‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح السياسي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح السياسي. إظهار كافة الرسائل

22/07/2014

احتواء التحدي وتحييده


اعلان داعش عن دولتها وخليفتها كان الشغل الشاغل للمجتمع السعودي خلال الاسبوع المنصرم. كان هذا واضحا في احاديث المجالس والصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير منا لا يرى في داعش تهديدا وشيكا. لكن كثرة النقاش حولها تشير الى قلق عميق في نفوس الناس من تحد لا يبدو اننا متفقون على "كيفية" تحييده. والمؤكد ان هذا القلق ازداد بعد العدوان الآثم على مركز الوديعة الحدودي الذي كلف البلد خمسة شهداء من رجال الامن. هذا الحادث ذكرنا جميعا بأن داعش ليست في شمال العراق ، بل هي ، بعض منها على الاقل ، على حدودنا.
لا ينبغي تهويل الامر. فهذا العدوان الغادر ليس دليلا على تهديد وشيك من النوع الذي تمثله داعش العراقية. لكن المسألة ككل تمثل خطرا ثقافيا وسياسيا لا ينبغي التقليل من اهميته. اعلان داعش عما تسميه "خلافة اسلامية" يستهدف مباشرة التشكيك في الشرعية السياسية والقانون الجاري في دول المنطقة كلها. وقد يكون مجتمعنا ابرز المستهدفين بهذا المخطط ، نظرا لأن النموذج الثقافي- الديني السائد يحمل سمات مقاربة ويعبر عنه بلغة مماثلة. وهو قادر على التاثير خصوصا في الشرائح الاجتماعية التي تشعر بالاحباط او تتطلع الى حلول سحرية للمشكلات التي تعانيها او تتخيلها.
يتجه تهديد الخطاب الداعشي في المقام الاول الى "الاجماع الوطني" ، أي ذلك التوافق الضمني على نظام العلاقة بين ابناء الوطن والسبل المتعارفة لادارة تعارضات المصالح.
حكومتنا هي اللاعب الوحيد في الميدان السياسي والقانوني. فهي تحتكر بشكل كامل العمل السياسي ، كما تراقب بشدة  العمل المدني (الذي يفترض ان يكون اهليا). ولذا فهي تتحمل الجانب الاعظم من الاعباء الخاصة بصيانة الاجماع الوطني وتعزيزه.
هذا يعني ان على الحكومة الكثير مما ينبغي القيام به لتحصين البلد من اخطار الخطاب الداعشي. واشير هنا الى عنصر واحد اراه ضروريا وعاجلا ، الا وهو التخلي عن السياسات الخشنة التي اتبعت خلال العامين الاخيرين ، واستبدالها بسياسات ملاينة للمجتمع والقوى الاجتماعية. نستذكر هنا الخطاب الرباني للرسول عليه الصلاة والسلام "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر".
في 1993 سمعت المرحوم الملك فهد يقول ان "الحكومة اقوى من كل احد في البلد وانها قادرة على سجن من تشاء وقهر من تشاء لو ارادت ، لكن هذا لا يقيم مجتمعا متعاطفا مترابطا. التفاهم والحلول اللينة هي التي تبني الاوطان". واني اجد بلادنا بحاجة الى هذه الرؤية اليوم ، اكثر من أي وقت مضى. اني ادعو حكومتنا الى تبني استراتيجية الملاينة والتفاهم واعادة استيعاب المختلفين والمخالفين ، أيا كان رأيها فيهم ، فهذا هو السبيل اليوم لسد الثغرات التي يتسلل منها اعداؤنا لضرب السلم الاهلي وخلخلة الاجماع الوطني.
الاقتصادية 22 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/22/article_869551.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي
·         قبل ان نفقد الامل
·         تعـزيــز الامــل


