مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
24/02/2016
رأي الجمهور
17/02/2016
حول مكانة الهيئات الدينية
خلال الأسبوعين الماضيين انشغلت الصحافة السعودية بعدد
من الحوادث التي كانت هيئة
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت طرفا فيها. قد تبدو المسألة محلية جدا ،
الا انها تثير تأملات حول مكانة الدين في الحياة العامة ، أظنها موضع جدل في معظم
المجتمعات العربية ، سيما المحافظة منها.
تمتاز "الهيئة" عن بقية الاجهزة الحكومية بتصنيف العرف لها كجزء من المؤسسة الدينية. ويلحقها بالتالي ما يلحق هذه المؤسسة من صفات وهالات. ولهذا فكل جدل حولها يستنهض في العادة مخاوف حول الدين عند فريق من المجتمع ، وحول القانون عند فريق آخر ، وحول الحريات الشخصية عند فريق ثالث.
يقر الجميع بطبيعة الحال ، ان على الهيئة وكل منظمة
حكومية أخرى ، ان تلزم حدود القانون في كل أعمالها. وفي هذا الاطار فان تجاوزات
موظفيها تستدعي العقوبات الادارية التي ينص عليها القانون. لكن الفريق الأول يشعر بالقلق مما
يعتبره تركيزا استثنائيا في الصحافة على اعمال "الهيئة". وهم يقولون –
مباشرة او مداورة – ان الدين هو المستهدف في شخص "الهيئة" ، وأن هذا
الاستهداف يتمثل غالبا في تضخيم أخطاء قد تصدر من أي منظمة رسمية أو أهلية أخرى.
اما الفريق الثاني فيجادل بأن
الخطأ ، سواء كان فرديا أو مؤسسيا ، لا يترك او ينسى ، لأنه يشير الى علة في
المؤسسة تستدعي العلاج لا الاغفال. الهيئة جزء من منظومة الادارة العامة وينفق
عليها من المال العام ، والمبرر الوحيد لوجودها هو خدمة أفراد المجتمع ، فلا يصح
ان تتسلط عليهم او تخرق حقوقهم. ارتباطها بالدين لا يغير من حقيقة كونها جهاز خدمة
عامة ، محكوما بالقانون. إذا تصرف موظف حكومي بموجب اجتهاده الشخصي فهو مذنب ، لأن
الموظف العمومي ممنوع بحكم القانون من اتباع رأيه أو اجتهاده الشخصي.
ينظر الفريق الثالث الى عامل مشترك بين الحوادث التي
أثارت ضجة حول عمل الهيئة ، وهو اشتمالها على خرق واضح لحريات شخصية. ولحسن الحظ
فان معظم الحوادث المثيرة كانت موثقة بالصور التي تدل قطعا على الخروقات المزعومة.
لا يتعلق الأمر في هذه الحوادث بمجرم يدعي خرق حريته ، بل بشخص عادي يتعرض للاذلال
او حتى الايذاء البدني ، لأن موظفا حكوميا اجتهد فاعتبر سلوكه مخالفا للآداب
العامة أو احكام الشريعة.
هذا يثير سؤالا جديا حول العلاقة بين الالتزام الديني
والحرية الشخصية. ونعلم ان مثل هذا السؤال يبدو للمجتمعات المحافظة ، غامضا ،
وربما فارغا. الا انه يكشف من ناحية أخرى عن الحاجة الى مراجعة الفهم الموروث
للحرية الشخصية ونقاط الاشتباك بينها وبين الاحكام الشرعية المنظمة للسلوك ، فضلا
عن الاعراف والتقاليد التي تحمل ظلالا دينية.
ينصرف جدل العلاقة بين الحريات الشخصية والاحكام
الشرعية الى ثلاثة أسئلة محورية ، اولها يتناول الترتيب بين الحرية والحكم الشرعي
او العرف الاجتماعي ، ايهما حاكم على الآخر ومقدم عليه. بينما يتعلق الثاني
بالمسافة بين القانون والحرية ، اي: هل نعتبر صون الحريات الفردية شرطا لعدالة
القانون ، وبالتالي هل يلزمنا طاعة القانون الذي يسمح بخرق حرياتنا؟. يتناول
السؤال الثالث القوانين المستمدة من احكام شرعية او معتمدة عليها ، هل نعتبرها مثل
القوانين العادية ، ام نبتكر لها مرتبة فوق القانون العادي. هذا السؤال يتناول
بالضرورة المؤسسات الدينية أيضا ، فهل نعاملها كاجهزة خدمة عامة ، ام نبتكر لها
وصفا خاصا يرفعها عرفيا ووظيفيا عن مستوى تلك الاجهزة؟.
