25/05/2022

دواء لما بعد الموت؟

 


في سياق الجدل الجاري حول التفكير الديني ، نبهني صديق الى أهمية التجربة الواقعية ، كدليل على سلامة الفكرة ، وقابليتها للنزول من رفوف المكتبات الى ميدان الحياة. ان دراسة التجارب والتطبيقات الفعلية للأفكار ، نادرة جدا في المجال الديني (لعلي أقول انها معدومة ، لكني لا أستطيع الجزم بهذا).

-         ماذا نعني بالتجارب الواقعية؟.

تخيل أنك سألت الطبيب: هل لهذا الدواء أي فائدة؟. فأجابك قائلا: نعم ، سوف تعرف الفائدة بعد وفاتك وليس في هذه الدنيا. فهل ستقبل نصيحته ، ام ستبحث عن دواء آخر ينفعك اليوم ، في هذه الحياة ، وليس في الآخرة؟.

لا يمكن طبعا مقارنة الدين بالطبيب او بأي شيء في الدنيا. لكن لو راجعنا ما يقال في سياق التعريف بالدين ، لوجدنا مثلا ان الإسلام تجاوز المسيحية في اهتمامه بالجانب المادي وإصلاح الدنيا. كما نقرأ  عند بعض العلماء تأكيدا لهذا المعنى ، مثل القول بان "الدنيا مزرعة الآخرة" ، وان "من لا معاش له لا معاد له".. والكثير مما يجري مجراها.

-         كيف اذن نفهم دور الدين في الدنيا؟.

-         يمكننا معالجة السؤال بثلاث طرق:

الأولى: تكرار القول بان الإسلام يهتم بالدنيا واستعراض النصوص التي تؤكد نفس الكلام.

الثانية: رد السؤال بسؤال مضاد استنكاري ، مثل القول: هل يعقل ان دينا بهذه العظمة ، يتبعه هذا العدد من الناس ، دينا اقام امبراطورية تمتد بين المشرق والمغرب ، هل يعقل ان دينا كهذا لا يهتم بالدنيا؟. او ننتقد الأديان الأخرى ، نظير القول: لماذا لا تسأل البوذيين عن موقع الدنيا في دينهم ، ولماذا لا تسأل الكاثوليك والهندوس.. الخ؟.

الطريقة الثالثة: ان نعرض أمثلة واقعية عن تطبيقات وتجارب ، تخبرنا ان السياسات او البرامج الدينية التي تم تطبيقها ، قد نجحت في تحقيق أهدافها ، خلال الوقت المحدد وبالكلفة المحددة.

واضح ان الطريقتين الأوليين سجال فارغ ، وان الثالثة هي التي ستقود النقاش ، لأنها تقترح تمثيلا واقعيا للنقاش النظري: تجربة تثبت صحة الدعوى او تثبت بطلانها. نتحدث طبعا عن التجارب المعاصرة. اما تجارب القرون السالفة فلا نعرف ظروفها ولا نملك معلومات دقيقة عنها. والحقيقة ان تدوين التجارب لم يكن تقليدا جاريا عند أسلافنا. ولذا لا نملك تفصيلات مفيدة عن حروبهم واقتصاديات مدنهم وغيرها.

توثيق التجارب المعاصرة ، يعني مثلا دراسة نتائج المشروع الضخم المسمى بالمصرفية الإسلامية: هل أدى الى انهاء الاستغلال الناتج عن الربا ، وهل زاد معدلات التنمية الاقتصادية ، وهل أسهم في توزيع الثروة؟. كذلك الحال في الزكاة (والخمس عند الشيعة) ، هل اثمرت عن انهاء الفقر وسوء التغذية. ومثلها تطبيق الحدود (في البلاد التي تطبقها): هل نجحت في انهاء الجريمة (بقياس تاريخي ، ومقارن مع الدول الأخرى ، وموضوعي يقارنها مع العقوبات غير الدينية)؟. كذلك الحال في قضايا الثقافة والتنمية البشرية والعلم والمعيشة والمساهمة في السلم الدولي.. الخ.

-         حسنا.. لماذا نتحدث في هذا الموضوع؟

ان غرضنا الأساس هو التأكيد على حاجة المسلمين المعاصرين ، لمراجعة المفاهيم والمسلمات الموروثة ، حول معاني النسبة للاسلام ، والبدء بالنظر العلمي والعقلاني فيما ينشر تحت عنوان الفكر الإسلامي او الفقه الإسلامي. لقد اعتدنا القاء الوصف الديني على كل رأي في قضايا الدنيا ، أمكن دعمه بآية او حديث. بل لعل بعضنا يعتبره ملزما للناس. لكننا نعرف من تجارب معاصرة ان كثيرا من الفتاوى والآراء والتفسيرات ، فشلت في اثبات صحتها عند التجربة ، وان بعضها مخالف لأوليات العلم او المنطق. فهل نريد دينا يصلح دنيانا ام نكتفي بالدواء الذي لن نكتشف جدواه الا بعد الموت؟.

الشرق الأوسط الأربعاء - 24 شوال 1443 هـ - 25 مايو 2022 مـ رقم العدد [15884]

https://aawsat.com/node/3664006/

18/05/2022

دعوة لترك المفاصلة والانفصال عن العالم


الغرض من هذه الكتابة ، هو الدعوة لترك "المفاصلة" كأساس لعلاقة المسلمين فيما بينهم ، وعلاقتهم مع غيرهم. ومعنى المفاصلة هو تحويل فهمك الخاص للدين او الايديولوجيا ، الى حاجز يفصلك عمن يخالفونك في بعض الأفكار او السلوكيات او طريقة العيش.

هذه دعوة تبررها حاجتنا المصيرية للتعلم من الأمم الأخرى. نحن لا نقود العالم ، ولا نستطيع التعلم منه دون تفاعل معه. أضف الى هذا ، ان تطور البشرية يأخذنا للمزيد من التوحد والاندماج ، سواء كنا ركابا في قطار الحياة ام كنا في مقعد السائق. الواقع ان الميل للانفتاح والاندماج هو ديدن الأمم الناهضة ، بينما تميل الأمم المنتكسة والمتخلفة ، للانكفاء على الذات ، لأن نوايا الاخرين مريبة.

شيرين ابو عاقلة (1971-2022)

المفاصلة وكراهة التواصل مع العالم ، لها جذور عميقة في التراث الديني ، وتجسدت في قواعد عقيدية (الولاء والبراء او التولي والتبري) وفي مسلمات عامة (نظير الاعتقاد بان الحق يعلو ولا يعلى عليه ، الذي يفسر بان المسلمين هم الاعلون على اي حال) ودعمتها مأثورات عرقية مشهورة عند العرب (مثل تفضيل جنس العرب ، وبشكل مطلق ، على بقية الأمم) ثم لحقت بكل ذلك احكام فقهية ، اجمع عليها الفقهاء ، نظير اعتبار دية الكافر نصف دية المسلم ، والتمييز في عقوبة القتل بين الاثنين ، وعدم ارث الكافر من مورثه المسلم.. الخ. ووصلت الى حد تحريم بعضهم الترحم على الام والاب والزوج ، ان ماتوا على غير الاسلام.

لعل القراء الاعزاء قد استذكروا الآن الجدل الساخن حول جواز الترحم على الصحفية الفلسطينية "شيرين ابو عاقلة" نظرا لكونها مسيحية. لحسن الحظ فقد اثمر ذاك الجدل عن نتيجة إيجابية ، حيث شجع الكثير من الناس على اعلان تعاطفهم مع المرحومة شيرين ، الأمر الذي جعل مقتلها ثم تشييعها ، حدثا استثنائيا ، وحد قلوب العرب ، على امتداد العالم. وذكرني هذا بما جرى في 2017 حين توفي الفنان الكويتي المعروف عبد الحسين عبد الرضا. في تلك المناسبة أفتى أحد الشيوخ بحرمة الترحم عليه لكونه شيعيا. فرد الناس على تلك الفتوى بعكس ما أراد صاحبها ، وتحولت جنازة الفنان الى استعراض هائل للوحدة الوطنية والتعاطف ، لم تشهد له الكويت مثيلا في تاريخها كله.

غريزة التضامن والتعاطف هي ، على الأرجح ، أعمق العوامل المحركة لميول الانسان الاجتماعية ، وبالتالي رغبته للعيش في الجماعة ، حتى لو كلفه شيئا من ماله او حريته. وهذا هو التفسير الذي اعتمده الفيلسوف المعروف جان جاك روسو ، في معارضته لنظرية توماس هوبز ، التي تعالج حالة المجتمع في المرحلة السابقة لقيام الدولة.

بالعودة الى أصل الموضوع فان المسألة الجوهرية ، ليست الغاء الأحكام التي قامت على أرضية الميل للمفاصلة ، نظير الاحكام التي ذكرتها آنفا ، رغم اني شخصيا وجدتها معارضة لأصل العدالة الحاكم على كل حكم شرعي او وضعي. المسألة الجوهرية هي التفاعل مع المخالفين والمختلفين ، فاما ان نعتبر التواصل غير ضروري ، كما رأى أسلافنا ، واما ان نعتبره ضرورة للتقدم ، بل ضرورة للحياة. اظن ان عقولنا قد اخبرتنا فعليا بالخيار الصحيح. فاذا اعتبرنا التواصل صلاحا لنا وضرورة لحياتنا ، يلزمنا إعادة النظر في الاحكام والرؤى التي وضعت على خلفية الميل للمفاصلة او كانت تخدمه.

المفاصلة واعتزال المخالفين ليست من نوع العبادات التوقيفية ، بل من المصالح المتغيرة بحسب الزمان والمكان ، والتي يصح الاجتهاد في أصلها وفي تفصيلها ، كي تستجيب لحاجات الزمان ومصالح أهله.

الشرق الأوسط الأربعاء - 17 شوال 1443 هـ - 18 مايو 2022 مـ رقم العدد [15877]

https://aawsat.com/node/3651066

 

11/05/2022

العبور من زمن التكاذب

 

حظيت هذا الاسبوع بالمشاركة في نقاشات ناضجة وحيوية ، احتواها "مؤتمر الوحدة الاسلامية" في ابو ظبي. وهي تشكل - في رايي - إشارة قوية على اجتيازنا مرحلة اسميتها يوما بمرحلة "التكاذب". مرحلة التكاذب ببساطة ، هي ظرف يجد فيه جميع الناس انفسهم مضطرين للحديث بلغة معينة ، بطريقة معينة ، حتى لو كانوا غير مؤمنين بها. مرحلة اتسمت فيها الحياة الاجتماعية بالتكلف والازدواجية.


في تلك الاوقات كان كل شيء ينسب الفضل فيه الى الدين ، فما ذكر ابتكار او نظرية جديدة ، الا وألحقت به عبارة في معنى "قالها الاسلام قبلهم" ، مع ان اهل المعرفة فينا يعلمون ان هذا كله غير صحيح. لكن بات من لوازم المقبولية في المجتمع ، ان تلبس الثوب الذي يتوهم بعضنا انه ثوب الدين ، وتتحدث باللغة التي تشابه ما نراه في كتب التراث وعند المتحدثين من قرائه. حتى اني قابلت يوما صديقا يراجع دائرة رسمية ، فوجدت ذقنه قد امتدت الى ما شاء الله ، فضحكت في وجهه ، لأني أعرف أنه ملحد ، فقال لي ضاحكا: "عدة الشغل" ، ومضى في طريقه.

اما الاحاديث التي اعتبرتها إشارة لاجتيازنا مرحلة التكاذب تلك ، فأبرز مثال عليها هو العودة لتسمية الاشياء بأسمائها الحقيقية ، وبيان الفجوات والفرص ، دونما مجاملة للذات او لمراكز القوى ، التي اعتادت إلزام الناس بالتملق لها وتكرار اقوالها.

في هذا السياق تحدث عدد ملحوظ من العلماء والوزراء ، بطريقة وجدتها مختلفة جدا عما اعتدناه في سابق الأيام. لا يتسع المجال لمعظم ما اود شرحه. لكني سأكتفي بجزء من حديث العلامة عبد الله بن بيه ، الفقيه المعروف ، الذي أثار انتباهي بتركيزه على نقاط اعتاد الناس تحاشيها فيما مضى. اذكر منها مثلا محاججته بان الهوية الدينية مشروطة بالدولة الوطنية ، وأن الوحدة الاسلامية امتداد للوحدة الانسانية ، على خلاف الفكرة الرائجة سابقا ، والتي فحواها ان المسلمين امة دون غيرهم وانهم اعلى ممن سواهم.

