
مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
16/10/2019
من اراء الفيلسوف ديفيد ميلر

06/01/2021
دعوة لمراجعة مفهوم الامة/القومية/الوطنية
أقرا في هذه الأيام كتاب "حول الوطنية On Nationality" للمفكر البريطاني ديفيد ميلر. وهو قديم نسبيا ، فقد نشر في 1995. وتتوزع مواده على سبعة فصول ، في نحو 200 صفحة. وقد اراد المؤلف معالجة قضية راهنة وقت صدوره ، الا وهي اتجاه بريطانيا للتحول الى دولة متعددة الثقافات ، تعترف لكل سكانها بهوياتهم الخاصة ، وبما يشعرون حقا انهم ينتمون اليه.
لقد نضج الان هذا المسار ، مما يدل على حكمة
النخبة السياسية التي تبنته في بداياته. إلا ان موضوع الوطنية والقومية والهوية
الوطنية ، لازال بذاته مثار جدل حتى اليوم. ان قرار البريطانيين الخروج من الاتحادالأوروبي ، مؤشر واضح على صعود التيار الذي يبالغ في الاعتزاز بالذات (وهو ميل
ينصرف بالضرورة الى انكماش على الذات).
نعلم ان العوامل الاقتصادية
هي التي حددت اتجاه التصويت في استفتاء 2016. لكن ينبغي القول – بصورة
عامة – ان المجتمع البريطاني يشهد بالفعل صراعا ، بين من يدعي ان الانجلوساكسونية هي الهوية الوحيدة المعبرة
عن بريطانيا ، وبين طرف آخر يرى ان
بريطانيا نموذج للعالم الجديد الذي تلتقي فيه الثقافات والحضارات ، ويتعارف فيه
البشر ويتشاركون حياتهم ، مثل نهر كبير تصب فيه عشرات الروافد الآتية من مختلف
الجهات.
وقد سبق ان كتبت عن البروفسور ميلر ، وذكرت
حينها انه ينتمي الى شريحة صغيرة نسبيا من أساتذة الفلسفة السياسية ، الذين كرسوا
جانبا هاما من بحثهم العلمي ، للربط بين النقاشات النظرية المجردة والقضايا
المثيرة للجدل في الحياة العامة. والموضوع الذي نتحدث عنه اليوم مثال آخر على هذا
التوجه.
يطرح الكتاب مسالة القومية والوطنية ، من زوايا تضطر
القاريء لمساءلة قناعاته السابقة ، وربما إعادة النظر في مفاهيم يعتبرها الناس مسلمات
او بديهيات. أراد ميلر تقديم رؤية تجمع بين مباديء الوطنية/القومية ومباديء
الليبرالية ، وهو يدعو لما يسمى ب "الوطنية المدنية" او "الوطنية
الليبرالية".
الفرضية المسبقة في القومية
هي قبول التمايز بين الأمم ، فالمنتمون الى أي أمة يقررون لانفسهم حقوقا لا يتمتع
بها أبناء الأمم الأخرى. بينما تنطلق الليبرالية من فرضية ان كافة الحقوق توافقات
بين البشر ، وليس فيها ما هو امتياز مرتبط بالولادة او العرق. ان الجمع بين
المفهومين يتطلب قراءة ناقدة لكل منهما وتنازلات متبادلة.
نعرف ان مفهوم "الامة" القديم لم يعد قائما الا كعنصر ثقافي ، بينما مفهومها الجديد
سياسي/دستوري. المفهوم الثقافي عابر للحدود ، ولا يترتب عليه أي حقوق سياسية ، لأن
النظام القانوني للعالم الحديث بني على أرضية اتفاق ضمني ، فحواه أن الحدود
الإقليمية تشكل خطوطا فاصلة بين أمم. ومن هنا فان مفهوم "الامة" الحديث
، يطابق مفهوم "الوطن" اي مجموع رعايا الدولة ، ويطلق على الحكومة اسم
دولة الامة او الدولة الوطنية او القومية.
ثمة كثير مما يستحق الشرح
هنا. لكني اود استغلال هذه المساحة في الإشارة الى افتقار المكتبة العربية لدراسات
معمقة في مسالة الامة ودولة الامة ، وندرة البحوث التي تهتم بالمعاني الجديدة
للقومية والوطن والمواطنة. اني اذكر بهذا نظرا لشعوري بان العرب من اكثر الشعوب
احتياجا الى هذا النوع من الدراسات ، فهم يعانون فعليا من إشكالية العلاقة بين
مفهومي الامة والوطن ، ولأن تراثهم الفكري لا يقدم أساسا مناسبا للصيغ الجديدة من
هذين المفهومين. وأظن ان افتقارنا لتاسيس فكري وقيمي مناسب لهذه المباديء الكبرى ،
يشكل واحدا من أسباب التوتر المزمن ، بين التيارات السياسية التقليدية ونظيرتها التي
تتبنى منظورات حديثة.
الشرق الاوسط الأربعاء - 23 جمادى الأولى 1442 هـ - 06 يناير 2021 مـ رقم العدد [15380]
https://aawsat.com/ node/2723741/
مقالات ذات صلة
بين الهند والموصل: اسرار الوحدة والخصام
الخلاص من الطائفية السياسية: إعادة بناء الهوية الوطنية
الجامعة
شراكة التراب" كتطبيق لمبدأ العدالة الاجتماعية
الشراكة في الوطن كارضية لحقوق المواطن
العدالة الاجتماعية وتساوي الفرص
المساواة والعدالة : ديفيد ميلر
من دولة الغلبة الى مجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد
الاجتماعي
الوطن ، الهوية الوطنية ، والمواطنة: تفصيح للاشكاليات
الوطن شراكة في المغانم والمغارم
09/01/2025
ماذا تفعل لو كنت صاحب القرار في بلدك؟
مطالعة النظريات السياسية ليس هواية رائجة في العالم العربي ، حتى
بين نخبة البلد ، فضلا عن عامة القراء. لذا سأنتهز الفرصة السانحة للتشجيع على هذه
الهواية النافعة. الفرصة التي اعنيها هي التحول الجاري في سوريا ، حيث تتكشف
المسافة بين النظرية وتطبيقاتها الممكنة ، في مختلف جوانب الميدان السياسي: الدولة
والسلطة السياسية ، الى سلوك الفاعلين السياسيين وموقف الجمهور ، فضلا عن العوامل
المادية ، لا سيما الاقتصادية والعسكرية ، التي تسهم في صنع او توجيه الحدث
السياسي.
اهتمامي بالعدالة الاجتماعية خصوصا ، نابع من كونها
جوهر عمل الدولة ، إضافة الى أن غيابها هو
أبرز أسباب انهيار الحكم السوري السابق. استذكر في هذه اللحظة رؤية المفكر
المعاصر ديفيد ميلر ، الذي رأى ان إدراك حقيقة "العدالة
الاجتماعية" مهمة بسيطة لمن أراد التأمل في معناها. يقول في هذا الصدد: افترض
انك مكلف بوضع قانون للبلد ، وأمامك سؤال يتعلق بحقوق الشرائح الضعيفة (الأقليات
في المعنى السياسي) وبعض هؤلاء يخالفونك في الدين او الثقافة او الجنس او العرق او
العقيدة السياسية ، الخ. فكيف ستعاملهم ،
هل ستعطيهم حقوقا تساوي ما اخذته لنفسك ، ام تقرر ان الأكثرية تأخذ الأكثر
والأقلية تأخذ الأقل؟. الواقع ان هذه فكرة شائعة بين جمهور الناس ، لا
سيما الذين يمسكون بمصادر القوة ، او ينتمون الى الجهة الأقوى (الأكثرية في المعنى
السياسي) ، فهؤلاء جميعا يرون ان للأكثرية حق الانفراد بالقرار ، وعلى الأقلية ان
تسمع وتطيع. يقول ديفيد ميلر ان هذا خداع للذات ، وان علاجه بسيط: تخيل ان ظروفك
انقلبت ، فأمسيت في مكان الأقلية ، في بلدك او في بلد غريب ، فهل سترضى بالمعاملة
التي كنت تميل اليها سابقا ، ام ستراها غير عادلة. اظن ان كثيرا من انصار الحكم
السابق في سوريا ، سيكتشفون اليوم هذه النقطة بالذات. ترى الم يكن الأفضل لهم ان
يقيموا سياسات البلد على اصل المساواة والعدالة ، أي مساواة الشرائح الضعيفة
بنظيرتها القوية ، كي يكونوا في الجانب الآمن هذا اليوم؟.
