‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاجماع الوطني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاجماع الوطني. إظهار كافة الرسائل

11/07/2017

العراق: المهمة الكبرى بعد الموصل

؛؛ اتفق العراقيون على ما سمي بالمحاصصة ، أي اقتسام النظام السياسي. وهو عرف قد يقبل كعلاج انتقالي ، ريثما يتم بناء الثقة المتبادلة. لكنه شديد الخطورة اذا تكرس كعرف دائم ؛؛
تحرير الموصل من قبضة داعش ينطوي على قيمة مادية عظيمة. لكن قيمته المعنوية والسياسية فوق ذلك بكثير. ينبغي للساسة العراقيين استثمار هذا النصر الكبير في معالجة اشد المعضلات التي تواجه بلدهم ، اعني بها مسألة "الاجماع الوطني".
كانت مشكلات الحكم والاقتصاد رفيقا ملازما للعراق طوال تاريخه الحديث. ولمن يظن ان مشكلاته بدأت بعد الاجتياح الامريكي في 2003 ، يؤسفني ان أذكره بحملة الانفال ، حين شن الجيش اوائل 1988 حملة على كردستان ، دمرت فيها 2000 قرية ، وهجر نصف مليون مواطن ، وابيد الاف السكان بالقنابل الكيمياوية. مأساة الأكراد مثال واحد على طبيعة السياسة في هذا البلد. وثمة مئات من الأمثلة المشابهة ، يعرفها كل باحث في الشأن العراقي. هذه - على أي حال – تفاصيل تاريخ مضى. ولعل في مشكلات اليوم ما ينسي ذلك الماضي الأليم.
سقوط النظام في 2003 لم يتسبب في الانقسام الاجتماعي ، بل كسر السقف الذي حال دون تطوره الى نزاع أهلي. أما سبب الانقسام  المزمن فهو هيمنة مفهوم "الغنيمة" على المجال العام. النخب الحاكمة تعاملت مع الدولة كمغنم خاص لها ولمن تبعها من الناس. الامر الذي تسبب في اقصاء معظم المواطنين ، أفرادا وجماعات ، وأقام جدارا عاليا من الارتياب بين أطياف المجتمع ، وكسر التوافق الموروث بين المواطنين على العيش المشترك وتبادل المنافع والاعباء.
اعادة بناء "الاجماع الوطني" هو السبيل الوحيد لاصلاح النظام السياسي ، وتحرير العراق من سجن تاريخه المشحون بالمعاناة. وأظن ان هذا ضرورة أيضا للبلدان التي تعاني انقسامات اجتماعية شديدة ، كحال اليمن وليبيا على سبيل المثال.
"الاجماع الوطني" هو الفهم المشترك بين المواطنين لطبيعة نظامهم السياسي والعلاقة التي تربطهم في إطاره. وهو يتألف من منظومة قيمية وتقاليد سياسية ومجتمعية ، يتوافق عليها الجميع ويرجعون اليها لتسوية خلافاتهم في المصالح أو الافكار. واظنه معادلا لمفهوم "عرف العقلاء" المعروف في التراث الاسلامي.
لقد اتفق العراقيون على ما سمي بالمحاصصة ، أي اقتسام النظام السياسي. وهو عرف ربما يقبل كعلاج انتقالي ، ريثما يتم بناء الثقة المتبادلة. لكنه شديد الخطورة اذا تكرس كعرف دائم. يجب ترسيخ المواطنة الفردية كاطار قانوني وحيد لتنظيم علاقة المجتمع بالدولة. وكل تنميط للمواطنين ، على اساس قومي او طائفي أو غيره ، سيؤدي بالضرورة الى هدر قيمة المواطن الفرد ، ويعيده قسرا الى كهف الجماعة ، اي التراجع من زمن الدولة الحديثة الى زمن القبيلة والطائفة.
يهمني أيضا الاشارة الى ضرورة الاهتمام بالعامل الخارجي ، الذي أراه مؤثرا جدا في اعادة بناء الاجماع او اعاقته. وهو عامل يكرهه العراقيون أشد الكراهية ، لكن ضرورات المرحلة تقضي بتهميش العواطف ، حتى العبور الى الضفة الأخرى. يحتاج العراق في ظني الى التكيف مع إطاره الاقليمي والدولي. وأعني تحديدا اتخاذ خط وسط يتضمن – من جانب - الاقرار بدور محدد للدول الأخرى ذات التأثير في داخله ، والعمل – من جانب آخر – على تحديد هذا التدخل وجعل الحكومة الشرعية طريقه الوحيد. هذا يعني بالضرورة استيعاب جميع الاطياف والمصالح ، حتى تلك التي فشلت في البرهنة على قوتها من خلال السلاح او من خلال الانتخابات. حين تقصي أحدا فانت تفتح نافذة للأجنبي. وخير للبلد ان يتحمل أخطاء أبنائه ، بل وآثامهم أيضا ، كي لا يضطر للتفاوض مع الغريب على تفصيلات سياساته وعناصر سيادته وسلمه الداخلي.
الشرق الاوسط 11 يوليو 2017
http://aawsat.com/node/971831
مقالات ذات علاقة

