مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
22/12/1998
عن الحاجة إلى تجديد الفقه الإسلامي
15/12/1998
هل نحتاج حقا إلى طريق ثالث ؟
عبد الحميد الابراهيمي |
مقالات ذات علاقة
النموذج الصيني في التنمية
العدالة الاجتماعية وتساوي الفرص
عدالة ارسطو التي ربما نستحقها
الغول
الليبرالية في نسخة جديدة: رؤية جون رولز
مجتمع العقلاء
التنمية على الطريقة الصينية : حريات اجتماعية من دون سياسة
معالجة الفقر على الطريقة الصينية
من دولة الغلبةالى مجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد الاجتماعي
06/12/1998
قاعدة شيلني واشيلك
نعرف جميعا اننا نرث عن أسلافنا ، صفاتنا الجسمية ، لون بشرتنا وشكل وجوهنا وبقية الصفات البيولوجية ، حتى الامراض. لكن فكرة الوراثة كانت - حتى اواخر القرن الثامن عشر - أوسع من هذا بكثير. فقد اعتادت النخبة المتعلمة على تقبل
الفكرة القائلة بان الانسان يرث عن أبويه حتى الصفات السلوكية والذهنية ، بما فيها قابلية
الاستقامة والانحراف عن الطريق السوي. بل أن بعض العلماء بذل جهدا كبيرا لاثبات
امكانية تمييز الشخص المستقيم أو المنحرف ، من تفاصيل وجهه وشكل جمجمته ، وان هذه
الصفات تنتقل الى الأبناء من الآباء ، وبقيت فكرة تأثير الأصل سائدة في الابحاث
المتعلقة بالمجتمع والانسان ، حتى منتصف القرن العشرين.
في العام 1939 سئل كارل
يونغ ، عالم النفس السويسري ، عن رأيه في ردة فعل الشبية الالمانية على
صعود هتلر السياسي ، فقال
ان هتلر هو ( مكبر الصوت الذي يجسم الهمسات الخفية للروح الالمانية). البروفسور كارل يونغ
ومما يذكر هنا ان بعض المتعلمين ، وبينهم دعاة ورجال علم بارزون ، قد ابتلع الطعم ، فبالغوا في التدليل على هذا المنحى ، بالروايات التي تدعو الانسان إلى تحري الأصول الطيبة عند الزواج والجيرة ، أو تلك التي تمتدح أقواما بعينهم ، فصرفوها إلى ذلك المفهوم ، رغم ان الدعوة الاسلامية قد قامت على اعتبار الانسانية جامعا مشتركا ، يفرض التسوية بين كل انسان والآخر بما هو انسان ، وأحالت التفاضل على الفضائل الأخلاقية والعقلية ، التي يجتهد الفرد في اكتسابها والتحلي بها ، فتتحدد قيمته تبعا لها.
أما في العصور الاسلامية المتقدمة ، فقد اهتم عدد من العلماء
بالعلاقة بين البيئة الطبيعية والنشاط الذهني ، وكان القاضي صاعد
الاندلسي (1029-1070) من أوائل الذين
طرحوا هذه
الفكرة ، حين قرر ان الامم المؤهلة لاكتساب العلم ، هي التي تعيش في المناطق
المعتدلة الهواء ، بينما انسان المناطق
الحارة انفعالي غير متزن ، وانسان
المناطق الباردة خامل ، وذهب إلى هذا المذهب - مع تبني استنتاج معاكس- المفكر
الفرنسي مونتسيكيو
( 1689-1755) الذي قرر ان السخونة تأتي بالاستبداد ، بينما البرودة تجعل العقل
مسيطرا على الحواس .
لكن هذا النوع من
التصنيف لم يجد رواجا في المجتمع العربي ، لتزاحمه مع مفهوم آخر يقوم على نسبة
الأفراد إلى بيئاتهم الاجتماعية ، أي النظر إلى الفرد من خلال انتمائه الاجتماعي ،
وليس من خلال صفاته البيولوجية ، أو صورة أسلافه ، أو بيئته الطبيعية ، فضلا عن
تزاحمه مع الصورة الدينية للفرد ، التي سبق الاشارة اليها ، ونعلم ان الدين
الاسلامي هو المكون الرئيس لثقافة العرب ، منذ البعثة النبوية .
