مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
01/07/2012
الصعود السياسي للاسلاميين وعودة الدولة الشمولية
05/06/2008
في مبررات العودة الى التاريخ
انتماء الفرد الى تاريخه ليس خيارا ، بل هو منطق الامور. هذا التاريخ ليس سيرة حياة شخصية ، بل مجموع ما استخلصه المجتمع من تجارب حياتية ، تواصلت لزمن طويل . وتتمظهر تلك المستخلصات في الحياة الاجتماعية ، على شكل قيم واعراف ومسلمات وطرق في ادارة الحياة ، اي ثقافة عامة او خلفية للتفكير في الذات والاشياء ، تحكم السلوك العفوي لافراد الجماعة .
يبدأ المجتمع في نقل ثقافته الى اعضائه
الجدد منذ ولادتهم ، من خلال المعايشة واللغة والترميز وتعريف الاشياء والثواب
والعقاب ، وتتواصل تلك العملية حتى يشب الفرد ويصبح عنصرا متفاعلا ، اي مستهلكا
ومنتجا للعرف والثقافة الاجتماعية.
تختلف المجتمعات في المساحة التي تتركها
للفرد ، كي يعيد تشكيل ثقافته – وبالتالي هويته الخاصة – بعد ان يشب عن الطوق.
فالمجتمعات الاشد ترابطا هي الاقل تسامحا في هذا الجانب ، وهي تتوقع من الفرد ان
يقبل بالثقافة الموروثة ، ويعيد انتاجها من دون تعديل جوهري. وفي المقابل فان
المجتمعات المفككة ، تفتقر الى وسائل فعالة لالزام الافراد بموروثها الثقافي.
لكن لا ينبغي الظن بان هذه المجتمعات
متحررة ، او قليلة الاهتمام بأدلجة ابنائها. فهي تقوم بذلك من خلال قنوات كثيرة ، مثل
التربية العائلية والمدرسة والعمل ووسائل الاعلام ، اضافة الى نظام العلاقات
الاجتماعية ، القائم اساسا على منظومة قيم واعراف مثبتة سلفا. وتلعب اللغة دورا
محوريا في هذا السياق. فاللغة ليست مجرد اداة للتواصل ، بل هي ايضا اداة لتعريف
الاشياء وتحديد قيمتها. وهي اضافة الى ذلك اداة لحفظ واعادة انتاج مصفوفات الرموز
والقيم الاساسية ، التي يرجع اليها العقل عندما يفكر في الاشياء وعندما يتخد موقفا.
وهي اخيرا اداة لتعريف الاولويات والمسلمات والمشكوكات والاشياء المألوفة
والمستغربة. ولهذه الاسباب جميعا يختلف الشاب الذي ولد لعائلة امريكية ، عن ذلك
الذي تعلم اللغة الانكليزية كلغة ثانية ، والامر نفسه بالنسبة للفرد المولود
لعائلة عربية ، حتى لو تحدث اللغة الاجنبية مثل اهلها.
ثقافة الفرد – وتبعا لها هويته – هي
تكثيف لتاريخ مجتمعه ، وما تشكل في طياته من ثقافة. ومن هذه الزاوية لا تختلف المجتمعات الناهضة ، عن
نظيرتها الساكنة او المتخلفة. انما تختلف هذه عن تلك في وعيها بهذه الحقيقة او
غفلتها عنها. من يعي تاثير التاريخ على ثقافته وتفكيره ، يستطيع التخلص من قيوده
او الموازنة بين ضرورات الثقافة وضرورات
العصر. ومن يجهل ذلك يعيش بجسده في الحاضر ، وعقله سجين في تاريخ مضى ومات اهله.
المجتمعات الناهضة قليلة الاهتمام
بالماضي واحداثه ، لانها منشغلة باستثمار الحاضر وامكاناته. وهي اكثر واقعية
واعتدالا في التعامل مع الغير ، اذ ان محورية الحاضر تكرس قيمة العناصر التي
يشملها ، بما فيها الشراكة مع الاخرين. وفي المقابل ترى المجتمعات الهامشية
والضعيفة مأخوذة بالماضي . فهي تهرب اليه من صعوبات الحاضر ، وتلجأ اليه كي تتقي
مشقة الاعتراف بالعجز عن تغيير احوالها. وفي مثل هذا الحال تتحول حوادث التاريخ
الى اقاصيص منتقاة ، يجري تعديلها بين حين واخر ، كي تخدم غرضا محددا مثل تبرير
الفشل او تسويغ التفلت من المسؤوليات. ونجد بين المتحدثين من يغرق في اضفاء صور
اسطورية على شخصيات تاريخية معينة ،
والباسها رداء القوة الخارقة ، كي تنتج رسالة محددة فحواها ان الوضع البائس غير
ممكن التغيير ، الا اذا وجدت معجزة او ظهر رجل خارق .