الشرق الاوسط 17 فبراير 2016
مقالات ذات علاقة
تحولات التيار الديني - 2 نهايات المعارك
تحولات التيار الديني-3 اعباء السياسة
السعادة
الجبرية: البس ثوبنا أو انتظر رصاصنا
الليبرات
والليبرون المكبوتون المخدوعون
نقاط الاحتكاك بين
المجتمع والدولة
10/02/2016
حول الحرية والعنف
03/02/2016
حول التعليم والتطرف
قبل
بضعة أيام أعادت وزراة التعليم السعودية التأكيد على تصفية المكتبات المدرسية من
الكتب الداعية للتطرف. وهذا جزء من سياسة أقرت قبل سنوات ، هدفها تجفيف مصادر
التشدد في التعليم العام.
ومثل كل الاخبار الجديدة ، حظي القرار بتأييد بعض الناس وعارضه آخرون. لكن في المجمل فقد أعاد القرار احياء نقاش قديم حول مصادر التطرف في الثقافة العامة ، سيما ثقافة الشباب.
يجب
القول ابتداء ان هذه ليست مهمة يسيرة ولا يمكن انجازها في بضع سنين. كما لا ينبغي
المبالغة في تحميل المدرسة عبء المهمة بمجملها. الميول المتطرفة ليست ثمرة عامل واحد
، وعلاجها ليس سهلا كي يلقى على طرف واحد. يعرف الاجتماعيون ان تشكيل الذهن الجمعي
، او ما نسميه هنا بالثقافة العامة ، يتأثر بعوامل عديدة ، بعضها ثقافي بالمعنى
الخاص مثل التعليم والاعلام والتربية الدينية ، وبعضها بعيد تماما عن هذا الاطار ،
كالاقتصاد والسياسة والتقاليد الاجتماعية والموقع الطبقى الخ.
من
هنا فان تفكيك الميول المتطرفة يحتاج لاستراتيجية وطنية شاملة ، تتعامل مع الثقافة
في معناها الموسع ، اي مجموع المصادر التي تشكل الذهن الجمعي.
بعد
سنوات من القراءة والتأمل في العلاقة بين الثقافة والعنف ، استطيع القول ان احد
المفاتيح الرئيسية لفهم المشكلة يكمن في "المنغلقات" او الطرق المسدودة.
يمكنني تعريف المنغلقات بالصدام بين الارادة والعجز. ثمة مثال معروف يضرب عادة
لادانة السلوك الهروبي من المشكلات ، لكني اراه صالحا لتوضيح مسألة الصدام تلك.
فحوى المثال ان تلميذا فشل في الاختبار وحين سأله زملاؤه عن السبب أجاب بأن معلمه
حاقد عليه فاسقطه عمدا. يضرب اخرون مثلا بابن الشيخ الذي عانى من عنف ابيه فاتجه
الى الالحاد. وحين سئل الاب عن السبب وضع اللوم على المدرسة والتلفزيون ورفاق
السوء.. الخ.
يكثر
سرد هذين المثالين وأشباههما لتأكيد العلاقة بين الفعل ورد الفعل. وينظر اليهما
عادة كدليل على خط مستقيم يشبه القاعدة المعروفة في الفيزياء: كل فعل يولد رد فعل
يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه.
وأرى
ان استعمال هذه القاعدة لتفسير الفعل والانفعال الاجتماعي غير سليم ، او انه – على
أقل التقادير – قاصر عن ايضاح الطبيعة المركبة للفعل الانساني وما يترتب عليه من
تموجات في المحيط الاجتماعي. ان تبرير التلميذ لفشله في الامتحان بحقد معلمه قد لا
يكون – بالضرورة - تعبيرا عن رغبته في تبرئة نفسه من المسؤولية ، بل ربما ينم عن
جهله بالاسباب الاخرى المحتملة. تماما مثل لوم الشيخ للتلفزيون والمدرسة ورفاق
السوء ، الذي قد يخفي عدم ادراكه لمجموع العوامل التي قادت الى هذه النتيجة.
كان
المفكر الامريكي دانييل
ليرنر قد ناقش بالتفصيل مسألة "التكيف=empathy" بل اعتبرها محور نظريته حول التحديث
والتنمية. تعرف القابلية للتكيف بالقدرة على اكتشاف وتبني بدائل/تفسيرات او حلول
بديلة عن المألوف والمعروف مسبقا. وبهذا فهو المقابل لما أسميته
"المنغلقات" او الطرق المسدودة والاحادية. اعتقد أن اي استراتيجة وطنية
لمعالجة التطرف ينبغي ان تركز على كشف ومعالجة المنغلقات ، اي نقاط التصادم بين
الارادة والعجز. هذه النقاط منتشرة في حياتنا الخاصة والعامة. وكثير منها يتحول
الى توترات ثقافية/ذهنية ، تشكل ارضية خصبة لاستقبال دواعي التطرف ودعواته.
المدرسة قد تلعب دورا مهما في تسكين او اعادة توجيه ميول الشاب. لكن من المبالغة
اعتبار هذا الدور حلا كاملا.
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...