04/02/2015

جيراننا الدواعش

نحن بحاجة الى واقعية سياسية في التعامل مع تحولات المشهد السياسي في اليمن. سواء أحببنا تيار الرئيس السابق على صالح او كرهناه ، وسواء وثقنا في التيار الحوثي او ارتبنا في نواياه ، وسواء كنا مع انفصال الجنوب او كنا ضده ، فان واقع الحال يشهد ان هذه المحاور الثلاثة هي المحرك الرئيس لتحولات السياسة في اليمن اليوم.

عبد الله بن حسين الاحمر

هذه ليست دعوة للتعاطف مع اي من هذه المحاور ، بل للتعامل معها بناء على ثقلها الفعلي في ميزان القوى السياسي.  لا يفيدنا كثيرا حصر خياراتنا في سلة الحكومة ، فهي عاجزة عن حماية قادتها فضلا عن ادارة البلاد.

الواضح ان معظم الدول ذات العلاقة باليمن تأبى التعامل مع الرئيس السابق علي صالح الذي أطاحت به الثورة. لكن هذا لا يقلل من حقيقة انه لازال أوسع نفوذا من الحكومة التي جاءت بها الثورة. هذا النفوذ واضح في تحالفات قبلية وفي انحياز القوات المسلحة الى جانبه. تلك الدول لا تريد ايضا التعامل مع العدو اللدود لعلي صالح ، اي "التجمع اليمني للاصلاح" بحجة انه امتداد للاخوان المسلمين. 

هذا لا يغير شيئا من حقيقة ان الحزب كان في عهد زعيمه المرحوم عبد الله بن حسين الاحمر ، واجهة سياسية لاكبر تحالف قبلي ، مع انه خرج من الثورة كسيرا مشتت القوى.  وبنفس القدر فانها لا تود التعامل مع الحوثيين رغم انهم يسيطرون فعليا على معظم مصادر القوة في البلاد. كما لا يريد احد التعامل مع الحراك الجنوبي تلافية لتهمة التعاطف مع دعوات الانفصال. هذا لا يغير من حقيقة ان المجموعات الشريكة في هذا الحراك تسيطر فعليا على معظم محافظات الجنوب.

ترى هل يمكن ادارة الازمة اليمنية دون التعامل مع الاطراف الاكثر تاثيرا فيها؟.

رغم الكلام المكرر عن الخلفية الاخوانية لتجمع الاصلاح ، او التعاطف الايراني مع الحوثيين ، او تلاعب علي صالح او ماركسية الحراك الجنوبي ، فثمة حقائق مادية على الأرض تفرز مفاعيلها ولا تتوقف عند رغباتنا او مواقفنا ، الا اذا فتحنا خطوط حوار نشط معها.

لا ادري ان كانت الازمة السياسية في اليمن تتجه الى الانفجار او ان أطرافها سينجحون في التوافق على مخرج آمن. أيا كان الحال ، فالمؤكد ان تفاقم الازمة سوف يمهد الطريق لظهور نسخة جديدة من "داعش"  على حدودنا ، قد تكون اكثر خطورة من "داعش" العراقية. 