المجتمعات المقهورة ، تطور ميلا اشد الى
الاحتماء بتاريخها ، وتكرسه على صورة حد يميز بينها وبين الغير ، وفي هذه الحالة
فان أهل الحاضر يعيدون تصوير التاريخ ، باهمال بعض جوانبه ، والتركيز على جوانب
أخرى ، بما يخدم فكرة تميز هذا المجتمع بثقافته وهويته ، بكلمة أخرى فان التاريخ
هنا لا يعامل باعتباره ميدانا لتجربة سابقة ، ينبغي دراستها والاعتبار بنتائجها ،
بل باعتباره مصدرا لتبرير الحاجات الراهنة ، واهمها حاجة الحفاظ على الهوية .
وثمة في الحاضر امثلة عديدة على اتجاه
المجتمعات الى التاريخ ، كوسيلة لتجذير شخصيتها الخاصة ، كرد على محاولات الغاء
الهوية من جانب المحيط الاقوى. في المجادلات التي نشهدها اليوم حول التطرف الديني
والمذهبي وتفاقم النزعات القبلية والقومية امثلة
كثيرة على هذا التوجه. التاكيد على
الاصل ، حتى لو كان اقل شأنا من الحاضر ، يعتبر وسيلة فعالة في استعادة الثقة
بالذات ، ومقاومة اشكال الاغتراب النفسي والاجتماعي ، التي يعانيها الانسان
المقهور ، وسط مجتمع يعامله باستعلاء وتفاخر.
الايام 5-6-2008
مقالات ذات علاقة
اعادة بناء القرية .. وسط المدينة
الاموات الذين يعيشون في بيوتنا
العودة إلى ثقافة الزمن المنقضي
23/06/2004
الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب
خطاب العنف هو ايديولوجيا قائمة بذاتها. وهو - مثل سائر الايديولوجيات - يستثمر اللغة السائدة ورموزها ، ويعيد انتاجها في قوالب جديدة تبرر اغراضه وتعلي قدره. الايديولوجيا نظام مفهومي - قيمي يميل بطبيعته الى تعميم نفسه ، وادعاء القدرة على تفسير الانسان والاشياء والعالم ، باعتماد نموذج تحليلي صارم يطبق على الجميع .
في المقابل ، يميل التدين المدني
المعتاد الى تفسير كل عنصر من عناصر الحياة بصورة موضوعية ، اي من خلال النظر اليه
كموضوع خاص له معاييره وادوات التفسير الخاصة به. ولهذا يقال بان الايديولوجيا
حجاب الحقيقة . لانها ببساطة تصور الواقع على نحو افتراضي يخالف حقيقته. ونجد
ابرز تمثلات هذا في منظور دعاة العنف لمواطنيهم ، فهؤلاء لا يظهرون في ادبيات
المجموعات الايديولوجية كشركاء واخوة ، بل كعلمانيين ومتغربين ومبتدعة.. الخ ، اي
كأعداء. على رغم ان شراكة الوطن لا تسمح بغير علاقة الشراكة ، والا كان المصير هو
انهيار السلام الاهلي وطغيان العنف المتبادل.
تعيد الايديولوجيا بناء ذهنية
الفرد الذي يقع تحت تاثيرها ، فتحوله من فرد مدني ، او – حسب تصوير الفلاسفة -
كائن مدني بطبعه الاولي ، الى فرد ايديولوجي يهتم بالحدود التي تفصله عن الغير ، اكثر
من اهتمامه بالمشتركات التي تجمعه واياهم. ذهنية الفرد هي منظومة القيم والمفاهيم
التي على ضوئها يصف الفرد نفسه لنفسه، ويحدد المسافة بينه وبين الغير. تتشكل هذه
المنظومة بتاثير عوامل مختلفة اجتماعية وثقافية واقتصادية. تاثير الايديولوجيا
على الذهنية يتحدد في اعادة ترصيف تلك المكونات وربطها بمعايير الايديولوجيا نفسها
، وعندئذ فان الفرد يتناسى المعايير الموضوعية في تقييم علاقته مع الغير، اي يغفل
كون هذا الغير حسن الخلق امينا مهذبا متعلما ناجحا ، ويركز على موقفه من تلك
الايديولوجيا الخاصة ، اي مع او ضد.
