16/12/2015

التدين الجديد



لطالما عاد ذهني الى كتاب "الدين والطقوس والتغيرات"  لعالم الاجتماع الجزائري د. نور الدين طوالبي ، سيما حين افكر في التضخم الواضح للطقوس الدينية في المجتمعات العربية ، وخصوصا مجتمعات المدن. على خلاف ما عرفناه في الماضي ، حين كان الناس جميعا متدينين بالفطرة ، لكنهم أقل اكتراثا بالطقوس. يقدم الكتاب خلاصة لبحث ميداني في الاحياء المحيطة بالجزائر العاصمة ، سعيا وراء تفسير معنى ومبررات التدين المديني ، مقارنة بنظيره القروي التقليدي.
والحقيقة ان باحثين كثيرين لاحظوا الطبيعة المركبة للتدين المديني الجديد ، قياسا على التدين الريفي الذي يتسم بالبساطة. لعل ابرز سمات التدين الريفي هو ما تعبر عنه المقولة المشهورة "دع الخلق للخالق" التي تشير الى قدر من عدم الاكتراث بما يفعله الآخرون. ربما يرجع هذا الى شعور داخلي بالضعف. لكني أميل الى الاعتقاد بان سببه الرئيس هو بساطة "الحمل الديني" في الحقب السابقة ، قياسا الى ما يشهده عصرنا الحاضر من تضخم كبير في الخطاب الديني ، رغم انه لا زال سطحيا في ملامسة موضوعاته المفترضة ، ومركزا على ظواهر الحياة اليومية دون حقائق الحياة ومحركاتها الكبرى.
 أعلم ان كثيرا من الناس يضيق بموضوع كهذا. لأنه قد يرى مناقشة الواقع الديني من خارجه ، بابا للتشكيك في صدقيته وكونه خيرا كله. لكن علم الاجتماع لا يهتم كثيرا بالحكم على الظواهر والموضوعات التي يدرسها ، قدر اهتمامه بشرحها وتفسيرها. اما الحكم بكونها طيبة او سيئة فهي مهمة الأخلاقيين او علماء الدين أو غيرهم.
ان الغرض من هذه الاثارة هو توضيح بعض الاسئلة والاحتمالات المرتبطة بالموضوع. ومن بينها خصوصا طبيعة التدين الجديد. وقد أشرت في مقال الاسبوع الماضي الى  رأي المفكر الفرنسي مارسيل غوشيه الذي رأى في الاتساع الملحوظ للمشاعر الدينية بين الجيل الجديد ، محاولة لتشكيل هوية فردية مستقلة ، وهي بهذا المعنى دليل على ان تيار التحديث يحقق اختراقا عميقا في البيئة الاجتماعية المحافظة.
نعرف ان "الايمان" هو العنصر الجوهري في الدين. وهو تعبير عن تحول روحي عميق في نفس الانسان ، ينطوي – من بين أمور أخرى – على انتقال اهتماماته من دائرة المصالح التي هو جزء منها ، الى الكون الذي يشكل في مجموعه مشهدا لتجلي الخالق. بخلاف التدين الهوياتي الجديد ، الذي يبدأ كسعي لتشكيل هوية مستقلة ، لكنه يعود ثانية لتحويل الانتماء المحلي الى هوية اضيق نطاقا منه.
من حيث المبدأ ، فان الايمان في الحالة الاولى مثل التدين في الحالة الثانية ، ينطوي على تعريف للذات ، اي هوية فردية. لكنه في الأولى منطلق من رغبة في التعارف والتواصل مع الكون ككل ، يقود الى انفتاح على الخلق جميعا وسعي للمشاركة في عمران الارض ، دون نظر للتمايزات الثقافية والاجتماعية بين الناس. اما في الحالة الثانية فهو ينطلق من تعارض مع المحيط القريب ، ولهذا يتسم بالصلابة والرغبة في الزام الغير بالامتثال والتماثل.
يعتقد طوالبي مثل غوشيه ان التدين الهوياتي يؤدي – دون قصد – الى علمنة الحياة. لأن اشتغاله المتضخم بالدين ، يحول الدين في نهاية المطاف الى دائرة مصالح حادة الاطراف او ربما مشروع هيمنة ، لا يختلف كثيرا عن الايديولوجيات السياسية العادية التي تستهدف الهيمنة بشكل صريح. هذا يعني تجريده من المضمون القدسي الذي يؤلف القلوب والارواح ، وتحويله الى واحد من تجليات الحياة الاعتيادية ، التي يتصارع الناس حول تفاصيلها ومكاسبها وخسائرها في كل يوم من أيامهم.
الشرق الاوسط 16 ديسمبر 2015