لا أحد يريد مجاورة وحش كهذا. هذا الاحتمال الخطر يستدعي مبادرة جدية من جانب دول المنطقة سيما دول الخليج ، مبادرة براغماتية ، تتعامل مع الواقع كما هو ، ومع أطرافه بما فيهم من عيوب أو محاسن ، مبادرة غرضها الاول تشكيل حكومة انقاذ وطني تمسك بزمام الامور ، وتقود حوارا سياسيا يستهدف تفكيك الازمة والحيلولة دون انهيارات تجعل البيئة الاجتماعية مهيئة لتكرار التجربة العراقية.

الشرق الاوسط 4 فبراير 2015
http://aawsat.com/node/281371

14/01/2015

استنهاض روح الجماعة



في اكتوبر الماضي اظهرت استطلاعات الرأي ان 15% فقط من الفرنسيين يرغبون في خوض الرئيس هولاند الانتخابات الرئاسية المقررة في 2017. وهذا ادنى مستوى تاييد يحصل عليه رئيس فرنسي منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن الحال تبدل كليا هذا الاسبوع ، بعدما نجح هولاند في تنظيم أوسع اصطفاف شعبي وراء الحكومة منذ الثورة الطلابية في 1968. الامر المؤكد ان الحكومة الفرنسية ماكانت تتمنى هجوما دمويا كالذي شهدته باريس وحصد 20 قتيلا. مثل هذا الهجوم سيثير ارتياب الجمهور في كفاءة الحكومة وقدرتها على صون الامن العام ، سيما في ظروف العالم الراهنة. لكن حكومة هولاند اظهرت براعة في التقاط كرة النار ثم رميها مرة اخرى في الاتجاه الذي ارادت ان يسرق انظار الناس ، ليس في فرنسا وحسب ، بل في اوربا والعالم اجمع. وهكذا تحولت باريس يوم الاحد الماضي الى مهوى لقلوب الفرنسيين ، بل عاصمة للعالم حين تقدم الرئيس هولاند مسيرة شعبية ، يحيط به زعماء من 50 دولة ، ويتبعهم نحو مليوني متظاهر.
لا أحسد الفرنسيين على ما حل بهم ، بل اغبطهم على هذه القدرة الفائقة في تحويل الهزائم الصغيرة الى انتصارات كبيرة. في الاحوال الاعتيادية يؤدي مثل ذلك الهجوم الارهابي الى اثارة الفزع بين الناس في المرحلة الاولى ، ثم اتهام الحكومة بالتقصير والفشل ، ثم انبعاث نزعة التلاوم والبحث عن كبش فداء ، ثم انفلات غريزة الانتقام من الشريحة التي ينتمي اليها القتلة ، وهم في هذه الحالة المسلمون والفرنسيون من اصول عربية وافريقية وربما بقية الاجانب.
مثل هذا السيناريو الذي تكرر فعليا في بلدان اخرى ، كان سيؤدي على الارجح الى مضاعفة عدد الضحايا وتعميق التفارق والانقسام في المجتمع الفرنسي ، اي تدشين ظرف اجتماعي – سياسي متأزم يصعب التنبؤ بنهاياته.
 بدل الانفعال بالحادثة ، قرر الرئيس الفرنسي تحويلها الى مناسبة لأحياء الاجماع الوطني وتعزيز دور فرنسا القيادي في العالم. منذ لحظة الهجوم تحول الرئيس ووزرائه الى مبشرين بقيم الجمهورية ، سيما قيمة الحرية والمساواة والتنوع الثقافي والسياسي ، مع التشديد على كونها ابرز اركان وحدة المجتمع والهوية الوطنية الجامعة. ولفت نظري خصوصا منع اليمين المتطرف من تنظيم مظاهرة معادية للمهاجرين ، فضلا عن منع زعيمه جان ماري لوبان من المشاركة في تظاهرة باريس الكبرى ، خشية تحويل جانب منها نحو شعارات العداء للمسلمين والاجانب.
الهجوم على صحيفة اشلي ايبدو كان من نوع الصدمات التي تهز توازن المجتمع وتطلق تيارا لا ينتهي من النزاعات الداخلية. لكن وجود قيادة بعيدة النظر حول هذه الصدمة الى مبرر لاستنهاض روح الجماعة. روح الجماعة هي الوطن الحقيقي. واذا انبعثت فانها توفر قوة هائلة ، يمكن استعمالها في النهوض بالوطن او في احتواء ما يواجه من تحديات.
الشرق الاوسط  14 يناير 2015 مـ رقم العدد [13196]
http://aawsat.com/node/266486#.VLitvbBDBTk.twitter

22/07/2014

احتواء التحدي وتحييده


اعلان داعش عن دولتها وخليفتها كان الشغل الشاغل للمجتمع السعودي خلال الاسبوع المنصرم. كان هذا واضحا في احاديث المجالس والصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير منا لا يرى في داعش تهديدا وشيكا. لكن كثرة النقاش حولها تشير الى قلق عميق في نفوس الناس من تحد لا يبدو اننا متفقون على "كيفية" تحييده. والمؤكد ان هذا القلق ازداد بعد العدوان الآثم على مركز الوديعة الحدودي الذي كلف البلد خمسة شهداء من رجال الامن. هذا الحادث ذكرنا جميعا بأن داعش ليست في شمال العراق ، بل هي ، بعض منها على الاقل ، على حدودنا.
لا ينبغي تهويل الامر. فهذا العدوان الغادر ليس دليلا على تهديد وشيك من النوع الذي تمثله داعش العراقية. لكن المسألة ككل تمثل خطرا ثقافيا وسياسيا لا ينبغي التقليل من اهميته. اعلان داعش عما تسميه "خلافة اسلامية" يستهدف مباشرة التشكيك في الشرعية السياسية والقانون الجاري في دول المنطقة كلها. وقد يكون مجتمعنا ابرز المستهدفين بهذا المخطط ، نظرا لأن النموذج الثقافي- الديني السائد يحمل سمات مقاربة ويعبر عنه بلغة مماثلة. وهو قادر على التاثير خصوصا في الشرائح الاجتماعية التي تشعر بالاحباط او تتطلع الى حلول سحرية للمشكلات التي تعانيها او تتخيلها.
يتجه تهديد الخطاب الداعشي في المقام الاول الى "الاجماع الوطني" ، أي ذلك التوافق الضمني على نظام العلاقة بين ابناء الوطن والسبل المتعارفة لادارة تعارضات المصالح.
حكومتنا هي اللاعب الوحيد في الميدان السياسي والقانوني. فهي تحتكر بشكل كامل العمل السياسي ، كما تراقب بشدة  العمل المدني (الذي يفترض ان يكون اهليا). ولذا فهي تتحمل الجانب الاعظم من الاعباء الخاصة بصيانة الاجماع الوطني وتعزيزه.
هذا يعني ان على الحكومة الكثير مما ينبغي القيام به لتحصين البلد من اخطار الخطاب الداعشي. واشير هنا الى عنصر واحد اراه ضروريا وعاجلا ، الا وهو التخلي عن السياسات الخشنة التي اتبعت خلال العامين الاخيرين ، واستبدالها بسياسات ملاينة للمجتمع والقوى الاجتماعية. نستذكر هنا الخطاب الرباني للرسول عليه الصلاة والسلام "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر".
في 1993 سمعت المرحوم الملك فهد يقول ان "الحكومة اقوى من كل احد في البلد وانها قادرة على سجن من تشاء وقهر من تشاء لو ارادت ، لكن هذا لا يقيم مجتمعا متعاطفا مترابطا. التفاهم والحلول اللينة هي التي تبني الاوطان". واني اجد بلادنا بحاجة الى هذه الرؤية اليوم ، اكثر من أي وقت مضى. اني ادعو حكومتنا الى تبني استراتيجية الملاينة والتفاهم واعادة استيعاب المختلفين والمخالفين ، أيا كان رأيها فيهم ، فهذا هو السبيل اليوم لسد الثغرات التي يتسلل منها اعداؤنا لضرب السلم الاهلي وخلخلة الاجماع الوطني.
الاقتصادية 22 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/22/article_869551.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي
·         قبل ان نفقد الامل
·         تعـزيــز الامــل