خطورة خطاب العنف تكمن في قيامه
على ايديولوجيا لبست رداء الدين. وأقول انها لبست رداء الدين لان الناس لم يكونوا
كفارا فاسلموا ، بل ان التدين اتخذ نموذجا خاصا ، يمكن تمييزه بوضوح عن التدين
الاجتماعي ، الذي كان متعارفا قبل اوائل الثمانينات الميلادية. في هذا النموذج
يجد الانسان نفسه مسوقا الى تحديد هويته ، انطلاقا من معايير الايديولوجيا التي
تركز على تعريف الاخر كعدو ، وهذا هو الفارق الجوهري بين فكرة الولاء والبراء
الايديولوجية ونظيرتها الدينية.
تفكيك خطاب العنف يبدأ بتفكيك
الايديولوجيا التي توفر له المبررات ، وتحمله الى عقول الناس وقلوبهم . تكشف
تجارب العالم ان تفكيك الايديولوجيا لم يكن مهمة شاقة. سهولتها تكمن في اتكالها
على صور افتراضية عن الواقع ، ولهذا فان الخطوة الحاسمة لتفكيكها ، تتمثل في كشف
الواقع امام الناس ، بمن فيهم اولئك الذين يحتمل ان يقعوا تحت تاثيرها. ليست
ايديولوجيا الارهاب التي نواجهها اليوم اكثر قوة وتماسكا من الايديولوجيا
الشيوعية في اوربا واسيا . لقد تفككت هذه الايديولوجيا خلال زمن قياسي ، حينما
توفرت الفرصة للتعددية الثقافية وحرية التعبير ، والغيت القوالب القسرية التي
تقيد السلوك الاجتماعي للافراد. ينطوي المجتمع على امكانات ثقافية هائلة ومتنوعة
، يمثل كل منها تحديا جديا لخطاب العنف . كما يمثل – من زاوية اخرى – احد وجوه
الواقع الذي تنكر ايديولجيا الارهاب وجوده .
تحرير السلوك الاجتماعي من قيود
التقاليد والايديولوجيا ، سوف يؤدي هو الاخر الى اشاعة الخطاب الذي يؤمن بالحياة
المدنية الطبيعية ، ويميل الى التساهل مع الذات والغير . وطبقا للدراسات المتوفرة
عن تجارب التحول الاجتماعي في بلدان مختلفة ، فان ازالة القيود المفروضة على
الحريات الاجتماعية ، قد ادت مباشرة الى تعاظم الامل في المستقبل وازدياد الثقة
في النظام الاجتماعي. وكلا العاملين ، الامل في المستقبل والثقة ، يلعبان دورا
معاكسا تماما لما تبشر به ايديولوجيا الارهاب ، فهما يعززان الميل الى التصالح
والتساهل ويضعفان جانب المنازعة في شخصية الفرد . واظن ان جانبا كبيرا من التوتر
النفسي الذي يستثمره الارهابيون ، هو ثمرة لضيق مساحة الحريات الاجتماعية. ولهذا
فان اطلاقها سيكون الخطوة الاولى لاعادة غول العنف الى قمقمه.
مقالات ذات
علاقة
إشارات على
انهيار النفوذ الاجتماعي للقاعدة
اعلام القاعدة
في تظاهرات عربية
تحولات
التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم
عن طقوس
الطائفية وحماسة الاتباع
فلان المتشدد
خديعة الثقافة
وحفلات الموت
ما الذي نريد:
دين يستوعبنا جميعاً أم دين يبرر الفتنة
اتجاهات في
تحليل التطرف
ابعد من تماثيل
بوذا
ثقافة الكراهية
تجريم الكراهية
تجارة الخوف
في انتظار
الفتنة
كي لا نصبح لقمة
في فم الغول
تفكيك
التطرف لتفكيك الإرهاب-1
تفكيك
التطرف لتفكيك الارهاب-2
الحريات العامة
كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب
العامل السعودي
غلو .. ام بحث
عن هوية
07/11/1994
علم الوقوف على الاطلال
ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه
ورقة نقاش في الاجتماع السنوي 42 لمنتدى التنمية الخليجي ، الرياض 2 فبراير 2024 توفيق السيف يدور النقاش في هذه الورقة حول سؤال : هل ساهمت ...