05/12/2015

في الطريق الى المجتمع المدني



اصدار مجلس الوزراء السعودي لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية هو بالتاكيد أهم أخبار الشهر المنصرم. يشكل النظام  الاطار القانوني الضروري لقيام منظمات المجتمع المدني وتنظيم عملها ، سيما علاقتها مع الاجهزة الرسمية المحلية. انه خبر جدير بأن يبعث فينا التفاؤل بين سيل من الاخبار الموجعة حولنا.
من السابق لأوانه الحكم على تفاصيل النظام الجديد. لكن ما يثير اهتمامي هو المبدأ الذي صدر على ضوئه ، اي المشاركة الشعبية في إدارة المجتمع وتطويره ، التي قال د. ماجد القصبي وزير الشؤون الاجتماعية انها جزء من رؤية رسمية ترمي للتحول من الرعوية إلى التنموية.
شكل هذا النظام موضع اجماع في المجتمع السعودي. خلال العقد الماضي تحدث عشرات من المثقفين والشخصيات العامة وكبار المسؤولين الحكوميين في الدعوة اليه وبيان ضرورته. على أي حال فقد أمسى كل ذلك خلفنا. إقرار النظام يستدعي الحديث عن المرحلة التالية. ويهمني هنا توضيح نقطة محددة تخص العلاقة بين الجمعيات الأهلية التي ستقوم في ظله ، وبين الادارة  الحكومية. تكمن أهمية المسألة في حقيقة ان النظام الجديد يقيم منظومة تختلف فلسفيا ووظيفيا عن الاجهزة الرسمية ، لكنها تشاركها العمل في الفضاء العام.
نتيجة بحث الصور عن ‪civil society‬‏
تستمد المنظمة الحكومية قوتها ومبررات وجودها من ارتباطها بالطبقات العليا في الهرم الاداري. بينما يعتمد عمل المنظمات الأهلية وقوتها وخياراتها على ارادة اعضائها ودعم الجمهور ، أي قاعدة الهرم الاجتماعي. هناك بالتأكيد اختلاف بين الطرفين في طريقة التفكير والاولويات والامكانات ، الأمر الذي يقود بشكل طبيعي الى تزاحم في الارادات. ورأينا هذا التزاحم في تجربة المجالس البلدية والصحافة ، فضلا عن المنظمات الأهلية شبه التقليدية ، مثل الجمعيات الخيرية والنوادي الرياضية ، وفي تجربة المنظمات المختلطة (الرسمية/الأهلية) مثل النوادي الأدبية والجمعية الوطنية لحقوق الانسان.
يرجع التزاحم المدعى الى عاملين ، عامل ثقافي يشترك فيه الجميع ، الجمهور وموظفي الدولة ، وعامل يخص التشريعات القانونية التي تنظم عمل الادارات  الرسمية.
اشارة وزير الشؤون الاجتماعية الى "التحول من الرعوية الى التنموية" ترتبط بالعامل الأول. تشكل "الرعوية" محور الثقافة السياسية السائدة في المجتمعات العربية كافة. وفحواها ان الدولة مكلفة بحياة الناس كلها. هذه الرؤية تستدعي  – في الجانب المقابل – تدخلا غير محدود لأجهزة الدولة في حياة الناس وخياراتهم.
وعلى العكس ، فان فلسفة المجتمع المدني تعتبر المجتمع الأهلي ، كافراد وكمجموع ، مسؤولين تماما عن حياتهم وخياراتهم. وهي رؤية تستدعي في المقابل انصراف الدولة الى واجباتها الرئيسية ، أي ادارة البلد ككل ، وتقليص تدخلها في حياة الافراد الى أدنى حد ممكن. وبحسب تعبير أحد الفلاسفة فان قيام الدولة الحديثة كان ايذانا بتحول وظيفتها الجوهرية من مفهوم السلطة على اشخاص الناس ، الى مفهوم ادارة المصالح العامة وما يشترك فيه الناس.
تحقيق هذه الرؤية يستدعي مراجعة القوانين واللوائح التنفيذية التي تنطوي على مضمون تدخلي ، بما يؤدي الى تقليص هذا المضمون الى أدنى الحدود الممكنة. كما نحتاج الى "اعادة تثقيف" الموظفين المعنيين بتطبيق تلك اللوائح والقوانين ، أي تنويرهم بالتحول الذي نسعى اليه ، وصولا الى التطبييق الكامل لفحوى  الحديث الشريف "من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
تصنف الفلسفة السياسية  المجتمع المدني كواحد من ابرز أركان الدولة الحديثة. ونحمد الله ان بلادنا قد انتهت من الخطوة الأولى ، أي وضع الاطار القانوني ، ويحدونا أمل بأن تأتي الخطوات التالية بما يلبي هذا الأمل ويعززه.
الشرق الاوسط aawsat.com/node/510371
 2 ديسمبر 2015