24/06/2014

مصائر المجتمعات الفاشلة

اذا اختار العراقيون رئيس حكومة غير السيد نوري المالكي فسوف يتحول العراق الى دولة كونفدرالية بطريقة لينة نسبيا. واذا عاد المالكي الى رئاسة الحكومة بعد تشكيل البرلمان الجديد ، او تعذر التوافق على رئيس حكومة يحظى بالاجماع ، فسوف يتحول العراق الى دولة كونفدرالية ايضا ، ولكن بطريقة صعبة ومؤلمة.
لقد اعتدنا تعليق آثامنا على مشاجب الاخرين. الازمات المتنقلة من الصومال الى ليبيا ومصر والسودان واليمن والعراق وسوريا ولبنان لم تستورد من خارج الحدود ، فهي صناعة محلية بدءا واستمرارا. لعل الاغراب قد ساهموا فيها ، في مرحلة من المراحل ، لكن اليس مستهجنا مرور السنين تلو السنين واهل البلد عاجزون عن علاج علتهم؟. لقد مر ربع قرن على انقسام الصومال ، ولا زال الوضع على حاله ، وخسر السودان نصفه الجنوبي بعد عقد كامل من اتفاق على تلافي مسببات الانفصال.

كذلك الامر في العراق الذي انقسم شماله – واقعيا - منذ 1991 ، وتم الاقرار به دستوريا في 2003. وفي هذه الايام يبدو العراق متجها الى تعميق هذا الانقسام بالتحول – دستوريا او كأمر واقع – الى دولة كونفدرالية من ثلاثة أقاليم على الاقل. هذا المصير نفسه ينتظر سوريا وليبيا ، وربما اليمن التي يطالب كثير من سكان جنوبها باستعادة دولتهم التي كانت مستقلة حتى نهاية الثمانينات من القرن المنصرم.

هذا ليس فعل الاجانب ، بل هو فعلنا ، او هو ثمرة عجزنا عن الفعل. ربما نتهم اسرائيل وامريكا او نتهم ايران وتركيا ، او نتهم السعودية وقطر او غيرها  او نتهم الشيطان الرجيم ، لكن لا امريكا ولا الشيطان ولا اي احد آخر يقرر مصيرك ما لم تكن انت مستعدا لتقبل هذا المصير.

في الماضي القريب كانت الوحدة املا واغنية. وكنا جميعا نعتبر توحيد البلاد الاسلامية او العربية غاية مقدسة واملا للخلاص. لكن الواضح اليوم ان الناس قنطوا من الوحدة بين الدول ، والاسوأ من ذلك ان معظم العرب ما عادوا يكترثون باحتمال انقسام بلدانهم. زعماء العراقيين السنة يطالبون باقليم خاص ، ويبدو ان اكثر العراقيين الشيعة يتقبلون الفكرة. بعض زعماء ليبيا يطالب صراحة بتقسيمها الى ثلاث كيانات فيدرالية ، مثلما يطالب كثير من اهل اليمن. فكرة تقسيم سوريا الى ثلاث دول كونفدرالية او فدرالية تطرح اليوم كأحد المخارج الممكنة من الحرب الاهلية.

اتساع القناعة بالحل الانفصالي دليل على شعور بالعجز الكامل عن التشارك والتعايش الطبيعي في وطن واحد. ما دمنا عاجزين عن التشارك ، فلنقل ذلك صراحة ، ولنذهب نحو الانقسام اللين كي نحصر الخسائر ونصون حدا ادنى من المشتركات الضرورية لحياة سليمة. هذا حل مؤلم لكنه اقل سوءا من المكابرة والاصرار على اعادة تجربة الفشل بعدما سالت الدماء ودمر العمران.

