‏إظهار الرسائل ذات التسميات التسامح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التسامح. إظهار كافة الرسائل

08/08/2018

في مستشفى الكفار

||التجديد ليس مشروعا محددا ببداية ونهاية. انه برنامج بحث مفتوح يساير الحياة وتحولاتها ويواكب تطوراتها. كل عمل يخدم التجديد هو خطوة في طريق ||
في الثالث من هذا الشهر كتب السيد عبد الرحمن ال شيبان ، على حسابه في تويتر: "صلينا اليوم صلاة الجمعة في مصلى المصحة هنا في التشيك. ما استغربه هو الإمام الذي قدم الى هنا للعلاج. فقد كان يدعو بهلاك واذلال غير المسلمين ، وهو ونحن وجميع من في المصلى ، قدمنا لبلادهم من اجل العلاج ".
هذا مثال من عشرات الامثلة التي تتكرر يوميا ، ويدور جميعها حول محور واحد ، خلاصته اتهام الخطاب الاسلامي المعاصر بالغربة عن واقع الحياة وضروراتها. نعلم طبعا ان خطيب الجمعة لم يأت بشيء من جيبه ، فقد نقل بدقة وأمانة ما وجده ، وما يجده كل باحث ، في تراثنا القديم.
لو اردنا وصف هذه المفارقة بعبارة صريحة ، فسوف نقول ان بعض ما في تراثنا الديني ، متعارض مع عرف العقلاء في هذا الزمان. الاحساس بهذا التعارض هو السر وراء الدعوات المتكررة للاعتدال والملاينة والتسامح وعدم الغلو ، وهو سر الدعوات الكثيرة للتخلي عن القناعات التي تنطوي على عناصر خرافية أو اسطورية. 
ان شريحة واسعة جدا من المسلمين المعاصرين ، يجدون بعض ما ينسب الى الاسلام ، غير معقول ، وغير متناسب مع ضرورات العصر. الشعور بهذه المفارقة ليس قصرا على من يوصفون بالليبراليين ، وليس ثمرة انبهار بالغرب او تأثر بنمط معيشته ، فهي تتكرر أيضا على لسان العديد من علماء الدين والمفكرين وبعض الدعاة.
الذين يدعون لتجديد الفقه ينتمي غالبهم الى شريحة الناشطين في المجال الديني. والدافع الوحيد لدعوتهم ، هو شعورهم بالتفارق المتزايد بين ما يعتقدونه من وعود الاسلام ، وبين عناصر الخطاب المستند الى الموروث الثقافي ، من قبيل ما ذكرناه في مفتتح المقالة.
ثمة من يتساءل: هل افلح دعاة التجديد هؤلاء ، هل قدموا مشروعا يعين على ردم الهوة بين تعاليم الدين وبين حاجات الحياة في هذا الزمان؟.
 سوف اجمل الجواب على هذا في نقطتين. اولاهما ان التجديد ليس مشروعا محددا ببداية ونهاية. انه اقرب الى برنامج بحث مفتوح يساير الحياة وتحولاتها ويواكب تطوراتها. كل عمل يخدم التجديد هو خطوة في طريق ، لا نستطيع تحديد نهايته. لان نهايته هي نهاية الحياة التي لا تتوقف عن التحول.
اما النقطة الثانية فان مفهوم التجديد يحتمل معاني شتى. بعض الناس يصرف هذا المفهوم الى استنباط احكام جديدة. وبعضهم يصرفه الى تيسير بعض ما يرونه عسيرا من الاحكام. وغيرهم يقصره على استعمال التقنيات الحديثة ، تقنيات اللغة او ادوات التواصل او الثقافة ، دون نظر جوهري في مضمون الخطاب.
والذي أرى ان تجديد الفقه والخطاب الديني بشكل عام ، لا يكون مؤثرا ما لم ينطلق من مراجعة لارضيته الفلسفية ، ولاسيما اعادة الاعتبار لدور العقل كمصدر للتشريع مواز للنص. ان الميل الغالب لعقلاء العالم إلى أمر ، يجعله حقيقة أو شبه حقيقة في وقته. مع علمنا بأنه محتمل التغيير بعد زمن. اعتقادنا بقدرة الشريعة على مواكبة التحولات التاريخية ، معناه على وجه التحديد ، هو تقبل وجود معيار خارجي ، تقاس عليه صلاحية احكام الشريعة ، وقابليتها للاستمرار او ضرورة تغييرها. هذا المعيار الخارجي ليس سوى عرف العقلاء ، الذي قد نسميه ضرورات الحياة او المصلحة ، او غير ذلك من الاسماء التي ترجع في نهاية المطاف الى تقدير عقلاء العصر لما يناسب وما لا يناسب.
الشرق الاوسط الأربعاء - 27 ذو القعدة 1439 هـ - 08 أغسطس 2018 مـ رقم العدد [14498]