يجادل بن بيه بان الوحدة الاسلامية غير ممكنة (وغير مفيدة) خارج اطار الوحدة الانسانية او على الضد منها. فكلا الوصفين ينطلق من قيمة واحدة ، من أراد هذه سيصل الى تلك والعكس صحيح. اما دعاة الوحدة الاسلامية المنفصلة ، فسينتهون الى تشريع الانفصال المؤدي - في نهاية المطاف - الى تفكيك مجتمع المسلمين نفسه. الذين دعوا في العقود الخمسة الاخيرة ، الى وحدة اسلامية منفصلة عن بقية خلق الله ، تحولوا في النهاية الى جماعات صغيرة ترتاب في الجميع حتى ضمن مجتمعها الصغير.

تحدث العلامة بن بيه أيضا عن "المشترك الانساني" كوسيط رئيسي لنشر السلام والايمان. وخلاصة الفكرة انه ثمة قضايا تشكل محورا لعمل مشترك بين كافة بني آدم ، قضايا تسهم في انجاز اغراض الرسالات السماوية ، وابرزها تحقيق كرامة الانسان ونشر الرحمة والتراحم وتعزيز الايمان بالله فيما بينهم. اذا كان الفقر كفرا اكبر ، كما في الأثر ، فان العمل لتحرير البشر من ربقة الفقر ، طريق موثوق للايمان بالله المنعم الرحيم.

في كل زمن يركز الدين الحنيف على قيم تحتاجها البشرية أكثر من غيرها. قد نركز زمنا ما على الفقر ، ونركز زمنا آخر على اللاعنف ، وفي زمن ثالث نهتم بالبيئة الكونية.. وهكذا. هذه قضايا تمثل في وقتها - حاجات ماسة للانسان ، وهي موارد ينبغي للمؤمنين بالله ان يولوها الاهتمام اللائق ، فضلا عن كونها نقطة التقاء وتعاون بين كافة البشر ، وبين المجتمعات والحكومات ، لان حلها مشروط بتكاتف الجميع.

الشرق الأوسط الأربعاء - 10 شوال 1443 هـ - 11 مايو 2022 مـ رقم العدد [15870]

https://aawsat.com/node/3638896/

مقالات ذات علاقة

 أصنام الحياة

04/05/2022

لغة ضيقة


اود أولا تهنئة القراء الأعزاء بعيد الفطر المبارك. أعاده الله عليكم جميعا في خير وسلام. اريد في هذه الكتابة تسليط الضوء على مشكلة ، ظننتها معيقا للنقاش في قضايا الثقافة العامة ، بل كل قضية تطرح للنقاش العام.

لدي مثال من تجربة واقعية ، توضح واحدا من أبعاد المسألة: لنفترض انك – مثلي – تعارض عقوبة الإعدام في هذا الزمن ، لأسباب علمية وتجريبية. ولنفترض انك صرحت بهذا في مجلس فعلي او افتراضي (تويتر او فيسبوك مثلا). فماذا تتوقع من ردود فعل؟.

لو كنت رجل دين مشهورا ، فسوف يدعمك 20% من القراء ويعارضك 50% بينما يعتصم البقية بالصمت انتظارا لنتيجة الجدل. اما لو كنت شخصا عاديا ، فسوف يدعمك 10% ويعارضك 60%. بعض المعارضين سيقول: كيف يتبنى مسلم رأيا كهذا.. لابد انه علماني او مأجور  ، او باحث عن الشهرة!. أي انهم لا يضعون في اعتبارهم احتمال كونك صاحب راي او استدلال مختلف.

عدا هذا ، ستحظى بخمسة اشخاص او عشرة ، يناقشون الفكرة ويسألونك عن الدليل ، وعن الفوائد المحتملة لتطبيق الفكرة او العكس. وهؤلاء القلة هم زبدة المجتمع كما نعلم.