الاقتصادية 24 يونيو 2014
http://www.aleqt.com/2014/06/24/article_860574.html
مقالات ذات علاقة
·         الأخ الأكبـــر
·         العبء الطائفي
·         الأخ الأكبـــر
·         في انتظار الفتنة


18/12/2012

حق الأكثرية

في 1972 أسس جان ماري لوبان حزبا صغيرا سمّاه ''الجبهة الوطنية''، هدفها استفتاء الشعب الفرنسي على وقف هجرة الأجانب لا سيما المسلمين. لأن تزايد أعدادهم يهدد النسيج الاجتماعي المنسجم بديانته الكاثوليكية وتقاليده المتوارثة. لكن لوبان تخلى – لاحقا - عن فكرة الاستفتاء، بعدما أقنعه خبراء في القانون بأن تصويت الأكثرية لا قيمة له ولا تأثير. حقوق الأكثرية مشروطة بحقوق الأقلية، ولا يمكن لهذه ولا تلك حرمان الأخرى من حقوق أولية تعد حاكمة على الدستور والقانون. وأبرزها حرية الاعتقاد والعبادة واختيار نمط العيش الذي يعتقد صاحبه أنه يحقق سعادته.
لكننا جميعا نعلم أن رأي الأكثرية هو الحاكم في جميع الأنظمة الحديثة. وهو تجسيد للعقل الجمعي والعرف العام بلا مراء.

في الجدل حول الدستور المصري، تمسك مؤيدوه بحق الأكثرية في فرض ما يرونه معبرا عن قناعاتهم وتطلعاتهم. بينما ركز معارضوه على ضرورة أن يصاغ بصورة توافقية قبل عرضه للاستفتاء العام.

- أين تكمن المشكلة إذن؟ ولماذا لا يصح القول بحق الأكثرية في فرض الدستور الذي تريده على الأقلية التي تعارضه؟.

- الديمقراطية نظام مركب من مستويين:

أ) مستوى تأسيسي يعرف القواعد الكبرى للنظام السياسي، يشترك فيه الجميع. هذا لا يتحقق باستفتاء الأفراد، بل بتوافق ممثلي جميع الشرائح الاجتماعية، لتأسيس ما نسميه الإجماع الوطني، الذي يتضمن عنصرين أساسيين: طبيعة العلاقة التي تربط بينهم في إطار وطني واحد، وأسلوب حل الخلافات التي ربما تنشأ بينهم بسبب تعارض الأفكار والمصالح. هذا الإجماع يوثق في ''الدستور'' الذي يصبح مرجعا لجميع القوانين وسياسات الدولة وأعمال الهيئات الناشطة في المجال العام.

ب) مستوى تشريعي أو سياسي يمارس بواسطة الحكومة أو البرلمان. وهنا يبرز صوت الأكثرية كمرجح دائم، سواء حصل التوافق أو لم يحصل.

ميزة المستوى الأول أنه طويل الأمد، وقد يمتد لعشرات السنين دون تغيير. بخلاف المستوى الثاني الذي يتبدل كل أربع سنين أو خمس على الأكثر. لأنه يتناول تغيير الأشخاص والسياسات، ولا يؤثر في قواعد النظام التي أسست الإجماع الوطني.

زبدة القول إذن إن رأي الأكثرية الذي يشار إليه عادة، متعلق بالمستوى الثاني. أما الأول فإن تصويت الشعب وترجيح رأي الأكثرية لا يأتي إلا بعد توافق الجميع. ما لم يجر توافق كهذا، فستبقى شرعية النظام السياسي مجروحة وتمثيله للشعب مشكوكا فيه. وأظن أن الحكومة المصرية تشعر بهذا الآن، مما سيضطرها إلى إصدار قوانين تتحول إلى أعراف دستورية، غرضها الوحيد هو تلبية مطالب معارضي الدستور. كان الأولى – في ظني – اتقاء مثل هذه الالتفافات بتشكيل الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور على نحو يعكس التنوع الفعلي في المجتمع المصري، بل التعويل على حسابات الأقلية والأكثرية كما حصل فعلا.
الاقتصادية : الثلاثاء 05 صفر 1434 هـ. الموافق 18 ديسمبر 2012 العدد 7008
http://www.aleqt.com/2012/12/18/article_717992.html
مقالات ذات علاقة

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...