15/07/2014

احتواء الخطاب المتطرف


ستمر بضعة اسابيع ثم تتراجع الموجة الداعشية كما حدث لاخواتها من قبل. هذه طبيعة الامور في بلدنا وفي سائر البلدان. لكن هذي ليست نهاية القصة. فكل حادث يخلف اثرا في النسيج الاجتماعي ، سطحيا او عميقا. ويهمنا اليوم التامل في الاجراءات الوقائية التي تتناول بصورة خاصة البيئة الاجتماعية التي يحتمل ان تمد تيار العنف بالقوة البشرية والمادية.
طبقا لما نعرفه عن المجموعات العنيفة التي ظهرت في منطقة الشرق الاوسط ككل ، فان ابرز نقاط قوتها تتمثل في القدرة على استثمار نسق ايديولوجي ، وخصوصا ديني او مذهبي ، استثمار مقولاته باعادة تفسيرها على نحو يبرزها كجواب على عوامل الاحباط القائمة في المحيط. بعبارة اخرى فان الاحباط والايديولوجيا يتفاعلان لانتاج أمل جديد يعيد للشاب المحبط ثقته بنفسه وقدرته على تحقيق مراداته. الداعية المتطرف لا يقول للشاب ان الصلاة في المسجد هي التي ستجعله ناجحا ، بل يعرض له نماذج عن الاشخاص الذين اكتشفوا ذواتهم وتحولوا من اصفار على هامش الحياة الى ارقام في قلب المجتمع والحياة حين انضموا الى الجماعة المتطرفة. اكتشاف الذات وتحقيق الذات يأتي هنا متوازيا مع شعور داخلي عارم بالرضى عن الذات وضمان رضا الله ايضا.
مهمة دعاة التطرف ليست صعبة لانهم يستثمرون القناعات الدينية التي يجري شحنها في عقول وقلوب الشباب منذ الطفولة حتي اخر العمر. بعبارة اخرى فالشاب يسمع ذات اللغة والمفاهيم التي يقولها الجميع ، لكنه يضعها في اطار مختلف ويعطيها تفسيرا مختلفا تؤدي غرضا معاكسا لما يريده معلم المدرسة او خطيب المسجد مثلا.
العلاج اذن ليس في الغاء التربية الدينية او الوطنية ، بل في تغيير النسق الاحادي الذي اعتدنا عليه منذ عقود ، اي اقرار التعددية الثقافية والدينية والحياتية ، واستبعاد العناصر التي تصف الاراء والمناهج المختلفة باعتبارها بدعا او كفريات او خروجا عن الدين. ويستتبع ذلك فتح المجال امام الرموز الثقافية والاجتماعية التي تقدم خيارات موازية في فهم الدين واهدافه ، ولا سيما تلك التي تتبنى خطابا يعزز الامل في الحياة والمستقبل.
اما الخط الثاني فيركز على معالجة بواعث الاحباط ، ولعل ابرز تمثيلاته هي دعم المناشط الاجتماعية الاهلية ، سيما تلك التي يقيمها الناس بانفسهم لانفسهم من دون تدخل الدولة وبيروقراطييها. اني اشعر بالاسف لان نظام الجمعيات الاهلية الذي كان ينبغي اصداره في بداية 2011 لازال الى اليوم حبيس الرفوف في مجلس الوزراء ، واظن انه كان سيلعب دورا فعالا في استيعاب الهموم  وفائض الحركة الذي هو سمة للمجتمعات الشابة كالمجتمع السعودي.
زبدة القول ان التعامل الجاد مع احتمالات تمدد الايديولوجيا الداعشية ونظائرها يتطلب قرارات صعبة ، لكن الامر ما عاد يحتمل التردد أو التأجيل وعلينا ان نبادر اليوم قبل فوات الاوان.
الاقتصادية 15 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/15/article_867319.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي

·          

22/10/2013

استراتيجية بديلة للعمل الخارجي


رفض المملكة عضوية مجلس الامن يمكن ان يمثل فرصة لاعادة هيكلة للسياسة السعودية. هذا راي الصديق د. خالد الدخيل ، وهو مفكر ومتابع للاحداث يعتد برأيه.
لطالما امتدح كتاب الصحف ما يصفونه بسياسة ثابتة ومحافظة ، تنتهجها المملكة في علاقاتها الدولية. ولا ارى ان هذا موضع مدح . السياسة عالم متغير لأنه يحاكي مصالح متغيرة. ما يهمني في هذا الصدد هو الاستنتاج الذي اقترحه د. الدخيل ، وخلاصته ان هذا الحدث يمكن ان يشكل مفتاحا لفرصة عظيمة ، تتحول معها المملكة من "حليف" لقوة عظمى ، الى "صانع سياسات" في المحيط الاقليمي. هذا سيجعلها بالضرورة لاعبا دوليا ومفتاحا رئيسيا لخطوط التجاذب الاقليمية/الدولية.
تحقيق هذه الفرصة يتطلب استراتيجية بديلة ، تستهدف تعزيز مصادر القوة الداخلية والخارجية. كي تكون لاعبا دوليا مؤثرا ، فانت بحاجة الى "داخل" قوي ، خال من الاشكالات قدر الامكان. كما تحتاج الى منظومة علاقات اقليمية متينة. الخطوة الاولى حسب راي الدخيل هي  تبني سلة اصلاحات في المؤسسة السياسية ، ترسخ الاستقرار وتوسع القاعدة الشعبية للنظام.
 الغرض من هذا هو الخروج من عنق الزجاجة الذي قادتنا اليه السياسات المحافظة والبطيئة. ولا ريب ان المبادرة بحل القضايا المزمنة مثل حقوق المرأة ، انتخاب مجلس الشورى ، اصدار نظام الجمعيات الاهلية ، وأمثالها ، سوف تدخل المملكة في عصر جديد ، عنوانه الاستقرار المؤسسي والتواصل الفعال بين المجتمع والدولة. هذا سيريح الحكومة من الحرج المزمن الذي تعانيه في علاقاتها الدولية ، كما سينشط الجهد الاهلي المساند لعملها الخارجي. ولنا في الدول المتقدمة عبرة ، فمجتمعاتها النشطة تقوم بدور لا يستهان به في تعزيز علاقاتها الدولية ، مع انها لا تكلف الحكومة اي عبء مادي او سياسي.
على المسار الثاني ، فان الاستراتيجية البديلة للعمل الخارجي ، تستدعي التحرر من المنظورات القديمة التي طبعت علاقاتنا مع دول المنطقة. لدينا اكثر من فرصة لاقامة تكتلات فاعلة ، تجمعنا مع القوى الاقليمية الرئيسية ، وليس الدول الصغيرة. دعونا نفكر في تكتل اقليمي يضم المملكة مع ايران وتركيا ومصر. هذه جميعا دول ثقيلة سياسيا وقادرة على توجيه مسارات الاحداث في المنطقة. دعونا نفكر في تحالفات دولية جديدة مع دول مثل الصين والهند وجنوب افريقيا ، فهذه دول تتحول بالتدريج الى قوى مؤثرة في المسرح الدولي.
انطلاق المسارين رهن بالتخلي عن منهج التفكير التقليدي المحافظ ، وتبني رؤية تركز على سرعة الاستجابة للتحولات الراهنة في العلاقات الدولية. كما نحتاج الى جهاز دبلوماسي اكثر شبابا وحيوية وقدرة على ابتكار الحلول. نحن ببساطة نحتاج الى كسر تقاليد التفكير والعمل القديمة ، والنظر في احوالنا وفي العالم برؤية جديدة.
الاقتصادية 22 اكتوبر 2013
http://www.aleqt.com/2013/10/22/article_794413.html

مقالات ذات علاقة

حول مجلس التعاون وموقع المملكة

المؤتمر الاهلي الموازي لقمة الكويت الخليجية

التجديد السياسي في الخليج : الفرص والصعوبات

بانوراما الخليج: نظرة على السطح السياسي عند بداية  القرن



16/07/2013

نقاط الاحتكاك بين المجتمع والدولة


لازلت اذكر خط الهاتف الذي دفعت للحصول عليه مبلغ 14,000 ريال في مطلع التسعينات. ولازلت اذكر هواتف سيناو اللاسلكية التي اضطررت لاستعمالها ، لان الهاتف كان يومئذ ادارة حكومية ، لا تسمع ردا من موظفيها سوى "لا توجد بدالة ، البدالة ممتلئة وليس فيها امكانية لارقام جديدة" الخ. لم نعد نسمع اليوم هذه الاسطوانة ، لان الحكومة قررت ان تريح نفسها من تجارة الاتصالات. وحسنا فعلت.
في هذا اليوم لم يعد الناس يلومون الحكومة اذا تعطلت هواتفهم ، لان الهاتف لم يعد دائرة حكومية. لو اردنا صياغة هذا المعنى بلغة سياسية ، فسنقول ان خدمة الاتصالات لم تعد نقطة احتكاك بين الحكومة والجمهور ، كما كان الامر قبل عشرين عاما.
جوهر المسألة اذن هو عدد "نقاط الاحتكاك" بين المجتمع والدولة. نفهم ان رضا الناس ليس غاية يسهل ضمانها. لكن الفرق شاسع بين فلسفة في العمل الاداري هدفها تقليل نقاط الاحتكاك ،  اي تقليل مساحة التغاضب بين الدولة والمجتمع ، وفلسفة معاكسة تستهدف ، او تؤدي – موضوعيا – الى زيادة نقاط الاحتكاك ، اي تقليل مساحة التراضي بين الطرفين.
دعنا نضرب مثلا اخر من حوادث هذه الايام. فقد ذكرت الصحف ان هيئة الاتصالات ، وهي جهة حكومية ، تريد ايقاف خدمة الواتس اب. وشهدنا الحملة الواسعة في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي ، التي تندد بهذه الفكرة. حظر الواتس اب ، سيخلق نقطة احتكاك جديدة بين الحكومة من جهة ، وبين ثلاثة ملايين من مستعملي هذا التطبيق في المملكة. فهل تحتاج الحكومة الى هذا؟.
هذا المقال لا يخاطب هيئة الاتصالات ، وليس غرضه المطالبة بابقاء الواتس اب او غيره. بل يستهدف على وجه التحديد تنبيه مسؤولي  البلد ، الى التبعات السياسية لقراراتهم. اعلم ان بعض  القرارات يتخذ على اعلى المستويات ، وبعضها يتخذ في مستويات متوسطة او دنيا ، ويوقعه احد الكبار دون تمحيص لمضمونه ، او لانعكاساته على مسار العلاقة بين الدولة والمجتمع ، اي "عدد نقاط الاحتكاك" التي يضيفها او يقللها.
ولهذا فاني اتمنى ان يبادر كل وزير الى مراجعة القرارات والاجراءات المتخذة في وزارته ، تلك المتعلقة خصوصا بتعاملات الوزارة مع الجمهور ، وان يضع امامه دائما السؤال التالي: كيف ينعكس كل منها على علاقة المجتمع بالدولة ، هل يزيد نقاط الاحتكاك ام يزيد مساحة الرضا والتراضي.
لا شك ان رضا الجمهور عن الخدمات العامة التي تقدمها اجهزة الدولة هو اهم معايير النجاح السياسي ، وبالعكس فان غضب الجمهور دليل واضح على الفشل.
ترى ما الذي يريده الوزير او المسؤول الكبير: ان يوصف  بالنجاح ام يوصم بالفشل؟. هل يريد تلطيف العلاقة بين المجتمع والدولة ، ام يريد زيادة نقاط الاحتكاك بينهما؟. هذا هو لب الموضوع.
الاقتصادية 16 يوليو 2013

http://www.aleqt.com/2013/07/16/article_770690.html

مقالات ذات علاقة


رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...