02/12/2015

الحداثة كمحرك للتشدد الديني


أغلب الباحثين الذين كتبوا عن تصاعد المشاعر الدينية في السنوات الأخيرة ، اعتبروه نوعا ‏من الهروب الى الماضي ، احتماء به من تحديات الحداثة المؤلمة. بعضهم لاحظ ان التحولات ‏الاقتصادية التي جاءت في اطار التحديث أوجدت حالة من الضياع وانعدام التوازن النفسي للأفراد ‏، الذين ارادوا حجز مكانهم في النظام الاجتماعي الجديد ، لكنهم وجدوه محاطا بذات الأسوار ‏السياسية التي عرفوها في مجتمع ما قبل الحداثة. إقبال الافراد على الانضمام الى المجال الديني ، ‏يشكل - في رأي هؤلاء الباحثين - محاولة للتمسك بقطار لازالت سكته ممتدة بين الماضي ‏والحاضر ، ولازالت ابوابه مفتوحة ترحب بأي قادم. ‏

قدم المفكر الفرنسي مارسيل غوشيه تفسيرا معاكسا. وهو – على خلاف المتوقع – أكثر ‏انسجاما مع المفهوم الكلي للتحديث وانعكاساته الثقافية. تحدث غوشيه في كتابه "الدين في ‏الديمقراطية" عن الميل المتفاقم للتدين بين الاجيال الجديدة ، كمؤشر على ان الحداثة قد شقت ‏طريقها فعلا في جميع الشرائح الاجتماعية. وهو يعتقد ان جوهر هذا التدين هو التعبير عن الذات ‏وتشكيل هوية فردية مستقلة. ‏

الفرد المتأثر بموجات الحداثة ما عاد يرى نفسه مجرد صورة عن الجماعة التي ينتمي اليها ، بل كائنا مستقلا يختار صورته وهويته. تطور التفكير في الذات على هذا النحو ، أدى الى انفصاله عن التدين الجمعي التقليدي. بمعنى انه تحول من التبعية المطلقة لتلك الصورة/الهوية الدينية ، الى امتلاك تدينه الخاص/هويته. ونتيجة لهذا اصبحت الهوية الدينية فردانية ، أي اكثر تصلبا وتسلطا مما كانت عليه يوم كان صاحبها تابعا لـ "دين الاباء". تحول الدين الى خيار فردي جعل حامله مهموما بالعمل على فرض تصوره/هويته كحقيقة وحيدة في العالم. انها – في هذا المعنى – وسيلة لتحقيق الذات في عالم متصارع.

هذا الرأي يقدم – من زاوية واحدة على الأقل – تفسيرا للتباين الذي يشار إليه أحيانا ، بين التدين القديم ، اي ما يسميه غوشيه "دين الآباء" والتدين الجديد ، أو دين الأبناء. لم يتنازع الآباء في أغلب الأحيان ، لان تدينهم كان تعبيرا عن ارتباط راسخ مع الجماعة ، اي هوية مستقرة. بينما يمثل تدين الأبناء هوية لازالت في طور التشكل. وهي متفارقة ، أو على الأقل مستقلة عن أي جماعة. صحيح ان كثيرا من أفراد الجيل الجديد منتمون الى جماعات منظمة او تيارات نشطة ، الا انه انتماء مختلف في المضمون والاغراض عن انتماء الاباء الى الجماعة او التيار العام.

 ينتمي الشاب الى الجماعة الدينية وفي ذهنه فكرة اكتشاف ذاته ثم تحقيق ذاته. وفي ظروف قلقة ومتحولة كالتي تمر بها المجتمعات العربية ، فان صناعة النفوذ الشخصي تتحول الى دينامو تحقيق الذات. الميل الى تلبس دور الداعية هو التمظهر المعتدل لهذا التوجه ، لكنه في حالات أخرى ، وان كانت قليلة ، يظهر في صورة ميل الى السلاح ، تدربا وامتلاكا واستعمالا.

التوتر الذي أصبح سمة عامة في التيار الديني قد يعطي دليلا على المضمون الهوياتي للتدين الحديث. وهو توتر ينعكس أحيانا في صورة تنازع بين التيار وخارجه ، كما يتجسد في ميل شبه دائم الى الانشقاق في داخل التيار نفسه ، اي توترا بين الاطياف المتعددة داخل نفس التيار ، فضلا عن التوتر الذي يسم السلوك الشخصي للاعضاء. وهو ما يتجسد في الخشونة النسبية لطروحاتهم وفي ميلهم الى فرض مراداتهم على الغير.

الشرق الاوسط 2 ديسمبر 2015

25/11/2015

الاسئلة الباريسية



احداث مثل الهجوم الدموي في باريس قبل اسبوعين ، تعيد الى الحياة أسئلة جالت كثيرا وجودلت كثيرا ، لكنها بقيت حائرة. ليس لصعوبتها ، بل لأن إجاباتها تحيل بالضرورة الى مشكلة أكبر.
يتعلق السؤال برؤيتنا للغرب ، "هاجس الغرب " حسب داريوش شايغان. وجوابه يحيل الى سؤال أكثر تعقيدا عن رؤيتنا لذاتنا كمسلمين ودورنا في العالم ، اي الهوية "الكونية" التي نريدها لأنفسنا. ان اكتشاف الذات وتحديد المكان هو التمهيد الضروري لاكتشاف العالم وفهمه وتحديد المسافة بينك وبينه.
طبقا للمرحوم محمد اركون فان رؤية المسلمين للغرب تشكلت اولا في سياق محاولة جادة لفهمه والتعلم منه ثم منافسته. كان هذا مسار النخبة الصغيرة التي تنسب اليها بذور الوعي الأول ، بين أواخر القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين. بعد مرحلة النهضة هذه ، حدث انتكاس قادنا الى مرحلة ثانية ، يسميها مرحلة الثورة ، شهدت تحولا من محاولة فهم الغرب والتعلم منه ، الى الرفض المطلق له ، ومحاولة إحياء القوة الذاتية من خلال التركيز على خطوط التفارق بيننا وبينه ، باسم القومية في أول الأمر ثم باسم الدين ، كما هو الحال حتى الآن.
كان المرحوم مالك بن نبي قد أشار الى نتيجة هذا الخيار ، في قصة يعرفها الجميع ، حين قارن بين موقف الياباني الذي ذهب الى الغرب تلميذا يتعلم كي يستغني عن معلمه ، وبين موقف المسلم الذي ذهب زبونا يشتري  منتجات جاهزة. ونعرف بقية القصة حين نقارن حالنا اليوم بحال اليابان.
طرف القصة الآخر أوضحه نجم الثاقب خان ، المفكر الباكستاني الذي سجل ملاحظات قيمة عن فترة عمله في طوكيو ، في كتابه "دروس من اليابان للشرق الأوسط". وهو يرى ان اخفاقنا في العلاقة مع الغرب سببه أننا اعتبرنا  هويتنا سدا ، اما اليابانيون فقد اعتبروها مجرد موضوع تمايز قابل للتدوير. الهوية في رأيه فرس جموح يمكن ان يقود عربة التقدم اذا ربط اليها ، لكنه قد يقلب العربة اذا اعترضها.
يعتقد شايغان ان موقفنا الملتبس من الغرب ، المندهش من تفوقه حينا والكاره له حينا اخر ، عرض لقلق عميق في داخل نفس المسلم ، سببه عدم استيعاب ظاهرة تاريخية كبرى هي الحداثة في معناها الواسع . نحن لم نحاول استيعاب الحداثة في دلالتها الفلسفية الخاصة ، كتجربة ابدعها الانسان من أجل تجاوز قيود الطبيعة ، وصولا الى السيطرة على عالمه ، بل تعاملنا معها من خلال تعارضاتها مع موروثنا النظري وتصوراتنا عن ماضينا. ولهذا فكل حكم عليها ارتدى منذ البدء رداء التقويم الاخلاقي ، مدحا او قدحا ، لا الموضوعي الذي يسعى للفهم ثم يشارك في تطوير الفكرة.
نحن اليوم مجرد مستهلك لمنتجات الحداثة الغربية. وكان حريا بنا ان نجتهد للمشاركة في بناء العالم وفي انتاج العلم الذي منح الغرب القوة والسيادة. المشاركة في صناعة عالمنا رهن باستيعابنا لديناميات هذا العالم وأسرار حركته. وهذا لن يتأتى ما لم نتعلم ، ولن نتعلم شيئا من العالم ما لم نتعارف معه. أول التعارف هو التواضع والانفتاح الكلي والصريح. مكونات هويتنا ، قناعاتنا وتقاليدنا ، منتج بشري ورثناه ، وقد كان مفيدا في زمن منتجيه. أما اليوم فليس سوى حجاب يمنعنا من فهم العالم الذي نعيش فيه تابعين متكلين على غيرنا.
يجب ان نضع جانبا مشاعر العداوة مع العالم ، ان نعيد صوغ هويتنا كشركاء في هذا العالم ، لا كفئة مصطفاة تنظر اليه من الأعلى ، ولا كجمع من المندهشين المستسلمين المنكرين لذاتهم. نحن قادرون على الفهم والمشاركة والمنافسة اذا اخترنا طريق الانفتاح والتفاهم  بدل الارتياب أو الكراهية.
الشرق الاوسط 25 نوفمبر 2015

24/11/2015

سؤال التسامح الساذج: ماذا يعني ان تكون متسامحا؟

||التسامح ببساطة هو ايمانك الداخلي بأن كل انسان له حق مطلق في اختيار طريق سعادته في الدنيا ونجاته في الآخرة. انت اخترت ما يناسبك من عقائد وغيرك اختار ما يناسبه. وعند الله تجتمع الخصوم||
ماذا يعني ان تكون متسامحا؟. سؤال كهذا قد يبدو مغاليا في السذاجة. لكني أجد احيانا أن مانراه بديهيا هو بالتحديد ما يحتاج الى توقف وتأمل. الحقيقة اني جربت توجيه هذا السؤال في وقت سابق الى عدد من الشبان ، فوجدتهم جميعا يشرحونه في معنى اللين والتلطف في معاملة الآخرين. وهو ذات المعنى الذي شرحه ثلاثة خطباء استمعت اليهم في أوقات مختلفة. وكانت أحاديثهم في سياق نقض الاتهام الموجه للدين الاسلامي بأنه يشجع العنف والشدة.
واقع الأمر ان التسامح في معناه العميق ، سيما المعنى الذي نتداوله في الجدالات السياسية ، شيء مختلف تماما. فهو المعيار الناظم للمواقف العامة والعلاقة مع المخالفين لك والمختلفين معك. التسامح يعني ببساطة ايمانك الداخلي بأن كل انسان ، انت وغيرك ، له حق مطلق في اختيار الطريق الذي يراه كفيلا بتحقيق سعادته في الدنيا ونجاته في الآخرة. انت اخترت ما رايته مناسبا لشخصك من أفكار او عقائد او نمط عيش او دائرة مصالح او موقف سياسي او رؤية للمستقبل. اختارها عقلك ، أو ارتاحت لها نفسك حين وجدتها شائعة في محيطك ، أو ورثتها عن أبويك.
غيرك أيضا مثلك. يختارون طريقة حياتهم ، ديانتهم ، مواقفهم السياسية والاجتماعية ، بحسب ما تمليه عليهم عقولهم ، أو بحسب ما تطمئن اليه نفوسهم ، وهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن خياراتهم. ليس لك حق في منعهم من الاختيار ، كما لم يكن لهم حق في منعك. ولن تحمل أوزارهم ، كما لم يحملوا وزرك.
مبدا الاختيار الفردي الحر يرتبط بجذر عميق في حياة البشر هو الايمان بعقلانية الانسان وحريته ، وكونه – لهذا السبب - قادرا على التقدير المسبق لعواقب قراراته وافعاله. لأن الانسان عاقل وحر ، فهو مسؤول عن أفعاله. ولو كان مجبرا على أي شيء ، فليس من العدل ان يتحمل مسؤوليته او يثاب او يعاقب عليه.
كل انسان يرى نفسه محقا في اختيار مبادئه ومعتقداته ومواقفه. ولولا هذه القناعة لما تبنى ايا منها. هذا هو الأمر الطبيعي. لكن الناس يختلفون في الموقف من خيارات الآخرين. فبعضهم يراها باطلة تماما وربما مثيرة للسخرية. وبعضهم يراها مبررا لقمع حاملها وحرمانه من بعض حقوقه ، بل ربما قتله. آخر النماذج التي رأيناها من مثل هذا النوع هو تنظيم داعش الارهابي الذي سبى النساء في سنجار لأنهن كافرات ، وجلد المسلمات في الرقة لأن حجابهن غير مطابق لما يراه سنة صحيحة ، وقتل المصلين في الكويت لانهم مبتدعة ، وقتل ابناء عشيرة البونمر في الانبار لانهم خونة ، وقتل عشرات المدنيين في بيروت وباريس لأن حكومتهم معادية. بعبارة أخرى ، فهو نموذج عن شريحة من المجتمع تريدك نسخة طبق الأصل عن النموذج الذي يرضاه التنظيم ، والا فأنت عدو أو ربما قتيل.
كي نتخلص من هذه المسارات الحرجة فعلينا ان نؤمن بأن ما توصلت اليه عقولنا هو احد احتمالات الحق ، وان ما توصلت اليه عقول الاخرين هو احتمال آخر للحق. أن نؤمن بأن الطريق الى الله ليس زقاقا ضيقا مثل ازقة قرانا القديمة ، بل هو شارع عريض يتسع لكل خلق الله.
مما تعلمناه في "أصول الفقه" ان الفقه هوالظن الغالب. فما يتوصل اليه الفقيه باجتهاده ، رأي علمي وليس بالضرورة مراد الخالق. ولذا فقد يتراجع الفقيه عن هذا الرأي ويستبدله بغيره في وقت لاحق ، او قد يخالفه غيره من الفقهاء وأهل النظر. في مناسبة سأل احدهم العلامة محمد حسين النائيني عن معنى هذا التغيير: هل هو انتقال من الحق الى الباطل او من الباطل الى الحق؟. فأجابه العلامة ببساطة: انه انتقال من أحد معاني الحق الى معنى آخر. بعبارة أخرى فان الحق ليس له صورة واحدة هي الصورة التي في ذهنك او في ذهني.
اذا آمنا بهذه الحقيقة ، فعلينا ان نراجع ما في انفسنا من استعلاء على الغير ، قائم على قناعة بأن غيرنا على باطل. ذلك ان ما عندنا قد يكون صورة من صور الحق ، وما عند غيرنا صورة أخرى ، قد تبدو لنا مناقضة او غريبة أو بعيدة الاحتمال. لكن هذه هي طبيعة العقل الذي يريك ما لا يري غيرك ، ويري غيرك ما لا يريك. واقع الأمر ان كل ما نعرفه وما نؤمن به من اعتقادات واراء ومواقف ، هي اجتهادات لبشر أمثالنا ، تقبلناها لاننا الفناها او تعلمناها ، فاستقرت في عقولنا او اطمأنت اليها نفوسنا. وهي قد تكون حقا كاملا او ناقصا.
جوهر التسامح ان تؤمن بحق الآخرين في مخالفتك ، مثلما أعطيت لنفسك الحق في مخالفتهم.
"النهار" الكويتية 24 نوفمبر 2015

18/11/2015

حديث الغرائز



بعض ردود الفعل في العالم العربي على هجوم باريس الارهابي تظهر اننا نعيش أزمة حقيقية. أثار انتباهي ان شريحة كبيرة من المثقفين والحركيين ، وخاصة بين الاسلاميين ومن يسايرهم ، اتخذوا موقفا شامتا ، وبعضهم استعمل لغة تبدو وكأنها تفسر ما حدث ، لكن عباراته عجزت عن إخفاء ان رغبته الخفية هي التبرير. بعضهم عبر عن الشماتة او التبرير بعبارات مثل انه لن يبكي او لن يتعاطف. مبررهم الوحيد هو ان العالم لم يتألم لقتلى العرب والمسلمين ، أو ان فرنسا – والغرب عموما – سبق الى ارتكاب الفضائع ضد العرب.
هذه الأصوات ليست بذات أهمية او تأثير في الغرب نفسه. انها قبضة زبد في محيط هائل الحجم هو حركة العالم وحراكه وصراعاته. لكن تأثيرها يقع علينا وفي محيطنا. فهي من نوع حديث الانسان الى نفسه. ليس حديث المحاسبة والنقد ومساءلة الذات ، بل حديث توكيد الذات ، من خلال الجهر بالغرائز والانفعالات ، التي أراد العقل ضبطها في ظروف السلم ، فاذا تفجرت الأزمات ارتخى عقال  العقل وهاجت أحصنة الغرائز.
مثل تلك الأقوال التي تعبر عن رغبة عارمة في التشفي والانتقام من الآخر ، تمثل – لو أردنا كسر حجاب التحفظ – حقيقة النفس المحطمة والمهزومة في عالمنا الاسلامي. النفس التي فشلت في فهم الآخر الغالب ، ثم فشلت في تقليده ، ثم فشلت في الاستغناء عنه ، ثم فشلت في العلاقة معه ، فارتدت على نفسها آسية لحالها ، حزينة على ماضيها ، ناقمة على عالمها ، فلم تجد تفريغا لهذا الاسى سوى صب الكراهية على أي مختلف ، قريبا أو بعيدا.
النفس المهزومة لاترى بسطاء الناس يعيشون حياتهم ويستمتعون بساعات فراغهم في ملعب لكرة القدم او حضور مسرحية او قتل الوقت في مقهى او التمشي في حديقة ، لا ترى الأطفال حاملين حقائبهم المدرسة الصغيرة بجانب أمهاتهم ، لا تسمع ضحكهم وأغانيهم. فهي لا ترى أشياء الحياة العادية البسيطة ، لا ترى غير صورة العدو المدجج بالسلاح يقتل المسلم هنا وهناك ، اليوم او قبل قرن من الزمان. لا ترى في الطفل سوى جنديا ربما يقتلنا بعد عشرين سنة او ثلاثين ، لاترى في الأم سوى الرحم الذي ربما يحمل الطفل القاتل.
لم ير أولئك الشامتون ان ضحايا باريس – وقبلهم ضحايا بيروت وعشرات المدن في الشرق والغرب - لم يكونوا جنودا ولا اعوانا للجنود. لم تكن باريس ساحة حرب ولا كانت بيروت.
إني أوجه اللوم الى الاسلاميين أكثر من غيرهم ، إلى الذين يدعون التدين أو الحرص على الدين أكثر من غيرهم. لقد كنت ساذجا حين ظننت ان الأكثر تدينا سيكون أكثر رحمة بالناس ، وعطفا عليهم ، وتعاطفا مع الضعيف والجريح والمتألم. ظننت ان الايمان عقال القسوة ، فاذا بي اجد هؤلاء الذين يدعون التدين اكثر قسوة وأقل عطفا. لم يعد الضعيف في عيونهم سوى نقطة في خريطة العدو ، مجرد اضرار جانبية في حرب تاريخية مجنونة لا تنتهي.
هذه النفس المأزومة هي سر هزيمتنا وتخلفنا عن حركة العالم. استسلامنا لخطابها الغرائزي هو الذي سمح بكل اشكال الانقسام في داخل أوطاننا. ان سعينا لاستعادة حياتنا واستنقاذ مستقبلنا لن تنجح أبدا اذا هيمنت هذه الثقافة الغرائزية على محيطنا. لن ننجح أبدا في استرجاع ذاتنا التائهة ما لم ننظفها من وسخ الكراهية والتشفي والرغبة في اذلال الآخرين وإيلامهم.
الشرق الاوسط 18 نوفمبر 2015
http://aawsat.com/node/499641

11/11/2015

المأزق التركي


مع استعادة حزب العدالة والتنمية لاغلبيته البرلمانية ، يتوقع ان تلعب تركيا دورا اكثر فاعلية في التحالف الدولي ضد داعش ، سيما في هذه الايام التي تشهد تصاعدا في الاهتمام الدولي بانهاء الازمة السورية.
كانت تركيا تتبع سياسة حذرة جدا تجاه داعش. بل قيل ان الاراضي التركية كانت لاتزال حتى منتصف العام الجاري على الأقل ، ممرا شبه آمن لمعظم مؤيدي داعش الأجانب. مراقبون اوروبيون ظنوا ان الوضع السائد يومئد ربما كان مؤاتيا لتركيا ، فالهجمات المتكررة لمسلحي داعش على القرى الكردية حول عين العرب (كوباني) أدت فعليا الى تحجيم نشاطات المتمردين الأكراد واشغالهم بالدفاع عن انفسهم. بل ان بعض المعادين للسياسات التركية اتهموها بلعب دور الراعي الاقليمي لداعش. لكن هذا التقدير ليس واقعيا.
حدود تركيا الطويلة مع سوريا والعراق ، تجعلها الخيار الوحيد تقريبا لانطلاق عمليات عسكرية واسعة لعزل مسلحي داعش في جيوب قابلة للمحاصرة كما يفكر الامريكيون. لكن هذا بالتحديد ما يجعل الخيارات متباينة. ان اي عمليات من هذا النوع تستوجب التعامل مع "وحدات حماية الشعب" الكردية ، كحليف استراتيجي. كانت واشنطن قد قررت ذلك بالفعل واعتبرت هذه الميليشيا رأس الحربة في صراعها لانهاء وجود داعش في المنطقة. وخلال الاسابيع الثلاثة الماضية أنزلت الطائرات الامريكية شحنتي اسلحة على الاقل للاكراد. كان بوسع القوات الامريكية تنفيذ العملية عبر الحدود التركية ، لكن الواضح ان الاتراك لازالوا متحفظين على هذه السياسة ، الامر الذي جعل الانزال الجوي خيارا وحيدا امام واشنطن.
ينطوي هذا التباين في موقف الحليفين على مفارقة ساخرة. فواشنطن تقول بكلام شبه صريح انها لا تجد حليفا يمكن الاعتماد عليه اكثر من "قوات حماية الشعب" الكردية ، بينما تقول أنقرة ان هذه الميليشيا ليست سوى ذراع غير معلن لحزب العمال الكردستاني ، عدوها اللدود ، وأن دعمها عسكريا سيقود - موضوعيا - الى تمكينها من اعلان "كردستان الغربية" كمنطقة حكم ذاتي شبيهة تماما بكردستان العراقية. ومثل هذا التطور لن يكون ابدا في مصلحة تركيا ، التي لم تستطع حتى الآن حل نزاعها التاريخي مع الاقلية الكردية في الجنوب.
أمام تركيا حلول بديلة لكنها غير ناضحة. ابرزها المجادلة بامكانية دفع عدد من الجماعات الجهادية التي لها وجود فعلي في الميدان ، الى مواقف اكثر اعتدالا. هذا يتوقف بطبيعة الحال على تغيير في الموقف الامريكي ، الذي يتبنى تصنيفا متشددا للمعارضة ، يضع كافة الاسلاميين في خانة الجماعات الارهابية. يعتقد الاتراك ان داعش هي الجماعة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الارهاب ، اما البقية فهم بين معتدل فعليا أو قابل للاحتواء.
في كل الأحوال يبدو ان الوقت ليس في صالح أنقرة. الامريكان يريدون تركيز جهودهم على تفكيك الجماعات المتشددة ، حتى لو ادى ذلك الى إطالة عمر النظام. الاوروبيون الذين فوجئوا بمئات الالاف من اللاجئين ، يريدون حل الازمة حتى لو بقي بشار الاسد على راس النظام. والروس والايرانيون يرسلون المزيد من القوات الى الاراضي السورية ، سعيا لاحداث تغيير جوهري في موازين القوى على الارض.
ليس متوقعا ان يتغير الحال في سوريا خلال الاسابيع القليلة المتبقية على نهاية العام. لكن لو تواصل الحراك بنفس المعدلات الحالية ، فمن المؤكد ان تركيا سوف تضطر الى إعادة نظر جذرية في علاقاتها مع الاكراد ، الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من إعلان كردستان الغربية اقليما شبه مستقل ، اي بلوغ نصف الطريق نحو تحقيق حلم كردستان الكبرى ، التي يفترض ان تضم في المستقبل الاقاليم الكردية في ايران وتركيا أيضا.
الشرق الاوسط  11/11/2015
http://aawsat.com/node/494216

