الاضطراب السياسي الذي شهده العالم
العربي خلال السنوات القليلة الماضية ، كشف عن عيوب جوهرية في بنية النظام العربي
، ابرزها هو انحدار مستوى الاجماع الوطني ، اي توافق الجمهور والقوى الاجتماعية
النخبة السياسية ، على طبيعة النظام القائم واستهدافاته ومصادر شرعيته وفلسفة عمله
والطرق القانونية التي يلجأ اليها الفرقاء لادارة التعارض بين مصالحهم وحل
اختلافاتهم.
ليس مهما الان التساؤل عن العوامل
الاكثر تاثيرا في توليد تلك الفوضى. الواقع الذي امامنا يقول ان جانبا مهما من
اخفاقات الدولة العربية خلال الحقبة الاخيرة
، سواء في مجال التنمية الاقتصادية او السياسية ، يرجع الى انكسار الاجماع
القديم ، وعجز المجتمع السياسي عن توليد عقد اجتماعي جديد ، اي اجماع جديد على
طبيعة النظام واستهدافاته والقيم الكبرى الناظمة لحركته.
في ظل الانقسام فان كلا من المجتمع
والدولة ينطلق في مواقفه وعمله من مبررات متفاوتة واحيانا متعارضة . النظام
السياسي الذي يفتقر الى الاجماع سوف يكون
– بالضرورة - فوضويا ، باهت السمات وعديم الاستقرار. ما يميز الانظمة السياسية المتقدمة – حسب راي
ليونارد بيندر – هو قيامها على اجماع ثقافي تاريخي يضمن الاستقرار والتواصل. اعادة
بناء الاجماع الوطني المستقر والفعال ، يتوقف على تفاهمات اولية تؤكد على مفهوم
المواطنة وسيادة القانون كمرجع اعلى للعلاقة بين اطراف المجتمع الوطني. تفاهمات
كهذه يمكن ان تمثل منطلقا ، لكن الوصول الى الغاية النهائية ، يحتاج الى
استراتيجية متعددة الابعاد ، تبدأ من التعليم ، لكنها تتناول ايضا تقريب مستويات
التنمية وتعزيز التواصل بين اطراف البلد ، فضلا عن ايجاد صيغة مناسبة للتشابك بين
الهويات المحلية والهوية الوطنية الجامعة.
http://www.aleqt.com/2013/11/19/article_800863.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق