مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
09/12/2008
في التسامح الحر والتسامح المشروط
01/12/2008
جدل حول مسار الطائفة الشيعية
المؤتمر الاهلي الموازي لقمة الكويت الخليجية
12/11/2008
حول قدرة المجتمعات على التحكم في حياتها
10/11/2008
اوباما : عودة امريكا الى حلم الانسان الاول
28/10/2008
حدود الديمقراطية الدينية : عرض كتاب
09/10/2008
ماذا تفعل لو كنت غنيا ؟
20/09/2008
من يستطيع اتخاذ قرار القتل
انشغلت البلاد هذا الاسبوع بفتوى الشيخ صالح اللحيدان الذي اجاز قتل ملاك القنوات التلفزيونية غير الملتزمة بتعاليم الدين الحنيف. ومع ان اللحيدان الذي يراس مجلس القضاء الاعلى حاول لاحقا التخفيف من حدة فتواه واصدر ما يشبه الاعتذار عنها ، الا ان الجدل حولها لم يتوقف. واللحيدان واحد من الثلاثة الكبار في المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية ، وهو ينتمي الى مدينة البكيرية بمنطقة القصيم التي جاء منها معظم الزعماء الدينيين وكبار رجال الدولة.
وخلال
العقد الاخير اصبح مع زميله الشيخ
صالح الفوزان نقطة جذب للتيار التقليدي المتشدد ، واتخذ مواقف معارضة للملك
عبد الله ، كان ابرزها معارضته لالحاق تعليم البنات بوزارة التربية بعدما بقي نصف
قرن تحت هيمنة المؤسسة الدينية ، فضلا عن تجميده لبرنامج اصلاحات في الجهاز
القضائي. كما اظهر في مناسبات عدة قلقه من تساهل الحكومة مع ما يعتبره تناميا
مضطردا للاتجاه الليبرالي بين السعوديين.
ولفت
الانتباه في الجدل المذكور سكوت الاعلام الرسمي عن الهجوم الشرس الذي تعرض له
اللحيدان. كما ان مفتي المملكة الشيخ
عبد العزيز ال الشيخ ، ناى بنفسه عن الجدل قائلا انه لم يبلغ بحيثياته . اما
الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في وزارة العدل وعضو مجلس الشورى فقد نشر ردا عنيفا على اللحيدان
واتهمه بتبرير الارهاب والاساءة الى سمعة البلاد . وياتي الهجوم الصحفي على
اللحيدان بعد ايام قليلة من هجوم مماثل على زميله في هيئة كبار العلماء الشيخ صالح
الفوزان على خلفية معارك مع صحفيين وكتاب راي. ويقول كثير من السعوديين ان ما جرى
يدل على نهاية العصر الذي كان محرما فيه توجيه النقد الى رجال الدين ولا سيما
الكبار منهم.
وتشكل
القضية في مجملها دليلا على تصاعد الصراع بين جيلين من رجال الدين. الجيل القديم
الذي استمد قوته من المؤسسة الرسمية ونجح في تحويلها الى مركز قوة شخصي ، والجيل
الجديد الذي يحاول الاستقواء بالشارع ، ولا سيما الطبقة الوسطى ، لازاحة سلفه. ولم
تحسم الحكومة امرها ، فهي من الناحية الرسمية تقف مع الجيل القديم الذي يعتبر
حليفا معروفا ، لكنه في الوقت نفسه عاجز عن تفهم الحاجات السياسية للدولة ، سيما
بعد احداث 11 سبتمبر التي رسمت صورة قاتمة للمملكة وتوجهاتها الدينية. من ناحية
اخرى فان كثيرا من كبار مسؤولي الدولة يميلون الى الخطاب المعتدل نسبيا الذي يعبر
عنه دعاة من الجيل الجديد مثل عبد المحسن العبيكان وعايض القرني وسلمان العودة .
ويعتقد ان هؤلاء اقدر على اعاقة انتشار التيار الذي يوصف بالسلفية الجهادية ،
المؤيد لزعيم القاعدة اسامة بن لادن . لكن الاجهزة الحكومية ، لا سيما الامنية
منها ، لا تثق تماما في الدعاة الجدد ، خاصة وانهم جميعا صنعوا نفوذهم خارج الاطار
الرسمي ، وكانت لهم توجهات معارضة في الماضي.
من ناحية اخرى فان الجدل يمثل نوعا من الاختبار لنفوذ
الاطراف المشاركة فيه. تساءل احد المراقبين : اذا كان اللحيدان يرى ان ملاك
القنوات الفضائية يستحقون القتل ، فلماذا لم يحرك القضاء الذي يرأسه لاتخاذ
اجراءات فعلية ، خاصة وان معظم القنوات التي يدور حولها الجدل مملوكة لسعوديين او
يشارك في تمويلها سعوديون. "حين تكون خارج السلطة – يقول احدهم - فان فتواك
هي مجرد رأي ودعوة ، اما حين تملك السلطة اللازمة فانك مسؤول عن تنفيذ ما تراه حقا
وضروريا". لكن الجميع يعلم ان اللحيدان لا يستطيع تنفيذ فتواه حتى لو كان
رئيسا للجهاز القضائي . قضية مثل هذه تحتاج الى قرار سياسي يتجاوز السلطة القضائية
، وهو يعلم انه لا يملك هذا القرار وان قرارا
كهذا لن يتخذ في اي وقت . في مناسبات سابقة تدخلت الحكومة لصالح منتقدين
للمؤسسة الدينية الرسمية ورجال الدين . وقبل عامين حكم احد القضاء
بالجلد على الدكتور حمزة المزيني ، وهو اكاديمي ومفكر اشتهر بنقده العنيف
للمؤسسة الدينية ، لكن تدخل الحكومة ادى الى تعطيل الحكم استنادا الى نص في قانون
المطبوعات يخص وزارة الاعلام بالحكم في جرائم النشر . وقيل يومئذ ان الحكومة لم تشأ
السماح لرجال الدين المتشددين باستثمار سيطرتهم على القضاء في تصفية حسابات خاصة .
من
المؤكد ان سكوت الهيئات الرسمية عن الجدل الحاضر هو اسلم الخيارات . فهو سيكفل من
جهة تفهيم كل طرف بالحدود التي ينبغي ان يتوقف عندها ، وسيضمن من جهة اخرى اضعاف
موقف رجال الدين الكبار الذين ربما فكروا في استثمار مكانتهم لاعاقة سياسات حكومية
لا يرتضونها
.
تكشف
هذه القضية عن جانب من التجاذبات الكثيرة التي يحفل بها المشهد السياسي في منطقة
الخليج ، ولا سيما تلك التجاذبات الدائرة حول مكانة الدين في الحياة العامة وحدود
الدور السياسي لرجال الدين ، الذين في مؤسسة الدولة والذين في خارجها.
20 سبتمبر 2008
مقالات ذات صلة
تحولات
الاسلام السياسي في السعودية ومستقبله
التيار الديني والدولة في المملكة : تحليل لمسار العلاقة
بعد عام على صدوره : بيان "نحو دولة الحقوق
والمؤسسات" حجر زاوية في تاريخ التيار الديني السعودي
فتاوى
متغيرة : جدل المعاصرة في التيار الديني
ثوب فقهي لمعركة
سياسية
دور الفقيه ، وجدلية
العلم والحكم
رأي
الفقيه ليس حكم الله
فتاوى متغيرة
: جدل المعاصرة في التيار الديني
في الفتوى
والتخصص
تحولات التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم
الشيخ القرني في باريس وجهات
"الخطر" وقهر العامة
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...