يعيش في بلدنا
نحو مليون مسيحي ، يستحقون في رأيي اشارة الى معرفتنا بهم واحترامنا لقناعاتهم.
مناسبة الكلام هو اقتراب عيد الميلاد ورأس السنة. وهما ابرز مناسبتين لمسيحيي
العالم ، مثلهما مثل عيدي الفطر والاضحى عند المسلمين. اتمنى ان تستثمر حكومتنا
وصحافتنا هذه المناسبة للتعبير الصريح عن احترامها لمسيحيي العالم ، سيما هؤلاء
الذين يعيشون بيننا ، نتعامل معهم ونتعاون وإياهم في عمران بلدنا وجعل حياتنا اكثر
راحة ومستقبلنا اكثر ازدهارا.
اعلم ايضا ان
كثيرا من السعوديين المعاصرين سيرفضون هذه الدعوة ، لانهم يظنونها تطبيعا للعلاقة
مع الكافر او لغير ذلك من الاسباب. هذا الرفض متناقض مع الفخر الذي أشرنا اليه.
ولو ساءل كل منا نفسه: ايهما اصلح لديننا ووطننا: سعادة غير المسلم بالتعامل معنا
والعيش بيننا ام تعاسته؟. هل سنكون اقرب الى اخلاقيات الاسلام اذا اظهرنا الاحترام
للمسيحي ام سنكون ابعد عن قيم الدين الحنيف؟.
هذا يقودنا
الى السؤال التالي: هل سيكون المسيحي الذي يعيش معنا سعيدا ونحن نتجاهل مجرد
الاشارة الى اسعد أيامه. ام سيكون سعيدا اذا اظهرنا احترامنا له ومعرفتنا به
وتقديرنا لمشاعره؟.
تخيل ان لديك
جار مسيحي دعاك لحفل زواجه.. هل ستبارك له ام تعرض عنه؟. هل ثمة فرق بين ان تظهر
الاحترام لفرد او تظهر الاحترام لمجموع الافراد؟.
جرت عادة
حكومتنا على توجيه برقيات التهنئة للدول الاخرى في اعيادها الوطنية. وجرت عادة
كثير من الدول المسلمة على تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد ورأس السنة. كما ان بابا
الفاتيكان وزعماء الدول الاوربية اعتادوا تهنئة المسلمين باعيادهم ، فلم لا نقوم
بمبادرة مماثلة؟.
في هذه
الاوقات اشعر ان مبادرة كهذه ستكون مفيدة على المستوى الوطني ايضا ، لانها تعزز
قيمة الحوار والاقرار بالتنوع الطبيعي في الثقافات والمعتقدات واحترامها. وهو امر
ينعكس ايجابيا على ثقافتنا العامة ، التي مازالت تتوجس من المختلف والمخالف.
لا اريد
الاستطراد في عرض الامثلة. غايتي هي دعوة حكومتنا وصحافتنا سيما كتاب الرأي
لانتهاز فرصة اعياد الميلاد ورأس السنة ، لاظهار الاحترام للمسيحيين ، سيما من
يقاسمنا العيش في بلدنا. دعونا نمارس فعليا ما ندعو اليه ، اي الاقرار بوجود
المختلف واحترام خياراته ، بغض النظر عن رأينا فيها.