20/09/2015

التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف

يمكن للدين ان يبرر الكراهية مثلما يبرر المحبة. لكن خطاب الكراهية بذاته خطاب مستقل ، يظهر في هذا الظرف او ذاك ، فيحتاج الى تبرير ايديولوجي كي يمسي مقبولا بين الناس. في العراق مثلا لم يرجع حزب البعث الى مبررات دينية قبل قصف القرى الكردية بالسلاح الكيمياوي خلال حملة الانفال. وفي المانيا استند خطاب الكراهية النازي على ايديولوجيا قومية وليس مبررات دينية. مثلما استند خطاب الكراهية في مجموعات الكوكلوكس كلان الامريكية الى دعاوى عنصرية ، اعتبرها اصحابها ايديولوجيا قائمة بذاتها. وجرى مثل هذا في جنوب افريقيا وغيرها.
الكراهية كسلوك او كمشاعر تشكل منظومة مستقلة ، تستعين بالمبرر المناسب في كل ظرف. نعلم ان اتجاهات الرأي العام تتباين من ظرف لآخر. لكن ما يهم دعاة الكراهية ومستثمروها هو اقناع عامة الناس بان هذا السلوك غير المقبول ، طبيعي او ربما ضروري.
على اي حال فان المشكلة التي نواجهها اليوم هي الجماعات التي تربط بين الكراهية والدين. ولهذا نحتاج الى التركيز على العوامل الدينية التي يمكن ان تبرر او تغذي مشاعر الكراهية او تحمي المصالح المرتبطة بنشر الكراهية.
في هذه المساحة الصغيرة سوف اقترح نوعين من العلاج ، هما تعزيز قيمة التسامح وفتح المجال الديني:
أ) نقصد بقيمة التسامح معناها الفلسفي ، اي اعتبار تعددية الحق ، وحق الانسان في اختيار المعتقد ونمط الحياة الذي يريد. ومحاربة الفكرة القائلة بان طريق الحق واحد ، او ان احدا من البشر مخول بجبر الآخرين على هذا الطريق. يجب تحويل هذا المفهوم الى عنصر رئيس في التربية المدرسية ، وفي التوجيه العام. هذا لا يعالج – بالضرورة – المشكلة الراهنة ، لكنه يساعد على تفكيك الذهنية التي تسمح بولادة خطاب الكراهية او تفاقمه. نحن – بعبارة اخرى – نوفر وقاية للاجيال الجديدة التي نخشى ان يجرفها تيار الكراهية والعنف.
ب) شهدت العقود الثلاثة الماضية ما يمكن اعتباره افراطا في توحيد المجال الديني ، ادى الى انقسامات مركزية. نحن اليوم نتحدث عن خمسة او ستة تيارات دينية تقتسم معظم الساحات. وجميع هذه التيارات تستثمر الموروث التاريخي في تعزيز مشروعيتها. ولهذا فهي تزداد انغلاقا مع مرور الزمن. وزاد في الوضع سوءا ان هذا العدد القليل من التيارات ، نجح – لاسباب مختلفة – في الاستيلاء على المجال السياسي الأهلي ، فاختلط الديني الذي طبيعته الثبات والاستمرار بالسياسي الذي طبيعته التحول والتنوع. ونتيجة لهذا اصبح الفضاء السياسي العام في اكثر من دولة عربية ، مغلقا او ضيقا على كل من يبحث عن خيارات بديلة او مختلفة.
في معظم الدول العربية ، ثمة صراع ظاهر او مكتوم بين فريقين: الدولة والتيار الديني ، الذي يتبنى في الغالب المقولات التقليدية الموروثة. هذا تعارض لا يمكن حله بادماج المجالين ، الرسمي والاهلي ، ولا بتحالف الدولة مع التيار الديني التقليدي، فهما عالمان متناقضان جوهريا.

الحل الصحيح هو فتح المجال امام حياة سياسية اعتيادية ، تساعد على ظهور خيارات بديلة للجمهور ، ومن بينها خصوصا خيارات دينية بديلة. اعتقد ان التعددية السياسية الحرة (اي غير التوافقية او المضبوطة بضوابط حكومية او دينية) يمكن ان تشكل أداة فعالة لاحتواء الطامحين والباحثين عن أدوار ، وهو المقدمة الضرورية لاصلاح خطوط الانكسار الاجتماعي والسياسي ، او على الاقل تلافي انعكاساتها الخطرة ، سيما تفاقم حالات الاحباط بين الاجيال الجديدة ، وهي الارضية التي تسمح بظهور الاتجاهات الراديكالية او تبرير الكراهية والعنف.

"القبس" الكويتية 20/09/2015 
http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1091015&CatID=323

09/12/2014

فرصة لتطبيق ما ندعو اليه: فوائد التسامح


يعيش في بلدنا نحو مليون مسيحي ، يستحقون في رأيي اشارة الى معرفتنا بهم واحترامنا لقناعاتهم. مناسبة الكلام هو اقتراب عيد الميلاد ورأس السنة. وهما ابرز مناسبتين لمسيحيي العالم ، مثلهما مثل عيدي الفطر والاضحى عند المسلمين. اتمنى ان تستثمر حكومتنا وصحافتنا هذه المناسبة للتعبير الصريح عن احترامها لمسيحيي العالم ، سيما هؤلاء الذين يعيشون بيننا ، نتعامل معهم ونتعاون وإياهم في عمران بلدنا وجعل حياتنا اكثر راحة ومستقبلنا اكثر ازدهارا



 في أعوام ماضية تحدثنا كثيرا عن حوار الحضارات والاديان ، وأقامت حكومتنا مركزا دوليا بهذا الاسم. وهو جهد يجمل صورة السعوديين في العالم ، كما يجمل صورة المسلمين والعرب. اعلم ان أكثر الدعاة والناشطين يفخرون بحسن معاملة المسلمين لغيرهم في الازمان الماضية ، وهم يذكرون خصوصا ان المسيحيين واليهود وغيرهم من اتباع الديانات عاشوا بسلام وكرامة في المجتمعات المسلمة. ويعتبرون هذا الصنيع دليلا على اخلاقيات المسلم وفضائل الاسلام الذي يعلي من شأن الانسان ، أيا كان معتقده.

اعلم ايضا ان كثيرا من السعوديين المعاصرين سيرفضون هذه الدعوة ، لانهم يظنونها تطبيعا للعلاقة مع الكافر او لغير ذلك من الاسباب. هذا الرفض متناقض مع الفخر الذي أشرنا اليه. ولو ساءل كل منا نفسه: ايهما اصلح لديننا ووطننا: سعادة غير المسلم بالتعامل معنا والعيش بيننا ام تعاسته؟. هل سنكون اقرب الى اخلاقيات الاسلام اذا اظهرنا الاحترام للمسيحي ام سنكون ابعد عن قيم الدين الحنيف؟.

هذا يقودنا الى السؤال التالي: هل سيكون المسيحي الذي يعيش معنا سعيدا ونحن نتجاهل مجرد الاشارة الى اسعد أيامه. ام سيكون سعيدا اذا اظهرنا احترامنا له ومعرفتنا به وتقديرنا لمشاعره؟.

تخيل ان لديك جار مسيحي دعاك لحفل زواجه.. هل ستبارك له ام تعرض عنه؟. هل ثمة فرق بين ان تظهر الاحترام لفرد او تظهر الاحترام لمجموع الافراد؟.

جرت عادة حكومتنا على توجيه برقيات التهنئة للدول الاخرى في اعيادها الوطنية. وجرت عادة كثير من الدول المسلمة على تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد ورأس السنة. كما ان بابا الفاتيكان وزعماء الدول الاوربية اعتادوا تهنئة المسلمين باعيادهم ، فلم لا نقوم بمبادرة مماثلة؟.

في هذه الاوقات اشعر ان مبادرة كهذه ستكون مفيدة على المستوى الوطني ايضا ، لانها تعزز قيمة الحوار والاقرار بالتنوع الطبيعي في الثقافات والمعتقدات واحترامها. وهو امر ينعكس ايجابيا على ثقافتنا العامة ، التي مازالت تتوجس من المختلف والمخالف.

لا اريد الاستطراد في عرض الامثلة. غايتي هي دعوة حكومتنا وصحافتنا سيما كتاب الرأي لانتهاز فرصة اعياد الميلاد ورأس السنة ، لاظهار الاحترام للمسيحيين ، سيما من يقاسمنا العيش في بلدنا. دعونا نمارس فعليا ما ندعو اليه ، اي الاقرار بوجود المختلف واحترام خياراته ، بغض النظر عن رأينا فيها.

الاقتصادية 9-12-2014
http://www.aleqt.com/2014/12/09/article_913074.html

  

14/10/2014

ان تكون مساويا لغيرك: معنى التسامح


من النادر جدا ان تسمع زعيما يدعو للشدة في معاملة الناس. جرت عادة الزعماء والعلماء على القول بان اللين هو السنة الصحيحة. ويستشهدون على هذا بآيات واحاديث وينقلون روايات تاريخية عن ملاينة الزعيم او العالم الفلاني لمعارضيه فضلا عن اتباعه.

لكن مفهوم "اللين" لا يفيد كثيرا في العلاقات غير الشخصية ، سيما مع المخالفين. مبدأ الملاينة صحيح في علاقة محددة بينك وبين شخص آخر. او في علاقتك مع اتباعك والاشخاص الذين تجمعك واياهم قناعة مشتركة ومفهوم واحد للحياة والعالم.

اما المعيار الناظم للمواقف العامة والعلاقة مع المخالفين فهو مبدأ "التسامح". التسامح هو الاقرار بأن لكل انسان حق في اختيار ما يراه مناسبا لشخصه من فكرة او اعتقاد او طريقة عيش او منظومة علاقات اجتماعية او موقف سياسي او تصور عن المستقبل.

ارضية هذا المبدأ هي الايمان بعقلانية الانسان وحريته ، وكونه قادرا على حساب عواقب قراراته وافعاله وتحمل المسؤولية المترتبة عليها. نحن ننظر للناس كعقلاء يتبعون ما توصلوا اليه بعقولهم. انت تؤمن بعقلك وحقك في اختيار معتقدك ونمط عيشك ومواقفك ، وترفض ان يلزمك الاخرون بما لا تريد وما تظنه غير معقول ، رغم انهم يرونه معقولا وصحيحا.

هذا حقك ولا غبار عليه. لكن عليك ان تعلم بان الاخرين ، الذين يتفقون معك والذين يخالفونك ، يملكون نفس الحق. واذا مارسوه فسوف يتوصلون الى خيارات مخالفة لخياراتك. ستكون رؤيتهم للحياة والعالم مختلفة ، اولوياتهم مختلفة ، ونظام عيشهم مختلف. اي انهم سيكونون مختلفين عنك او مخالفين لك. هذا حقهم ، مثلما أقروا بحقك.

ثقافتنا الموروثة ونظام تعليمنا والقيم الناظمة لعلاقاتنا الاجتماعية قائمة كلها على اعتبار ان ما عندنا هو الحق الوحيد ، وان كل مخالفة له باطل يجب انكاره وردعه. والحق ان كل ما نعرفه وما نؤمن به اجتهادات تقبلناها لاننا الفناها او تعلمناها ، فاقتنعت بها عقولنا او ارتاحت اليها نفوسنا. وهي قد تكون حقا كاملا او ناقصا.

 الاخرون الذين يخالفوننا اتخذوا طريقا آخر لانهم اقتنعوا به او ألفوه. ولديهم عليه ادلة مثل ما لدينا من ادلة وربما اكثر. وهم يرونه حقا مثلما نرى الذي عندنا حقا. وهم – مثلنا – يغيرون اراءهم وقناعاتهم بين حين وآخر ، فهل كان الاول باطلا والتالي صحيحا ، او العكس؟

لا يمكن لاحد  اثبات ان ما يقوله هو عين مراد الخالق او الحق الوحيد. كل انسان يجتهد في اصابة الحق بقدر ما اعطاه الله من عقل وحرية ، وهو مسؤول عن عواقب خياراته. ان اردنا ان نوصف بالتسامح فعلينا الاقرار بان الناس سواسية في عقولهم وحقوقهم. ليس لأحد ان يرفع نفسه فوق الناس ، وليس لأحد ان يظن الحقيقة واحدة وانه وحده العالم بها دون الناس.

الاقتصادية 14-10-2014
http://www.aleqt.com/2014/10/14/article_895776.html

مقالات ذات علاقة

05/08/2014

المدرسة كأداة لمقاومة العنف


بعد ايام يعود شبابنا الى مدارسهم ، في ظرف مليء بالهموم. ثمة اتفاق – فيما يبدو – بين شرائح واسعة من المثقفين ونخبة البلد على الدور المحوري للتعليم  في تفكيك الحاضن الاجتماعي للعنف ودعاته. ولاتقاء الافراط في التوقعات ، ينبغي التاكيد على ان هذا جهد وقائي ، يحجم دعوات العنف ، لكنه لا يقضي على المجموعات القائمة. هذه مهمة تقوم بها جهات اخرى بوسائل مختلفة. 
لا أملك تصورا عمليا كاملا حول كيفية قيام المدرسة بتلك المهمة. لكني سانطلق من فرضية الحاجة الى تغيير الباراديم او فلسفة العمل السائدة في نظامنا التعليمي ، وأضع بعض الافكار التي اظنها مفيدة في هذا السياق.
 اولى واخطر المهمات في رايي هي تعزيز قابلية الشباب لمقاومة الافكار الهدامة ، ومفتاحها تربية العقل النقدي الذي يحاور ويجادل ويتأمل ولا ينبهر ببليغ الكلام او التصوير. هذا يقتضي تخصيص جانب من وقت الصف للنقاش في المنهج او خارجه. تعويد الشباب على النقاش يرسخ ثقتهم بذواتهم واهليتهم لنقد الافكار ومجادلتها.
الثانية: هي نشر احترام الحياة والانسان والزمن. ومفتاحها التركيز على تدريس العالم المعاصر بدل التاريخ القديم. ومحاولة فهمه وفهم الفرص التي وفرتها تجارب البشر وابداعاتهم ، وكيفية استثمارها لتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الطموحات. لقد جرت عادتنا على تقديم تاريخ انتقائي لشبابنا ، يركز على الجوانب المشرقة لماضي المسلمين دون التعرض لكلفتها المادية والمعنوية والانسانية ، ودون الاشارة الى الجانب الاخر المظلم ، فتحول التاريخ عند كثير منهم الى كائن مقدس يريدون احياءه بأي ثمن. اللباس والمظهر الذي نراه في جماعات العنف مثل "داعش" وأخواتها توضح تماما هذا النزوع الشديد لفرض الماضي على الحاضر.
التأكيد على احترام الحاضر وأهله واحترام تجربة البشرية يساعد ايضا على تحرير المجتمع من "قلق الهوية" اي الشعور العميق باننا ضعفاء مهمشون قليلو الحيلة في عالم يتفق ضدنا ، ويتآمر للقضاء علينا. قلق الهوية واحد من اهم الثغرات التي تستثمرها جماعات العنف لكسب الانصار والدعم المادي والسياسي.
الثالثة: التاكيد على شراكة الشباب في امور بلدهم وفي ملكية ترابه ، وقابلية مجتمعهم وحكومتهم للاصلاح والتطور وتحسين الاداء ، وكونهم شركاء في اي مسعى تطويري او اصلاحي ، بما فيها اصلاح القانون والسياسات وتوسيع الاطارات والمسارات الضرورية للاصلاح والتقدم. هذا التفكير يجب ان يبدأ بفتح الباب للنقاش في امور المدرسة والمجتمع القريب ، وتقبل المعلمين والاداريين لاراء الشباب المختلفة ، وتمكينهم من عرضها بحرية. اما الغرض النهائي فهو التأكيد على قابلية الاصلاح من خلال القانون وليس بالانقضاض على النظام الاجتماعي.
اخيرا فان شبابنا بحاجة الى فهم الدين كتجربة يشارك فيها كل مسلم ، وليس كصندوق مغلق يحمل اعباءه مرغما. ولهذا حديث آخر نعود اليه في قادم الايام.
الاقتصادية 5 اغسطس 2014
 http://www.aleqt.com/2014/08/05/article_873535.html

22/01/2013

فلان المتشدد

لا نستطيع التعويل على وصف الناس لأنفسهم ، في الحكم عليهم بالتسامح أو التشدد. كما لا نستطيع الاتكال على وصف أعدائهم لهم. علمتني التجربة أن أحكام الناس على بعضهم تنطلق في أغلب الأحيان من مواقف شخصية أو سياسية. صديقك سيرى شخصك وفعلك بعين الرضا، وعدوك أو منافسك سيراك بعين البغض أو الارتياب.


معيار التشدد والتسامح ليس وصف الإنسان نفسه وليس تقييم أصحابه له، وليس بالتأكيد تقييم المنافسين له ولأعماله. لا يمكن أيضا الركون إلى الأوصاف المتداولة في المجال العام، فهي انطباعية في الغالب، روجها شخص ما وتداولها الآخرون دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التساؤل عما إذا كانت تحليلا محايدا أو مجرد تنميط سطحي.

هذا يجعل الأمر أكثر صعوبة، لكنه يضطرنا، وهذا هو الجانب المشرق في المسألة، إلى البحث عن معايير أكثر موضوعية قبل أن نحكم على الآخرين. وأود هنا اقتراح معيارين يتصفان - في ظني - بالموضوعية، هما معيار التسامح ومعيار الليونة أو الشدة في التعبير:

1- جوهر مبدأ التسامح هو الإقرار بحق الآخرين في مخالفتك: كل منا يعطي لنفسه الحق في اختيار فكرة أو عقيدة أو منهج حياة أو طريقة عمل يراها حقا، وربما استشهد لأجلها بالكتاب والسنة... إلخ، وهو بالتأكيد سيدافع عن هذه الخيارات إذا تعرضت للنقد أو طولب بالتخلي عنها.

الحق الذي أعطيته لنفسك، هو ذاته الحق الذي يجب أن تقر به للآخرين. طبقا للمأثور عن الإمام علي بن أبي طالب- عليه السلام- فإن الحق ''لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري على أحد إلا جرى له''، فالمتشدد هو من ينكر على الآخرين حقوقا أعطاها لنفسه، أو يعاقبهم لو طالبوا بحقوق كالتي أقرها لنفسه، هذا معيار عام ومطلق في كل الأحوال.

2- لأن الإنسان كائن اجتماعي، فإن علاقته مع الآخرين تشكل معظم نشاطه الحيوي. المتشدد هو الذي يتعامل مع الآخرين بخشونة، ويخاطبهم بخشونة، أو يتحدث عنهم بخشونة. بخلاف المعتدل الذي يتبع اللطيف واللين في كل الأحوال. سلوك المتشدد يتسم بالخشونة، حتى في معاملة أصدقائه ومناصريه إذا اختلفوا معه، بينما يلتزم المعتدل سلوكا لينا حتى مع أعدائه. هذا معيار نسبي يرتبط بالعرف الاجتماعي السائد. نحكم على سلوك معين بالخشونة أو الاعتدال رجوعا إلى عرف المجتمع أو الزمن الذي نحن فيه، وهذا قد يختلف من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر.

الاقتصادية 22 يناير 2013
http://www.aleqt.com/2013/01/22/article_726541.html

مقالات ذات علاقة

إشارات على انهيار النفوذ الاجتماعي للقاعدة

اعلام القاعدة في تظاهرات عربية

تحولات التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم

عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع

فلان المتشدد

خديعة الثقافة وحفلات الموت

ما الذي نريد: دين يستوعبنا جميعاً أم دين يبرر الفتنة

اتجاهات في تحليل التطرف

ابعد من تماثيل بوذا

ثقافة الكراهية

تجريم الكراهية

تجارة الخوف

في انتظار الفتنة

كي لا نصبح لقمة في فم الغول

تفكيك التطرف لتفكيك الإرهاب-1

تفكيك التطرف لتفكيك الارهاب-2

الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب

العامل السعودي 

غلو .. ام بحث عن هوية

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...