرق ، في الظروف الطبيعية ، شهورا او سنوات.

امير قطر يهدي ميسي - بطل فريق الارجنتين - العباءة العربية

 ومن هنا فان الجميع يستذكر كل ما يجري من احداث وما يتولد عنها من انطباعات او مواقف. صور الناس والحوادث ومعانيها: من الفتاة التي تجرب الحجاب ، والاخرى التي كشفت عن مفاتنها ولفتت انظار الحاضرين وكاميراتهم ، الى شعار ".... كسرنا عينه" الى رفض احد الفرق ترديد النشيد الوطني لبلاده ، وحتى توزيع الاهالي الحلويات على اللاعبين والمتفرجين ، وصولا الى مطاعم "البيك" السعودية المعروفة ، التي جهزت مطاعم متنقلة لبيع منتجاتها ، من أجل التعريف بماركتها في انحاء العالم.. الخ.

 ما جرى في هذا الحدث الضخم يكشف حقيقة ان الناس جميعا ، كانوا مستعدين للتغاضي عن الفوارق الثقافية التي تبعدهم عن بعضهم. بل رأينا بعضهم يبادر فعلا بتحويل هذه الفوارق الى عوامل للتفاهم والتلاقي. من ذلك مثلا ، محاولة بعض الضيوف الحديث بلغة الآخرين او ارتداء ازيائهم او الغناء معهم ، او حتى مجرد الاستماع اليهم ، واستقبال الطرف الثاني لهذه المبادرات ، باعتبارها "مشاركة في المرح". فهذه وتلك ، تدل جميعا على ان جمهور الناس يمكنهم ان يغفلوا – ولو مؤقتا – دواعي الفرقة والخصام ويعاملوا بعضهم ك "بني آدم" وان اختلفت مصادرهم او مشاربهم.

لعلنا نتذكر احيانا الكلام الثقيل الذي يقوله أرباب الايديولوجيا ، عن مخاصمة الكافر واظهار النفرة منه. وهذا مثال عن توجيهات كثيرة ، يزعم بعضها انه يرتدي عباءة الدين ، ويلبس غيره عباءات قومية او وطنية ، او غيرها.

لكن أهل التقاليد وأهل الحداثة ، الفقراء والأغنياء ، اظهروا جميعا قدرة فائقة على التلاقي والتفاهم. نعلم طبعا ان الناس يختلفون في المصالح. ولو بقي هؤلاء مدة أطول فلربما اختلفوا وتنازعوا. لكننا نتحدث هنا عن القابلية والدوافع العفوية ، التي تشكل الدافع الأقوى والأكثر تأثيرا في تعاملاتنا مع الناس. ان الجهل بالغير هو ابرز أسباب التناكر ، وهذا امر يشترك فيه كل البشر. وقد ورد في الأثر "الناس أعداء ما جهلوا". لكن ثمة عوامل تعزز هذا النزوع الطبيعي وتبرره ، فتحوله الى سلوك حاكم ومرغوب. بمعنى آخر ، فانه بدلا من أن يقول الانسان لنفسه: عليك بالتعرف على الناس كي لا تعاديهم بلا مبرر ، فسوف يقول هو لنفسه او سيقول له آخرون: ستكون اقرب الى الفضيلة لو انكرت هذا وعاديت ذاك ، لأن العلاقة بين الناس مشروطة باتفاقهم في العرق او الدين.

زبدة القول ان مناسبة "المونديال" أظهرت ان المسافات قصيرة بين بني آدم ، وأن كل ما يحتاجونه هو الغفلة ، ولو مؤقتا ، عن دواعي التناكر والتنازع ، والعودة لفطرتهم الأولى ، أي نزوعهم للعيش مع بقية بني آدم. كل ما نحتاجه هو تذكير انفسنا بهذه الحقيقة ، وتهميش دواعي الخصام والتنازع والتناكر ، حتى تلك التي ترتدي عباءة مقدسة.

الأربعاء - 13 جمادى الأولى 1444 هـ - 07 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [16080]

https://aawsat.co/node/4029056


مقالات ذات علاقة

ابعد من تماثيل بوذا

ان تكون مساويا لغير: معنى التسامح

بل التقارب قائم ومتواصل بين السنة والشيعة

تجريم الكراهية

التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف

التعايش أو التقارب.. طريق واحد

تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية

ثقافة الكراهية

 حقوق الانسان في المدرسة

سؤال التسامح الساذ: معنى التسامح

فرصة لتطبيق ما ندعو اليه

فلان المتشدد

في التسامح الحر والتسامح المشروط

في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء

في بغض الكافر

كن طائفيا او كن ما شئت .. لكن لا تضحي بوطنك

 

23/02/2022

التعصب كمنتج اجتماعي


حين تقع نزاعات ، فان الناس يبادرون الى اتهام من يسمونهم "متعصبين". هذا يعني ضمنيا ان الاتجاه العام هو عدم التعصب ، أو ان التعصب يعتبر استثناء من القاعدة الاخلاقية ، او شذوذا عن العرف السائد. لهذا السبب ، فليس هناك من يعتبر نفسه متعصبا ، او يتقبل اتهام الناس له بالتعصب. اما الجماعات السياسية والدينية ، فهي ترى وصمها بالتعصب نوعا من العدوان والافتراء. وهذا ينطبق تماما على مرادفات التعصب ، نظير الغلو والتطرف والتشدد والاصولية ، وأشباهها.