-         لماذا تزيد مساحة القبول حين يكون المتحدث رجل دين؟

الجواب معروف. لكني سأطرق زاوية أخرى ، هي محور هذه الكتابة. وخلاصتها ان اللغة تسمح بمستويات متعددة للمعنى ، وقد تنصرف أحيانا الى معان غير مألوفة. دعنا نمثل بكلمة "عين" التي تعني بئر الماء وأداة الابصار والوجيه في قومه وقلب الشيء او ذاته. ولها تصريفات كثيرة ، جمعها ابن منظور صاحب "لسان العرب" في نحو ثلاث صحائف. وهكذا كلمة "ضرب" و "قصاص" و "قتل" و "ردع" وأمثالها. لكل من هذه الالفاظ طبقات ومستويات من المعنى ، تذهب أحيانا الى معان غير مطروقة.

اللغة – مثل أي عنصر ثقافي أو أداة تواصل – تتطور عبر الزمن ، بتأثير التحولات الاقتصادية والسياسية في المجتمع الذي يستعملها ، وارتفاع مستوى الثقافة والعلم  ، إضافة للتواصل مع الأقوام والثقافات المباينة.

تمتاز اللغة العربية بان لديها خزانا مرجعيا ، هو القرآن والسنة والعلوم التي نشأت حولهما. هذا تراث متنوع. (أسميه تراثا او موروثا ، لأنه غير مصطنع حديثا ، بل انتقل الينا من الاسلاف ، بنصه وفصه وقضه وقضيضه). لكن رغم تنوع العلوم فيه ، فان لعلم الفقه والكلام (العقيدة) هيمنة لا تنازع. أما سائر العلوم التراثية فخادمة للفقه والكلام. ومنذ البدء قرر حملة علم الدين انه علم للعمل ، فغايته توضيح التكاليف للمؤمنين. وتبعا لهذا اجتهدوا في تحديد "معنى وحيد" لكل لفظ في النص او حوله. وتعرفنا على قواعد جديدة لهذا الغرض ، مثل تمييزهم بين الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية ، ومرادهم تحديد مراتب وانساق تحدد معاني الالفاظ.

بعبارة أخرى فان علوم الدين تدور في محيط لغوي ضيق نسبيا. وحين يأتي عالم او مبتكر او فيلسوف ، فيشير الى معان محتملة ، غير ما ورد في "التراث الكبير" ، فسوف يرفض اقتراحه بدعوى كونه "خارج دائرة الدين" لأنه - ببساطة - غير مألوف عند حملة العلم الديني وقرائهم.

يظهر ضيق المحيط اللغوي لعلم الدين ، في محدودية النقاشات التي تدور حول أي قضية. في النقاش حول الغاء عقوبة الإعدام مثلا ، سيرد عليك جميع المعارضين تقريبا بنفس الآية ونفس الحديث ونفس القول الفقهي (المتعلق بعقوبة القتل). أي ان النقاش سينحصر بكليته في نطاق محدود ، لا جديد فيه ، بل كله منقول ويمكن ان يقال في أي عصر.

لقد اتضح الآن لماذا يقبل الناس من رجل الدين وليس من غيره. وخلاصته ان رجل الدين يكرر عليهم ما يعرفونه فعلا وما كان يعرفه آباؤهم ، وهو محدد المعنى لا يحتمل النقاش والتفسير. لكن حين تأتي باستدلالات من خارج هذا النسق ، او حين تستعمل لغة غير لغة التراث ، فسوف تبدو كمن "يؤذن في مالطا".

الأربعاء - 3 شوال 1443 هـ - 04 مايو 2022 مـ رقم العدد [15863]

https://aawsat.com/node/3626411

مقالات ذات علاقة

 

أصنام الحياة

التشريع بين المحلي والكوني

حول تطوير الفهم الديني للعالم

دعوة لمقاربة فقهية جديدة

دور الفقيه ، وجدلية العلم والحكم

الـدين والمعـرفة الدينـية

عن الدين والخرافة والخوف من مجادلة المسلمات

فقه جــديد لعصر جـديد

الفكــرة وزمن الفكـرة

من اللغة الى الرؤية الكونية

من عقلية القطيع الى تصلب الشخصية

نسبية المعرفة الدينية

نقد التجربة الدينية

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...