مع مرور الزمن وتطور علم الانسان ، أهملت نظريات الوراثة
والتأثر بالبيئة الطبيعية ، لصالح تعظيم قيمة الفرد ، فيما يمكن اعتباره اكتشافا
متأخرا للمفهوم الاسلامي ، الذي بدأ بالنظر إلى الفرد الواحد كمخاطب للشريعة ،
ومسؤول عما كسب في دنياه ، حيث يتساوى في هذا الاعتبار والقيمة مع كل فرد آخر ،
بغض النظر عن أصله ونسبه وبيئته .
لقد احتاج الانسان في الغرب إلى قرون طويلة من الكفاح ، حتى
يسترد اعتباره الذاتي ، فيتحول من محمول على غيره إلى حامل لذاته ، قادر على تقرير
قيمته الخاصة ، بناء على اجتهاده وانجازه ، مما حمل العالم البريطاني ادوار كار ، على
القول بان (تاريخ البشرية هو بوجه من الوجوه ، تاربخ صراع الفرد من أجل استعادة
قيمته) .
لكن على خلاف هذا فان المجتمع العربي ، وكثيرا من المجتمعات
النامية الأخرى ، ما تزال تقاوم فكرة استقلال الفرد بقيمته ، الفرد في عالمنا ما
يزال مجهولا كذات مستقلة قائمة بمفردها ودون نسبة إلى الغير ، الفرد في العالم
النامي معروف بقبيلته أو طائفته أو بلده ،
أي بانتمائه الاجتماعي ، ولهذا فانك تواجه كثيرا من الحالات ، التي يعرف
فيها زيد باعتباره من أهل البلد الفلاني أو القبيلة أو الطائفة الفلانية ، ويتقرر
مكانه أو الموقف منه بناء على هذا الاعتبار .
وفي سنوات ماضية كتب دارسون عرب ، ان التحضر والنشاط الاقتصادي
وانتشار التعليم ، سوف يقضي على هذا النوع من التصنيف ، الذي ينطوي على (احتقار
غير مقصود) للانسان الفرد ، لكن ظهر لاحقا ان هذا التوقع كان متفائلا جدا ، رغم
انه لا يخلو من صحة ، فلنقل على سبيل التحفظ ، ان عددا من الأفراد استطاعوا ان
يفرضوا اعتبارهم الخاص ، وان يجعلوه مقدما على نسبهم أو انتمائهم ، وثمة عدد ملحوظ
من الشخصيات البارزة اليوم في مجتمعنا ، ترجع إلى اصل متواضع ، لكن على الوجه
الثاني ، فان الأفراد الذين لم يستطيعوا ابراز قدرات استثنائية ، ما زالوا يواجهون
ذات المشكلة ، ومنهم من يعوّل كثيرا على استثمار انتمائه الاجتماعي للحصول على ما
يريد ، بل وفي بعض الأحيان للاسـتـئـثار بالفوائد على حساب الغير ، فالانتماء يلعب
هنا دور المرجح ، مقابل الكفاءة والصفات الفاضلة الأخرى .
وتجد أحيانا ان معظم الموظفين في إدارة من الادارات ، ينتهي
اسمهم بلقب واحد ، يعكس الانتماء إلى قبيلة محددة أو منطقة محددة ، وليس ثمة تفسير
لهذا الوضع ، سوى ان الانتماء الاجتماعي لعب الدور الرئيس ، بل ربما الوحيد في فوز
هؤلاء بالوظيفة ، ضمن قانون (شيلني واشيلك) وهو قانون غير مكتوب ، لكنه قوي جدا
وفعال على المستوى العملي . وهذا من أسباب التشاؤم الذي عبر عنه د. خلدون النقيب ،
الذي توصل إلى ان انتشار التعليم في الأقطار العربية ، لم يؤد إلى تجسير الفجوة
بين الكيانات الاجتماعية ، بل ربما ساعد على ابرازها وتسليط الضوء على خواصها ،
التي هي نقاط افتراق لكل منها عن الغير .
مقالات ذات صلة
برنارد وليامز : الفيلسوف المجهول
فكرة المساواة: برنارد وليامز
المساواة بين الخلق ... المساواة في ماذا ؟ :
رؤية امارتيا سن
المساواة والعدالة : ديفيد
ميلر
المساواة: اشكالات المفهوم واحتمالاته: ايزايا برلين
30/11/1998
اشكالية التعدد في اطار الوحدة
05/11/1998
في الحوار النقدي مع التراث
الطريق السريع الى الثروة
يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...