هذا يثير سؤالا بديهيا: اذا كان الأمر على هذا النحو ، فكيف نبت التعصب.. هل يمكن لمجتمع متسامح ان ينبت اعدادا كبيرة من المتعصبين ، نظير ما شهده العالم الاسلامي في العقود الأربعة الماضية؟.

يبدو لي ان التعصب سمة مستقرة في بنية المجتمع. ولولا وجوده لما أمكن اطلاق وصف التسامح او الاعتدال على أحد. التسامح والتعصب ، كلاهما وصف مقارن ، يعرف ويتميز في وجود نقيضه. لكن أستطيع القول ان هناك مجتمعات اكثر تسامحا من غيرها ، اي – بعبارة اخرى – ان هناك مجتمعات اكثر تعصبا من غيرها.

المجتمعات المتسامحة هي التي تتقبل – بشكل عام – المختلفين عنها في الدين او الثقافة او نمط العيش ، اي التي تتسامح تجاه الافكار الجديدة والقيم المختلفة عما اعتادت عليه. هذا وصف عام ، ويمكننا ان نتخيل مجتمعات ينطبق عليها الوصف السابق بدرجات اعلى ، اي انها متسامحة جدا ، ومجتمعات في الاتجاه الآخر ، فهي متسامحة قليلا.

التعصب لا ينبت فجأة. بل هو ثمرة لعوامل توجد في البنية الاجتماعية او في المحيط الطبيعي ، وتؤثر بدرجات متفاوتة على تفكير الأفراد او مصادر عيشهم ، فتحولهم الى متعصبين او متسامحين.

بسبب تعدد العوامل المؤثرة وانبساطها زمنيا ، فليس هناك مجتمع كل افراده متعصبون بالحد الاقصى ، وليس هناك مجتمع كل افراده متسامحون بالحد الاقصى. هناك دائما من يقع في طرف المسطرة ومن يقع في وسطها ، وثمة بين هذا وذاك آخرون ، يتحركون باتجاه الوسط حينا وباتجاه الطرف حينا آخر.

لا شك ان الثقافة العامة السائدة ، وتلك التي يتلقاها الاطفال في البيت والمدرسة ، هي أقوى المؤثرات التي تشكل ذهنية الفرد. لكن لا ينبغي اغفال العوامل الأخرى غير المنتظمة ، لاسيما الأزمات الكبرى التي تعصف بالمجتمع ، نظير الكوارث الطبيعية والحروب والتحولات الاقتصادية الكبرى ، والأزمات السياسية طويلة الأمد. كل من هذه يترك أثرا عميقا في تفكير الفرد ورؤيته للعالم. وهي تحدد الى حد بعيد المنظار الذي يرى من خلاله الأشياء ، منظار صاف (واقعي) ام معتم (متشائم).

حين تقع أزمة ، فان ذهن الفرد ينفتح على مصراعيه لما تقوله المنابر العامة. المنابر التي تلقي بالمسؤولية على الاخرين ، أعداء او أصدقاء ، وتلك التي تقدم وعودا بان جهات أخرى ستتولى معالجة المشكلة ، تلعب دورا سلبيا ، حيث تعزز الميل التشاؤمي ، ومن ثم التوتر النفسي ، الذي يترجم على شكل تعصب في فهم الأشياء والتعامل مع الناس. وفي المقابل فان القنوات والمنابر التي تحاول تشريح المشكلة إلى أدق التفاصيل ، وتؤكد على قدرة الانسان بصورة عامة على حل مشكلاته ، او قابليته لتجاوزها بمرور الزمن ، هذه القنوات تحيي الامل في النفوس وتعزز المنظور الإيجابي للحياة ، أي الميل التفاؤلي /التسامح. غني عن القول ان التوتر النفسي يعزز الميل للتعصب ، بينما السكينة والاطمئنان يعزز الميل للتسامح.


الشرق الاوسط الأربعاء - 22 رجب 1443 هـ - 23 فبراير 2022 مـ رقم العدد [15793]

 https://aawsat.com/node/3490696

مقالات ذات صلة

ان تكون مساويا لغيرك: معنى التسامح

التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف

 تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية

ثقافة الكراهية تجريم الكراهية

الحق الواحد والحق المتعدد: هل تراه معقولا؟

سؤال التسامح الساذج: معنى التسامح

الفلسفة في المدرسة

في التسامح الحر والتسامح المشروط

 في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء

في بغض الكافر

في معنى التعصب

من الاجوبة الى النهايات المفتوحة

من القطيعة الى العيش المشترك

الهوية المتأزمة

 

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...