04/11/2015

خطوة أولى لحل سلمي في سوريا


رغم الاشارات المبشرة ، الا ان الطريق طويل قبل الاتفاق على حل سياسي ينهي الحرب الأهلية في سوريا. ابرز البشائر جاءت من اجتماع فيينا الاسبوع الماضي ، وكانت مفاجئة للمتشائمين والمتفائلين على السواء. لم يتوقع كثير من المراقبين ان ينتهي ذلك الاجتماع - القصير نسبيا – الى التوافق على معظم البنود المطروحة. كان بيان الامم المتحدة التي رعت اجتماع فيينا صريحا في الاشارة الى وجود خلافات. لكن عدد البنود التي توافق عليها المجتمعون ، يمثل بداية قوية جدا لنقاشات جدية وتفصيلية خلال الاسابيع القادمة. يرجع الفضل في هذا التطور الى الدول المشاركة في الاجتماع ، التي قبلت بتأجيل خلافاتها التقليدية ، للتركيز على انهاء الأزمة. 
نص البيان الختامي على ان حل الأزمة سيكون بأيدي السوريين. واحتمل ان هذه الاشارة تستهدف فقط تبرير عدم مشاركة الأطراف السورية في الاجتماع. لكنها لا تخفي حقيقة ان المشكلة باتت دولية ، من حيث الواقع الميداني ، ومن حيث الآثار والانعكاسات. وهو أمر سيجعل الشركاء الدوليين جزء أساسيا في أي اتفاق قادم. ربما لا يريد أحد الاقرار بأن السوريين لم يستطيعوا حتى الآن التقدم خطوة واحدة في اتجاه الحل. لم ينجح أي طرف في حسم المعركة على الأرض ، ولم ينجح في اطلاق مبادرة سياسية مقنعة لبقية الأطراف. كما ان الطرفين الرئيسيين في النزاع ، أي الحكومة والمعارضة ، اخفقا تماما في تشكيل جبهة داخلية عريضة ، قادرة على التفاوض وتقديم التزامات سياسية ، على نحو يستقطب ثقة العالم ودعمه.
هذا يكشف عن سمة من سمات الحروب الاهلية ، تتلخص في صعوبة الاتكال على الأطراف المحلية في التوصل الى حل نهائي. صحيح ان بعض النماذج تؤكد هذه الامكانية. ونذكر هنا مثال ايرلندا الشمالية التي انتهت الحرب فيها من خلال الحوار بين الحكومة البريطانية والجيش الجمهوري الايرلندي ، ومثال سيريلانكا التي توصلت حكومتها الى اتفاق مرحلي مع نمور التاميل. الا ان معظم النزاعات المماثلة تشهد على محورية الدور الخارجي. ثمة أمثلة عديدة على هذا المنحى ، من الحرب الاهلية في لبنان ، الى نظيرتها في أفغانستان والصومال ، ثم في يوغسلافيا السابقة والسودان وتيمور الشرقية وليبيريا وبوروندي.. الخ.
هذه الامثلة تؤكد على الاهمية القصوى لمعالجة متوازية لعنصرين مؤثرين في الظرف السوري القائم. العنصر الاول هو حاجة السوريين للشعور بأنهم شركاء في صناعة مستقبلهم وتقرير الكيفية التي ستدار بها أمورهم ، وانهم ليسوا مجرد أدوات لقوى خارجية. اما  العنصر الثاني فهو عجز جميع الاطراف المحلية عن صناعة اجماع وطني ، يؤسس لحل سياسي مستقر. فهي عاجزة عن التوافق ، كما انها تفتقر الى قوة تكفي لفرض أي حل سياسي ، سواء كان توافقيا أو أحاديا ، على نحو يعيد النظام العام الى البلد ككل.
من هنا فانه يتوجب على الشركاء الدوليين الاهتمام بربط العنصرين. أي ضمان المشاركة الفاعلة للاطراف المحلية في وضع خارطة طريق ، توضح كيفية الخروج من ظرف الحرب ، والانتقال الى الصراع السلمي ، بما فيه قواعد الاشتباك وطريقة حل الخلافات سلميا. هذا سيكون خطوة أولى مهمة لاعادة بناء الاجماع الوطني. ثم العمل على حشد دعم دولي مناسب وراء هذا الاجماع كي يصبح ممكنا استبعاد الاطراف التي تميل الى عرقلة الحل.
شعور السوريين بانهم شركاء اساسيون في الحل سيجعلهم اكثر ايمانا بمسؤوليتهم عن صون هذا الحل. كما ان الدعم الدولي الواسع له سيحصر الشرعية في خيار الحل ، ويقصي الخيارات الفوضوية او المغامرة.  

الشرق الاوسط 4 نوفمبر 2015
http://aawsat.com/node/489151

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...