هذا السؤال بذاته يوجه لمن يملكون اليوم مقاليد
السلطة ومصادر القوة ، في سوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال ، وغيرها من
الدول التي انهارت حكوماتها: ايهما خير لهم.. ان يقيموا سياسات البلد على قاعدة
المساواة والعدالة وعدم اقصاء أي شريك وطني ، مهما خالفهم سياسيا او أيديولوجيا او
عرقيا او غيره ، او ان يواصلوا سياسات من كان قبلهم ، ممن استأثر بمصادر القوة واعتبر
الدولة غنيمة له ولأهل عصبيته؟.
اما النقطة الثانية التي تثير اهتمامي في المشهد
السوري ، فهي الحاجة الى ترتيب أولويات العمل السياسي. ثمة من ينادي اليوم بتطبيق
الشريعة الإسلامية ، وفهمه للشريعة لا يتجاوز الجوانب المظهرية والشعائرية. وثمة
من يطالب بإقرار فوري للحكم اللامركزي ، وذهب احدهم الى انكار سيادة لبنان ، واعتبر ان ضمه الى سوريا واجب وطني. فهذه
الدعوات وامثالها تنم عن حالة انفعالية ، ينبغي للفاعلين السياسيين وأصحاب القرار ،
ان يتجنبوا الانسياق اليها. ان اهم أولويات النظام السوري الجديد – في رأيي – هو
ضمان الأمن للجميع ، حتى المجرمين والسفلة ، فضلا عن عامة الناس. هذا سيجعل الدولة
الواحدة مرجعا للجميع وملجأ للجميع ، ويقي البلد من دعوات الفتنة والتفكيك والتسلط
، ويقطع الطريق على الانتهازيين والشعبويين الذين يصطادون في مياه الفتنة.
الخميس - 09 رَجب 1446 هـ - 9 يناير 2025 https://aawsat.com/node/5099400
مقالات ذات صلة
بدايات تحول في الازمة السورية
الواعظ السياسي
برنارد وليامز : الفيلسوف المجهول
الطائفية ظاهرة سياسية معاكسة للدين
العدالة الاجتماعية كهدف للتنمية
العدالة الاجتماعية وتساوي الفرص
فكرة المساواة: برنارد وليامز
في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء
الليبرالية في نسخة جديدة: رؤية جون رولز
من دولة الغلبة الى مجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد الاجتماعي
03/07/2019
هكذا انتهى زمن الفضائل
01/01/2021
مقالات حول المساواة
·
"شراكة التراب" كتطبيق لمبدأ العدالة
الاجتماعية
·
الاصلاح من فوق والاصلاح من تحت
· برنارد وليامز : الفيلسوف
المجهول
· التنمية على
الطريقة الصينية : حريات اجتماعية من دون سياسة
· حجاب الغفلة ، ليس حجاب
الجهل
·
عدالة ارسطو التي ربما
نستحقها
·
العدالة الاجتماعية كهدف للتنمية
·
العدالة الاجتماعية وتساوي
الفرص
· فكرة المساواة: برنارد وليامز
·
قصة المساواة... أولاد يشاهدون مباراة
·
الليبرالية في نسخة جديدة: رؤية جون رولز
· مراجعة لحقوق النساء في الاسلام: من العدالة النسبية الى الانصاف : محسن كديور (دراسة موسعة)
·
المساواة بين الخلق ... المساواة في ماذا ؟
·
المساواة والعدالة :
ديفيد ميلر
·
المساواة: اشكالات
المفهوم واحتمالاته: ايزايا برلين
·
معالجة الفقر على الطريقة الصينية
·
من دولة الغلبة الى مجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد الاجتماعي
·
هل نحتاج حقا إلى طريق ثالث ؟
حول حقوق المرأة
تحولات التيار الديني - 6 اسلام اليوم بين عالم افتراضي وعالم
واقعي
المضمون السياسي للجدل حول حقوق المرأة السعودية
ولي امري ادرى بامري" مخالفة لروح الدين
"أيها الألماني اللعين"!
هذه قصة نقلها د. عبد الله الغذامي ، المفكر السعودي المعروف ، وتحكي معاناة شاب أفغاني الأصل ، ولد في ألمانيا ويحمل جنسيتها ، لكنه مع ذلك و...
