اشعر ان كثيرا من
الناس ، وربما بعض السياسيين ، قد صدموا بتصريحات يوسف بن علوي وزير الخارجية
العماني التي تتلخص في ان مجلس التعاون لا يخلو من خلافات بين الدول الاعضاء ، وان
فكرة تطوير المجلس الى اتحاد كونفدرالي ، التي طرحت قبل بضع سنوات ، لم تعد قائمة
، لان بعض الاعضاء – ومنهم سلطنة عمان – ليسوا راغبين فيها.
الصدمة التي تظهر في
طيات الصحف مرجعها في ظني قلة المتابعة
لاعمال المجلس. ثمة قائمة طويلة من الاتفاقات التي اقرت على مستوى القمة او في على
المستوى الوزاري ، ولم تنفذ او انها تعطلت في منتصف الطريق. وقد كتب عنها الكثير
في اوقات متفرقة. على مستوى السياسة الخارجية فان تباين الاولويات بين دول المجلس
لا يخفى على احد. وهو ظاهر بأجلى صوره في الموقف من الازمات الاقليمية.
ما يهمني في حقيقة
الامر هو موقف المملكة التي يبدو انها تولي اهتماما بالغا لمجلس التعاون والعلاقات
مع اعضائه. واجد انها اعطت هذا الموضوع اكثر من حقه وصرفت وقتا وجهدا في غير طائل.
في نهاية المطاف فان الحجم البشري والاقتصادي والسياسي للمملكة لا يقاس ابدا
بمجموع الدول الاعضاء الاخرى ، فضلا عن احادها. ولعل القراء يعرفون – كمثال على
الحجم الاقتصادي - ان استهلاك الكهرباء في المنطقة الشرقية بمفردها يعادل او
يتجاوز استهلاك الكهرباء في مجموع دول المجلس الاخرى. بعبارة اخرى فان العلاقة
الخاصة مع دول المجلس لا تضيف شيئا عظيما الى اقتصاد المملكة او سياستها الدولية.
لا ادعو هنا الى
الخروج من المجلس. اعلم ان هذا ليس قرارا عقلانيا في مثل هذا الوقت . لكني ارى ان مستوى العلاقات المجلسية قد بلغ غايته ، ولا
يبدو ثمة امكانية لتجاوز المستوى الراهن. ليس منطقيا – والحال هذه – ان نتطلع لما
هو افضل من الحال التي عبر عنها بصراحة الوزير العماني.
البديل الانسب في ظني
هو الاتجاه الى تحالفات مع الدول التي تشكل اضافة جديدة ، على المستوى السياسي او
الاقتصادي. اذا كنا نفكر في الاستراتيجيا ، فالعمق الاستراتيجي لبلد مثل المملكة
هو اليمن والسودان ومصر والعراق ، وليس البحرين وقطر والامارات. واذا كنا نبحث عن
اسواق للصناعة الناشئة في بلدنا ، فان السوق الحقيقية موجودة في بلدان الكثافة
السكانية ، والبلدان التي تمر بمرحلة اعادة اعمار ، فضلا عن الاسواق الصاعدة مثل
شبه القارة الهندية وشرق آسيا. واذا فكرنا في اللاعبين الاقليمين فأمامنا تركيا
وايران ومصر.
ان المزيد من
الانشغال بمجلس التعاون لن يأتي بمنافع اضافية على اي مستوى. بل ربما يؤدي الى
تقزيم الدور الاقليمي والدولي الذي يمكن للمملكة ان تلعبه ، وفاء بتطلعاتها او
ضمانا لامنها القومي. واحسب ان على المملكة ان تفكر في محيط اوسع ودور اكبر ، دور
يتناسب مع حجمها ومكانتها وحاجاتها الاستراتيجية.
الاقتصادية 10 ديسمبر
2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق